سؤال: ورد فی الدستور: القائد هو الذی یعیِّن أعضاء مجلس صیانة الدستور، الذین یبتّون بصلاحیة المرشحین لمجلس الخبراء، وعلیه فإن تعیین القائد إنما یجری من قبل القائد، ولكن بالواسطة وهذا نوع من الدور!
جوابه: هذا الإشكال یرد بشكل وبآخر بشأن الأنظمة السائدة فی العالم جمیعاً، وقد أثاره فلاسفة السیاسة فی الأنظمة الدیمقراطیة; فهم یقولون: إن أردتم إقامة نظام دیمقراطی; فإن ذلك یستلزم إجراء انتخابات، تقوم على أساس بعض المقررات، أی لا سبیل سوى الانتخابات! وإذا ما أردتم للانتخابات أن تجری وفقاً للأصول الدیمقراطیة; فلابد من مجموعة تقیم هذه الانتخابات، استناداً لمقررات معینة، فی وقت لم تحرز أیة مؤسسة أو حكومة الاعتبار بعد! وأی جهة تتولى هذا العمل لا اعتبار لها; وتكون هذه الانتخابات فاقدة للاعتبار على أیة مقررات أُقیمت; لأن شرعیة الدولة والحكومة إنما تُكتسب فی ضوء القواعد الدیمقراطیة ـ من تصویت الشعب.
ومن الطریف أن تعرفوا أن سویسرا ـ التی تعدّ مهداً للدیمقراطیة، وتدار وفق نظام اتحادی، وهی مقسّمة الى 24 ولایة ـ لم یكن وحتى عهد قریب یُسمح للنساء فی بعض ولایاتها بالتصویت، وقد تقرر مؤخراً إستفتاء الرجال حول مشاركة النساء فی الانتخابات، وهل یُسمح لهنَّ بالتصویت أم لا؟ والسؤال هو: من أین اكتسب الرجال هذا الحق فی إبداء الرأی بشأن السماع للنساء بالتصویت؟
إن واضعی النظام الدیمقراطی یرون أن هذه الإشكالات واردة منطقیاً، لكنهم یصرّحون بأن لا مناص أمامهم، ولا یعرفون سبیلا أفضل من ذلك. وتأسیساً على ذلك لیس ثمة سبیل لعلاج إشكالیة «الدور» فی الأنظمة الدیمقراطیة، إذ لیس لأی جهة إقامة الانتخابات ما لم یصوِّت الشعب، ولا شرعیة لأی مسؤول ما لم تُجرَ الانتخابات! وهذه هی إشكالیة الأنظمة الدیمقراطیة.
إشكالیة الدور فی خبراء القیادة
ها هم اولاء الآن یثیرون هذا الإشكال حول انتخابات مجلس الخبراء ویقولون: إن مجلس صیانة الدستور هو الذی یؤید صلاحیة المرشحین لمجلس الخبراء; والقائد هو الذی یعیّن أعضاء مجلس صیانة الدستور، وإذا ما جرى انتخاب القائد من قبل الخبراء; فذلك مما یستلزم الدَور بالواسطة.
بید أن هذا الإشكال لا یطال النظام الإسلامی إذ أن الإمام الراحل(قدس سره) ـ ونظراً لما یتمتع بها من صلاحیات شرعیة ـ كان قد عیَّن حكومة مؤقتة تتولى إجراء الانتخابات.
إن حجیة كلمة القائد فی النظام الإسلامی لیست مرتهنة بالتصویت الشعبی، ولیس اعتبار وشرعیة النظام والقائد منبثقة وناشئة عن رأی الخبراء; لأنهم لا یضفون على القائد منصب الولایة وإنما مهمتهم تنحصر فی تشخیص مَنْ هو مصداق للولایة الإلهیة، وسبق للأئمة الأطهار(علیهم السلام) بیان مواصفاته; فالخبراء مكلّفون بتعریف الأُمة بمن یراه الإمام المعصوم(علیه السلام)جدیراً للولایة والقیادة، على غرار تشخیص مرجع التقلید، حیث یشهد اثنان من ذوی الخبرة على أعلمیة مرجع التقلید، فواضحٌ هنا أن الشهود لا یمنحون المرجع الأعلمیة، بل الأعلمیة حقیقة تستمد حجیتها من الله سبحانه، والشهود إنما یشخصونها ویكشفون عنها.
وعلى صعید الكشف عن صلاحیة الخبراء; فإن مجلس صیانة الدستور لا یضفی الخبرویة على المرشحین كما فی الخبراء; حیث لا یمنحون الولایة للولی الفقیه. وإنما یكشفون عن أهلیة الفرد، وتأسیساً على هذا فإن اعتبار القائد إنما یتأتى عبر كفاءته ومن التنصیب الإلهی، ونضیف أیضاً: إن سائر الشؤون والمناصب تكتسب اعتبارها من خلال حجیة القائد. إذن هذا الإشكال لا یطال النظام الإسلامی; لأن اعتبار منصب الولایة مصدره هو الله سبحانه وتعالى.
* * * * *