صوت و فیلم

صوت:
,

فهرست مطالب

الجلسة الإحدی والعشرون:لقاء الحبیب

تاریخ: 
پنجشنبه, 11 شهريور, 1389

بسم الله الرحمـٰن الرحیم

هذا الذی بین أیدیكم هو عصارة لمحاضرة سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ (دامت بركاته) ألقاها فی مكتب سماحة ولیّ أمر المسلمین بتاریخ 2 أیلول 2010م الموافق للیلة الثالثة والعشرین من شهر رمضان المبارك من العام 1431ﻫ، نقدّمها من أجل أن تزید توجیهات سماحته من بصیرتنا وتكون نبراساً ینیر لنا درب هدایتنا وسعادتنا.

لقاء الحبیب

«ثُمَّ قَبَضَهُ اللهُ إِلَیْهِ قَبْضَ رَأْفَةٍ وَاخْتِیَارٍ، وَرَغْبَةٍ وَإِیْثَارٍ فَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ عَنْ تَعَبِ هَذِهِ الدَّارِ فِی رَاحَةٍ، قَدْ حُفَّ بِالْمَلائِكَةِ الأَبْرَارِ، وَرِضْوَانِ الرَّبِّ الْغَفَّارِ، وَمُجَاوَرَةِ الْمَلِكِ الْجَبَّارِ، صَلَّى اللهُ عَلَى أَبِی نَبِیِّهِ وَأَمِینِهِ عَلَى الْوَحْیِ وَصَفِیِّهِ وَخِیَرَتِهِ مِنَ الْخَلْقِ وَرَضِیِّهِ، وَالسَّلامُ عَلَیْهِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه‏»1
بعد شهادة السیّدة الزهراء (سلام الله علیها) برسالة أبیها (صلّى الله علیه وآله) وبیان الدور الذی نهض به فی هدایة الناس تقول: «ثُمَّ قَبَضَهُ اللهُ إِلَیْهِ قَبْضَ رَأْفَةٍ وَاخْتِیَارٍ، وَرَغْبَةٍ وَإِیْثَارٍ». وقد ذهب بعض شُرّاح الخطبة الشریفة إلى أنّ الرغبة والإیثار فی كلامها (سلام الله علیها) كانا من جانب النبیّ الأعظم (صلّى الله علیه وآله) بمعنى: انّ الله قد قبض روحه برأفة وهو قد نبذ الدنیا ورجّح الحیاة عند الله على الحیاة الدنیا؛ أی لم تكن ثمّة بوادر عدم الرضا عند أیٍّ من الطرفین. فالله عزّ وجلّ من جهةـ أراد أخذه من عالم الدنیا وإنقاذه من ابتلاءاته، وهو أیضاً من جهة اخرى ـ كان راغباً فی الإیاب إلى الله مختاراً له. ثمّ تُضیف (علیها السلام): فقد ارتاح أبی من تعب هذه الدنیا وهو محاط بملائكة الله الأبرار ومشمول برضوان الربّ الغفّار لیذهب إلى جوار الإله المتعال. ثمّ تصلّی بعد ذلك على أبیها بهذه الكیفیّة: «صَلَّى اللهُ عَلَى أَبِی نَبِیِّهِ وَأَمِینِهِ عَلَى الْوَحْیِ وَصَفِیِّهِ وَخِیَرَتِهِ مِنَ الْخَلْقِ وَرَضِیِّهِ، وَالسَّلامُ عَلَیْهِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه‏».

السیّدة السماویّة

نستشفّ من هذه العبارات بضعة اُمور؛ منها: انّ رسول الله (صلّى الله علیه وآله) كان راغباً فی لقاء ربّه ولم یكن ذلك مفروضاً علیه. لكنّ الأهمّ من ذلك هو قولها (علیها السلام): إنّه (صلّى الله علیه وآله) كان قد ارتاح من تعب الدنیا وهو محاط بملائكة الله. ولیس لأحد قول ذلك إلاّ أن یمتلك من العلم ما یفوق الذی عند الأشخاص العادیّین منه. فمعنى قولها هذا هو: انّنی أعلم، بل لقد رأیت أنّ الملائكة كانت تحفّ به. فكأنّها أرادت أن تشیر فی قولها هذا إلى: أنّ ما نعرفه نحن وما لدینا من المعلومات لیس هو من سنخ ما لدیكم.

لقاء الله وسؤاله طولَ العمر

یا ترى هل یتعیّن على الإنسان أن یحبّ الموت والانتقال عن هذا العالم، وأن یجتهد دوماً فی طلب الموت؟ أم على العكس، لابدّ أن یحبّ الحیاة الدنیا، على الأقلّ بعنوان كونها نعمة معطاة من الله، فیكون نتیجة لذلكـ كارهاً للموت؟
عند التفتیش فی كلمات أهل البیت (صلوات الله علیهم أجمعین) نلاحظ حیناً ـ ما یدلّ على أنّهم كانوا شدیدی الرغبة فی لقاء الله، والذی تستلزمه هذه المرتبة من اللقاء هو الرحیل عن هذا العالم. لكنّنا نلاحظ ـ حیناً آخرـ فی بعض أدعیتهم (علیهم السلام) أنّهم كانوا یسألون الله طول العمر. ویبدو للوهلة الاُولى، إذا نظرنا إلى المسألة نظرة سطحیّة، أنّ الجمع بین هذین الأمرین مشكِل بعض الشیء. فعندما یطرق مسامعنا أنّ الزهراء (سلام الله علیها) كانت تدعو الله أن یقبض روحها، أو أنّ أمیر المؤمنین (علیه السلام) قد دعا الله عزّ وجلّ أن یأخذه ویخلّصه من هؤلاء القوم، فقد نتوهّم أنّ حالة الضیق التی حلّت بهما كانت من الشدّة بحیث دفعتهما إلى الرضا بموتهما! لكنّ تصوّراً كهذا لا یعدو كونه تصوّراً ساذجاً.
بعض آیات الذكر الحكیم تدلّ على أنّ من صفات أولیاء الله تمنّی الموت. فمن أجل إثبات كذب مَن یزعم كاذباً أنّه ولیّ لله یقول القرآن الكریم: «قُلْ یَا أَیُّهَا الَّذِینَ هَادُواْ إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِیَاءُ لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ المَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِین»2؛ حیث یُستشفّ من ذلك أنّ كون المرء ولیّاً لله هو ملازم لتمنّی الموت. إذن فتمنّی أولیاء الله للموت لیس هو للخلاص من العذاب والبلاء والمعاناة.
یقول الباری عزّ وجلّ فی حدیث قدسیّ: «لا یزال عبدی یتقرّب إلیّ بالنوافل مخلصاً لی حتّى اُحبَّه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعه الذی یسمع به، وبصره الذی یبصر به، ویده التی یبطش بها»3. فعندما تعظُم عبادة العبد لربّه ویسلّم له تسلیماً محضاً لا تعود له إرادة من نفسه، ولن تمرّ علیه لحظة من دون التفكیر بما یرید الله منه كی یبادر إلى إنجازه، فهو لا یفكّر بما تریده نفسه. فإذا بلغ هذا المبلغ فانّ الله سیصبح عینه وسمعه، وسیعتنی عنایة خاصّة بتدبیر شؤونه. ولا ریب أنّ الأئمّة الأطهار (سلام الله علیهم أجمعین) هم المصداق الأبرز لهذا المعنى، فهم لا یشاءون إلاّ ما یشاء الله. فقد ورد فی الخبر أنّ: «قلوبنا أوعیة لمشیّة الله فإذا شاءَ شِئنا»4. فالذین لا یریدون شیئاً من أنفسهم ولا یرغبون إلاّ أن یكونوا عباداً لله فإنّ الله یجعل من قلوبهم أوعیة لمشیئته؛ بمعنى أنّ كلّ ما یریده الله یتبلور فی قلوبهم. وفی هذه الحالة سیتولّد لدیهم، بمعونة الإلهام الإلهیّ، اطمئنان من أنّ كلّ ما یخطر فی قلوبهم فهو متناغم مع مشیئة الله. فإذا سأل أمثال هؤلاء الموتَ أو الحیاة فمعناه أنّ الله هو الذی أراد ذلك.

هل الرغبة فی الموت حسنة أم سیّئة؟

اُصولاً، هل الإنسان بالفطرة طالب للحیاة أم للموت؟ لا شكّ ولا ریب أنّ الإنسان یحبّ وجوده ویرغب فی كمال نفسه، فهو لا یرضى بالنقص أو الفناء بأیّ حال من الأحوال. لكنّ البعض یتصوّر أنّ وجوده وحیاته متمثّل فی هذه الحیاة الدنیا، وأنّ الموت هو عدم وفناء. فإن كانت رؤیة المرء هی هذه فهو لن یتمنّى الموت إطلاقاً وسیتمنّى البقاء على قید الحیاة أطول ما یمكن. وقد یتوهّم إنسان كهذا، بسبب ما یقاسیه من مشاقّ الحیاة، أنّه سیرتاح من هذه المحن ویهدأ باله إذا فارق الدنیا، ممّا قد یدفعه إلى الانتحار. غیر أنّ هذا التفكیر خاطئ؛ هذا وإنْ كان الإنسان، حتّى فی هذه الحالة، یسعى وراء راحته أیضاً. لكنّه على أساس الرؤیة المادّیة، فإنّه ما من وجه معقول أبداً لمحبّة الموت.
أمّا إذا اعتقد المرء بوجود عالم آخر بعد هذا العالم، وأنّ العالم الآخر لیس أنّه یمثّل جزءاً من الحیاة فحسب، بل إنّ الحیاة الحقیقیّة هی فیه: «وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِیَ الْحَیَوَانُ»5، وأنّ لذّات ذلك العالم غیر قابلة للقیاس مع لذّات هذه الحیاة الدنیا، فبطبیعة الحال سیحبّ مثل هذا الإنسان الحیاةَ فی ذلك العالم أكثر، لاسیّما إذا حظی بنفحة من الحبّ لله تعالى وهو یعلم أنّ انتفاعه من المظاهر الإلهیّة سیزداد فی ذلك العالم، فسیكون لقاء المحبوب ذا قیمة أكبر بالنسبة له وسینتاب قلبه الشوق للوصول إلیه. وهذه علاقة طبیعیّة. فإن كان المرء رفیقاً لله، فسیحبّ لقاءه عزّ وجلّ. فمن غیر الممكن أن یحبّ المرء أحداً ولا یحبّ لقاءه، لأنّه فی هذه الحالة لن یكون صادقاً فی محبّته.

سرّ بُغض الموت

لو أنّنا فتّشنا فی أعماق قلوبنا لاكتشفنا أنّنا غیر راغبین فی الرحیل عن هذا العالم على الرغم من اعتقادنا بعالم الآخرة وأوصافه ومحبّتنا لله وأهل البیت (علیهم السلام). بل إنّ اسم الموت قد یزعج البعض أحیاناً، وإذا شاهد أمثال هؤلاء من یحبّ الموت اعتبروه إنساناً غیر سویّ ومصاب بخلل نفسیّ. فما السرّ وراء هذه الحالات؟
سأل رجل أبا ذرّ فقال له: یا أبا ذرّ ما لنا نكره الموت؟ قال: «لأنّكم عمّرتم الدنیا، وخرّبتم الآخرة فتكرهون أن تنتقلوا من عمران إلى خراب»6. فالناس العادیّون على الرغم من اعتقادهم بوجود الآخرة وما فیها من الأجر، إلاّ أنّهم یخشون الموت لأنّهم لا یعلمون إن كانوا سیصیبون هذا الثواب أم لا.
أمّا الوجه الآخر لهذا القلق، الذی یبدو معقولاً أكثر، فهو رغبتنا فی التزوّد بالمتاع من أجل الآخرة والتكفیر عن الذنوب، فعندما نشاهد خطوات الموت تقترب منّا نشعر بضیاع هذه الفرصة من أیدینا. فنحن نودّ لو بقینا على قید الحیاة كی نأتی بالمزید من الصالحات ونعوّض عمّا فاتنا خلال أعمارنا. فهذان العاملان المتضادّان؛ وهما جاذبیّة النعم الاخرویّة والقرب الإلهیّ من جهة، وتمنّی الإتیان بصالح الأعمال من جهة اُخرى تؤثّر فینا دوماً تأثیراً متضادّاً. فالأوّل یدفع باتّجاه حبّ الموت، والآخر یسوق صوب حبّ الدنیا. وقد یتساوى أحیاناً هذان العاملان فی القوّة إلى درجة التردّد بینهما إذا كان لابدّ من اختیار أحدهما.
فی حدیث قدسیّ معتبر یقول الباری جلّ وعلا: «ما تردّدتُ فی شی‏ءٍ أنا فاعله ما تردّدت فی قبض نفس المؤمن یكره الموت وأكره مساءته ولابدّ له منه»7؛ فأنا أعلم ـ من ناحیةـ أنّ خیر المؤمن یكمن فی الرحیل عن هذه الدنیا لكنّه یكره الموت، وأنا لا اُرید إیذاءه والإساءة إلیه. بطبیعة الحال إنّ الله لا یتردّد فی شیء، لكنّ تعبیراً كهذا یشیر إلى أنّ الحكمة من وراء الأمرین هما على جانب من التشابه والتساوی ممّا یدعوا إلى التردّد. والمُلفت للنظر أنّه على أساس هذه الروایة ورد دعاء تُستحبّ قراءته عقیب كلّ صلاة: «اللهمّ إنّ رسولك الصادق المصدّق صلواتك علیه وآله قال إنّك قلت ما تردّدت فی شی‏ء أنا فاعله كتردّدی فی قبض روح عبدی المؤمن یكره الموت وأنا أكره مساءته، اللهمّ فصلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل لأولیائك الفرج والنصر والعافیة ولا تسؤنی فی نفسی»8، فإنّ مَن یواظب على هذا الدعاء بعد كل فریضة یجنّبه الله تعالى موت الفجأة.
إذن على أساس إیماننا فإنّه یتحتّم علینا ـ أصالةً ـ حبّ الآخرة؛ لكنّنا، على أیّ حال، مبتلون بالقصور والتقصیر ونرجو أن نتمكّن من جبرانه قدر المستطاع؛ ولهذا فإنّنا لا نحبّ الموت كثیراً. ومن هنا فإنّ عدم حبّ الموت بالعرض معقولٌ أیضاً بالنسبة للمؤمن؛ وبالطبع فإنّ طلب طول العمر إذا ترافق مع السلامة فی الدین فهو أمر معقول. فهذه نعمة یمنّ الله بها على الإنسان بحیث یمنحه فرصةً أكبر للطاعة.

الدنیا سجن العاشق

إذا كان المرء محبّاً لله حقّاً فسیكون البقاء فی الدنیا مطلوبه بالعرَض، وهذا البقاء سیكون بمثابة الریاضة بالنسبة له. فالمحبّ یحبّ وصل الحبیب؛ أمّا إذا كان المحبوب هو الراغب بالفراق فإنّه یقدّم مشیئة المحبوب على مشیئته. فإن قال له: إذهب! فلا بأس بتحمّل فراقه لبضعة أیّام اُخر؛ لكنّ الفراق شاقّ علیه، ولابدّ أن یتجشّم عناءه كریاضة روحیّة. فالمؤمن أصالةًـ یحبّ قرب الله تعالى، ولا یودّ فراقه ولو للحظة واحدة. فهو یحبّ أعلى درجات القرب من الله عزّ وجلّ ولا یتیسّر مثل هذا القرب فی هذا العالم؛ فمادامت الروح متعلّقة بالبدن ومشغولة بتدبیر شؤونه فلن تستطیع الاستغراق دوماً فی مشاهدة المحبوب والالتذاذ بقربه. فمن لوازم هذا الاشتغال بالمحبوب أن لا تتوجّه الروح أساساًـ للبدن وأن تنسى الطعام والشراب بل والتنفّس أیضاً. ولعلّ ما ذُكر هو أحد مصادیق الموت الاختیاریّ. ومن هذا المنطلق فإنّ البقاء فی الدنیا بالنسبة لهؤلاء یُعدّ ریاضة.
إذن فالجواب على سؤال أنّه: هل على الإنسان أن یحبّ الموت أم البقاء فی الدنیا؟ هو كالتالی: بالنسبة لأولیاء الله المخلَصین الذین لا یساورهم شكّ فی أنّهم إذا فارقوا الدنیا فسیُشمَلون بالعنایات الإلهیّة الخاصّة، فلا ریب أنّ مرادهم الحقیقیّ والأصیل هو بلوغ ذلك العالم وإنّ بقاءهم فی هذه الدنیا هو بمثابة تجشّم مشقّة الریاضة الروحیّة لا غیر. فأمیر المؤمنین (سلام الله علیه) یقول: «والله لابنُ أبی طالب آنَس بالموت من الطفل بثدی اُمّه»9؛ أی: من جهتی، فإنّ البقاء على قید الحیاة هو بالعرَض وبمنزلة الریاضة وأنا أقبل به لأنّ إرادة الله تعالى هی التی تقتضیه، وإلاّ فإنّی راغب بالرحیل إلى ذلك العالم كی یتسنّى لی الاُنس بالله أكثر.
أمّا إذا أراد المؤمن أن یعمّر فی الدنیا أكثر، فلا ضیر فی ذلك. فما دمنا نشكوا التقصیر ولا ندری إذا كان قد تمّ تلافیه أم لا، فنحن نرجو أن یشملنا الله ببركة اسم أمیر المؤمنین (علیه السلام) والمشاركة فی مجالس ذكرهـ بعنایته بل ویوفّقنا للتوبة وجبران ما فات كی نكون على اُهبة الاستعداد للرحیل نحو الآخرة. فمثل هذا الطلب فی إطالة العمر المترافق مع العبادة وأداء التكلیف هو أمر مطلوب؛ لكنّ مطلوبیّته هی أمر ثانویّ؛ أی ما دام أنّه یؤدّی إلى إعمار الآخرة فهو مطلوب؛ فإن رجى المرء طول العمر من أجل الاستمرار فی أخطائه وآثامه، فلن یكون هذا الأمر مطلوباً.
من هنا فإنّ السرّ فی محبّة المؤمن الحقیقیّ للموت هو أنّ الاُنس مع المحبوب ومشاهدة تجلّیاته وكذا الاُنس مع أولیاء الله الصالحین هو أكثر یسراً فی ذلك العالم. یروی المرحوم الشیخ غلام رضا فقیه الخراسانیّ وهو من كبار علماء یزد خبراً مفاده: أنّ المؤمنین فی الجنّة یكونون متنعّمین بنعیم ربّهم فإذا بنور ساطع یملأ سناه أرجاء الجنّة، فتصیبهم الدهشة من شدّة ابتهاجهم لرؤیة ذلك النور. فإذا انتهت حالة الدهشة سألوا: ما كان ذلك النور؟ فیقال: كان ذلك بفعل ابتسامة فاطمة (سلام الله علیها) فی وجه أمیر المؤمنین (علیه السلام). فبشعاع لحظة خاصّة من الحیاة المشتركة لفاطمة وعلیّ (علیهما السلام) یتنعّم هؤلاء المؤمنون أیضاً. ألیس ذلك ممّا یُحَبّ ویُرجى؟ ألا ینبغی للمرء أن یتمنّى الذهاب إلى حیث یتنعّم بمثل هذا النعیم؟

محبّة أهل البیت (علیهم السلام) أفضل رأسمال

لكنّ المشكلة هی: أنّى لنا أن نعلم أنّه سیُفسح لنا المجال بالذهاب إلى هناك؟ فأكثر ما یدعو إلى الأمل والرجاء هو حبّ أهل البیت (علیهم السلام)، ولیس صلواتنا أو صیامنا أو عباداتنا؛ فلیس من المعلوم أنّها ستُقبل. فنحن لم نكتسب هذه المحبّة ولم نَشْقَ من أجلها، بل إنّها هدیّة من الله تعالى. نسأل الله أن یُعلی من درجات آبائنا واُمّهاتنا وأساتذتنا وعلمائنا بأن هیّأوا لنا مقدّمات هذه المعرفة وهذا الحبّ؛ أمّا المحبّة نفسها فهی هدیة ربّانیة، ویمكننا القول: اللهمّ إنّ هذا الحبّ الذی وهبتَنا أنت إیّاه علامة على أنّ إرادة خیرٍ موجودة فینا؛ فاجعلنا ببركة أهل بیت نبیّك (علیهم السلام)، محطّ مغفرتك ورحمتك، بمشیئتك یا ربّ العالمین.


1. بلاغات النساء، ص27؛ وبحار الأنوار، ج29، ص220.

2. سورة الجمعة، الآیة 6.

3. إرشاد القلوب، ج1، ص91.

4. بحار الأنوار، ج25، ص336.

5. سورة العنكبوت، الآیة 64. 

6. إرشاد القلوب، ج1، ص182.

7. بحار الأنوار، ج67، ص16.

8. مكارم الأخلاق، ص284.

9. بحار الأنوار، ج28، ص234.

بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...