صوت و فیلم

صوت:

فهرست مطالب

الجلسة التاسعهَ: کیف نکون اناساً قانعین

تاریخ: 
پنجشنبه, 20 مرداد, 1390

بسم الله الرحمـٰن الرحیم

هذا الذی بین أیدیكم هو عصارة لمحاضرة سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ (دامت بركاته) ألقاها فی مكتب سماحة ولیّ أمر المسلمین بتاریخ 11 آب 2011م نقدّمها من أجل أن تزید توجیهات سماحته من بصیرتنا وتكون نبراساً ینیر لنا درب هدایتنا وسعادتنا.

كیف نكون اُناساً قانعین

طرح مسألة

«وَٱنْزِلْ سَاحَةَ القَنَاعَةِ بِاتِّقَاءِ الحِرْصِ، وَادْفَعْ عَظِیمَ الحِرْصِ بِإِیثَارِ القناعةِ، وَاسْتَجْلِبْ حَلاوَةَ الزَّهَادَةِ بِقصر الأَمَل»1
یتابع الإمام الباقر (سلام الله علیه) حدیثه الشریف الذی یوصی به جابر فیقول: علیك بالنزول إلى ساحة القناعة عن طریق تجنّب الحرص، وأن تدفع عنك عظیم الحرص من خلال انتهاج القناعة والزهد، وتظفر بحلاوة الزهد بتقصیر الأمل.
تطرح هذه الجمل الثلاث، المرتبطة مع بعضها البعض إلى حدّ ما، بضعة مفاهیم أخلاقیّة نعرفها جمیعاً ألا وهی: القناعة فی مقابل الحرص، والزهد فی مقابل التعلّق بالدنیا، وقصر الأمل فی مقابل طول الأمل. أمّا من حیث المفهوم والتطبیق فیكتنفها شیء من الإبهام.
فالقناعة تعنی اكتفاء المرء بما یملك وبما یتوفّر لدیه. لكنّ السؤال هو: هل یتعیّن على المرء أن یكتفی دائماً وفی جمیع الأحوال بما لدیه فیندرج ذلك ضمن إطار القناعة المطلوبة؟ ألا ینبغی للإنسان الكدّ والسعی من أجل توفیر لقمة عیشه واستمرار حیاته؟ هل إنّ الجدّ والمثابرة من أجل تطویر الجانب الاقتصادیّ وغیره من الجوانب هو أمر غیر محبَّذ یا ترى؟ أینبغی للمرء أن یقنع دائماً بالخبز والجبن ویشكر الله تعالى على هذه النعمة؟
أمّا الحرص - فی المقابل - فهو من المفاهیم المضادّة للقیمة بل إنّه عُدّ فی بعض الروایات ركناً من أركان الكفر. فإن كان الحرص مذموماً إلى هذا الحدّ فهل یعنی ذلك أنّه ینبغی على المرء أن یتّصف دائماً بهبوط الهمّة وأن لا یسعى فی طلب المهمّات من الامور؟ فالأشخاص المتقاعسون یفسّرون أمثال هذه المفاهیم بهذه الكیفیّة عادة. ولأنّهم متكاسلون ولا یطیقون العمل كثیراً فإنّهم یقولون: «نحن قانعون، وغیر حریصین»! وهم فی الحقیقة یحاولون تبریر تقاعسهم عبر هذه المفاهیم.
السؤال الآخر هو: كیف یمكن الجمع بین مفهوم قِصَر الأمل ومفهوم علوّ الهمّة المحبوب عند الله سبحانه وتعالى؟ وما هو مصداق كلّ منهما؟ هذه الأسئلة تفصح عمّا یكتنف هذه الجمل الثلاث من إبهام، وسنقدّم بتوفیق من الله تعالى توضیحاً موجزاً لها.

لا ینبغی التقاعس بذریعة الزهد

لابدّ أساساً من التفریق بین أمرین؛ الأوّل هو تعلّق القلب بلذائذ الحیاة الدنیا وزخارفها وجعلها هدفاً، وهو عین «حبّ الدنیا» المذموم الذی یعدّه الحدیث الشریف رأس كلّ خطیئة: «حبّ الدنیا رأس كلّ خطیئة»2، والثانی هو السعی والعمل من أجل تعمیر الأرض.
فالشخص الذی یجعل من لذّات الدنیا غرضاً یقصده فهو لن یعیر للشؤون المعنویّة والاخرویّة أهمّیة تُذكر. بل وحتّى المعتقدون بالآخرة وبالقضایا المعنویّة فإنّهم - من الناحیة العملیّة - یقدّمون الامور الدنیویّة فی كثیر من المواطن. وقد عَدّت الآیات والروایات هذا النمط من حبّ الدنیا علامة على الكفر؛ إذ یقول عزّ من قائل: «وَوَیْلٌ لِّلْكَافِرِینَ مِنْ عَذَابٍ شَدِیدٍ * الَّذِینَ یَسْتَحِبُّونَ الْحَیَوٰةَ الدُّنْیَا عَلَى الآخِرَةِ»3. فالذین یرجّحون الحیاة الدنیا على الآخرة إنّما یعانون – فی واقع الأمر - من مشكلة فی إیمانهم. وبشكل عامّ فإنّ البحث الذی تناول الاهتمام بلذّات الدنیا یختلف عن ذلك الذی یتناول السعی فی امور الدنیا، بما فی ذلك العمل، وكسب الرزق، وتعمیر الأرض، والنهوض بالمستوى العلمیّ، وما إلى ذلك. فنحن نعلم أنّ الذی یتصدّر قائمة زُهّاد العالم الإسلامیّ بعد رسول الله (صلّى الله علیه وآله) هو أمیر المؤمنین علیّ (صلوات الله علیه). فلو طالعنا قصّة زهد علیّ بن أبی طالب (علیه السلام) ألف مرّة لوجدنا فیها فی كلّ مرّة ما هو جدید. فعن عبد الله بن عبّاس قال: دخلتُ على أمیر المؤمنین (علیه السلام) بذی قار وقد كان یقود جیشاً فی حرب وهو یخصف نعله، فقال لی: «ما قیمة هذه النعل»؟ فقلتُ: لا قیمة لها. فقال (علیه السلام): «والله لهی أحبّ إلیّ من إمرتكم إلاّ أن اُقیم حقّاً أو أدفع باطلاً»4. لكنّ نفس هذا الرجل الذی كان یُعدّ رمزاً للزهد فی العالم قد حفر بیدیه عدّة قنوات ماء. فقد كان یحمل المعول ویحفر الأرض حتّى إذا بلغ الماء أوقف البئر للفقراء. ولا زالت هناك فی أطراف المدینة آبار تسمّى «آبار علیّ (علیه السلام)» وهی معروفة بین الناس. وكان یحمل نوى التمر على ظهره ویزرعها نواة نواة. حتّى إذا نبتت سقاها بنفسه حتّى تكبر وتصبح نخلات باسقات، فإن آتت ثمارها وقفها لفقراء الرعیّة. فلیس هناك أدنى تنافٍ بین أعمال علیّ (علیه السلام) هذه وزهده فی امور الدنیا وعزوفه عنها، لأنّه كان یقوم بذلك بدافع أنّ الله عزّ وجلّ یحبّ هذا العمل. فمن جملة ما كلّف سبحانه وتعالى به الإنسانَ هو تعمیر الأرض وزراعتها. فالله لا یحبّ أن تبقى الأرض بائرة وأن تجفّ أشجارها ویموت زرعها. فهو جلّ وعلا یقول فی محكم كتابه العزیز: «هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِیهَا»5؛ أی هو الذی خلقكم أیّها الناس من الأرض وأوكل إلیكم عمارتها.
فقد كان علیّ (علیه السلام) یكدّ ویكدح فإذا أنتج عملُه وأثمر زرعُه وهبه إلى الفقراء من الرعیّة. لكنّنا فی العادة نسمّی أنفسنا زاهدین وقانعین عندما لا یسعنا فعل شیء أو حینما لا یكون لدینا المزاج والطاقة للقیام بعملٍ ما. إذن لابدّ أن نحذر من خداع أنفسنا، فإنّ من سجایا ابن آدم ومیزاته هی قدرته حتّى على خداع نفسه. فقد یكون ملتفتاً إلى الحقیقة فی بادئ الأمر لكنّه یتغافل عنها ثمّ - شیئاً فشیئاً - یصدّق الأمر.
إذن فبذل الجهود والقیام بالنشاطات والعمل هی من الواجبات التی طالب الله تعالى الإنسان َبها ویتعیّن على الأخیر إنجازها. أمّا الزهد والقناعة فهما من متعلّقات قلب الإنسان، فلا ینبغی أن یتعلّق قلبه بالدنیا. فعندما یحتّم التكلیف علیه بذل ماله ینبغی له أن یبذله ویتخلّى عنه بكلّ یسر وسهولة، لا أن یكون مثل ذلك الرجل الذی أوصى ذویه بأن یكبّلوا یدیه ورجلیه عندما یهمّون بدفع خمس أمواله! فالمهمّ هو أن لا یكبّلنا التعلّق بالدنیا وبلذّاتها.

إنفاق المرء ممّا یحبّ سبیله الوحید إلى التكامل

إنّ من أفضل السبل لانتشال القلب من التعلّق بالدنیا هو إنفاق الإنسان ممّا یحبّ فی سبیل الله. فالقرآن الكریم یقول فی هذا الصدد: «لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ»6؛ فإن رغبتم بالظفر بالبرّ والخیر فإنّ الطریقة الوحیدة لذلك هی أن تنفقوا من الامور التی تحبّونها فی سبیل الله وإلاّ فلن تنالوا هذا البرّ. فالزهد هو غیر العمل والإنتاج وتعمیر الأرض وتلبیة حوائج الناس والنهوض بمستوى اقتصاد البلاد من أجل الوقوف بوجه الكفّار والمحافظة على عزّة الإسلام ومَنَعَته؛ ذلك أنّ الامور المذكورة هی واجبات جعلها الله عزّ وجلّ فی رقابنا.

الفرق بین طول الأمل وعلوّ الهمّة

إنّ طول الأمل هو من الامور المذمومة بشدّة فی الأخلاق الإسلامیّة. فقد روی عن أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب (علیه السلام): «إنّ أخوف ما أخاف علیكم اثنان: اتّباع الهوى وطول الأمل»7. فهو (علیه السلام ) یخاف على المسلمین من أمرین: أوّلهما الانصیاع وراء أهواء النفس ونزواتها. لكنّه من الضروریّ التنویه هنا بأنّه لیس كلّ ما یطلب القلب فهو سیّئ ومحرّم؛ فقد یمیل قلب المرء إلى شیء هو ممّا یوجبه الشرع أیضاً. أمّا مفهوم الهوى المستعمَل فی الأخلاق فهو ذلك الذی یخالف الشرع والعقل؛ وهو أن یمیل القلب إلى ما تهواه النفس ولیس إلى ما یرضا به الله ویحبّه، وهو أمر غایة فی الخطورة. وثانیهما: طول الأمل. فهو (صلّى الله علیه وآله) طبیب خبیر بأمراض الاُمّة وعللها وعارف بما یمكن أن یفسد علیها دنیاها وعقباها.
لكنّ المهمّ هنا هو أن نعرف: ما هو المقصود بطول الأمل؟ فهل طالب العلوم الدینیّة الذی یطمح فی أن یصبح فی المستقبل شخصیّة علمیّة مرموقة هو من المبتلین بطول الأمل؟ أم إنّ الشخص الذی دخل مجال التصنیع ویحدوه أمل فی أن یصبح یوماً مخترعاً بارزاً وصانعاً لا یدانیه أحد فی صناعته هو الآخر یشكو من صفة الأمل المذموم؟ فلولا تلك الآمال والطموحات لخبت شعلة الحیاة وسكن نشاطها ولم یرتق المجتمع سلّم السموّ والتكامل. ولو قنع التلمیذ باجتیاز المرحلة الابتدائیّة ولم یطمح فی أن یصبح استاذ جامعة، أو عالماً، أو فیلسوفاً، أو مرجعاً فی التقلید فإنّه لن یهتمّ بالدرس والمذاكرة. فالأمل فی اللغة هو الرجاء والترقّب وهو لیس بالأمر السیّئ. فالأمل والرجاء مفهومان متقاربان جدّاً فی المعنى، ولولا وجودهما فی حیاة البشر لما اُنجزت أیّ فعّالیّة أو نشاط. أمّا مصطلح «الأمل» وفقاً للمفهوم الأخلاقیّ فهو عبارة عن الأمانی العریضة التی تعیق المرء عن العمل بتكالیفه الشرعیّة والقیام بالأعمال القیّمة، ولیس تلك الطموحات التی تحضّ المرء على بلوغ الكمال ودرجة القرب من الله عزّ وجلّ؛ كأن یتمنّى المرء أن یصبح أثرى أثریاء العالم أو أن یصبح بطلاً ریاضیّاً مشهوراً یشار إلیه بالبنان. فأمثال تلك الأمانی والآمال تقف حجر عثرة أمام قیام المرء بواجباته الدینیّة وهی لذلك تصنَّف ضمن لائحة الآمال المذمومة. أمّا من وجهة نظر الأخلاق والثقافة الإسلامیّة فإنّ الآمال والطموحات التی تبلغ بالمرء درجات الكمال والقرب من الله عزّ وجلّ فهی تندرج فی إطار «علوّ الهمّة». فلیس من الأمانی السیّئة أن یطمح الإنسان فی أن یترقّى فی مضمار التقوى والعلم والصناعة والإدارة لیتمكّن من خلال ذلك من إسداء خدمة إلى شعبه واُمّته، أو أن یحدوه الأمل فی أن یملك من الثروة ما یمكّنه من الإنفاق على جمیع فقراء مدینته؛ هذا بشرط أن یتوفّر طریق معقول للوصول إلى تلك الآمال والطموحات. فإن كنّا نعلم أنّ مقدار 99 بالمائة من هذه الآمال هو غیر قابل للتحقّق فلن تكون طموحاتنا إلاّ ضرباً من نسج الخیال، أمّا إذا كان ثمّة سبیل معقول لتحقّقها على أرض الواقع وهدفٌ یرتضیه العقل والشرع من ورائها وأنّ احتمال تحقّقها یصل إلى نسبة خمسین بالمائة على الأقلّ فإنّها حینئذ من الآمال المعقولة التی لا غبار علیها.
واستناداً إلى التوضیح المقدّم لهذه المفاهیم نعود الآن إلى كلام الإمام (علیه السلام) لنجد أنّه یسوق تعبیراً حول القناعة هو غایة فی البداعة والجمال. فالبحث أساساً كان یدور حول كون المؤمن فی هذه الدنیا فی حال صراع مع نفسه وهو (علیه السلام) فی صدد أن یبیّن له سبل تجنّب السقوط أرضاً والسعی للغلبة على خصمه، وإنّ أحد هذه السبل هو القناعة. لكنّ الإمام (علیه السلام) یستخدم للقناعة هنا تعبیراً ملؤه الوقار والاحترام فیقول: «انزل ساحة القناعة»؛ فهو یرسم ساحة مباركة ثمّ یقول: حاول أن تلج هذه الساحة! وكأنّه یرید القول: إنّ مسألة القناعة مسألة بالغة الأهمّیة وعلیك أن تنظر إلى القناعة نظرة احترام وتبجیل وأن تبذل غایة الجهد للظفر بها. ثمّ یقول: من أجل أن یتسنّى لك دخول هذه الساحة وأن تصبح إنساناً قانعاً یتحتّم علیك اتّقاء الحرص لأنّه عدوّ القناعة، بل وقد عُدّ فی الخبر من دعائم الكفر؛ بمعنى أنّ الحرص سینتهی بالإنسان الحریص إلى الكفر شاء أم أبى.

الزهد مبید الحرص

لكن ماذا نصنع لنتجنّب الحرص؟ إنّ من الغرائز التی نتّصف بها نحن البشر جمیعاً على وجه التقریب هی أنّنا نحبّ أن نزداد من امور الدنیا مهما كان لدینا منها. وصحیح أنّ سرّ هذا الأمر هو أنّ فطرة الإنسان طالبة للكمال الذی لا نهایة له لكنّ الإنسان یخطئ فی التطبیق فیظنّ أنّ كماله فی شؤون الحیاة المادّیة، فی حین أنّ المطلوب الحقیقیّ هو شیء آخر.
إذن ما الذی نصنع كی لا نسقط فی فخّ الحرص العظیم؟ ویجیبنا الإمام (سلام الله علیه) على هذا السؤال بالقول: «ادْفَعْ عَظِیمَ الحِرْصِ بِإِیثَارِ القَنَاعَةِ»؛ والزهد ببساطة یعنی عدم التعلّق بالدنیا، لكنّه مُرّ المذاق وشاقّ على الإنسان. فمن الصعب على المرء أن یرى أنّ توفیر الغذاء اللذیذ واللباس النفیس وما شابه ذلك هی اُمور میسّرة له وفی متناول یدیه ثمّ یعزف عنها ویقنع بالأشیاء البسیطة. فهو یحبّ دائماً أن یطوّر وضعه المعیشیّ ویرفع من مستواه.
ومن أجل محاربة الحرص یتعیّن على المرء أن یفكّر بهذا الشكل ویسأل نفسه: إلى أیّ مدى أنا متیقّن من بقائی على قید الحیاة؟ إنّنی أستطیع، فی كلّ لحظة من لحظات عمری، أن أجنی ما لا نفاد له ولا حدّ یحدّه من الربح والفائدة؛ فإن قلتُ: «سبحان الله» مرّة واحدة غُرست لی فی الجنّة شجرة تبقى إلى أبد الآبدین. إذن فإنفاق لحظة واحدة فی قول: «سبحان الله» له مثل هذا النفع الأبدیّ. فإن كانت الحال هذه فهل من اللائق أن یمضی الإنسان هذا العمر القیّم فی اقتناء اللباس الأجمل، وشراء البیت الأوسع، وجمع الدخل الأكثر، وما إلى ذلك؟! فقد یندم المرء ویعتصره الغمّ الشدید حتّى فی هذه الدنیا على الأوقات التی أنفقها فی جمع بعض الأموال عندما یشاهد أنّه قد آن أوان رحیله عن هذه الدنیا وستقع أمواله بأیدی ورثته ولن یصیب منها شیء على الإطلاق، بل وقد تصبح سبباً للنزاع والشقاق بین الورثة أیضاً. فما الذی یرمی إلیه الإنسان من جمعه لكلّ هذه الثروة؟ وما الذی سیحصل إذا جمعها؟ إنّ غفلة الإنسان الحریص ورزوحه تحت وطأة أوهامه وتخیّلاته فی أثناء جمع ثروته یبلغان من الشدّة بحیث انّه یستمرّ فی اللهث وراء جمع الثروة على الرغم من كونه غارقاً فیها.

فكّر بقِصَر أمَد الدنیا!

إنّ أنجع السبل لمحاربة الآمال العریضة والطویلة هی أن یفكّر المرء ویتأمّل بعواقب تلك الآمال ولیسأل نفسه: ما الذی سیجلب تحقیق تلك الأمانی البعیدة والطموحات الكبیرة لإنسان لیس له فی هذه الحیاة الدنیا من المهلة إلاّ القلیل ولیس هو فیها أكثر من مسافر؟ فبدلاً من هذه الآمال المذمومة فلیفكّر الإنسان بما یعود على آخرته بالفائدة؛ كأن یبذل جهوداً أكبر على صعید الامور العبادیّة، والسعی فی طلب العلم وتربیة الروح، وإعانة الفقراء، وتقدیم الخدمات ذات النفع العامّ. ففی هذه الحالة یكون قد سعى وراء آمال لا تتعارض مع تكامل إنسانیّته. أمّا إذا انشغل الإنسان باستمرار بالتخطیط لتنمیة ثروته عوضاً عن التفكیر بخدمة الناس والارتقاء بمستوى العلوم سواء الدنیویّة منها أو الاخرویّة (ولو أنّ فائدة الأخیرة تفوق فائدة العلوم الدنیویّة بكثیر) فسیضرّ ذلك بمسیر تكامله، وقد یرتكب فی هذا الطریق أبشع ألوان الظلم وتمتدّ یده - لنیل هذا المأرب - الى ما لیس له من الحقوق.

أعاذنا الله وإیّاكم ووفّقنا الله لما یحبّ ویرضى والسلام علیكم ورحمة الله


1. تحف العقول، ص285.

2. بحار الأنوار، ج51، ص258.

3. سورة إبراهیم، الآیتان 2 و3.

4. نهج البلاغة، مقدّمة الخطبة 33.

5. سورة هود، الآیة 61.

6. سورة آل عمران، الآیة 92.

7. بحار الأنوار، ج74، ص420.

بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...