سؤال: بناءً على أن للفقیه ولایة مطلقة; فهل بوسعه تغییر أصول الدین أو أحكامه؟
جوابه: إن الغایة من الولایة المخوّلة للفقیه هی المحافظة على الإسلام; وأول مسؤولیة یتحملها الولی الفقیه هی صیانة الإسلام; ولو قام الفقیه بإحداث تغییر فی أصول الدین إذ ذاك سیُمحى الإسلام، وما الذی سیبقى من الدین كی یحافظ علیه إن سُمحَ له بتغییر الاصول أو إنكارها؟
ولكن فی الحالات التی یدور الأمر فیها بین الأهم والمهم فبإمكان الفقیه التضحیة بالمهم من أجل الأهم; فلو كان ـ على سبیل المثال ـ التوجه لأداء مناسك الحج مدعاة لإلحاق الضرر بالمجتمع الإسلامی، وفاق فی ضرره تعطیل الحج فللفقیه الإذن فی تعطیل الحج مؤقتاً، للمحافظة على المجتمع الإسلامی وصیانة الدین، وتأمین ما هو أهم لمصلحة الإسلام.
التزاحم بین الاحكام الشرعیة
ورد فی الكتب الفقهیة: أن لو تزاحم حكمان شرعیان، أی أنّ أداء أحدهما یقتضی ضیاع الآخر; فلابد والحالة هذه من أداء الأهم من بینهما، فلو توقف ـ مثلاً ـ إنقاذ غریق على اجتیاز مُلك یعود لآخرین دون إذن منهم، فهنا یتزاحم حكم وجوب إنقاذ الغریق مع حرمة اغتصاب ممتلكات الآخرین، فلوا أردنا أداء الواجب نكون قد ارتكبنا محرَّماً; وإذا ما اردنا تجنب الغصب سیتعرض إنسانٌ الى الهلاك. من هنا فإن واجبنا المقارنة بین الحكمین والمبادرة الى الأهم من بینهما;حیث إن المحافظة على روح الغریق أهم من التصرف الغصبی بأموال الآخرین، هنا تزول حرمة غصب ممتلكات الآخرین وتترجح عملیة إنقاذ الغریق.
وهكذا الحال فی الشؤون الاجتماعیة، فنظراً لما یتمتع به الولی الفقیه من إحاطة بالأحكام الإسلامیة ورجحانه على غیره فی معرفة مصالح المجتمع، بوسعه إیقاف تنفیذ بعض الأحكام، حفاظاً على الأهم من المصالح، وفی مثل هذه الحالات یكون الفقیه قد أجرى حكماً إسلامیاً آخر ولم یتغیر الأحكام الإسلامیة بل قدّم الحكم الأهم على المهم. وهذا الحكم هو من الأحكام القطعیة فی الاسلام.
فیما یتعلق بأصول الدین التی یقوم علیها الإسلام فلا یجوز أبداً تغییر أصول الدین، للحفاظ على أیة مصلحة اخرى، وذلك لتقدّم أصول الدین فی حالة تزاحمها مع غیرها من الأمور.
من هنا لو انبرى الولی الفقیه الى إنكار أو تغییر أصول الدین فإنما عمد لمخالفة الإسلام، وهذه المخالفة تُسقط عنه العدالة، مما یؤدی الى سلب الولایة منه، ولم یعد لحكمه أی اعتبار. ولو قیل: إن الولی الفقیه ذو ولایة مطلقة، فله أن یستعین بسلطته المطلقة لیمتد إلى هذا الأمر، فالجواب على ذلك أن المراد من الولایة المطلقة هو: ما كان ثابتاً للنبی الاكرم(صلى الله علیه وآله) والأئمة المعصومین(علیهم السلام) من تلك الولایة یعدُّ من صلاحیات الولی الفقیه ماخلا الحالات الاستثنائیة; ولیس مسموحاً للنبی الأكرم والأئمة الاطهار إنكار أو تغییر أصول الدین فضلا عن الولی الفقیه.
* * * * *