الموقع الإعلامی لآثار سماحة آیة الله الشیخ محمدتقی مصباح یزدی
الموقع الإعلامی لآثار سماحة آیة الله الشیخ محمدتقی مصباح یزدی (https://mesbahyazdi.ir)

صفحه اصلی > ar_akhlag3-ch5_11.htm

ar_akhlag3-ch5_11.htm

النتیجة

النتیجة

لو اردنا بسط العدل فی المجتمع فلابدّ ان نعرف مصادیق الحق، ولو اردنا معرفة مصادیق الحق فلابدّ ان نلاحظ كیف یجب ان تكون العلاقات بین بنی الانسان بحیث تحقّق كمالهم، أی ان ملاك العدل هو تنظیم العلاقة بین أعضاء المجتمع بنحو یساعد على تكاملهم.

هنا یطرح هذا السؤال: ما هو مدى معرفة هذه الملاكات عن طریق الادراكات الاعتیادیة؟ الجواب: على رغم النظریة الثانیة التی ترى عدم امكان تشخیص هذه الملاكات عقلا فان الانسان فی بعض الموارد قادر بعقله على تشخیص هذه الملاكات، ویمكن ان یفهم أی الاعمال والسلوك یعینه بنحو اكبر فی تكامله وأی الاعمال یكون ضاراً بكماله. فمثلاً اذا كان من حق كل انسان ان یقتل ای انسان آخر فلا تكون النتیجة سوى ابادة بنی الانسان، الامر الذی یتنافى مع غایة الخلق لان مقتضى الصفات الالهیة والهدف من خلقه هو ایجاد الكثیر من بنی الانسان فی الارض وبلوغ كمالاتهم وهذا هو مقتضى رحمته اللانهائیة وصفاته الاُخرى مثل كونه حكیماً وفیّاضاً. إذنْ لا ینبغی قتل بنی الانسان على ید الآخرین أو حرمانهم من كمالهم.

ان ملاك الحسن لیس هو میول الافراد واهواءهم. ولیس هو مقتضى الطبیعة الانسانیة أو طبیعة العالم (اذا كان له مفهوم صحیح) كما لا یمكن اعتبار العواطف ملاكا للقیم. اذ ان هناك اُناساً یتألمون من قتل الحیوانات أو ان الاطفال یتألمون من ذبح الدجاج فی بیوتهم فلا یمكن القول ان لازم هذه العواطف هو عدم جواز ذبح أی حیوان حلال اللحم. إذنْ رغم اعتبار العواطف اساسا للقیم الأخلاقیة لدى بعض المذاهب الفكریة نلاحظ ان هذا المبنى غیر ناجح ولا یمكن بناء الأخلاق والحقوق الاسلامیة على العواطف والمشاعر بل لها جذور اعمق. طبعا لابدّ من رعایة العواطف الى حد كبیر ولكن من الطبیعی ان یكون العقل حاكما على العواطف والاحاسیس. إذنْ كما قلنا سابقاً ان ملاك القیمة واساس الحق والتكلیف هو ما تقتضیه الأهداف والصفات الالهیة.

بناء على ذلك لا یمكن القول لیست هناك مسألة فی الحقوق الالهیة یفهم العقل فیها مصداق الحق مباشرة، اذ انّ العقل یدرك المسائل التی تم ذكرها ونظائرها وصحیح انّا بحاجة الى وحی الانبیاء(علیهم السلام)لمعرفة الحق وتكلیفنا الاّ انّ بوسع العقل أن یعرف الحق فی الجملة أیضاً.

ما قلناه من قدرة العقل على ادراك الحق والتكلیف وملاكهما فی بعض الموارد لا یعنی ان هذه المعرفة مغروسة فی فطرة الانسان، أو انه یدركها بمیوله الفطریة أو انّ الطبیعة هی التی توجد الحق أو تعیّنه، أو ان لدینا عقلا مستقلاّ باسم العقل العملی الى جانب العقل النظری یدرك هذه الاحكام، بل یعنی كما انّ العقل النظری یحكم بشأن جمیع الحقائق فانه حاكم هنا أیضاً، لان القیم والاحكام العملیة لا تباین سائر المعارف الانسانیة تباینا ذاتیا، والعقل یمكن ان یدرك القیم أیضاً على اساس معرفته لله وهدف الخلق والصفات الالهیة، وفی الموارد التی یدرك فیها القیم وملاكات الاحكام یكون حكمه حجة وقابلا للتصدیق والتسلیم.

وطبعا فی الموارد التی لا یدرك فیها العقل الملاكات ولم تتّضح فیها العلاقة المعقدة بین افعال الانسان وبین كماله النهائی فانّ الوحی یأتی لیُعین العقل. وهذا هو سرُّ حاجة الانسان الى الوحی لاننا لا یمكننا ان نعرف جمیع الملاكات فی السلوك الصحیح للانسان عبر طریق اعتیادی. ولعله تعبیر غیر صحیح ان نقول: انّ الوحی یاتی لاعانة العقل، لامكان ان یُفهم منه اعطاء الأصالة للعقل، بینما المراد هو: بما انّ العقل وحده غیر كاف لمعرفة طریق الكمال النهائی فانّ الحكمة الالهیة قد اقتضت وجود طریق اخر لمعرفته وهو طریق الوحی.

إذنْ نستند الى الوحی فی مقام اثبات الحقوق والقیم ونعتقد اننا غیر قادرین على ادراكها بدون الوحی فی بعض الموارد، الاّ انّ هذا القول لا یعنی النفی المطلق لادراك الحقوق والقیم الأخلاقیة بالعقل، وذلك لوجود مجموعة من المستقلات العقلیة التی یدركها العقل مستقلا وبدون اعانة الوحی. الاّ انّ هذه لاتحلّ المشكلة ولا توصل الانسان الى مقصده، لان الانسان غیر قادر على حل المشكلات فی كثیر من الموارد عن طریق المستقلات العقلیة، فتجب الاستعانة بالوحی، ویكون اغلب الموارد الجزئیة من هذا القبیل.

النتیجة هی: لمعرفة مصادیق الحق یوجد البرهان العقلی كما یوجد الطریق التّعبدی والوحی ولكن دائرة المستقلات العقلیة تكون محدودة ولا تغنینا عن الوحی. إذنْ یلزم لتشخیص الحقوق وتعیین مواردها الخاصة الاستعانة بالوحی، وهو الوسیلة المطمئنة المضمونة والكاملة لمعرفة الحقوق والتكالیف وادراك الأخلاق والقیم الأخلاقیة.



Source URL: https://mesbahyazdi.ir/node/1302