صوت و فیلم

صوت:
,

فهرست مطالب

الجلسة التاسعة والثلاثون: فضائل امیرالمومنین علیه السلام و رذائل اعدائه

تاریخ: 
چهارشنبه, 15 دى, 1389

بسم الله الرحمـٰن الرحیم

فضائل أمیر المؤمنین (علیه السلام) ورذائل أعدائه

هذا الذی بین أیدیكم هو عصارة لمحاضرة سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ (دامت بركاته) ألقاها فی مكتب سماحة ولیّ أمر المسلمین بتاریخ 5 كانون الثانی 2011م نقدّمها من أجل أن تزید توجیهات سماحته من بصیرتنا وتكون نبراساً ینیر لنا درب هدایتنا وسعادتنا.

«فَأَنْقَذَكُمُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ بَعْدَ اللَّتَیَّا وَالَّتِی، وَبَعْدَ أَنْ مُنِیَ بِبُهَمِ الرِّجَالِ، وَذُؤْبَانِ الْعَرَبِ، وَمَرَدَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ، أَوْ نَجَمَ قَرْنٌ لِلشَّیْطَانِ، وَفَغَرَتْ فَاغِرَةٌ مِنَ الْمُشْرِكِینَ، قَذَفَ أَخَاهُ فِی لَهَوَاتِهَا، فَلا یَنْكَفِئُ حَتَّى یَطَأَ جَنَاحَها صِمَاخَهَا بِأَخْمَصِهِ، وَیُخْمِدَ لَهَبَهَا بِسَیْفِهِ، مَكْدُوداً فِی ذَاتِ اللهِ، وَمُجْتَهِداً فِی أَمْرِ اللهِ، قَرِیباً مِنْ رَسُولِ اللهِ، سَیِّدَ أَوْلِیَاءِ اللهِ، مُشَمِّراً نَاصِحاً، مُجِدّاً كَادِحاً، لا تَأخُذُهُ فی اللهِ لَومَةُ لائِمٍ، وَأَنْتُمْ فِی رَفَاهِیَةٍ مِنَ الْعَیْشِ، وَادِعُونَ فَاكِهُونَ آمِنُونَ، تَتَرَبَّصُونَ بِنَا الدَّوَائِرَ، وَتَتَوَكَّفُونَ الأَخْبَارَ، وَتَنْكِصُونَ عِنْدَ النِّزَالِ، وَتَفِرُّونَ عِنْدَ الْقِتَال».
هذا مقطع آخر من الخطبة المباركة لمولاتنا الزهراء (سلام الله علیها) وقد تلونا المقاطع التی سبقته تباعاً فیما سبق من المحاضرات. وسنقدّم - بادئ ذی بدء - تفسیراً لفظیّاً لكلمات هذا المقطع ثمّ نعرّج بعد ذلك، بتوفیق من الله تعالى، على شرحه وتوضیحه. لقد أوضحت الزهراء (سلام الله علیها) - فیما سبق من مقاطع الخطبة – مدى أهمّیة رسالة النبیّ وما قاساه (صلّى الله علیه وآله) من صنوف المعاناة والعذاب فی سبیل هدایة الناس، فقالت: لقد كنتم تعیشون فی ظروف بالغة القسوة؛ فوضْعُكم الاقتصادیُّ كان من الضعف بحیث لم یكن یتوفّر لدیكم حتّى الماء الصالح للشرب وكنتم تقتاتون على أخسّ أنواع الأغذیة. ولم تكونوا حینذاك ذوی جاه أو منزلة بین الناس، أمّا من الناحیة الثقافیّة فقد كنتم تعیشون فی منتهى الحقارة والمهانة.

فاطمة تصف علیّاً (علیهما السلام)

«فَأَنْقَذَكُمُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى» من هذا الوضع المشین «بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ» أی بفضله «بَعْدَ اللَّتَیَّا وَالَّتِی»، فلم تكن عملیّة إنقاذكم بالأمر الیسیر بل كانت حصیلة حوادث جمّة. ومن باب الإشارة إلى تفاصیل بعض تلك الحوادث تقول: لقد قاسى النبیّ (صلّى الله علیه وآله) منذ أن بُعث بالرسالة إلى أن أنقذكم شتّى صنوف المحن والشدائد؛ فمن جملتها أنّه: «مُنِیَ بِبُهَمِ الرِّجَالِ، وَذُؤْبَانِ الْعَرَبِ، وَمَرَدَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ» فقد حارب أشاوس الرجال وذئاب العرب والمتمرّدین من الیهود والنصارى الذین تكالبوا على قتاله. فكان لابدّ - من أجل إنقاذكم - من المقاومة والصمود بوجه جمیع هؤلاء. ثمّ تستشهد (علیها السلام) بعد ذلك بالآیة المرقّمة 64 من سورة المائدة فتقول: «كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ»، لكن كیف یطفئها؟ «أَوْ نَجَمَ قَرْنٌ لِلشَّیْطَانِ، وَفَغَرَتْ فَاغِرَةٌ مِنَ الْمُشْرِكِینَ، قَذَفَ أَخَاهُ فِی لَهَوَاتِهَا» فمتّى ما بزغ قَرْن الشیطان أو فغرت ذئاب المشركین أفواهها لافتراسكم قذف النبیّ (صلّى الله علیه وآله) أخاه علیّاً (علیه السلام) فی أفواه تلك الذئاب المفترسة. و«اللهاة» هی الزائدة اللحمیّة التی فی نهایة الحلق. «فَلا یَنْكَفِئُ» لا یرجع أو یستسلم «حَتَّى یَطَأَ جَنَاحَها صِمَاخَهَا بِأَخْمَصِهِ» حتّى یسحقهم تحت قدمیه «وَیُخْمِدَ لَهَبَهَا بِسَیْفِهِ، مَكْدُوداً فِی ذَاتِ اللهِ، وَمُجْتَهِداً فِی أَمْرِ اللهِ» فعندما ترتبط القضیّة بالله وبأمره فإنّ علیّاً (علیه السلام) لا یبخل بأیّ جهد أو طاقة، فیتحمّل كلّ مشقّة، ویتجشّم كلّ عناء وعذاب. وقد استخدم النبیّ (صلّى الله علیه وآله) أیضاً عبارة: «فی ذات الله» فی بضع أحادیث قالها فی حقّ أمیر المؤمنین (علیه السلام). فقد روى الفریقان عنه (صلّى الله علیه وآله) أنّه قال: «لا تَسُبُّوا عَلِیّاً فَإِنَّهُ مَمْسُوسٌ فِی ذَاتِ الله»1، وروی عنه أیضاً: «... فَإِنَّهُ خَشِنٌ فِی ذَاتِ الله»2، والزهراء (علیها السلام) تقول هنا: «مَكْدُوداً فِی ذَاتِ اللهِ»؛ أی كان یكدّ كدّاً فی أمر الله. «قَرِیباً مِنْ رَسُولِ اللهِ»، وهنا تؤكّد (سلام الله علیها) على صفة «القرابة» تحدیداً، ذلك أنّ أمیر المؤمنین (علیه السلام) كانت له مع رسول الله قرابة نَسَبیّة بما أنّه ابن عمّه من جانب، وقرابة سببیّة من حیث كونه صهره من جانب آخر، فكانت هذه القرابة خاصّة بعلیّ (علیه السلام).
التفتوا جیّداً! عندما ترید الزهراء (علیها السلام) أن تقول للناس: كیف أنقذكم أبی من كلّ هذه المهالك؟ فإنّها تبدأ بوصف أمیر المؤمنین (علیه السلام) فتقول: لقد أنقذكم أبی بواسطة الشخص الذی هذه صفاته: «سَیِّدَ أَوْلِیَاءِ اللهِ، مُشَمِّراً» عن ساعدیه مستعدّاً لكلّ خطب، «نَاصِحاً» طالباً لما فیه كلّ خیر «مُجِدّاً كَادِحاً» فی غایة الجدّ وأقصى درجات الفعالیّة «لا تَأخُذُهُ فی اللهِ لَومَةُ لائِمٍ» فلا یستطیع أن یمنعه من أمر الله أیّ لائم.

توبیخ طلاب الراحة

واستمراراً فی كلامها توجّه السیّدة الزهراء (سلام الله علیها) خطابها إلى الجمع المحتشد فی المسجد قائلةً لهم: لقد أسدى النبیّ بواسطة أخیه وابن عمّه علیّ (صلوات الله علیهما) مثل هذه الخدمة إلى الإسلام وإلیكم أیّها المسلمون. لكن ما الذی صنعتم أنتم فی المقابل؟ «وَأَنْتُمْ فِی رَفَاهِیَةٍ مِنَ الْعَیْشِ» لا تفكّرون إلا براحتكم ورغد عیشكم، «وَادِعُونَ» متّكئون مستریحون «فَاكِهُونَ» مشتغلون بالمرح والمزاح والفكاهة «آمِنُونَ» لا تشعرون بأیّ خطر.

جریحُ حربِ اُحد

لقد ملأت أخبار معارك علیّ (علیه السلام) أطراف العالم وأكنافه فهی لیست ممّا یتطلّب شرحاً وتوضیحاً؛ لكن بما أنّ الزهراء (سلام الله علیها) قد أشارت إلیها فی خطبتها فإنّنی أقول على نحو الإجمال إنّ علیّاً قد اُصیب، فی حرب اُحد فقط، بثمانین جرحاً ما بین ضربة سیف وطعنة رمح، حتّى قالت النسوة اللواتی ضمّدنَ جراحه: كنّا نُدخل خرقة الضماد من طرف الجرح ونخرجها من الطرف الآخر فلا یبدی علیّ أیّ ألم بتاتاً. فأیّ صبر هو صبر علیّ! فالنبیّ كان قد سقط على أرض المعركة جریحاً ینادی الأصحاب بأسمائهم فرداً فرداً إنّنی هاهنا وأطلب منكم أن تهبّوا لنجدتی! لكنّهم كانوا یفرّون من المعركة ناجین بأرواحهم! وقد أشار القرآن الكریم إلى هذه الواقعة بقوله: «إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلَىٰ أَحَدٍ وَالرَّسُولُ یَدْعُوكُمْ فِى أُخْرَاكُمْ»3؛ فلقد لذتم بالفرار والرسول خلفكم ینادیكم وهو ساقط على الأرض. ففی تلك الواقعة لم یهبّ لنصرة رسول الله (صلّى الله علیه وآله) غیر علیّ (علیه السلام) وقد تكبّد من أجل إنقاذه ثمانین ضربة وطعنة.
أمّا أنتم فلیس أنّكم لم تفعلوا شیئاً فحسب، بل كنتم «تَتَرَبَّصُونَ بِنَا الدَّوَائِرَ»؛ أی تنتظرون أن ینزل بنا البلاء، ویحلّ بنا ما یضرّنا. «وَتَتَوَكَّفُونَ الأَخْبَارَ»، و«توكَّفَ الخبر» توقَّعه وسأل عنه، وهی حالة مَن هرب من واقعة واختبأ وظلّ یراقب من بعید إلى ماذا ستؤول الامور. فالزهراء (علیها السلام) تقول: كنتم تتوكّفون الخبر من بعید وعلیّ ساقط على الأرض وفی بدنه ثمانون ضربة سیف وطعنة رمح. «وَتَنْكِصُونَ عِنْدَ النِّزَالِ، وَتَفِرُّونَ عِنْدَ الْقِتَال»؛ فعندما یتعیّن علیكم التقدّم تنكصون على أعقابكم، وعندما تُدعَون إلى القتال والحرب تفرّون منها. فهكذا كان حالكم وهكذا كان وضع النبیّ وابن عمیّ! حتّى نصر الله الإسلام فی نهایة المطاف وأنقذكم.

علیّ هو سرّ خطبة فاطمة (سلام الله علیهما)

من أجل أن نفهم ولو مقداراً معیّناً من هذا الكلام لابدّ أن نحاول تجسیم المشهد الذی اُلقیت فیه هذه الخطبة بشكل جیّد. كان قد مرّ على رحیل النبیّ الكریم (صلّى الله علیه وآله) ما یناهز الشهرین عندما جاءت فاطمة الزهراء (سلام الله علیها) إلى المسجد لإلقاء خطبتها، حیث كان الناس لا یزالون مفجوعین بفقد النبیّ الذی منحهم هذه العزّة والسعادة. لم یترك النبیّ غیر هذه البنت وهی قد أخبرت الناس بأنّها ترید أن تخطب فیهم، فاجتمعوا لیستمعوا إلى ما ترید قوله. فما الذی ینبغی قوله فی ظروف من هذا القبیل؟ فلو كانت الظروف طبیعیّة، لكانت – جریاً على القاعدة – قد ذكرت أباها، وعزّت القوم بهذا المصاب الجلل وسألت الله لها ولهم الأجر وقدّمت لهم النصح. لكنّها قالت: «لقد كان أبی وزوجی یقاتلان لإنقاذكم، وأنتم تفرّون من میدان النزال وتهنأون بنوم مریح»! بالطبع لم یكن هذا هو حال الجمیع، فقد كان من بینهم مَن قاتل؛ لكن من الواضح أنّ حال أغلب المخاطبین كان هو ما أخبرتهم به. فعندما كانت تنعتهم بكلّ هذه النعوت لم ینبَرِ أحد منهم بالاعتراض والقول: «لماذا توجّهین إلینا هذه الإهانات؟ فكم قد تحمّلنا من العناء وحاربنا وجاهدنا مع أبیك ونصرناه، و...الخ» بل كان الجمیع یلتزمون الصمت مصغین لما تقول. فلم یرْوِ راوٍ أنّ شخصاً من الحاضرین قد اعترض علیها؛ بل لقد ورد فی بعض النقول أنّ المتصدّین للأمر قالوا لها: «صحیح ما تقولین، لكنّنا كنّا معذورین فیما فعلنا»! فإذا قام المرء بتجسیم هذا المشهد أمام ناظریه بدقّة فسیتبیّن له أنّ هدف الزهراء (سلام الله علیها) من إلقاء هذه الخطبة لم یكن فدكاً أو حفنةً من مال الدنیا.
بطبیعة الحال نحن نعتقد بأكثر من ذلك؛ نعتقد بأنّ المعصومین (صلوات الله علیهم أجمعین) مطّلعون – بشكل أو بآخر – على عواقبهم، لاسیّما وأنّ النبیّ كان قد أخبر فاطمة الزهراء (سلام الله علیها) أنّه: «أنتِ أوّل من یلحق بی من أهلی»4. فقد كانت (علیها السلام) تعلم أنّ عمرها لن یدوم طویلاً بعد أبیها. فهل من المعقول - یا ترى - أن تسعى وراء الحصول على مال أو لقمة عیش وهی تعلم أنّه لم یبق من عمرها فی هذه الدنیا سوى أیّام معدودات، وبدنها علیل قد أنهكه المرض، وقد رُضّ صدرها ولُطم خدّها وألمُ فراق أبیها یعتصر قلبها؟! إذن فما الغایة التی دفعت الزهراء (سلام الله علیها) - وهی على هذا الحال - إلى مخاطبة أصحاب أبیها - وفیهم الكثیر من بنی هاشم وقریش وأرحامها - بمثل هذه العبارات القاسیة؟ لماذا تذكر خدمات أبیها وبعلها بكلّ تلك التفاصیل؟ فمن الواضح أنّ المسألة لا تقتصر على مزرعة اغتُصبت منها وترید استرجاعها. فهل یُعقل أن یقوم مَن قال له رسول الله (صلّى الله علیه وآله): «أنتِ أوّل من یلحق بی من أهلی» بتحمیل نفسه كلّ هذه المعاناة من أجل المطالبة بمزرعة؟! ثانیاً: هل إنّ استرداد المزرعة یتطلّب توبیخ الناس بهذه الطریقة؟! فلعلّه توجد هناك طریقة أسهل من هذه بكثیر؛ إذ كان بإمكانها (علیها السلام) أن تقول: «أنا بنت رسول الله. إذن احترموا رسول الله فیّ ولا تقطعوا لقمة عیشی»! فلعلّها لو تحدّثت بهذا الاسلوب لما أمعنوا فی مخالفتها؛ بل كان سینضمّ إلى جانبها بعض المسلمین على الأقلّ قائلین: «إنّ هذا لیس شیئاً یُذكر. فلو كان من أموالنا لكُنّا تنازلنا عنه أیضاً». لكنّ استخدامها (علیها السلام) للغة التوبیخ یوحی - بما لا یقبل الشكّ - بأنّ هذه الواقعة لم تكن لمجرّد استرداد مزرعة، بل لقد كانت من أجل قضیّة اخرى.
كانت فاطمة الزهراء (علیها السلام) تشاهد مسیرة رسالة النبیّ (صلّى الله علیه وآله) وهدایته وهی تزیغ عن مسیرها الأصلیّ وأنّ السبیل التی هیّئها الله تعالى بواسطة نبیّه الكریم من أجل سعادة البشر هی على وشك الانحراف. فخشیةُ فاطمة وقلقُها كانا من هذا الانحراف. لكنّه - ومن أجل أن تُثبتَ للجمیع، فی هذه البرهة القصیرة من الزمن، بأنّ الحقّ معها وأنّ الطریق التی سلكها الآخرون هی طریق خاطئة – كان لابدّ أن تفعل فعلةً یبقى خبرها یدوّی إلى أبد الآبدین. كان ینبغی أن تثبت أنّ علیّاً (علیه السلام) هو المؤهّل لخلافة النبیّ الأعظم (صلّى الله علیه وآله) وأنّ الآخرین لا یملكون مثل هذه الصلاحیّة. ومن هذا المنطلق فقد طرحت قضیّة فدك لتبرهن للناس أنّ هؤلاء غیر مؤهّلین للقضاء والحكم من ناحیة، ولیس لهم معرفة بالقرآن والمسائل الشرعیّة من ناحیة اخرى، ولیس لهم تاریخ مشرّف فی عهد النبیّ وفی سوح النزال والوغى.

خصائص خلیفة الرسول

لم یذكر أیّ من التواریخ أنّ أحداً من اولئك الزعماء المعروفین فی ذلك الزمن كان قد أبدى بعضاً من الشجاعة أو قتل مشركاً أو جرحه. فلم یروِ راوٍ قطّ أنّ أحداً من هؤلاء قد ضرب بسیف فی معركة اُحد! فهذا التاریخ وهذه المعلومات تثبت أنّ هؤلاء لیسوا جدیرین بهذا المنصب؛ إذ لابدّ لمن یخلف رسول الله أن تكون له القدرة على تطبیق أحكامه (صلّى الله علیه وآله). إذن كان یتعیّن على فاطمة (سلام الله علیها) أن تقدّم دلیلاً عملیّاً على أنّ هؤلاء لا یملكون صلاحیّة تطبیق هذه الأحكام؛ ذلك أنّهم لا یحیطون علماً بها.
ألیس أفراد هذا البیت هم اولئك الذین صاموا ثلاثة أیّام وتصدّقوا فی كلّ یوم بخبز إفطارهم وقدّموه إلى یتیم وفقیر وأسیر واكتفوا بالإفطار على الماء؟ هل یحرص أمثال هؤلاء على إشباع بطون أطفالهم؟ إذن لم یكن كلّ ذلك إلا مقدّمة لتنبیه الناس إلى الخطأ الذی ارتكبوه وإفهامهم بأنّه حتّى لو فرضنا جدلاً بأنّه كان لابدّ من انتخاب أحد فإنّه یتعیّن أن یكون الانتخاب على اُسس ومعاییر صحیحة. ومن هذا المنطلق فقد استهلّت (علیها السلام) كلامها بطریقة تستمیل بها عواطف الناس من جهة، وتستنهض فیهم الإحساس بالمسؤولیّة من جهة اخرى. فقد روعِیَت فی هذه الخطبة امور نفسیّة وروحیّة بالغة الدقّة بحیث كانت الغایة منها إعداد الناس لقبول الحقّ، لتكون مقدّمة لرسم النهج القویم للنبوّة والرسالة وتقدیم المعاییر الصحیحة للحاكم الإسلامیّ الذی یفترض أن یستمرّ فی مسیرة النبیّ (صلّى الله علیه وآله)، ولم تشكّل مسألة فدك وأمثالها سوى ذریعة لطرح أمثال هذه المسائل.
بتوفیق من الله تعالى سنستمرّ فی المحاضرات القادمة - إن شاء الله - بسرد تتمّة الخطبة الشریفة كی ننتفع أكثر من بركاتها.

وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرین


1. بحار الأنوار، ج39، ص313.

2. بحار الأنوار، ج21، ص385.

3. سورة آل عمران، الآیة 153.

4. بحار الأنوار، ج28، ص52.

بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...