قال استاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة: مع شدید الأسف فإنّ العلوم العقلیّة الإسلامیّة لا تحظى بقبول الجمیع فی مسقط رأسها (الحوزة العلمیّة)، بل إنّ بعض كبار العلماء والطلاب ینهون عن الولوج فی هذا المیدان.
حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدی فقد أشاد رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث فی حفل إزالة الستار عن كتب وأقراص مدمجة أصدرها مركز أبحاث موسوعة العلوم العقلیّة – الإسلامیّة التابع للمؤسّسة، أشاد بمساعی القائمین على الحفل والعاملین على تصنیف هذه الكتب وإنتاج البرامج والأقراص المدمجة وقال: نحن الیوم نشهد إیناع ثمار مساع دامت عدّة سنوات كانت نتیجة للجهود المبذولة من قبل القائمین على مركز أبحاث موسوعة العلوم العقلیّة الإسلامیّة.
وأضاف سماحة مصباح الیزدی: ممّا یؤسف له أنّ العلوم العقلیّة لم تحتلّ إلى الآن مكانتها الحقیقیّة فی الحوزة العلمیّة، غیر أنّه لابدّ من الالتفات إلى أنّ هذه العلوم فی السابق كانت لها مكانة سلبیّة فی الحوزة.
وقال: مع شدید الأسف فإنّ العلوم العقلیّة الإسلامیّة لا تحظى بقبول الجمیع فی مسقط رأسها (الحوزة العلمیّة)، بل إنّ بعض كبار العلماء والطلاب ینهون عن الولوج فی هذا المیدان.
وتابع عضو مجلس خبراء القیادة القول: قد لا یدرك السیاسیّون والاقتصادیّون وعلماء العلوم التجریبیّة والریاضیّة أهمّیة تدوین هذه الآثار والمعاجم والمصطلحات، ذلك أنّه، خلافاً للمسائل التجریبیّة وحتّى الفقهیّة، فإنّه لیس من أثر كبیر لهذه العلوم على حیاة الناس الظاهریّة ولن یتسنّى الوقوف على قیمة هذه الجهود والأعمال إلا إذا علمنا بمدى حاجتنا لهذه العلوم.
وقال مصباح الیزدی: حتى فی الدول الغربیة نرى أن المولعین بالخوض فی بحوث العلوم العقلیة قلة، لكن هؤلاء القلة قد بذلوا جهودا جبارة فی هذا المجال.
وأكّد آیة الله مصباح الیزدی (دام ظلّه) قائلا: انّ النظر باحترام الى العلوم العقلیّة لا یعنی بالضرورة القبول بكلام ایّ فیلسوف، بل یعنی احترام أصل العلوم العقلیّة.
وفی إشارة لسماحة مصباح الیزدی إلى أنّ ایّ‌ علم إذا لم یتعرّض للنقد والمناقشة فسیصبح راكداً وجامداً قال: إنّ اتساع علوم فقه الشیعة الیوم لتشمل العالم بأسره وافتخارنا بفقه الجواهریّ إنّما یرجع إلى أنّ هذا العلم یخضع باستمرار للنقد والمناقشة الأمر الذی یمهّد له أرضیّة للنموّ والازدهار.
وأضاف عضو جماعة المدرّسین فی الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة قائلاً: إنّ إحدى المشاكل التی یعانی منها علم الفلسفة فی القرنین أو القرون الثلاثة الأخیرة هی عدم تعرّض هذا العلم إلى المستوى المطلوب من النقد والمناقشة العلمیّین.
ورأى مصباح الیزدی أنّ العامل الآخر وراء تطوّر ایّ علم من العلوم هو الانتفاع الصحیح من جهود ونتاجات الماضین ومَن لهم قصب السبق فی هذا المجال وأضاف: لو لم یكن فی حوزتنا ذلك التراث الفقهیّ العظیم لعظماء من قبیل الشیخ الطوسی، والشیخ الأنصاری، وآخرین لما نشأ مراجع فطاحل من أمثال آیة الله العظمى البروجردی.
وتابع رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث القول: إنّ من الخصوصیّات الممیّزة لآیة الله البروجردیّ أنّه كان یرجع فی عملیّة البحث والتحقیق ومناقشة المسائل الفقهیّة إلى أهمّ الكتب، بل وكان یدقّق كثیراً ویطیل البحث حتّى فی المصادر الفقهیّة لأهل السنّة، وكان یقول: إنّنا لن نفهم فقه الشیعة على نحو صحیح إذا لم نحط علما بفقه السنّة إحاطة كاملة.
وأضاف سماحته: ینبغی أن تتوفّر لدینا مبانٍ فكریّة متقنة كی نتمكّن من الخطو فی مجال علمیّ محكم ومتین.
وفی ختام حدیثه قال سماحة آیة الله مصباح الیزدی: لا ریب أنّ إزالة الستار عن مثل هذه الآثار سیقدّم خدمة جلیلة لروّاد الحوزة فی المستقبل وسیساعدهم على التقدّم فی مضمار العلوم العقلیّة بخطى أكثر ثباتاً وفی أن لا یتعاملوا مع المسائل باسلوب تقلیدیّ.
یذكر أنّ هذا الحفل قد اقیم فی الیوم الثالث من آذار من عام 2011م فی قاعة مؤتمرات مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث.