إرث المرأة
سؤال: لماذا جُعل إرث الرجل ضعف إرث المرأة؟ ألیس هذا ظلماً بحق النساء وتمییزاً فی حقوقهنّ؟
جوابه:1 كما تعلمون وقد جرت الاشارة الیه كثیراً ـ ان حصة الرجل من الإرث ضعف حصة المرأة فی النظام الحقوقی فی الاسلام2، وتختلف حصة الرجل والمرأة طبعاً ـ فی بعض فروع موارد الإرث ومشتقاتها بحیث انهما یتساویان أحیاناً بل وتزید حصة المرأة على حصة الرجل فی موارد نادرة. على أیة حال لیست حصة الرجل ضعف حصة المرأة على الدوام.
ان الامتیاز الاقتصادی الذی أصبح من نصیب الرجل هنا یمكن تبریره فی ضوء الامتیاز الاقتصادی للمرأة الذی جرى الحدیث عنه فی سائر الابحاث. فمال الإرث فی الحقیقة ثروة بالامكان استثمارها فی مختلف المرافق الاقتصادیة لتصبح عاملاً فی تسریع عجلة اقتصاد المجتمع وتعود على صاحبها بالمنفعة أیضاً. فإذا تساوى نصیب المرأة والرجل منه فهذا یعنی أن نصف الثروة الاقتصادیة والمالیة للمجتمع سیصیبها الركود على الدوام أو فی أغلب الأحیان، لأن النساء عادة لا یسعهنّ النشاط كالرجال فی الأمور الاقتصادیة.
فضلاً عن ذلك ان الرجل یتحمل نفقات كثیرة منها: مهر الزوجة، ونفقات المعیشة لأفراد الأسرة، وتسدید أجرة أعمال المرأة من قبیل الرضاعة، وحضانة الطفل، والعنایة بالبیت فی حالة مطالبتها بها وحالات أخرى، بینما لا تتحمل المرأة أیة نفقة. ولغرض أن یحصل الرجل على الدخل الذی یسد كل هذه النفقات یجب أن یمتلك قدراً كبیراً من رأس المال كی یعود علیه بالنفع من خلال تشغیله. من الواضح أن ارتفاع نصیب الرجل من الإرث یعینه على بلوغ هذه الغایة.
على نحو الإیجاز: من أجل المحافظة على ثروة المجتمع ولكی تطرد یوماً بعد یوم لا أن تنعدم الفائدة منها وتزول تدریجیاً بسبب ركودها أولاً، ولكی یستطیع الرجال القیام بمسؤولیة نفقات أفراد أُسرهم ثانیاً، یجب أن یكون نصیبهم أوفر من نصیب النساء ولعل هنالك حِكَماً أخرى فی هذا الحكم لا علم لنا بها.
إذن لم یلحق أی ظلم بالمرأة فی أمر الإرث، بل على العكس فان معظم العائد من ثروة الرجل یكون من نصیب المرأة، بالاضافة الى قدرة المرأة على تشغیل ثروتها والحصول على عائد منها.
ولا تخلو من الفائدة الاشارة هنا الى ان النساء كنَّ ولازلن سواء فی الماضی أو الحاضر ـ لا نصیب لهنّ من الإرث فی الكثیر من المجتمعات البشریة، بل ان النساء كنّ فی بعض المجتمعات یُورثنَ شأنهن فی ذلك شأن المال، ولكن الاسلام والقرآن صرّح: بالاضافة الى ان المرأة لیست مالاً یورث فهی ترث كالرجل، وبطبیعة الحال فقد وُضع فرق فی نصیبهما لمصالح معینة.
ورد فی القرآن الكریم:
«لِلرِّجالِ نَصِیبٌ مِمّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالأَْقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِیبٌ مِمّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالأَْقْرَبُونَ مِمّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِیباً مَفْرُوضاً»3.
واستمراراً لهذه الآیة ذُكرت صور عدیدة لموارد الإرث وتقسیمه ونصیب الذریة من الذكور والأناث، والاخوة والاخوات، والأم والأب، والزوجة والزوج.
* * * * *
1. راجع: كراس الحقوق والسیاسة فی القرآن، محمدتقی مصباح الیزدی، الدرس: 211 وهو باللغة الفارسیة.
2. النساء: 4.
3. النساء: 7.