صوت و فیلم

صوت:
,

فهرست مطالب

الجلسة السادسهَ والخمسون: واقعهَ غصب الخلافهَ من وجههَ نظر اهل البیت علیهم السلام

تاریخ: 
چهارشنبه, 25 خرداد, 1390

بسم الله الرحمـٰن الرحیم

هذا الذی بین أیدیكم هو عصارة لمحاضرة سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ (دامت بركاته) ألقاها فی مكتب سماحة ولیّ أمر المسلمین بتاریخ 15 حزیران 2011م نقدّمها من أجل أن تزید توجیهات سماحته من بصیرتنا وتكون نبراساً ینیر لنا درب هدایتنا وسعادتنا.

واقعة غصب الخلافة من وجهة نظر أهل البیت علیهم السلام

الإنذار الأخیر

لقد مرّ علینا عام ونحن منشغلون بشرح الخطبة الفدكیّة لفاطمة الزهراء (سلام الله علیها) وقد كرّسنا الجلسات الأخیرة للحدیث عن خطابها الذی وجّهته لنساء المدینة اللواتی أتین لعیادتها. فعندما شعرت الزهراء (علیها السلام) بعد كلّ ما قدّمته من موعظة وبیّنته من حقائق أنّ كلامها لن یكون له وقع فی نفوس الناس وأنّهم لن یحملوه على محمل الجدّ قرّرت (سلام الله علیها) أن تطلق آخر سهم بقی فی جعبتها، ألا وهو الإنذار ممّا ینتظر عمل الإنسان من سوء العواقب الدنیویّة.
فمن بین الطرق المتَّبَعة فی عملیّة الإرشاد والدعوة تأتی «البشارة» بعنوان كونها الطریقة المثلى والتی عادةً ما تُتَّبع فی بادئ الأمر كی تسهم فی جلب انتباه المخاطب. فرسل الله تعالى یكونون فی البدایة «رُسُلاً مُّبَشِّرِینَ»1 یذكّرون الناس بما یترتّب على الإیمان والعمل الصالح واتّباع الدین الحقّ من الآثار الحسنة. ثمّ تأتی الطریقة التالیة فی الأهمّیة من حیث التأثیر بعد البشارات والمتمثّلة بالإنذار من عذاب الآخرة. أمّا بالنسبة لضعیفی الإیمان فحتّى الإنذار من العذاب الاخرویّ لا یكون ذا أثر كبیر فیهم؛ ومن هنا فإنّ آخر ما یؤثّر فی أمثال هؤلاء هو الإنذار ممّا یمكن أن تتسبّب به المعصیة من تبعات دنیویّة؛ ذلك أنّ أثر التخویف من مصائب الدنیا وأهوالها یكون أشدّ على ذوی الإیمان الضعیف من التخویف من عذاب الآخرة. وهذا ما جعل الزهراء (سلام الله علیها) تقول فی ختام حدیثها لنساء المدینة: «لقد حقّقتم ما صبوتم إلیه وأنتم راضون فرحون بفعلكم، لكن اعلموا أنّه لن یمضی زمن طویل حتّى تحلبوا من هذه الناقة بدل اللبن الطازج دماً عبیطاً وسیُسَلّط علیكم من لا یرحمكم». إذ من المسلّم أنّه عندما ینتاب الاُمّة انحرافٌ مّا ویتولّى قیادة سفینتها اُناس یفتقدون الأهلیّة العلمیّة لذلك من جهة، ویفتقرون إلى اللیاقة الأخلاقیّة والمعنویّة من جهة اُخرى، ولا یتمتّعون بالمشروعیّة من جانب الله عزّ وجلّ من جهة ثالثة فإنّ مصیر هذه السفینة سیكون معروفاً.

السواد الأعظم من الناس فی عملیّة غصب الخلافة

هناك قرائن كثیرة تشیر إلى أنّ الأكثریّة الساحقة من الناس فی ذلك العصر كانوا یفتقرون إلى البصیرة فی الاُمور الاجتماعیّة وكانوا مبتلین بسطحیّة التفكیر، وسرعة الانخداع. فلعلّ الكثیر ممّن ارتكبوا هذه الخطیئة العظمى لم یكونوا یدركون ما یصنعون، وكانوا یظنّون أنّها حرب قبلیّة بین قبیلتین. فجُلّ ما كان یفكّر به الناس فی ذلك العصر هو ما سیصیبونه من فائدة وربح جرّاء تلك الصراعات والنزاعات. ولربّما كانوا یعلمون إجمالاً بأنّهم یقترفون خطیئة، لكنّهم لم یكونوا یدركون فداحة العواقب المترتّبة على هذا العمل والمسؤولیّة الجسیمة التی سیتحمّلونها بسببه إلى یوم القیامة. لكن كان هناك - فی نفس الوقت - أشخاص یمتازون بحدّة الذكاء والدهاء المفرط وقد لا یقلّ ذكاؤهم ودهاؤهم فی انحرافهم واعوجاجهم عمّا یتمتّع به بعض الدهاة من ساستنا المعاصرین. فإنّ التأمّل فی بعض الوثائق یوحی بأنّ هؤلاء كانت لهم الید الطولى فی حیاكة المؤامرات ورسم الدسائس. فرغم قلّة عددهم فقد كانوا یضعون من الخطط ما یجعل الغالبیّة العظمى من الناس ینخدعون ویتّبعونهم.
إذن فنحن ندّعی أمرین: الأوّل هو أنّ هذا العمل كان غایة فی الضخامة والخطورة وأنّ آثاره السیّئة ستستمرّ إلى یوم القیامة، وأنّ كلّ من وضع حجر الأساس لهذه القضیّة ولعب دوراً بارزاً فیها فهو شریك فی هذا العمل. أمّا ادّعاؤنا الثانی فهو أنّ الأغلبیّة الساحقة من الناس فی ذلك العصر لم یدركوا مدى خطورة هذا الفعل.
قد یقول قائل: إذا كانت الغالبیّة العظمى من الناس تجهل عاقبة هذا الفعل إذن فإنّ ذنبهم لیس عظیماً. ویتعیّن القول ردّاً على ذلك: لا ریب أنّ ذنب هذه الفئة لا یوازی ذنب تلك الثلّة القلیلة التی تصدّت لهذا العمل، لكن – فی الوقت نفسه – لا یعنی ذلك أنّ هؤلاء لا یتحمّلون أیّ مسؤولیّة أو تقصیر؛ ذلك أنّ القضیّة - أوّلاً - كانت على جانب من الوضوح بحیث لو تأمّل بها أیّ امرئ جیّداً وحلّلها تحلیلاً منصفاً فسیصل إلى نتیجة مقنعة. فلو افترضنا أنّ البعض لم یكن یدرك أهمّیة مسألة الخلافة، لكن ألم یبذل النبیّ الأكرم (صلّى الله علیه وآله) من الجهود فی التعریف بأهل البیت (علیهم السلام) وتقدیمهم على أنّهم اُناس معصومون لا سبیل إلى الخطأ إلیهم وأنّ قولهم وفعلهم حجّة للآخرین ممّا لا یدع مجالاً لأیّ أحد لإنكار هذه الخصال فیهم؟ لقد كان رسول الله یقف یومیّاً بباب منزل علیّ وفاطمة (علیهما السلام) ویقول: «السلام علیكم الصلاة یا أهل البیت، إنّما یرید الله لیذهب عنكم الرجس...»2. وبناء علیه فلو لم یكن اُناس ذلك العصر واعین بالفعل، كان بإمكانهم السؤال والتقصّی عن هذا الموضوع. فالعقل والنقل معاً یدلاّن على أنّه إذا كان بإمكان المرء السؤال والفحص عن قضیّة، ثمّ قصّر فی ذلك فهو مسؤول قطعاً. كما أنّه یُقال للعالِم غیر العامل فی یوم القیامة: «أفلا عملت»؛ أی لماذا لم تعمل بعلمك؟ ویقال للجاهل: «أفلا تعلّمت»؛ أی لماذا لم تتعلم3؟
لقد نقل نساء المهاجرین والأنصار كلام الزهراء (سلام الله علیها) وشكاواها الكثیرة إلى رجالهنّ فأرسلوا إلیها یعتذرون قائلین: نحن إنّما لم ندعمك ولم نقف إلى جانبك لأنّنا كنّا قد بایعنا شخصاً آخر. فلو أنّك سارعت قلیلاً فی طرح قضیّتك لكنّا وقفنا إلى جانبك! فأجابتهم (علیها السلام): إنّ عذركم غیر مقبول بتاتاً. فإن كان نقض البیعة قبیحاً إلى هذا الحدّ فلماذا نقضتم بیعة الغدیر إذن؟!

وصف المتحیّنین للفُرَص على لسان أئمّتنا (علیهم السلام)

قد یعترض أحدهم بالقول: «هذا تفسیرك الشخصیّ للاُمور وهو نابع من التعصّب؛ أمّا تفسیر الأئمّة الأطهار (علیهم السلام) لها فیختلف»! فإنّ إحدى الشبهات التی تشاع الیوم ضدّ التشیّع هی: «إنّ ما ینسبه الشیعة لمخالفیهم هو كلام ملَفّق لیس له أیّ أساس من الصحّة بل حتّى أئمّتهم لا یقبلون به أیضاً»! وأنا أرى من المناسب أن أطرح هذه المسألة فی هذه المحاضرة (وهی الأخیرة من هذه السلسلة خلال هذا العام حتّى حلول شهر رمضان القادم) وهی أنّ قضیّة كون زعماء حادثة غصب الخلافة یعدّون شركاء فی كافّة الجرائم التی ارتُكبت وتُرتكَب بعد ذلك التاریخ هی من المسلّمات عند أهل بیت العصمة والطهارة (صلوات الله علیهم أجمعین) بل لقد اُشیر إلى هذه القضیّة فی الزیارات المأثورة عنهم أیضاً؛ أذكر هنا - على سبیل المثال - مقاطع من الزیارة الجامعة لأئمّة المؤمنین التی نقلها المرحوم السیّد بن طاووس فی «مصباح الزائر» والمرحوم الشیخ عبّاس القمّی فی ملحقات «مفاتیح الجنان». إذ تطرح هذه الزیارة - من ناحیة - تحلیلات ترتكز على اُسس اجتماعیّة ونفسیّة لتاریخ ما بعد عصر الرسول الأكرم (صلّى الله علیه وآله) وتبیّن الدوافع والعوامل التی تقف وراء الانحرافات الحاصلة فی ذلك الزمن، وتقدّم - من ناحیة اُخرى – وصفاً لما ارتُكِب فی ذلك العصر من أخطاء جسیمة وما نتج عنها من تبعات.
تقول هذه الزیارة إنّ الإیمان الحقیقیّ لم یدخل إلى قلوب البعض فی زمان النبیّ الأعظم (صلّى الله علیه وآله) بل كانت قلوبهم مملوءة بأقذار الشرك ومشحونة بأدران الكفر لكنّهم كانوا یتظاهرون بالإسلام. فعندما لحق المصطفى (صلّى الله علیه وآله) بربّه انتهجوا طریقة المباغتة وأخذوا المسلمین على حین غرّة واغتنموا فرصة غیابه (صلّى الله علیه وآله) كی ینفّذوا مآربهم الدنیئة: «القلوب المُنتِنَة من قذر الشرك والأجساد المُشحَنَة من دَرَن الكفر، أضبّوا على النفاق وأكبّوا على علائق الشقاق. فلمّا مضى المصطفى صلوات الله علیه وآله اختطفوا الغرّة وانتهزوا الفرصة». وهذا المقطع یدلّ على أنّ هذه الواقعة لم تحدث صدفة بل كان مخطَّطاً لها مسبقاً. ثمّ تقول الزیارة بعد قلیل: «وأسرعوا لنقض البیعة» التی بایعوا بها فی یوم الغدیر «ومخالفة المواثیق المؤكَّدة» التی اُخِذت منهم. «فحُشر سِفْلَة الأعراب وبقایا الأحزاب إلى دار النبوّة والرسالة» فاجتمع الأراذل والأوباش من بقایا الأحزاب الذین ائتلفوا على ضرب الإسلام واجتثاث اُصوله بباب بیت الزهراء (سلام الله علیها). «حتّى نقضوا عهد المصطفى فی أخیه عَلَم الهدى» فقد وصلت بهم الوقاحة وانعدام الحیاء إلى درجة نقض البیعة التی أخذها منهم النبیّ (صلّى الله علیه وآله) لأخیه علیّ بن أبی طالب (سلام الله علیه). «وجَرَحوا كبد خیر الورى فی ظلم ابنته واضطهاد حبیبته... وخذلوا بعلها... ونقضوا طاعته، وجحدوا ولایته... وقادوه إلى بیعتهم مُصلِتَةً سُیُوفَهَا مُقذِعَةً أسنَّتَها... یدعونه إلى بیعتهم التی عمّ شومها الإسلام»؛ فراحوا یسحبون علیّاً (علیه السلام) سحباً لأخذ البیعة لهم منه وسیوفهم مستلّة نحوه ورماحهم مُشرَعة فی وجهه.
لقد طرح أهل البیت (صلوات الله علیهم أجمعین) هذه المسائل كی لا یتركوا مجالاً لنسیان هذه الحادثة وضیاعها فی خضمّ الشبهات. ومع ذلك فنحن نرى أنّ هناك من الشیعة من یطرح هذه الشبهات ویقول: هذه النُّقُول لا تتمتّع بالاعتبار. فالمسألة أساساً هی أنّ الناس فی ذلك الحین أرادوا العمل بقواعد الدیمقراطیّة، والنظر فیمن حصل على كمّ أكبر من الأصوات! فقد كتب أحد مَن یُصطلَح علیهم «الخبراء فی الشؤون الإسلامیّة» ما یلی: لقد كان علیٌّ (علیه السلام) وصیّ رسول الله (صلّى الله علیه وآله) لكنّ وصایته كانت بهذا المعنى: وهو أنّ النبیّ قد رشّحه لمنصب الخلافة وقال: حسب رأیی فإنّه خلیفة جیّد، لكنّ الرأی النهائیّ لكم؛ فلكم أن تنتخبوا من تشاءون!
إنّ غایتی من استعراض هذه المقاطع من الزیارة هو إبراز موقف أهل البیت (علیهم السلام) من هذه البیعة وتلك الحادثة.

الآثار المشؤومة للواقعة

تقول الزیارة فی مقطع آخر: «یدعونه إلى بیعتهم التی عمّ شومها الإسلام». ثمّ تحصی الزیارة بتعبیرات اُخرى النتائج المترتّبة على هذه البیعة المشؤومة بالقول: «عَقَّتْ سلمانَها، وطردتْ مقدادَها، ونفتْ جُندَبَها، وفتقتْ بطن عمّارها»؛ فمن نتائج هذه البیعة أنّها أودت بسلمان إلى العزلة مع ما كان یتمتّع به من مقام رفیع، ونفت أبا ذرّ، وشقّت بطن عمّار. ومع أنّ هذه الوقائع قد حصلت على مدى أعوام من الزمن إلاّ أنّ جمیعها تُعدّ من نتائج وآثار تلك البیعة. «وسلّطتْ أولاد اللعناء على الفروج والدماء». ثمّ تعرّج على قصّة یوم الحرّة حیث اجتاح جیش یزید بن معاویة المدینة وأباح كلّ شیء فیها: «وأغارت على دار الهِجرة یوم الحَرَّة وأبرَزَت بنات المهاجرین والأنصار للنَّكال والسُّورَة»؛ أی هتكوا حرمة بنات المهاجرین والأنصار باسم الإسلام! فالزیارة تَعتبِر جمیع تلك الوقائع من نتائج تلك البیعة، وأنّ الذین أوجدوا هذا الانحراف فی الاُمّة هم شركاء فی كلّ تلك الذنوب والمعاصی.
وفی موضع آخر من الزیارة جاء ما نصّه: «یا مَوَالیَّ! فلو عاینكم المصطفى» لیت النبیّ (صلّى الله علیه وآله) كان موجوداً لیعاین ما فعلته اُمّته بكم «وسهام الأمّة مُغرَقَة فی أكبادكم، ورماحهم مشرَعَة فی نحوركم، وسیوفها مُولَغَة فی دمائكم، یشفی أبناءُ العواهر غلیل الفسقِ من ورعكم وغیظَ الكفر من إیمانكم»، والمقطع الأخیر هذا یشیر إلى التفاتة مرتبطة بعلم النفس، وهی دافع أهل السقیفة من هذا الفعل. حیث تقول: إنّ العامل الرئیسیّ الذی قاد هؤلاء القوم إلى القیام بما قاموا به هو الحسد، فقد كانوا یحسدونكم على ما تتمتّعون به من الإیمان والنورانیّة فی حین أنّهم یفتقرون إلى مثل هذه الكمالات. فقد كانوا اُناساً عدیمی الإیمان تنطوی قلوبهم على آثار الكفر والنفاق. «وأنتم بین صریع فی المحراب...»؛ وهنا تبدأ الزیارة بسرد أشكال وأصناف الظلم التی وقعت على أهل البیت (علیهم السلام) واحداً واحداً؛ بدءاً من أمیر المؤمنین (علیه السلام) الذی فلقوا هامته الشریفة، وسیّد الشهداء (سلام الله علیه) الذی رفعوا رأسه المبارك على الأسنّة، وسائر الأئمّة الذین قضوا مسمومین خلف قضبان السجون... الخ، كلّ ذلك تعدّه الزیارة من نتائج تلك البیعة.
وبشكل عامّ فإنّ الزیارة تشیر إلى خمس ملاحظات بخصوص الأحداث التی وقعت فی زمان فاطمة الزهراء (سلام الله علیها) سأستعرضها هنا بشكل متسلسل: أوّلاً: إنّ الذین تزعّموا عملیّة غصب الخلافة كانوا اُناساً متحیّنین للفرص قد فاجأوا الناس بغصبهم للخلافة. ثانیاً: إنّهم قد نقضوا بیعتهم التی بایعوها قبل سبعین یوماً وإنّ الأعذار التی قدّموها فی نقضهم لها غیر مقبولة. ثالثاً: إنّ جماعة من سفلة الناس وأوباشهم قد هجموا على بیت النبیّ (صلّى الله علیه وآله)، التی كان جبرئیل (علیه السلام) لا یدخلها من دون إذن، وأخذوا البیعة عنوةً من أمیر المؤمنین (علیه السلام) وهو عمل لا ینسجم حتّى مع الموازین غیر الإسلامیّة. ثمّ تسرد الزیارة عشرة من الجرائم التی اقتُرِفت بعد ذلك الحین وتعتبرها من نتائج تلك البیعة: الاُولى: طرد أمثال سلمان وأبی ذرّ والمقداد الذین یُجمع المسلمون على أنّهم من أفضل المؤمنین. الثانیة: تسلّط أولاد الزنا على أموال الناس وأعراضهم. الثالثة: وضع البِدَع وتغییر الأحكام. الرابعة: تخریب الكعبة. الخامسة: اجتیاح المدینة وإباحتها. السادسة: هتك حرمة الفتیات المسلمات. السابعة: قتل أمیر المؤمنین (صلوات الله علیه). الثامنة: سمّ الإمام الحسن (علیه السلام) ورمی جنازته بالنبال. التاسعة: استشهاد سیّد الشهداء (سلام الله علیه). والعاشرة: قتل سائر الأئمّة الأطهار (صلوات الله علیهم أجمعین). فالزیارة ترى أنّ جمیع تلك الجرائم البشعة هی من ثمار تلك البیعة المشؤومة.

الخطأ الذی لا یمكن تداركه

هذه الملاحظات تكشف لنا عن مدى أهمّیة المسائل السیاسیّة والاجتماعیّة. ومن هذا المنطلق فقد أشرنا مراراً وتكراراً إلى ضرورة أخذ ما یُنجَز من أعمال فی حقل المسائل الاجتماعیّة بمزید من الجدّیة. فتدارك الأخطاء التی تُرتكَب على صعید المسائل الفردیّة یكون سهلاً فی الغالب، لكن ما هو السبیل إلى تدارك الخطایا التی تقود إلى فساد اجتماعیّ؟ فلو افترضنا أنّ الضالعین فی إشاعة هذا الفساد أو إیجاد ذلك الزیغ قد انتبهوا یوماً إلى خطئهم وأرادوا تداركه، فكیف یتداركون ما اقترفه معاویة – مثلاً – من جرائم؟ أو ما ارتكبه الاُمویّون من فجائع؟ فإنّ ما یرتكب إلى یوم القیامة من جرائم مترتّبة على ما اقترفته أیدیهم لا یمكن تداركه بأیّ حال من الأحوال؛ فلقد حَرَموا الملیارات من البشر من حقوقهم المتمثّلة بالانتفاع من وجود الإمام الحقّ. فلقد كان من حقّ البشر كافّة أن ینتفعوا من معارف وعلوم قادةٍ ومربّین قد عیّنهم الله تعالى لیصلوا فی ظلّ حكوماتهم وسیاساتهم إلى الظفر بالعزّة والسعادة فی الدنیا والآخرة. ومن هنا یتعیّن علینا أن نكون یقظین وواعین للواجبات الاجتماعیّة الملقاة على عواتقنا.

محیی الإسلام فی عصرنا

لقد أحیى الإمام الخمینیّ الراحل (رضوان الله تعالى علیه) دفعة واحدة قسماً عظیماً من المسائل الإسلامیّة؛ أی مسائل الإسلام السیاسیّة والاجتماعیّة التی مرّ علیها قرون من الزمن یغطّیها غبار النسیان والغفلة. فما الذی كان رأی علمائنا وفقهائنا قبل نصف قرن فی المسائل السیاسیّة والاجتماعیّة یا ترى؟ لقد كان التدخّل فی المسائل السیاسیّة تهمة لا تُغتفَر، وكان إذا قیل لعالم الدین إنّه سیاسیّ فقد سقط من أعین الناس. إذن فالإمام الخمینیّ (قدّس سرّه) هو الذی جعل من الخوض فی میدان السیاسة من أوجب الواجبات حین قال: «حفظ النظام الإسلامیّ أوجب من الصلاة». فالإمام (رحمة الله علیه) بحقّ یشترك فی كلّ ثواب یترتّب على هذا العمل إلى یوم القیامة. ونحن أیضاً بما اُوتینا من سعة وجودیّة نستطیع أن نلعب دوراً إیجابیّاً أو سلبیّاً فی هذا المجال. فباستطاعتنا أن ننجز ما یجعل الناس تغترف من بركاته لمئات من السنین ونكون شركاء فی كلّ ما یجنونه من الثواب. كما ونستطیع أیضاً عن طریق التعلّق بالدنیا وملذّاتها الخسیسة أن نُخلِی كواهلنا من بعض واجباتنا فنحرم، بسبب إهمالنا وتكاسلنا، عدداً من البشر من نعمة الهدایة، أو نؤدّی بهم – لا سمح الله – إلى سبیل الغیّ والضلالة فنشاركهم إلى یوم القیامة بكلّ ما یقترفون من ذنوب وآثام.

أعاذنا الله وإیّاكم


 1. سورة النساء، الآیة 165.

2. بحار الأنوار، ج35، ج223؛ ومسند الإمام أحمد بن حنبل، ج3، ص259 (طبعة دار صادر / بیروت)؛ والمستدرك للحاكم النیسابوری، ج3، ص159.

3. عن الصادق (علیه السلام) فی قوله تعالى: «فَلِلّهِ الْحُجَّةُ البَالِغَةُ» (سورة الأنعام، الآیة 149): «إنّ الله تعالى یقول للعبد یوم القیامة: أكنتَ عالماً؟ فإن قال: نعم، قال له: أفلا عملت بما علمت؟ وإن قال: كنت جاهلاً، قال له: أفلا تعلّمت حتّى تعمل. فیخصمه وذلك الحجّة البالغة» (بحار الأنوار، ج1، ص178).

 

بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...