الموقع الإعلامی لآثار سماحة آیة الله الشیخ محمدتقی مصباح یزدی
الموقع الإعلامی لآثار سماحة آیة الله الشیخ محمدتقی مصباح یزدی (https://mesbahyazdi.ir)

صفحه اصلی > عضو مجلس خبراء القیادة: العلوم الإنسانیّة الغربیّة تلعب دوراً مباشراً فی الاستحالة الثقافیّة

عضو مجلس خبراء القیادة: العلوم الإنسانیّة الغربیّة تلعب دوراً مباشراً فی الاستحالة الثقافیّة

التاريخ : 1391/01/15
عدّ العلامة مصباح الیزدی أنّ هجمات الدول الامبریالیّة تستهدف بالدرجة الاولى الجامعات التی هی مهد بُناة البلدان وقال: من أجل صدّ هذه الهجمات فإنّ علینا - من جانبنا نحن أیضاً - تركیزَ جهودنا على إصلاح الجامعات.

حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدی ففی لقاء لرئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث بقمّ المقدّسة مع جمع من العلماء وأساتذة الجامعات من الهند، ومالیزیا، ودول اخرى قدّم سماحته التهانی بمناسبة ذكرى ولادة السیّدة الزهراء (سلام الله علیها) وقال: نحمد الله عزّ وجلّ على أنّنا نعیش فی عصر تیقّظت فیه الشعوب المضطهدة ونهضت من أجل إحقاق حقوقها، كالثورة التی قامت فی إیران والتی نشاهد بركاتها بشكل مستمرّ، ونحن نأمل أن تنال شعوب العالم المطالبة بالحقّ حقوقها المشروعة.
وفی معرض إشارة العلامة مصباح الیزدی إلى أشكال الظلم والجور الذی فرضته جماعات من البشر على الشعوب مقسّماً أنماط الظلم إلى مادّیة ومعنویّة، وقال: إنّ أسوأ أنواع الظلم والاستعمار هو الظلم المعنویّ والثقافیّ، وهو ما نشاهده الیوم فی جمیع أنحاء العالم.
وتابع قائلاً: إنّ الظلم والتعدّی الثقافیّ لا یعنی نهب الموارد الطبیعیّة فی جوف الأرض، بل هو سلب إنسانیّة الإنسان منه وإنّ الوقوف أمام مثل هذا الظلم الذی یحرق الحرث والنسل یستدعی إدراك الحقائق والواقعیّات.
وأشار آیة الله مصباح الیزدی إلى أنّنا لا ینبغی أن نتوقّع من الأعداء مراعاة مصالحنا، وأضاف: یعتبر الأعداءُ أنفسَهم الیوم أنّهم حَمَلة رایة حقوق الإنسان فی حین أنّهم لا یعتقدون بأدنى حقّ للبشریّة وهم یستخدمون هذا الشعار كوسیلة لتحقیق مآربهم.
وتابع سماحته قائلاً: مضافاً إلى ما یملكه الأعداء من حسّ الاستعلاء فإنّ تقاعس الشعوب وضعفها یُعدّ هو الآخر من جملة عوامل تسلّط الغرب عل البلدان الاخرى، وهذا الضعف یعود إمّا إلى الركون إلى الدعة والراحة أو إلى خدمة الأجانب فی مقابل تأمین بعض المصالح، وإنّ من واجبنا تشخیص الأعداء اللدودین من ناحیة، وعملائهم فی الداخل من ناحیة اخرى.
وفی إشارة للعلامة مصباح الیزدی إلى أنّ الأعداء لن یتوانوا عن أیّ ظلم وجور فی الوصول إلى مآربهم المشؤومة، وإنّهم إذا أبدوا بعض الطلاقة فی الوجه فسیكون على خلفیّة الخداع والتحایل قال سماحته: إنّ من جملة سبل التسلّط على الشعوب هو التسلّط على علومها.
وألمح العلامة مصباح الیزدی إلى أنّه باعتراف بعض المنصفین من المؤرّخین الغربیّین فإنّ التطوّرات التی یشهدها العالم الغربیّ الیوم هی رهن بالإفادة من علوم الشرق وقال: الغربیّون عموماً لا یعترفون بهذه الحقیقة ویعتبرون هذه العلوم من مبتكراتهم، لكنّ الأخطر من مصادرة العلوم الشرقیّة هو التسلّط على الثقافة الدینیّة والمعنویّة لهذه البلدان، إذ مع شدید الأسف فقد تمّت الإغارة على مدى القرنین الأخیرین على الثروات المعنویّة والأخلاقیّة والإنسانیّة لشعوب البلدان الشرقیّة – حتّى تلك التی لا تدین بالإسلام - وسیقت تلك الشعوب بطرق وأسالیب شتّى نحو الثقافة الغربیّة.
وأضاف عضو مجلس خبراء القیادة: القیم الأخلاقیّة التی كانت تتمتّع بها شعوب البلدان الشرقیّة تُعدّ ثروة لا تقدّر بثمن لكنّها الیوم تُعرض فی المزاد العلنیّ، وإنّ جانباً من مزاد القیم هذا لاسیّما فیما یتّصل بالعلاقات الاُسریّة مشهود تماماً.
واستطرد رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث بقمّ المقدّسة فی حدیثه قائلاً: لقد وصلت الدول الغربیّة فی تطوّرها على صعید العلوم التجریبیّة إلى حدّ جعلنا بحاجة إلیها. وخلافاً لثقافة شعوب الدول الشرقیّة فی عدم احتكار العلم فقد جعلوا العلوم حكراً علیهم.
وبیّن آیة الله مصباح الیزدی قائلاً: نستطیع القول مع قلیل من المسامحة: توجد فی العالم الیوم جبهتان: جبهة تسیر نحو السقوط فی الحیوانیّة، وجبهة ترتقی نحو الوصول إلى الكمال.
وأوضح العلامة مصباح الیزدی أنّه لا شكّ أنّ الغربیّین قد بذلوا جهوداً على صعید العلوم التجریبیّة وقد أصابوا بعض النتائج فی هذا المجال أیضاً، وقال: لكنّ الغرب قد استخدم كلّ أشكال التطوّر لدیه فی سبیل إرضاء شهواته المادّیة والحیوانیّة، وإنّ أنماط الظلم والجور التی أنزلوها ببعض الشعوب كالشعب الفلسطینیّ إنّما هی نابعة من تلك النزعات المادّیة.
وفی معرض إشارته إلى أنّه یوجد فی الغرب أیضاً اُناس منصفون وطلاب حقّ أضاف سماحة مصباح الیزدی: كما أنّه یوجد فی الشرق أیضاً اناس إمّا أنّهم مخدوعون ببریق الغرب، أو أنّهم قد تحوّلوا إلى عملاء للمستكبرین.
ورأى سماحة العلامة مصباح الیزدی أنّ ترویج القیم المادّیة والإلحادیّة التی بدأت أمواجها تصل إلى الدول الشرقیّة یُعدّ بؤرة الخطر فی العالم المعاصر وقال: یتحتّم على جمیع المسلمین وكذا طلاب الحقّ من غیر المسلمین النهوض من أجل إحیاء ثقافاتهم التی هی - فی واقع الأمر - بمثابة هویّتهم.
وعدّ العلامة مصباح الیزدی أنّ هجمات الدول الامبریالیّة تستهدف بالدرجة الاولى الجامعات التی هی مهد بُناة البلدان وقال: من أجل صدّ هذه الهجمات فإنّ علینا - من جانبنا نحن أیضاً - تركیزَ جهودنا على إصلاح الجامعات.
وتابع سماحته القول: بالطبع إنّ العلوم التی تدرَّس فی الجامعات تنقسم إلى قسمین: علوم طبیعیّة وعلوم إنسانیّة، حیث إنّ العلوم الطبیعیّة هی أقلّ خطراً ولا یمكن أن یكون لها دور مباشر على صعید الاستحالة الثقافیّة، أمّا الأخطر فهی العلوم الإنسانیّة حیث إنّها تتدخّل بشكل مباشر فی تغییر الثقافات.
وفی إشارة لاستاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة إلى أنّ جمیع العلوم الإنسانیّة مبنیّة – عن وعی أو غیر وعی – على فلسفات خاصّة وأنّ اختلاف الفلسفات هو الذی یؤسّس للتضادّ بین نظریّات العلوم الإنسانیّة المختلفة، تطرّق سماحته إلى ذكر بعض الأمثلة لذلك وقال: على سبیل المثال فإنّ القائل بالفلسفة العبثیّة لا یقیم أیّ وزن للقیم الإنسانیّة وهو فی صدد الإفادة من الفرص من أجل إشباع لذائذه وغرائزه، كما أنّ القائل بالفلسفة المادّیة لا یكترث لقیم ما وراء الطبیعة.
وألمح سماحة آیة الله مصباح الیزدی إلى أنّ المدارس الفلسفیّة الإلهیّة تشكّل بیئة خصبة لنموّ القیم الإسلامیّة والإلهیّة وأضاف: التفاتاً إلى هذا التحلیل فإنّه یتحتّم علینا أن نكرّس جهودنا لتقدیم أنماط فلسفیّة صحیحة، ذلك أنّها تشكّل البنیة التحتیّة للشخصیّة العلمیّة والفكریّة والثقافیّة للناس.
ومتابعة لحدیثه قال سماحة مصباح الیزدی: على الرغم من أنّ المسائل الفلسفیّة تبدو انتزاعیّة وبعیدة عن الحیاة البشریّة، لكنّها تشكّل البنیة التحتیّة لحیاة الناس وإنّه یمكن بذل جهود جبّارة فی هذا المضمار عبر وسائل مختلفة كالتعاون والتنسیق بین الجامعات على صعید الفلسفة، وتبادل الأساتذة والطلاّب الجامعیّین فی هذا المجال، وطبع الصحف والمجلات والكتب التی من شأنها أن توضّح الأفكار والآراء للآخرین.
وفی ختام اللقاء قام العلامة مصباح الیزدی بالإجابة على بعض أسئلة الحضور فی مجال العلوم الإنسانیّة.
یُذكر أنّ هذا اللقاء قد تمّ فی یوم الثالث والعشرین من أیّار من عام 2011م فی صالون تشریفات مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث.

عربية

Source URL: https://mesbahyazdi.ir/node/3474