قال العلاّمة مصباح الیزدیّ: للأسف فإنّ معظم مسؤولی البلاد بعد الثورة لم یولوا الجانب الفكریّ والثقافیّ أهمّیة تُذكر وركّزوا جلّ اهتماماتهم على تأمین المتطلّبات المادّیة، فی حین أنّ أمسّ ما تكون إلیه الحاجة فی نظام كالنظام الإسلامیّ هو الفكر.
حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ، فقد ثمّن رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث لدى لقائه بعدد من مسؤولی رادیو «معارف» جهود القائمین على مؤسّسة الإذاعة والتلفزیون وقال: إنّ الثمار الإیجابیّة التی نجنیها الیوم نحن وشعوب العالم من مؤسّسة إذاعة وتلفزیون الجمهوریّة الإسلامیّة هی من بركات قیادة الإمام الراحل (رحمة الله علیه) وقائد الثورة المعظّم.
وتابع آیة الله الیزدیّ قائلاً: یعتقد البعض أنّ الثقافة والحضارة أمران متلازمان وأنّ الإفادة من التحضّر الغربیّ هو ملازم للقبول بثقافتهم، لكنكّم قد أثبتّم أنّه بالإمكان الإفادة من إمكانیّات العالم الحدیثة والانتفاع من فوائدها مع الابتعاد عن ثقافتهم المنحرفة. إنّ رادیو «معارف»، ولله الحمد، یُعدّ الیوم مصدر أمل للنظام الإسلامیّ، حیث إنّه ـ حسب علمی ـ وسیلة إعلام تحظى بالقبول ومطلوبة وتستقطب الكثیر من المستمعین فی الوقت الذی تراعی فیه أحكام الشرع أیضاً.
وعبر الإلفات إلى أنّ التطوّر یكون تدریجیّاً أضاف سماحته: على الرغم من التقدّم الملحوظ الذی شهده رادیو «معارف» إلاّ أنّه لم یصل حتى الآن إلى مستوى الذروة ومن الممكن أن یتطوّر أكثر من ذلك، لذا یتحتّم على القائمین علیه أن یعملوا دوماً على تشخیص السلبیّات ورفعها كی یُصار إلى تقدیم عمل على مستوى أفضل وأكمل.
وأبدى عضو مجلس خبراء القیادة أسفه لعدم تقدّم البلاد ثقافیّاً بشكل ملحوظ منذ بدء الثورة وإلى الآن، وقال: حتّى الحوزات العلمیّة فإنّها لم تنهض بدور فاعل فی تقدیم محتوى ثقافیّ ممیَّز، كما لم توفّر الحكومات المتعاقبة الأرضیّة اللازمة لذلك.
وخلال تأكیده على ضرورة توفّر الإدارة الإسلامیّة المنسجمة مع النظام وأهدافه قال سماحته: یتعیّن أن تكون إدارتنا إدارة إسلامیّة كفوءة تمتاز بأفق عالمیّ منفتح كی تتمكّن من إبلاغ رسالتنا الثقافیّة، لكنّ المؤسف أنّ هناك عوائقَ وقصورا فی هذا الطریق.
وأكّد العلاّمة مصباح الیزدیّ على ضرورة تأسیس غرفة عملیّات فكریّة إیدیولوجیّة فی النظام الإسلامیّ وقال: إنّ كلّ نظام یقوم على أساس إیدیولوجیّة معیّنة فإنّه لابدّ وأن یهتمّ بهذه الإیدیولوجیّة منذ اللحظة الاُولى لتأسیسه، وإنّ ثورتنا قد استمدّت حیاتها من المعتقدات والقیم الإسلامیّة، فإذا لم یكن لدینا أی دافع ومحفّز لترویج هذه القیم والمُثُل، فإنّ علینا أن نروّج للأدب والفكر الإسلامیّ من منطلق استمرار ونجاح ثورتنا على الأقل وأن نفید من كلّ الإمكانات المتاحة فی هذا السبیل، لكن مع الأسف فإنّنا نشكو من نقص شدید فی هذا المجال.
وعبر تأكید رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث على ضرورة التعاون بین الحوزات العلمیّة ووسائل الإعلام قال: من شأن هذا التعاون أن یكون له بالغ الأثر على صعید تقویة الركائز الفكریّة والمعتقدات الإسلامیّة.
وتابع سماحته قائلاً: للأسف فإنّ معظم مسؤولی البلاد بعد الثورة قد أغفلوا الجانب الفكریّ والثقافیّ وركّزوا جلّ اهتماماتهم على تأمین المتطلّبات المادّیة، فی حین أنّ أمسّ ما تكون إلیه الحاجة فی نظام كالنظام الإسلامیّ هو الفكر.
وقال اُستاذ الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة: یدّعی البعض أنّ العمل الثقافیّ هو من مسؤولیّة الحوزات العلمیّة، لكنّه یتعیّن الالتفات إلى قضیّة أنّه وإن كانت عملیّة طرح المحتوى الثقافیّ یقع على عاتق الحوزة العلمیّة غیر أنّ تمهید الأرضیّة وتوفیر الإسناد والتخطیط التنفیذیّ الصحیح هو من مسؤولیّة الحكومة.
