سؤال: هل صلاحیات الولی الفقیه واختیاراته تقتصر على ما ذُكر فی الدستور الإسلامی أم أن هذه الموارد تعدّ نماذج من صلاحیاته؟
جوابه: الفائدة من التقنین:
تتمثل الفائدة من التقنین بالاحتكام الى القانون لفضّ النزاعات إن هی حصلت أحیاناً; أی أن القانون یمثل مرجعاً تُحلُّ فی ضوئه النزاعات; وبناءً على ذلك فإن كل ما هو مدوّن فی القانون لابد أن یكون مبیّناً احصائیاً; كی تتحقق الفائدة المرجوة من عملیة التقنین; ولكن ینبغی الانتباه الى أن الحالات الكثیرة الوقوع هی التی توضع فی الحسبان أثناء عملیّة التقنین، ولا تشمل هذه العملیة الحالات النادرة فی وقوعها.
وعلى هذا المنوال وردت صلاحیات ومسؤولیات الولی الفقیه فی القانون، أی ثمة أصل فی الدستور الاسلامی حُدّدت بموجبه صلاحیات الولی الفقیه ومسؤولیاته، غیر أن الحالات التی وردت فی هذا الأصل عادةً ما تكون موضع حاجته، لا أن صلاحیاته منحصرة فی الحالات المذكورة، وذلك للتصریح الوارد فی أصل آخر من الدستور الإسلامی بالولایة المطلقة للفقیه.
ولیس ثمة تعارض بین هذین الأصلین، بل أحدهما یوضّح الآخر، أی أن أحدهما یبین صلاحیات واختیارات الولی الفقیه فی أغلب الحالات، أما الآخر القائل بالولایة المطلقة للفقیه; فیكشف عن صلاحیات الولی الفقیه فی الحالات الطارئة، التی تستدعی قراراً منه خارج إطار الصلاحیات المذكورة فی الاصل الأول، ولم یرد التصریح بشأنها.
وإذا ما تمعنّا فی سیرة الإمام الراحل(قدس سره) سندرك أن صلاحیات الولی الفقیه هی أبعد مدىً مما صرِّح به فی الدستور الإسلامی; فقد ورد فی الدستور ـ قبل إعادة النظر فیه ـ أن الشعب هو الذی ینتخب رئیس الجمهوریة، والقائد هو الذی یُمضی هذا الانتخاب، بید أن الإمام(قدس سره) صرّح فی مراسیم إمضاء حكم رئاسة الجمهوریة: إننی أنصبك رئیساً للجمهوریة.
فلم یرد فی الدستور تصریح بـ «تنصیب» رئیس الجمهوریة; إلاّ أن الإمام(رضی الله عنه)ونظراً لما یراه من صلاحیات واسعة للولی الفقیه، وأنه یتمتع بولایة إلهیة استخدم عبارة «تنصیب» حینما أمضى حكم رؤساء الجمهوریة، فعلى سبیل المثال: ورد فی مرسوم إمضاء حكم رئاسة الجمهوریة للشهید محمدعلی رجائی ما یلی: «... ونظراً الى أن شرعیته لابد أن تُستمد من تنصیب الولی الفقیه له; فإننی اُمضی رأی الشعب، وانصّبه رئیساً للجمهوریة الاسلامیة فی إیران، وسیبقى هذا التنصیب نافذ المفعول مادام سائراً على خطى الإسلام، متبعاً للتعالیم الإسلامیة المقدسة، وللدستور الإیرانی، عاملا من أجل مصالح البلاد، وهذا الشعب العظیم فی حدود صلاحیاته القانونیة، ولا یتجاوز الأحكام الإلهیة ومبادئ الدستور; وإلاّ فإننی سأسلب الشرعیة منه إذا ما عمل خلافاً لذلك ـ لا سمح الله ـ.1
* * * * *
1. صحیفة النور: 15/76.