صوت و فیلم

صوت:

فهرست مطالب

الجلسة السادسهَ: بواعث الدافع إلی الشکر

تاریخ: 
دوشنبه, 17 مرداد, 1390

بسم الله الرحمـٰن الرحیم

هذا الذی بین أیدیكم هو عصارة لمحاضرة سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ (دامت بركاته) ألقاها فی مكتب سماحة ولیّ أمر المسلمین بتاریخ 8 آب 2011م نقدّمها من أجل أن تزید توجیهات سماحته من بصیرتنا وتكون نبراساً ینیر لنا درب هدایتنا وسعادتنا.

بواعث الدافع إلى الشكر

خلاصة ما فات

«یَا جَابِرُ اسْتَكْثِرْ لِنَفْسِكَ مِنَ اللهِ قَلِیلَ الرِّزْقِ تَخَلُّصاً إِلَى الشُّكْرِ وَاسْتَقْلِلْ مِنْ نَفْسِكَ كَثِیرَ الطَّاعَةِ للهِ إِزْرَاءً عَلَى النَّفْسِ وَتَعَرُّضاً لِلْعَفْو»1
وصلنا فی تأمّلنا لحدیث جابر إلى حیث تطرّق الإمام الباقر (علیه السلام) – بعد بیانه لأوج مقام ولایة أهل البیت (صلوات الله علیهم أجمعین) - إلى طرح تعالیم وتوجیهات عملیّة تعین على التحلّی بالفضائل والوصول - فی النهایة - إلى هذا المقام السامی. لكنّه (سلام الله علیه) یمهّد فی البدایة لهذا المبحث بالقول: لا تتوقعنّ أنّك لن تزلّ وتتعثّر فی هذا المضمار وأنّ جمیع أعمالك ستكون صحیحة لا غبار علیها، فالمهمّ فی أوّل الطریق هو أن تبذل قصارى جهدك لترسیخ إیمانك والتحلّی بملَكة التقوى. وبعد ذلك سیأتی دور مقارعة النفس؛ فكن دائماً فی حال صراع معها واثبت على هذا النهج حتّى آخر عمرك. فی هذا المضمار قد ینتصر المرء على النفس حیناً وقد تغلبه هی حیناً آخر لكن لا ینبغی لمثل هذه المسائل أن تُضعف من عزیمة الإنسان المؤمن وتحدّ من إرادته، بل یتعیّن علیه أنّه كلّما سقط أرضاً أن یصبح تصمیمه على مواصلة النزال أكثر جدّیة وقوّة.
ویحتاج المؤمن فی هذا المسیر إلى معرفة المزید من التعالیم والتوجیهات العملیّة والتنفیذیّة. إنّ القسم الأعظم من المعارف الأخلاقیّة یختصّ ببیان الفضائل الأخلاقیّة ومراتبها المختلفة التی على رأسها التوحید (وهو العبودیّة للحقّ سبحانه وتعالى). أمّا القسم الآخر - الذی یتّخذ غالباً الطابع العملیّ – فهو یهتمّ بتبیین أفضل السبل وأیسرها لاكتساب تلك الفضائل كی یكون وصول سالك طریق الحقّ إلى مقصده أكثر سهولة وأمناً، كالمرشد الذی یرشد المبتدئین إلى أسهل السبل وأكثرها أمناً لبلوغ القمّة. فالذین سبق لهم سلوك هذه السبل هم أكثر الناس قدرةً على مساعدة المرء فیها، ومن هذا المنطلق یؤكّد عظماؤنا عادةً على التفتیش عن اُستاذ فی الأخلاق؛ فإنّ من فوائد الاُستاذ هو انتفاع المتتلمذ على یده من تجربته الممتدّة على مدى عمر كامل من المساعی والجهود المضنیة.
وكذا الحال بالنسبة لأحادیث أئمّتنا الأطهار (صلوات الله علیهم أجمعین) فی قسم المعارف الأخلاقیّة فإنّ جانباً منها مكرَّس لتبیین السبل العملیّة للوصول إلى المقصد. فكلّنا یعلم – مثلاً - أنّ واحدة من القیم الأخلاقیّة المهمّة هی «الشكر»: «قَلِیلٌ مِنْ عِبادِیَ الشَّكُورُ»2، لكنّ السؤال المطروح هنا هو: كیف یمكن للمرء أن یكون شكوراً وأن یظفر بالدافع إلى الشكر؟ فمن عادتنا جمیعاً أن نقول بعد تناول الطعام: «الحمد لله». هذا العمل وإن اعتُبر شكراً لله وأنّه حسن جدّاً، لكنّه لیس كافیاً. فماذا نصنع لنكون اُناساً شكورین؟
والإمام الباقر (علیه السلام) یشیر فی موطنین على الأقل فی وصایاه لجابر إلى هذه المسألة، ولـمّا كان هذان الموطنان مرتبطین مع بعضهما فسأذكرهما سویّة.

أهمّیة مسألة الشكر

تحظى مسألة الشكر فی النظرة القرآنیّة بأهمّیة بالغة. فما یطلبه الله تعالى منّا یفوق بكثیر الاكتفاء بقول: «الحمد لله» بعد تناول الطعام. لقد شاهدتُ مرّة كتاباً ضخماً نسبیّاً جُمعت فیه الأحادیث التی تتحدّث عن الصبر والشكر، وهذا دلیل على الأهمّیة القصوى التی تحظى بها هذه المسألة. إذن علینا أن نفهم أنّ الشكر لیس من المفاهیم العادیّة حتّى ننظر الیه نظرة عابرة.
الملاحظة الاُخرى التی تتعلّق بأهمّیة مسألة الشكر هی أنّ علماء الكلام وعند خوضهم فی المباحث الكلامیّة أو البحث المتّصل بإثبات وجود الله تعالى فإنّهم عادة ما یطرحون هذا السؤال: ما هی ضرورة الخوض فی أمثال هذه المباحث؟ إذ أنّ هناك البعض - وأخصّ بالذكر اُولئك المنبهرین بالثقافة الغربیّة - ممّن یطرح الشبهة القائلة: ما هی حاجتنا أساساً للتطرّق إلى مسألة: هل یوجد فی هذا الكون إله أم لا؟ فإن كنّا ملتزمین بعدم الكذب، وعدم الخیانة، وعدم ممارسة الظلم، ونسعى لأن نكون اُناساً صالحین، فإن كان یوجد إله فلابدّ أنّه یحبّ الإنسان الصالح، وإن لم یكن فالبحث مضیعة للوقت.
فكیف نستطیع تحفیز الإنسان على البحث فی مسألة أصل وجود الله تعالى وصفاته؟ فنحن لا نستطیع أن نقول لبعضهم: كان الأنبیاء یعدّون البحث فی هذا الموضوع أمراً واجباً! لأنّه لا یؤمن بنبیّ أساساً. إذن السبیل الوحید لذلك هو الإفادة من قوّة العقل، فالعقل هو الذی ینبغی أن یحكم بوجوب البحث من أجل معرفة الله. یقول المتكلّمون فی هذا الصدد: «إنّ أهمّ دلیل عقلیّ على وجوب معرفة الله سبحانه هو وجوب شكر الـمُنعِم». فالعقل یقول: «یتعیّن أن تعرفَ الذی أغدق علیك نعماً جمّة، لأنّه من الضروریّ أن تشكر مَن أنعم علیك». بمعنى أنّهم یعتبرون هذا الدلیل أكثر الاُمور التی تُلزِم الإنسان بالسعی لمعرفة الله بدیهیّةً. إذن فمسألة الشكر هی على هذا القدر من الأهمّیة.
ومع ذلك نرى أنّ الحافز الذی یدفع الناس إلى الشكر ضعیف. فهذا الإمام الصادق (علیه السلام) یقول فی حدیث له حول أقسام العبادات: «إنّ الناس یعبدون الله عزّ وجلّ على ثلاثة أوجه؛ فطبقة یعبدونه رغبة إلى ثوابه فتلك عبادة الحُرَصاء وهو الطمع، وآخرون یعبدونه خوفاً من النار فتلك عبادة العبید وهی الرهبة، ولكنّی أعبده حبّاً له فتلك عبادة الكرام وهو الأمن...»3. أمثال هذه الروایات تشیر إلى أنّنا نفتقد فی العادة الحافز القویّ إلى الشكر. فلماذا لا نقدر النعم العظیمة التی أسبغها الله علینا حقّ قدرها؟ ولماذا ینعدم الدافع إلى الشكر لدینا؟ كم مرّة طوال الیوم واللیلة نتذكّر أنّه ینبغی علینا أن نشكر الله عزّ وجلّ؟

السبیل الإلهیّ للتحریض على الشكر

فالله عزّ وجلّ ولما یتّصف به من لطف منقطع النظیر بعباده یحاول عبر طرق شتّى أن یوجد فی أنفسنا الدافع إلى الشكر، وإنّ من أنجع السبل التی یستخدمها القرآن الكریم لهذا الغرض هو قوله: «لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِیدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِی لَشَدِیدٌ»4، فالشكر هو من بواعث رفع درجات الإنسان والسموّ بإنسانیّته، وهذا هو سبب التأكید على هذا الأمر كلّ هذا التأكید.

طریقة الإمام الباقر (علیه السلام) لخلق الدافع للشكر

فی هذه الروایة یقدّم الإمام (علیه السلام) لجابر طریقة لإیجاد الدافع إلى الشكر عند الإنسان. فهو یشیر فی حدیثه هنا إلى أنّ علّة شحّة شكرنا هی عدم التفاتنا إلى آلاء الله وأنعمه علینا بشكل جیّد. فنحن نتدلّل - بعض الشیء - على الله، ونرى أنفسنا مستحقّین وأصحاب حقّ، ونتوقّع منه عزّ وجلّ أن یمنّ علینا بأكثر بكثیر ممّا أسبغ علینا إلى الآن من النعم. بل إنّنا أحیاناً، وجرّاء وجود بعض النقائص، لا نُعرض عن الشكر فحسب، بل تتولّد لدینا حالة الشكوى والتذمّر أیضاً. إذن یتحتّم علینا أن نبذل غایة المجهود لمعرفة النعم الإلهیّة حقّ المعرفة وأن نفكّر حتّى بنعم الله الصغیرة علینا وندرك أهمّیتها. فلا ینبغی استقلال رزق الباری عزّ وجلّ واستكثار أعمالنا. فنحن معاشر البشر نأمل عادةً أن نحوز على ما عند أكثر بنی البشر تنعّماً، ونعاتب الله على أن أعطى لفلان نعمةً ولم یعطنی إیّاها. أمّا من جانب آخر فنحن نرى أنّ الأعمال التی ننجزها نحن جبّارة وقیّمة، ونحدّث أنفسنا بأنّنا نصلّی ونصوم ونؤدّی ما أوجبه الله علینا من تكالیف، فما هو المطلوب منّا ونحن نأتی بكل ّهذه العبادات؟!

علیك أن تَعُدّ كافّة آلاء الله عظیمة

الإشكال الذی نعانی منه یكمن فی هاتین النقطتین، وعلینا كسر هذه المعادلة؛ فمن ناحیة یتحتّم علینا التفكیر بنعم الله الصغیرة؛ فینبغی لنا – مثلاً - التفكیر بما هیّئه الباری عزّ وجلّ من كمّ هائل من الأسباب والوسائل كی یوفّر لنا رغیف خبز واحد. فكما یقول الشاعر:

سُحبٌ، ریاحٌ، وأفلاكٌ، وشمسُ ضحىً          تعاضدنَ فی جلب الرغیف، وتَغفلُ؟!5

فلقد وظّف الله سبحانه وتعالى جمیع نعم الكون كی تحصل أنت على الرغیف ولا تنتابك الغفلة، وكذلك الحال مع سائر النعم الإلهیّة. فالغفلة – مع بالغ الأسف – تحول دون إدراك المرء لعظمة آلاء الله عزّ وجلّ. فكم قد أسبغ الله علینا من النعم من أجل عملیّة النطق البسیطة؟ فلكی یتفوّه الإنسان ببضع كلمات لابدّ أن یعمل الجهاز التنفسیّ بشكل صحیح فی سحب الهواء ودفعه، وینبغی أن یكون للمرء حنجرة وأوتار صوتیّة سالمة، ویجب أن یؤدّی كلّ من اللسان والأسنان والفم وظائفه على النحو الصحیح، وإلاّ فلن نستطیع مهما بذلنا من جهد أن ننطق بكلمة واحدة. فی أحد الاجتماعات نقل قائد الثورة المعظّم (حفظه الله) أنّ طبیباً قال له: «أتعلم أنّه لابدّ أن تتظافر جهود بضعة ملیارات من خلایا جسم الإنسان من أجل تحریك إصبع واحد من أصابع یده؟ ولولا هذا التعاون والتنسیق فی العمل لا یمكن لهذا الإصبع أن یتحرّك». فهل فكّرنا إلى الآن كم هی نعمة عظیمة أن نكون قادرین على تحریك إصبع من أصابعنا؟ إنّنی أنصح الإخوة من الشباب أن تكون لهم بعض المطالعات فی علم الفسلجة البشریّة وعلم الأحیاء، فهی تعلّم الإنسان الكثیر.
على أیّة حال فمن أجل أن یتولّد فی أنفسنا دافع إلى الشكر، فنشكر الله شكراً یوصلنا إلى كمال الإنسانیّة ویجعلنا من المحبوبین عند الله جلّ وعلا، فإنّ علینا القیام بأمرین: الأوّل: أن نحاول جهدنا الوقوف على أنعم الله ونعرفها حقّ معرفتها ونستعظمها. فلا نكوننّ ممّن لا تملأ عیونهم سوى القصور الفارهة وما یُعدّ للطواغیت وفراعنة العصر من شتّى صنوف الطعام والشراب، ولا نرى للطعام الذی نتناوله نحن مقداراً یستحقّ علیه الشكر. فإن أحببنا أن یتولّد فی أنفسنا حافزٌ إلى شكر المولى المتعال فیتعیّن أن نطیل التفكیر حتّى فی نعم الله الطفیفة علینا والوقوف على أهمّیتها بالنسبة لنا. على أنّ ما ذكرناه لا یتعدّى نطاق النعم الطبیعیّة التی یتنعّم بها المؤمن والكافر على حدّ سواء، فما بالكم بنعمة العقل، ونعمة هدایة الأنبیاء، ونعمة معرفة الإسلام، ونعمة ولایة أهل بیت العصمة والطهارة (علیهم السلام)؟ فما كنّا لنصنع لو لم توجد هذه النعم؟
إذن هل من اللائق، مع وجود كلّ هذه الآلاء والنعم، أن نشتكی ونعاتب الله على بعض النقائص؟! إنّ عملاً كهذا یُسقط الإنسان من أریكة القیم الإنسانیّة. بالطبع إنّ الله عزّ وجلّ یصفح عن الكثیر من هذه الأنماط من الكفران وعدم الشكر، لعلمه بضعفنا، أمّا فیما یتعلّق بأولیاء الله فإنّهم یحاسَبون حتّى على صغائر الزلاّت والعثرات ویشاهدون تبعاتها على الفور.

استقلّ عباداتك!

من ناحیة اُخرى ومن أجل إیجاد هذا الدافع، علینا أن نرى عباداتنا غایة فی الضآلة وقلّة المقدار. بالطبع هذا الأمر أیضاً یحتاج إلى خطّة خاصّة؛ فكیف لی وقد صُمت لثلاثین یوماً أن اعتبر عملی هذا عدیم القیمة؟! وعلى فرض أنّنا نؤدّی صلاة اللیل طوال العام، فكیف یتسنّى لنا أن نعدّ هذه العبادة قلیلة؟
الاستقلال والاستكثار هنا أمر نسبیّ؛ بمعنى أنّ المقدار المطلق للشیء ثابت فی كلّ حال، لكنّنا عندما نقارنه بغیره نقول: إنّه قلیل أو كثیر. فإنّك إذا أردت شراء سلعة قیمتها ألف دینار فدفعت للبائع ثمانمائة دینار فقط، سیقول لك على الفور: هذا قلیل؛ ومعناه: إن ما دفعته ثمناً لهذه السلعة هو قلیل بالقیاس الى الحقیقیّة لها، لا أنّ الثمانمائة دینار قلیلة بذاتها. فإن علمنا كم أنّ الله سبحانه وتعالى متفضّل علینا، فإنّنا سنعتبر عباداتنا قلیلة حتّى وإن قضینا العمر بأكمله فی عبادته.
عندما عوتب الإمام زین العابدین (سلام الله علیه) على كثرة عبادته وبكائه بین یدی الله مع أنّ الله قد جعله فی عداد المعصومین، قال (علیه السلام): «من یقدر على عبادة علیّ بن أبی طالب (علیه السلام)»6؛ فقد استقلّ عبادته عندما قاسها بعبادة جدّه علیّ بن أبی طالب (علیه السلام). فمن أجل أن نستقلّ عباداتنا فما علینا إلاّ أن نقیسها بطاعة عباد الله الصالحین المخلَصین من حیث الكمّ والكیف وعندها سنخجل من أنفسنا. فلو أراد المرء أن یقدّم فاكهة لأحدهم كهدیّة فهل سیقدّمها بكلّ راحة بال ومن دون أدنى خجل إذا كان ما یقرب من تسعین بالمائة من هذه الفاكهة فاسداً ومتعفّناً؟ فإذا كنّا لا نلتفت إلاّ إلى عشرة بالمائة من صلواتنا فهی كالهدیّة التی فسد تسعون بالمائة منها، ألا ینبغی لنا والحال هذه أن نقدّمها بین بدی الباری عزّ وجلّ بمنتهى الخجل والحیاء؟!
إذن فمن أجل إیجاد الدافع إلى الشكر أوّلاً، وبغیة التمكّن من تأدیة شكر الله تعالى ثانیاً علینا من جانب أن نطیل التفكیر والتأمّل بأهمّیة وكثرة ما یغدق علینا تعالى من رزق ونعم جمّة، ولابدّ من جانب آخر أن نَعدّ ما نأتی به من العبادات قلیلاً وناقصاً.
ومن هذا المنطلق یقول الإمام الباقر (سلام الله علیه): «یَا جَابِرُ اسْتَكْثِرْ لِنَفْسِكَ مِنَ اللهِ قَلِیلَ الرِّزْقِ تَخَلُّصاً إِلَى الشُّكْرِ»؛ أی: استكثر ما یعطیك الله تعالى من رزق قلیل. ولا یعنی هذا أن تعدّ رغیف الخبز الواحد مائة رغیف! فهذا الكلام یدعو إلى السخریة. فقوله: «استكثر» یعنی: انظر كم أسبغ الله علیك من النعم على الرغم من عدم استحقاقك وشحّة نفسك. «وَاسْتَقْلِلْ مِنْ نَفْسِكَ كَثِیرَ الطَّاعَةِ للهِ إِزْرَاءً عَلَى النَّفْسِ»؛ ومن ناحیة اخرى استقلل ما تؤدّیه من العبادة والطاعة! فأیّ قیمة ومقدار لهذه العبادة فی مقابل ما أغدقه الله علیك من عظیم النعم، وما یؤدّیه أولیاؤه بین یدیه من جسیم الطاعة. فلنقارن آلاء الباری علینا بعدم أهلیّتنا وكثرة معاصینا كی نراها جسیمة ضخمة؛ ولنستقلل عباداتنا من الناحیة الاخرى؛ ذلك أنّ النفس تحبّ أن یكون لها شأن ومنزلة وعلینا مقارعتها وقمعها. یقول إمامنا (علیه السلام) فی هذا الصدد: «من أجل قمع أنفسكم قولوا لها: هذه العبادات لا قیمة لها»؛ ذلك أنّ مقدارها بالقیاس لطاعات أولیاء الله قلیل أوّلاً، ولا یعلم أنّها ستقبل أم لا ثانیاً. إنّه لیتعیّن الاستغفار من العبادة المأتیّ بها من دون حضور قلب فما بالكم بأن نولیها أهمّیة ونعطیها قیمة!
هذه الطریقة هی السبیل الذی یمكننا بسلوكه أن نحظى بالدافع إلى الشكر ونكون فی عداد الشاكرین: «تخلُّصاً إلى الشكر»، وأن نتغلّب على النفس، ولا ندعها تنتصر علینا وتصرعنا.

وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرین


1. تحف العقول، ص285.

2. سورة سبأ، الآیة 13.

3. بحار الأنوار، ج67، ص17. 

4. سورة إبراهیم، الآیة 7.

5. ترجمة شعریّة لبیت بالفارسیّة للشاعر الإیرانیّ سعدی الشیرازیّ یقول فیه: «ابر و باد و مه و خورشید و فلک در کارند    تا تو نانی به کف آری و به غفلت نخوری».

6. شرح رسالة الحقوق للإمام زین العابدین (علیه السلام)، ص305.

بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...