سؤال: ما المراد من قدرة الولی الفقیه على تغییر احكام الاسلام الفرعیة أو تعطیلها؟
جوابه: نحن نعلم ان الله تعالى هو المقنن وفقاً لرؤیتنا العقائدیة، ولیس هنالك مَنْ یقف فی عرضه بالنسبة لامتلاك حق التقنین. اذن كیف یتسنى تفسیر تغییر الاحكام الفرعیة أو تعطیلها على یدی الولی الفقیه؟
حریٌ القول لیس المراد من تغییر أو تعطیل الاحكام الفرعیة على یدی الولی الفقیه ان الحاكم الاسلامی یسنُّ قانوناً جدیداً فی مقابل القانون الالهی أو انه یهمل قانوناً ثابتاً ویعطّله، بل المراد ان للولی الفقیه الاذن باستبدال حكم شرعی بآخر فی ضوء الاوضاع والظروف الاجتماعیة ومراعاة لمصالح الاسلام.
موقع الولی الفقیه فی النظام الاسلامی
والتوضیح هو ان الولی الفقیه:
أولا: فقیه كامل، أی ذو المام تام بكافة الاحكام والقیم الدینیة ومحیطٌ احاطة تامة بالقواعد والمعاییر الشرعیة.
ثانیاً: یُجید تشخیص مصالح المجتمع الاسلامی اثناء الاوضاع والظروف الزمانیة المتغیرة ویعرف ما هی مصلحة الاسلام والمسلمین فی كل عصر.
فی ضوء هذه الامور یشخّص الولی الفقیه واستناداً لمعرفته بالمبانی الاسلامیة ان الشارع المقدس لا یرتضی تطبیق الحكم الأولی فی ظل هذه الظروف، بل یحبّذ حكماً آخر وهو فی الواقع انما یقدّم الحكم الأهم على المهم. فالكشف عن الحكم الجدید انما هو شأن الولی الفقیه ولیس غیره، اذن بتركه للحكم الشرعی السابق وتطبیق حكم جدید لم یتخلَّف عن حكم الشارع المقدس بل قدَّم حكماً شرعیاً على حكم شرعی آخر مراعاة منه للمصلحة وهذا لیس بالامر الجدید، فهنالك حالات صرّح بها الفقهاء بوجوب تقدیم حكم على حكم آخر. وكمثال على ذلك: من احكام الاسلام حرمة النظر الى جسد الاجنبیة ولكن اذا ما اضطرت لمراجعة طبیب فبامكان الطبیب معاینة موضع الداء بل لا اشكال فی اللمس ان توقفت المعاینة علیه، فهنا یحصل تزاحم بین حرمة النظر لجسد الاجنبیة وبین وجوب المحافظة على روح المسلمة، وفی مثل هذه الظروف یقدِّم الفقهاء حكم وجوب الحفاظ على نفس المسلمة على حرمة النظر الى بدنها، وملاك التقدیم هو تیقن الفقیه من تعلّق الارادة التشریعیة لله سبحانه فی مثل هذه الحالة بانقاذ نفس المسلم، أی فی حالة حصول تزاحم بین تكلیفین یتعذر اداؤهما فی آن واحد، فان الفقیه هو الذی یحدد ان التكلیف هو انقاذ نفس المسلمة ولیس تجنب النظرة المحرّمة.
وهكذا الحال فی المسألة موضع بحثنا، فاذا ما ترك الفقیه الحاكم حكماً واستبدل به حكماً آخر فتفسیر هذا الفعل ان الولی الفقیه واستناداً للادلة العقلیة أو النقلیة الخاصة یكشف عن الارادة التشریعیة لله تعالى ویعرف بماذا تعلقت تلك الارادة.
* * * * *