سؤال: هل من دلیل بسیط یتیسر فهمه للجمیع تقدمونه لإثبات ولایة الفقیه؟
جوابه: إن إیراد دلیل واضح یتیسر فهمه من قبل الجمیع لإثبات ولایة الفقیه یحتاج الى مقدمة نشیر الیها فیما یلی:
مستلزمات القانون (التفسیر ـ الانطباق المصداقی ـ التنفیذ)
لقد أنزل الباری تعالى أحكاماً، الغایة منها إدارة المجتمع، وهی فی الكثیر من الحالات تحتاج الى مَنْ یقوم بتفسیرها وبیانها، كما هو شأن جمیع القوانین السائدة فی العالم.
وبالرغم من محاولات المقنّنین لبیانها بشكل واضح فإنها بقیت بحاجة الى التفسیر، بسبب التعقیدات التی تنطوی علیها، أو صعوبة بعض التعابیر الواردة فیها; بالإضافة الى الغموض الذی ربما یعتری عملیة تطبیق هذه الأحكام على مصادیقها ومواردها التی تناسبها; أی النظر فیما إذا كانت واقعة ما تعدُّ مصداقاً لهذا القانون أو لقانون آخر، حیث یعتبر ذلك معضلة اخرى تعترض تطبیق جمیع القوانین فی العالم.
وبعد تفسیر القانون وتحدید المصادیق التی ینطبق علیها; یأتی دور التنفیذ، إذ أن كل قانون بحاجة الى مَنْ ینفّذه لغرض إدارة شؤون المجتمع، فی ضوء التعالیم والقوانین الخاصة به، ولابد من وجود شخص أو عدة أشخاص یتولون هذه المهام الثلاث.
الأصلح لتنفیذ الأحكام الشرعیة
من الواضح أن الأصلح لتطبیق الأحكام والتعالیم الإسلامیة هو الأفضل فی تلك المجالات الثلاثة، أی الأفضل فی معرفة القانون وتفسیره وتطبیقه، والمترفع عن النوازع التی تدفعه الى مخالفة القانون، ولا تنتابه الهفوات فی فهمه وتفسیره وتنفیذه. وهذه المزایا نطلق علیها فی معتقداتنا اسم «العصمة» وإذا ما توفر المعصوم فهو المرجَّح ـ بحكم العقل ـ على مَنْ سواه لتطبیق القانون.
وفی المجتمعات الكبرى حیث یتعذر على فرد واحد إدارة كافة الامور یتعین ـ والحالة هذه ـ أن یقف مثل هذا الفرد على رأس هرم السلطه، ویتولى سائر المسؤولین زمام الامور تحت إشرافه وولایته، وأفضل مصداق للمعصوم هو الرسول الاكرم(صلى الله علیه وآله) الذی اجتمعت فیه أسمى مراتب الكمال، وقد أجمعت كافة الفرق الإسلامیة على عصمته; أما وفق معتقداتنا نحن الشیعة فان الأئمة المعصومین(علیهم السلام)یأتون بالمرتبة الثانیة بعد النبی(صلى الله علیه وآله) فی حیازتهم للعصمة.
إذن; یعدّ هذا النموذج متحققاً بوجود الأئمة(علیهم السلام)، ولا یصل الدور لغیرهم، ولكن ما الحیلة فی عصر الغیبة، حیث نفتقد مثل هذا النموذج، إذ لا یسعنا الاتصال به مباشرة والتنعّم بحكومته؟
ثمة آیات وروایات عدیدة فی هذا المجال توضّح لنا التكلیف، وحیث إننا بصدد بیان دلیل بسیط حول قضیة عصر الغیبة فاننا نستعین بعقل القارئ الكریم.
مما لا شك فیه أننا لو اعتبرنا المعصومین هم النموذج الأعلى; فإن العقل سیقول لنا: لابد من أن یقف الأكثر شَبَهاً بالمعصوم(علیه السلام) من جمیع الجهات على رأس هرم السلطة فی عصر الغیبة، أی الأفضل فی معرفة الدین وفی التقوى وفی الانسب لتطبیق قوانین الإسلام وأحكامه; فلئلا یخلو المجتمع من الحكومة عندما یتعذر الوصول الى الإمام المعصوم(علیه السلام); یتعین البحث عمّن تتوفر فیه أدنى الفوارق عن المعصوم(علیه السلام)، ویفوق الآخرین معرفةً فی الدین، ویمتاز على مَنْ سواه فی التقوى والعدالة، واكثر الناس كفاءة لتطبیق التعالیم الإسلامیة. وهذه المواصفات إنما تتجسد فی الولی الفقیه.
لقد دأب عامة الناس على انتهاج هذا الطریق فی سائر شؤونهم; حیث یتوجهون فی بادئ الأمر الى أفضل المتخصّصین، أما إذا تعذر علیهم ذلك; فإنهم یرجعون الى الأقرب من النموذج الارفع فی التخصص والمزایا. إذن ولایة الفقیه لیست سوى الرجوع الى العالِم العادل الأقرب من غیره الى الإمام المعصوم(علیه السلام).
* * * * *