صوت و فیلم

صوت:
,

فهرست مطالب

الجلسة السابعة والاربعون: فاطمة علیها السلام تخاطب الأنصار

تاریخ: 
چهارشنبه, 17 فروردين, 1390

بسم الله الرحمـٰن الرحیم

هذا الذی بین أیدیكم هو عصارة لمحاضرة سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ (دامت بركاته) ألقاها فی مكتب سماحة ولیّ أمر المسلمین بتاریخ 13 نیسان 2011م نقدّمها من أجل أن تزید توجیهات سماحته من بصیرتنا وتكون نبراساً ینیر لنا درب هدایتنا وسعادتنا.

فاطمة (علیها السلام) تخاطب الأنصار

البحث الماضی

«ثُمّ رَمَت بطرفها نحو الأنصار فقالت: یَا مَعشَرَ النَّقِیبَةِ وَأَعْضَادَ الْمِلَّةِ، وَحَضَنَةَ الإِسْلامِ! مَا هَذِهِ الْغَمِیزَةُ فِی حَقِّی، وَالسِّنَةُ عَنْ ظُلامَتِی؟! أَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ أَبِی یَقُولُ: الْمَرْءُ یُحْفَظُ فِی وُلْدِهِ؟ سَرْعَانَ مَا أَحْدَثْتُمْ، وَعَجْلانَ ذَا إِهَالَةٍ، وَلَكُمْ طَاقَةٌ بِمَا أُحَاوِلُ، وَقُوَّةٌ عَلَى مَا أَطْلُبُ وَأُزَاوِلُ. أَتَقُولُونَ: مَاتَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَآلِه‏».
موضوع بحثنا یدور حول الخطبة الفدكیّة للسیّدة الزهراء وقد ذكرنا أنّها (سلام الله علیها) بعد حمد الله عزّ وجلّ والثناء علیه والشهادة برسالة النبیّ الأكرم (صلّى الله علیه وآله) وسرد أوصافه وكمالاته فإنّها (علیها السلام) قد توجّهت بخطابها إلى الناس ببضعة مقاطع مستخدمة تعابیر مختلفة ومذكّرة إیّاهم بما علیهم من واجبات وتكالیف. فقد قالت فیما قالت: «أَنْتُمْ عِبَادَ اللهِ نُصْبُ أَمْرِهِ وَنَهْیِهِ، وَحَمَلَةُ دِینِهِ وَوَحْیِهِ، وَأُمَنَاءُ اللهِ عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَبُلَغَاؤُهُ إِلَى الأُمَم»؛ فقد خاطبت الناس مستخدمة عنوان «عباد الله» قائلة لهم: «أنتم نُصب أمر الله تعالى ونهیه، وحَمَلة وحیه ودینه، واُمناؤه، وقد حمّلكم الله أمانة فی أعناقكم أنتم مكلّفون بحفظها من جهة، وبإبلاغها إلى الآخرین من جهة اُخرى». ومرادها من هذا المقطع هو تبیین المسؤولیّة الملقاة على عاتق الناس فیما یتعلّق بحفظ أحكام الدین وإبلاغها إلى الأجیال القادمة، وهی مسؤولیّة جسیمة وخطیرة للغایة لا تكون فی العادة محطّ اهتمام أحد. فالزهراء (علیها السلام) تؤكّد على هذه النقطة وتقول: «أُمَنَاءُ اللهِ عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَبُلَغَاؤُهُ إِلَى الأُمَم». ثمّ تُتبِع هذا التذكیر ببعض الأمثلة لهذه الأمانة والحِكَم من تشریعها وتختتم هذا المقطع بالقول: «فَاتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ».
ثمّ تستهلّ المقطع التالی بعبارة: «أَیُّهَا النَّاسُ! اعْلَمُوا أَنِّی فَاطِمَةُ وَأَبِی مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَآلِه»؛ فهی تخاطب الحاضرین هذه المرّة أیضاً مستخدمة عنوان «أیّها الناس» معرّفة نفسها لكلّ من یصدق علیه عنوان «الناس» كی یعلم المخاطبون من هو المتحدّث إلیهم وكیف ینبغی لهم أن یستمعوا لهذا الكلام ویتلقّوه. فهی (علیها السلام) تقول: «إنّنی ابنة ذلك الرجل الذی أنقذكم من تعاسة وشقاء الدنیا والآخرة. فلقد كان وضعكم المعیشیّ من البؤس إلى درجة أنّكم لم تكونوا تملكون ماء صالحاً للشرب ولا طعاماً مناسباً للأكل، وكنتم تحیون حیاة فقر وبؤس یقتل الأخ فیها أخاه. فرسول الله (صلّى الله علیه وآله) هو الذی انتشلكم من هذا الوضع المزری: «وَكُنْتُمْ عَلى‏ شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ... تَشْرَبُونَ الطَّرْقَ، وَتَقْتَاتُونَ القَدَّ، أَذِلَّةً خَاسِئِینَ، تَخافُونَ أَنْ یَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِكُم، فَأَنْقَذَكُمُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ بَعْدَ اللَّتَیَّا وَالَّتِی». والأهمّ من ذلك هو أنّكم كنتم قوماً ضالّین تعبدون الأصنام ولا تعرفون دین الحقّ فعرّفكم بالله الواحد وجاءكم بأفضل دین منه تعالى، وهداكم إلى أعلى مراتب الكمال الإنسانیّ. فلیس هناك أحد فی هذا العالم قد أسدى للبشریّة مثل هذه الخدمة. لقد تحمّل رسول الله (صلّى الله علیه وآله) عندما كان بین أظهركم أشدّ المحن وأقسى المعاناة وأصعبها ولم یكن له فی خضمّها ناصر ومعین غیر علیّ (علیه السلام). فبینما كنتم تتنعّمون فی دعة من العیش وراحة بال كان علیّ (علیه السلام) یقذف بنفسه فی أفواه الأفاعی المفغورة نصرة لدین الله، حتّى كانت نتیجة ذلك أن توطّدت دعائم الإسلام واستقرّ الدین بفضل جهاد النبیّ وعلیّ (صلوات الله علیهما): «وَبَعْدَ أَنْ مُنِیَ بِبُهَمِ الرِّجَالِ، وَذُؤْبَانِ الْعَرَبِ، وَمَرَدَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ، أَوْ نَجَمَ قَرْنٌ لِلشَّیْطَانِ، وَفَغَرَتْ فَاغِرَةٌ مِنَ الْمُشْرِكِینَ، قَذَفَ أَخَاهُ فِی لَهَوَاتِهَا، فَلا یَنْكَفِئُ حَتَّى یَطَأَ جَنَاحَها صِمَاخَهَا بِأَخْمَصِهِ، وَیُخْمِدَ لَهَبَهَا بِسَیْفِهِ... وَأَنْتُمْ فِی رَفَاهِیَةٍ مِنَ الْعَیْشِ، وَادِعُونَ فَاكِهُونَ آمِنُونَ» فأصبتم ما أصبتم من الشرف والفخر». وكان بیانها (صلوات الله علیها) لأوصاف رسول الله (صلّى الله علیه وآله) هو من باب المقدّمة لبیان مسألة اخرى؛ إذ أرادت أن تُلحِق هذه المقدّمة بالقول: «فما دام النبیّ حیّاً كانت تلك الاُمور محطّ افتخار الجمیع وقبولهم. ولكن ما الذی حلّ بكم بمجرّد أن رحل النبی عن هذه الدنیا؟ لقد ظهرت فیكم بعد رحیله میول تنمّ عن نفاق: «ظَهَرَ فِیكُمْ حَسِیكَةُ النِّفَاق» وتغلّب علیكم الشیطان. فعوضاً عن حفظ عهدكم مع النبیّ (صلّى الله علیه وآله) وحراسة ما ائتمنكم علیه فإنّكم نسیتم كلّ شیء، وكأنّه لم یبق فیكم من الإسلام غیر الاسم أمّا حقیقة الإسلام فنسیتموها». ثمّ تشیر (علیها السلام) إلى خطأین فادحین ارتكبه هؤلاء القوم فتقول: «الخطأ الفادح الأوّل الذی ارتكبتموه هو أنّكم خالفتم عهد النبیّ وجنازته لا زالت مطروحةً على الأرض، أمّا الخطأ الثانی فهو أنّكم نبذتم أحكام الإسلام الواضحة خلف ظهوركم؛ فغصبتم أموالی وقلتم خلاف نصّ القرآن الصریح: إنّك ِلا ترثین أباك مدّعین أنّ الأنبیاء لا وارث لهم»! وقد جاء فی بعض الأخبار أنّ الزهراء (سلام الله علیها) قالت للمتصدّی لمنصب الخلافة: «یَا ابْنَ أَبِی قُحَافَةَ! أَفِی كِتَابِ اللهِ أَنْ تَرِثَ أَبَاكَ وَلا أَرِثَ أَبِی»1؟! ثمّ تقول موبّخة الناس استقباحاً منها لتلك الحركة التی قاموا بها وبنبرة غیر المكترث: «فَدُونَكَهَا مَخْطُومَةً مَزمُومَةً مَرْحُولَةً تَلْقَاكَ یَوْمَ حَشْرِكَ» وهی عبارة تتضمّن تقریعاً عنیفاً للمخاطَبین.

فاطمة (علیها السلام) تمنح الأنصار فرصة اُخرى

«ثمّ رَمَت بطرفها نحو الأنصار». حتّى هذه اللحظة كان مخاطَبو فاطمة (سلام الله علیها) هم عامّة الناس. لكنّها فی هذا المقطع، وطبقاً لما تناقلته الروایات المختلفة، فإنّها تلتفت بوجهها نحو الأنصار موجّهة الخطاب إلیهم. وستتّضح من سیاق الكلام الحكمة من هذا التوجیه للخطاب. فكأنّها وقد بلغت هذه النقطة من الخطبة قد أشاحت بوجهها عن المهاجرین ولسان حالها یقول لهم: «إنّكم قد أقدمتم على غصب الخلافة، إذن فخذوا ما استحوذتم علیه واغربوا بعیداً».
كان الأنصار یتمتّعون بمكانة مهمّة فی العالم الإسلامیّ آنذاك. فهم الذین نصروا الدین الإسلامیّ بدعوتهم لرسول الله (صلّى الله علیه وآله) وإیوائهم للمهاجرین عندما كانوا مشرّدین قد استولى مشركو مكّة على ممتلكاتهم وأخرجوهم من دیارهم. فعندما هاجروا إلى المدینة لم یكن لدیهم من مأوى یلجأون إلیه أو مصدر كسب یرتزقون منه، فكان أهل المدینة هم الذین آووهم وأشركوهم فی أموالهم. وبعد ذلك آخى الله عزّ وجلّ عبر مراسم خاصّة بین المهاجرین والأنصار. هذا مضافاً إلى أنّه من دون نصرة الأنصار للمهاجرین لم یكن الأخیرون قادرین على التصدّی للمشركین فی المعارك التی فرضوها على المسلمین. وهذا مقتضى الأسباب الظاهریّة. فدعم الأنصار كان - فی الحقیقة - سبباً فی انتشار الإسلام، وإنّ هذه المیزة التی تمتّع بها الأنصار هی التی دفعت الزهراء (سلام الله علیها) إلى أن توجّه آخر سهام خطابها إلیهم علّهم یستیقظون من سباتهم.
وكما قد أسلفتُ مراراً وتكراراً فإنّ كلّ هذا الكلام وهذه الاحتجاجات كانت من أجل أن تخطو (علیها السلام) خطوة فی سبیل هدایة الناس وتسترعی انتباه الأجیال القادمة أو بعض من عاصرها إلى ما ارتكبه هؤلاء من أخطاء جسیمة فیتبیّنوا طریق الحقّ القویم. فهناك احتمال هو أقرب ما یكون إلى الیقین وهو أنّه لولا هذه الخطبة لما كنّا الیوم نعرف مَن هی فاطمة الزهراء (علیها السلام). فإنّ كلّ ما عرفه المسلمون بعد رحیل النبیّ الأكرم (صلّى الله علیه وآله) من الحقّ والحقیقة كان بفضل هذه الكلمات التی ألقتها بضعة الرسول (علیها السلام) فقد مثّلت نقطة الانطلاقة لذلك.

المشاعر هی المحرّك الأساسیّ للثورات

بعد أن یئست الزهراء (علیها السلام) من المهاجرین التفتت نحو الأنصار محاولة استمالة عواطفهم من خلال أصلٍ متّبَع فی علم النفس؛ أی بمعزلٍ عن البحث المنطقیّ والاستدلالیّ مع المتصدّی لكرسیّ الخلافة فقد حاولت (علیها السلام) استثارة عواطف الأنصار علّهم یعون أنّه یتعیّن علیهم اتّباع أهل البیت (علیهم السلام). هذا الاسلوب الذی انتهجته البتول (سلام الله علیها) فی الخطاب یعلّمنا درساً عظیماً مفاده أنّ الحركات والثورات الاجتماعیّة لا تنطلق دائماً فی ظلّ المنطق العقلانیّ القویّ؛ بل إنّ العامل الأساسیّ المحرّض لتلك الحركات هو - فی الأعمّ الأغلب - المشاعر والأحاسیس. فالمشاعر والعواطف هی التی تتولّى صیاغة الحركات وإشعال الثورات. فالزهراء (علیها السلام) حتّى هذه اللحظة كانت تخاطب الناس بكلام مستدَلّ، لكنّها ترید من الآن فصاعداً استثارة عواطفهم؛ ومن هذا المنطلق فقد قالت لهم: «یا معشر الأنصار! یا مَن كانت نصرتهم سبباً فی انتشار الإسلام. فأنتم الذین احتضنتم الإسلام وربّیتموه فی ربوعكم. أنتم نقباء العالم الإسلامیّ. كیف تغفلون مثل هذه الغفلة بعد كلّ تلك الخدمة التی أسدیتموها للإسلام؟! أین إحساسكم بالمسؤولیّة؟! أین وَلّى حماسكم وأین ذهبت عواطفكم؟! أما سمعتم أبی رسول الله (صلّى الله علیه وآله) یقول: «الْمَرْءُ یُحْفَظُ فِی وُلْدِهِ»؟ فحفظ احترام المرء بعد موته یكون فی احترام ذرّیته. وهل تعرفون ذرّیة للنبیّ غیری؟ ألا تعرفون كیف تردّون الجمیل لذلك النبیّ الذی قدّم لكم كلّ تلك الخدمات؟ الآن وأبی لیس بین أظهركم ألا ینبغی احترام أبنائه؟ أین ذهبت عواطفكم الإنسانیّة؟
«یَا مَعشَرَ النَّقِیبَةِ» نخب المجتمع ومشاهیره «وَأَعْضَادَ الْمِلَّةِ» الذین صُنتم ملّة الإسلام وحفظتموها كساعد قویّ لها، «وَحَضَنَةَ الإِسْلامِ» الذین حضنوه كما تحضن الأمّ طفلها وتربّیه. یا مَن تملكون كلّ هذا الماضی المشرق ویا مَن كنتم العون والناصر لكلّ ما حقّقه الإسلام من تقدّم! «مَا هَذِهِ الْغَمِیزَةُ فِی حَقِّی» ما الذی أصابكم لتقابلونی بكلّ هذه اللامبالاة، «وَالسِّنَةُ عَنْ ظُلامَتِی» فأنتم تتفرّجون على ما یقع علیّ من ظلم من دون أن تحرّكوا ساكناً أو تنبسوا ببنت شفة! فهل أنتم نائمون یا ترى؟ ألستم الذین قدّموا للإسلام وللنبیّ كلّ تلك التضحیات؟! «أَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ أَبِی یَقُولُ: الْمَرْءُ یُحْفَظُ فِی وُلْدِهِ؟ سَرْعَانَ مَا أَحْدَثْتُمْ، وَعَجْلانَ ذَا إِهَالَةٍ» وهذا مثل عربیّ یُضرب عندما یراد أن یقال: سرعان ما انحرفتم عن جادّة الصواب وأخطأتم الطریق.

دفع شبهتین

واستباقاً لما قد یقول الأنصار من أنّه: «أجل لقد ظلموكِ؛ ولكن لیس فی أیدینا حیلة» فقد قالت (سلام الله علیها): «وَلَكُمْ طَاقَةٌ بِمَا أُحَاوِلُ، وَقُوَّةٌ عَلَى مَا أَطْلُبُ وَأُزَاوِلُ» فإنّكم قادرون على تلبیة ما أطلب، فما هو عذركم إذن؟ كیف یمكن الجمع بین وضعكم الحالیّ هذا مع سابق تضحیاتكم؟!
ولئلا یقولوا أیضاً (بتعبیری الشخصیّ): «كان لأبیك حقّ علینا ما دام حیّاً فقد نصرناه لأنّه هدانا إلى سواء السبیل ومنحنا العزّة. أمّا الآن وقد رحل عن هذه الدنیا فنحن إنّما لا نمدّ إلیك ید العون لأنّ أباك لم یعد موجوداً بیننا وقد انتفى بذهابه ما كان له من حقّ علینا»، أقول فقد قالت مولاتنا الزهراء (علیها السلام) تداركاً لهذا القول المفترَض: «أَتَقُولُونَ: مَاتَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَآلِه‏» فهل إنّ دلیلكم على عدم نصرتكم لی هو: أنّنا لا ننصركِ لأنّ أباكِ لم یعد حیّاً؟ فإن كان هذا هو منطقكم فقد جاءكم الردّ فی القرآن الكریم وشأن نزوله موجود أیضاً؛ ففی معركة اُحُد وبعد أن ترك المسلمون مضیق اُحد وجُوبِـهوا بهجوم المشركین أصابهم ضعف شدید وتكبّدوا خسائر فادحة، حتّى أنّ النبیّ (صلّى الله علیه وآله) نفسه قد اُصیب بجروح أیضاً. ومن أجل إضعاف معنویّات المسلمین أكثر فقد استخدم المشركون طریقة الحرب النفسیّة مشیعین أنّ النبیّ قد قُتل، فی حین أنّه قد جُرح فقط. وعندها نزل قوله تعالى: «وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن یَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَیْهِ فَلَن یَضُرَّ اللهَ شَیْئاً وَسَیَجْزِی اللهُ الشَّاكِرِینَ»2. فلقد جاءكم رسول الله (صلّى الله علیه وآله) لیعرّفكم بالدین ویبیّن لكم الصراط القویم كی تعملوا وفقاً لما جاءكم به. فقد أدّى ما على عاتقه من واجب وهداكم، وقد جاء الآن دوركم لتنهضوا بمهمّة المحافظة على دین الله عزّ وجلّ وتُحیُوا أحكامه وسُنَنه. فواجبكم هو إحیاء قِیَم هذا الدین فی الدنیا وأن لا تدعوها تأفل وتزول. وبناء علیه فإنّه ینبغی أن تقاوموا أعداء هذا الدین بمزید من الصلابة والصمود كی لا یتعرّض الإسلام للخطر. هل تتذكّرون هذه الآیة؟ هذه الآیة مذكورة فی نفس المصحف الذی تقرأونه یومیّاً فی بیوتكم جهراً وإخفاتاً، بلحن ومن دون لحن، وبصور مختلفة. من المؤكّد أنّكم لم تنسوا قول القرآن: «أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ» أی تركتم دینكم. أجل فلقد كان رحیل النبیّ الكریم (صلّى الله علیه وآله) مصاباً جلَلاً للغایة أصاب عالم الإنسانیّة. لكنّ رحیله لا یسوّغ لكم نبذكم لدینكم وترككم لأحكامه!
ثمّ تتابع سیّدتنا الزهراء (سلام الله علیها) هذا المقطع مبیّنة عظمة هذه المصیبة، وسأتّحدث عن ذلك فی المحاضرة القادمة إن وُفِّقتُ إلى ذلك إن شاء الله.

وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرین


1. بحار الأنوار، ج29، ص226.

2. سورة آل عمران، الآیة 144.

 

بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...