حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ فقد قال رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث لدى لقائه بأعضاء لجنة تكریم الشهداء من علماء الدین والذی جرى بتاریخ 14 أیلول 2011م فی المؤسّسة المذكورة: إنّ من البركات العظیمة التی حظی بها شعبنا فی زمان الغیبة على ید الإمام الخمینیّ الراحل (رحمة الله علیه) هی إحیاء القیم والـمُثُل التی أصابها الاُفول وغلبها النسیان على مدى قرون من الزمن والتی من جملتها الشهادة.
وفی معرض إشارة سماحة آیة الله الیزدیّ إلى وصیّة قائد الثورة المعظّم القاضیة بإحیاء ذكرى الشهداء أضاف سماحته: من أجل بقاء آثار تلك الصور الوضّاءة للتضحیات والجود بالنفس التی حصلت خلال برهة قصیرة من الزمن، لابدّ من توثیق تلك الصور والذكریات كی تستنیر بسناها الأجیال اللاحقة وكلّ مَنْ لم یُتَحْ له مشاهدة تلك المشاهد المشرقة من التاریخ.
وتابع سماحته بالقول: كما كان لمساعی العقیلة زینب (سلام الله علیها)، وأولاد سیّد الشهداء (علیه السلام)، والعلماء، والوعّاظ، وذاكری مصائب أهل البیت (علیهم السلام) فی إحیاء ذكرى عاشوراء من دور مؤثّر فی بقاء وترسیخ هذه الحادثة العظیمة حتّى كأنّ واقعة كربلاء تنبعث وتتجدّد فی كلّ عام، فإنّ لعملیّة إحیاء ذكرى الشهداء، وبسبب النورانیّة التی تضفیها تلك العین الفیّاضة على الحیاة، نفس الفائدة المترتّبة على إحیاء ذكرى عاشوراء.
ورأى العلامة الیزدیّ أنّ إحیاء ذكرى الشهداء یُعدّ مدعاةً لانبعاث روح جدیدة فی نفوس الشباب، وتألّق النورانیّة فی المجتمع والتعاظم فی قدراته وقابلیّاته وقال: لقد عاد أنصار سیّد الشهداء (علیه السلام) بعد قرون من الزمن، وعلى الرغم من أنّهم لیسوا من سلالة المعصومین (صلوات الله علیهم أجمعین) بید أنّهم نهلوا من نفس ذلك المعین الطاهر فتركوا لنا - جرّاء ذلك النور الذی سطع فی قلوبهم - آثاراً جمّة، حتّى أنّنا إذا ادّعینا أنّ بعض شهدائنا قد فاق بعض شهداء صدر الاسلام بالفضل، لم یكُ قولنا جزافاً.
وقال اُستاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة: لقد شكّلت سنوات الدفاع المقدّس بالنسبة لتاریخ الإسلام ودولة إیران حقبة غایة فی الاستثنائیّة والصعوبة وكانت طافحة بالحرمان والآلام والمآسی غیر أنّه قد ترعرعت فی ظلّ تلك الظروف زهور قلّ نظیرها فی التاریخ، ولولا ظروف الحرب والقتال لذبلت تلك الزهور وماتت.
وتابع سماحته بالقول: إنّ الكثیر من الشهداء كانوا شبّاناً لم یتربّوا على ید مربّ ومرشد ولم تتوفّر لهم ظروف السموّ والتكامل المعنویّ لكنّهم، وبهبوب نسیم الدفاع المقدّس، فقد تفتّحوا مثل الورد وطووا بلیلة واحدة مسیر مائة عام حتّى تطهّروا؛ وكأنّهم غرقوا فی أنوار حوض الكوثر، وقدّموا للتاریخ والمجتمع والشباب المؤمن ما لا نظیر له من البركات.
وعبر تقدیره للجهود المبذولة على طریق تخلید آثار الشهداء أضاف سماحته: إنّ ما قدّمه الشهداء من تضحیات وما جادوا به من النفس والنفیس هو على جانب من النفاسة والعظمة ممّا لا یمكن أداء حقّه فی أیّ حال من الأحوال.
ولدى تخلیده لذكرى الشهداء ردانی بور، وجابری، والأخوین میثمی بصفتهم نماذج من الشهداء الذین قدّمتهم شریحة علماء الدین عدّ سماحة الیزدیّ أنّ المثابرة، والإخلاص، وصفاء الباطن، والصفح كانت من السجایا التی میّزت هؤلاء، وأكّد بالقول: إنّ ذكر الشهداء ینیر القلوب، ویستنهض الدوافع، ویعلی الهمم. فیتعیّن علینا - تأسّیاً بقائدنا العظیم الخامنئیّ (دام ظلّه) – أن نشعر بمسؤولیّة حمل هذه الرسالة وأن نسعى جاهدین بكلّ ما اُوتینا من وسع وقوّة أن نجعل هذا النور یُشرق فی قلوب الأجیال القادمة أیضاً.
ورأى رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث أنّ الإفادة من الشعر، والقصّة، وسینما الدفاع المقدّس، والفنون البصریّة أمر ضروریّ من أجل إشاعة ثقافة الدفاع عن المقدّسات وإحیاء ذكرى الشهداء، وأضاف: كما أنّه ینبغی أن یكون المتصدّون لحمل هذه الرسالة الخطیرة من المتخصّصین والفنّانین من أصحاب الذوق الرفیع والذین هم أهل للمسؤولیّة بالاعتماد على الاُصول العلمیّة والنفسیّة، فإنّ من الضروریّ أیضاً أن یكون المضمون صحیحاً، وراقیاً، وجمیلاً، وفاخراً، ولائقاً بشأن الشهداء ومكانتهم.
واعتبر آیة الله مصباح الیزدیّ أنّ الجمیع – كلّ بحسب ما اُوتی من معرفة - من واجبهم احترام الشهداء والاعتراف بما أسدوه للاُمّة من جمیل وقال: لابدّ للمتخصّصین فی هذا المجال من البحث وتقدیم برامج ملائمة والسعی عبر وضع خطط طویلة الأمد لتهیئة الظروف المناسبة من أجل تشجیع ذوی القدرات والقابلیّات المتمیّزة على العمل لإحیاء ذكرى الشهداء.
وتطرّق العلامة الیزدیّ فی ختام حدیثه إلى مساوئ الأشعار والاُمور التی تُنظم وتُنشَد فی مدح أو رثاء أهل البیت (علیهم السلام) والشهداء وقال: من الصعب بمكان على أوساطنا الثقافیّة تقبّل بعض الأشعار الهابطة والتی قد تُعدّ من باب الإهانة أحیاناً، وبالنظر إلى مكانة الشهداء السامیة وشأنهم العظیم ومقامهم المعنویّ الشامخ فإنّ من اللائق أن تُنظَم فی حقّهم أفخر قصائد الرثاء، وأرقى المقطوعات الأدبیّة، وأجمل ما یمكن نظمه فی العالم من شِعر.