الموقع الإعلامی لآثار سماحة آیة الله الشیخ محمدتقی مصباح یزدی
الموقع الإعلامی لآثار سماحة آیة الله الشیخ محمدتقی مصباح یزدی (https://mesbahyazdi.ir)

صفحه اصلی > محاربة الجهل والنفاق، التكليف الأهم لكوادر الثورة في "الخطوة الثانية"

محاربة الجهل والنفاق، التكليف الأهم لكوادر الثورة في "الخطوة الثانية"

في اجتماع لسماحته بجمع من الناشطين الثقافيين والثوريين القدامى بقم المقدسة؛ التاريخ: السبت، 30 آذار 2019م، الموافق لـ23 رجب 1440هـ
سخنرانی

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين المعصومين.

اللهُمّ كُن لوليّكَ الحجة بنِ الحسن، صلواتُك عليه وعلى آبائه، في هذه الساعةِ وفي كلِّ ساعة، وليًّا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليلًا وعَينًا، حتى تُسكِنه أرضَك طَوعًا وتُمتِّعه فيها طويلًا.

إلى روح الإمام الخميني (رحمه الله) الطاهرة وأرواح شهداء الإسلام العظام نهدي ثواب الصلاة على محمد وآل محمد.

مقدمة

نرحب بالأعزة في هذه المؤسسة المزينة باسم الإمام الخميني (رضوان الله عليه) المبارك، وأبارك لصاحب العصر والزمان، أرواحنا فداه، وأحبة أهل البيت (عليهم السلام)، ولا سيما الحضور الكرام بحلول أيام رجب المرجب المباركة والأعياد الشعبانية، وأسأل الله تعالى متضرعًا أن يوفقنا، في كل يوم وفي كل ساعة، لمعرفة واجبنا على نحو أفضل ولأدائه بإخلاص أكبر.

الأربعينية الثانية، الخطوة الثانية للثورة نحو الظهور

لقد سمّى الإمام القائد الخامنئي، حفظه الله، الأعوام الأربعين الأولى للثورة الإسلامية "الخطوة الأولى"، ومن شأن هذا البيان أن ينبّه إلى أن الأربعينية الثانية للثورة ستكون خطوتها الثانية، وأن هذه الخطى ستستمر حتى ظهور صاحب الأمر (عجّل الله تعالى فرَجه الشريف). نسأل الله تعالى أن تُتّخَذ هذه الخطى بأسرع ما يمكن لنصل إلى مقصدنا. ومن المناسب أن نستغل هذه الفرصة للمقارنة بين الخطوتين، وتقييم الخطوة الأولى، لنرى ماذا صنعنا في المدة المنصرمة، وما إذا كانت جميع أعمالنا كاملة وصالحة، أم شابَت بعضَها أخطاء أيضًا. فإن وجدنا نقصًا في بعض أعمالنا حاوَلنا في الخطوة الثانية تداركه، فلا نجتنب تكرارها فحسب، بل نتدارك الأخطاء السابقة أيضًا.

الإمام الراحل (رحمه الله) الرائد في بيان قضايا الإسلام السياسية والاجتماعية

من الفوارق التي يمكن ملاحظتها بين الخطوتين ليكون لها تأثير في معرفة واجباتنا والعمل بها على نحو أفضل، هي أنه في الأربعينية الأولى، بل في السنوات الأولى من نهضة الإمام الراحل (رضوان الله عليه) حتى الحقبة التي انتهت إلى انتصار الثورة الإسلامية، أخذَت تُطرح في أوساط المتدينين قضايا قلّما كانت تطرح سابقًا. فلقد كنا نحضر درس الإمام الخميني (رحمه الله) لسنين قبل اندلاع الثورة. في ذلك الزمان كانت هناك دروس لعلماء آخرين أيضًا. فأيام السيد البروجردي (رحمه الله) كانت زمانَ ذروة مرجعية التشيع، وكانت مفخرة بحق، لكن كانت القضايا الدينية التقليدية تتكرر، سواء في الحوزات العلمية أو الأوساط الدينية، مثل المساجد وعلى المنابر، وإن كانت أحيانًا تُطرح بعمق أكبر وجاذبية أكثر. وفي العادة كانت القضايا المطروحة في الكتب المؤلَّفة والنقاشات، سواء على مستوى المراجع والأكابر أو على مستوى الطبقة الأكثر شبابًا - كانت بسيطة جدًّا. على سبيل المثال كان من أفضل النشاطات المستجَدّة التي انطلقت في الحوزة آنذاك، والباعثة على الفخر جدًّا، هو تأسيس مجلة "مكتب اسلام" (مدرسة الإسلام)، وكان بعض كبار العلماء، من أمثال السيد موسى الصدر والشهيد البهشتي، يكتبون فيها المقالات. فأن تبلغ الحوزة العلمية آنذاك لمستوى يؤهلها لإصدار مثل هذه المجلة كان أمرًا مدهشًا جدًّا، مع أن مواضيعها لم تكن تختلف كثيرًا عن تلك المواضيع التقليدية، بل كان معظمها تكرارًا لما يُطرح على المنابر أو يكتب في الكتب. لكن بعد أن أطلق الإمام الخميني (رضوان الله عليه) "النهضة العلمائية" أخذَت تستجد أمور لم تكن مسبوقة قبل ذلك الحين؛ كأن يُلقى العلماء والخطباء في غياهب السجون، أو يعذَّبوا، أو يُنفَوا، وأن يتكلم الإمام الخميني (رحمه الله) نفسُه ضد الحكومة والشاه بمثل تلك اللهجة الشديدة، فيقول: "آمُر أن يمسكوك من أذنك ويلقوك خارجًا!" فإن من القضايا التي كنا نستغرب لها جدًّا نحن طلبة العلوم الدينية هي أن يتعاطى مرجعٌ ديني مع القضايا السياسية بهذه الصورة. ففي تلك الحقبة كان اقتحامُ علماء الدين للقضايا السياسية يُعَد تهمة وسوء صيت.

على سبيل المثال، كان السيد أبو القاسم الكاشاني والسيدان أحمد ومحمد تقي الخونساري من تلامذة الشيخ ضياء العراقي (رحمه الله) البارزين. وقد نُقل عن الشيخ ضياء قوله: "كل واحد من هؤلاء التلامذة الثلاث يمتاز عن صاحبَيه بميزة." هذا الكلام يعني أن الثلاثة كانوا في عرض بعضهم البعض؛ فالسيد أحمد الخونساري كان معروفًا بالتقوى، والسيد محمد تقي الخونساري اشتهر بتلك المرجعية المعروفة، أما السيد الكاشاني فكان في طهران وكان معروفًا بأنه فقيه سياسي، ولا أذكر أن أحدًا كان يصنّفه في عداد مراجع الدين! فإن ذُكر اسمه قيل: "إنه عالِم سياسة!" وكان هذا كافيًا لأن لا يتكلم أحد في مرجعيته!

كانت صفة "السياسي" وَصمة يُزوَى بها الشخص في أوساط المتدينين، أما الإمام الخميني (رحمه الله) فانبرى يقول: "إن تعاطي الأمور السياسة والاجتماعية للإسلام من أعظم الواجبات"، و"إن حفظ النظام الإسلامي أوجب من الصلاة"، و"إن القسم الأعظم من فقهنا مرتبط بالسياسة والقضايا الاجتماعية"، وإن هذا لكلام جديد تمامًا لم يكن مجتمع المتدينين يألَفه من قبل. لكن على خلفية إخلاص الإمام الراحل (قدس سره) استبدَل الله تعالى هذه الفكرة في قلوب الناس بتلك، وجرى إعداد أشخاص مستعدّين لطاعة الإمام الراحل (رحمه الله) حتى آخر رمق فيهم، وفي النهاية انتصرت الثورة بعد خمسة عشر عامًا.

لا أذكر أن أحدًا من أساتذة الحوزة وكبارها، ممن كانوا من أقران الإمام الخميني وفي مستواه، قال خلال تلك الخمسة عشر عامًا: "إننا نحتمل انتصار السيد الخميني"، بل كان الجميع واثقًا من أن الطريق التي يسير فيها الإمام لن تتكلل بالنجاح. كانوا يقولون: "إنه يرى أن هذا تكليفه ويؤديه، لكنه لن يفلح. فإن للشاه سلطانًا عظيمًا، وإن بريطانيا والولايات المتحدة من خلفه، فمن ذا الذي يستطيع الاصطدام بهؤلاء؟!" لكن الإمام كان كالجبل الأشَم الذي لا تزحزحه العواصف. كان يقول: "هذا واجب ولا بد من القيام به ولو بلَغ ما بلغ!" فأودع الله تعالى محبته في قلوب الناس، وببركة تضحيات أناسٍ، رأينا بعضَهم وعرفناهم، وما زال الكثير منهم مجهولون مغمورون، قامَت ثورة لا نظير لها في العالم، وما زال الوقت مبكرًا لنستطيع تقييم أنه أيُّ مُنجَز تحقَّق؟!

إجمالًا، ليس الإسلام وحده الذي أُحيِي في العالم وحَسب! فإن أحد زعماء النمسا السياسيين يقول: "بعد انتصار ثورة إيران وجدنا في أنفسنا الجرأة لأن ندافع عن المسيحية أيضًا!" وليس لنا أن نقيِّم دلالة هذا القول كما يستحقّه؛ فما معنى أن يمنح الله عالِمَ دين، يصعُب عليه تدبير معاشِ نفسه، من العزة والبركة ما يجعله لا يحيي في العالم الإسلام فحسب، بل الأديان جميعًا، حتى يقول مسؤول نصراني: "إننا ما جرُؤنا على التحدث بالدين إلا بفضل الثورة الإسلامية في إيران!"

ما زال الوقت مبكرًا لندرك ماذا فعل الإمام الخميني (رحمه الله)! كان كل هذا في الأربعين عامًا الأولى. ثم بعد رحيل الإمام (رضوان الله تعالى عليه) قدَّمَ اللهُ تعالى للأمة أبرز خلَفٍ له وأكفَأ مَن يمكنه أن يؤدّي دورَه، فانقادَت القلوب له وسكنَت لقيادته.

لعل بالإمكان تشبيه حركة الإمام الخميني (رحمه الله) بحركة بعض الأنبياء في عصورٍ لم تكن فيها أُمَمهم مسبوقة بالدين. فالقرآن الكريم يصرح بشأن حركة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله): (لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ)[1]؛ فلقد بُعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في قوم لم يكن يعرف القراءة والكتابة من بينهم أكثر من عشرة أو اثني عشر. لكن لم تمر على البعثة غير مدة قصيرة حتى نزلَت بركات السماء بيديه المباركتين، وأطبق الإسلام على أرجاء المعمورة؛ حيث مال نصف البشر إلى الإسلام أو خضع تحت رايته في فترة وجيزة. لكن حتى في ذلك الوقت كان هناك أمور كثيرة لم يُزايلها الغموض بالنسبة لعوام الناس، ومع ذلك كانوا يقبلون كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) بسبب شخصيته، وحبّهم له، والمقام الذي أعطاه الله تعالى إياه، من دون أن يبحثوا فيه أو يتعمقوا في فهمه. 

وفي بداية نهضة الإمام الخميني (رحمه الله) أيضًا كان الناس يتقبّلون كلام سماحته بسبب حبهم له، بل كان قول سماحته يُعَد فصل الخطاب في المناقشات التي كانت تدور في اجتماعات الخواص. لكن ثمة تبعات ترتبت على هذا الأمر، كما حدث بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله)، حيث نشبَت خلافات بين المسلمين، إلى حد أن أصبح الصحابة الحقيقيون والمؤمنون الصادقون هم الأقلية الشاذة عن القاعدة، ولم يبق لعلي (عليه السلام) من الأنصار إلا نحو اثني عشر شخصًا. وبينما كان أمير املؤمنين (عليه السلام) مشغولًا بدفن جثمان النبي الطاهر (صلى الله عليه وآله) أُخبر بما حدَث، «فوضَع طرفَ المسحاةِ في الأرضِ ويده عليها» ثم تلا الآيات الأولى من سورة العنكبوت: (بسم الله الرحمن الرحيم، ألم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ...).[2]

الجهل واتباع الهوى هما أهم عوامل الفتن الاجتماعية

ما وقع في العالم الإسلامي من بلاء وفتنة عظمى كان له عاملان: الجهل، واتّباع الهوى، وإن العامل الأساسي في الفتن الاجتماعية هو – على أقل تقدير – أحد هذين العاملين؛ فإما هو بسبب أُناس يجهلون سواء السبيل فينخدعون، أو بسبب أُناس يعرفون السبيل القويمة لكنهم يغصبون الحق اتّباعًا لأهوائهم. وهناك نماذج مختلفة لذلك حصلت خلال الألف وأربعمئة عام المنصرمة. فسُنة الاختبار هي من السنن الإلهية في هذا العالم، ولقد حصل ما يشبه ذلك في ثورتنا الإسلامية؛ فلقد كبُر أشخاص في كنف الإمام الراحل واكتسبوا المقام والمحبوبية، أو حظوا بمنافع مادية، لكنهم فشلوا في الامتحان فيما بعد!

لقد لطف الله عز وجل بشعبنا إذ وهبَنا قائدًا بمقدوره أن يسوس المجتمع بحيث لا يتلاشى، بل ينضج ويتكامل في حدود الإمكان في ظل الظروف الراهنة، وكذا تُصان منجزات الثورة. ولا نجد على مر التاريخ أن نبيًّا أو إمامَ حق أسس لأُمة صالحة فبقي أفرادها وأتباعه صالحين وأكملوا طريقه حتى النهاية؛ فأينما وُجد هُدًى وُجد إلى جانبه انحراف وزيغ، وهذا من لوازم سُنة الله في خلقة البشر في هذا العالم وذلك لكي تمهَّد الأرضية للامتحانات. فالفتنة والامتحان سُنّة إلهية ثابتة وباقية إلى يوم القيامة، بل إن الغاية من ظهور البشر وعيشهم في هذا العالم هي أن تتولّد ظروف متضادة يضطر الناس معها للاختيار؛ (هُوَ الَّذي خَلَقَكُم فَمِنكُم كافِرٌ وَمِنكُم مُؤمِن).[3]

جيل المستقبل وخطر نسيان الثورة وأهدافها

في الأربعين عامًا الأولى من عمر الثورة كان إخلاص الإمام الراحل (رضوان الله عليه) وخَلَفه الصالح، وإدارتهما للحكم، وسماتهما المتميّزة هي التي صانت الثورة من الفشل، وحفظت منجزاتِها من الضياع، وجعلَت الجيل الثاني الذي تسلّم مقاليد الأمور غير غريب عن الجيل الأول. وهذا شيء في غاية الأهمية. فإن تأكيد الإمام القائد الخامنئي (حفظه الله) في معظم كلماته على أن جيلنا المستقبلي الشاب هو مبعث للأمل، وأننا نرجو فيهم خيرًا، وأن المستقبل سيكون أفضل هو لدفع الاحتمال القائل بأنه أينما قامَت ثورة تولّى مقاليدَ الأمور بعد جيلين زعماءُ يحملون دوافع جديدة وفي ظروف اجتماعية خاصة، نسوا الأهداف التي قامت الثورة من أجلها. وأمثال هؤلاء ليس أنهم لا يشكرون إذا تكلّموا فحسب، بل تراهم ينتقدون الإمام الخميني (قدس سره) متهمين إياه بالتطرف! قائلين: "لو أنه فاوض الشاه أيضًا لما مُنينا بهذه الأعداد الضخمة من القتلى، ولو أن النظام الإسلامي تصالح مع الولايات المتحدة في الأيام الأولى من انتصار الثورة ولم يجتح السفارة الأمريكية لما ابتُلينا بكل هذه المشاكل. وقد تُطرح مثل هذه الأقاويل في قاعات الجامعات، وهي هواجس حقيقية. ثم تسري أمواج هذه الشبهات شيئًا فشيئًا إلى جماهير الشعب. وحين يكبُر أبناؤنا، الذين هم الآن أطفال في سن الابتدائية، ويبلغون سن الزواج، ويواجهون مشاكل الحياة، يبدؤون بالتذمُّر قائلين: "ماذا حصل؟ لماذا وصلَت الأمور إلى ما وصلَت  إليه؟ لماذا لسنا مثل هؤلاء وأولئك؟ أما كان بالإمكان فعل شيء لتجنب كل هذه المآسي والتضخم والغلاء؟ لعل قادة الثورة جاهلون بهذه الأمور؟" فتُنسى قيمة الثورة وأهدافها من الأساس! فهي شبهات تُطرح، والشيطان لا يجلس مكتوف الأيدي، بل قد أمهَلَه الله تعالى ليوسوس في صدور الناس إلى يوم القيامة!

إن من جملة الاختلافات الأساسية بين الأربعينية الأولى والثانية للثورة هي أن مسؤولية تبيين القيَم والمثُل الإسلامية وأسُس الثورة العقائدية للأجيال الآتية تقع في الأربعينية الثانية على عاتقنا نحن. فسابقًا كان كلام الإمام الراحل حجةً على الجميع، فحين يقال: "قال الإمام كذا"، لم يكن أحدٌ يَنبُس ببِنتِ شَفة، بل حتى أولئك الذين ما كانوا يعتقدون بكلامه في سرّهم لم يكونوا يجرؤون على معارضته. فلقد منح الله سبحانه وتعالى الإمامَ من المحبوبية ما جعَل القلوب تخضع له، بل كانت الشياطين المعارِضة له أيضًا تُذعن لكلامه نفاقًا.

لكن مَن الذي سينَشِّيء الأجيال القادمة، وعلى أساس أي معتقدات وأفكار وأسُس؟ ومَن الذي سيرُد على الشبهات التي تُضَخ ليلَ نهار في عقول شبابنا عبر ماكينة الإعلام الشيطانية الضخمة؟ وهل سيشبه الشبانُ الذين سيتولّون مقاليد الأمور غدًا الثوارَ في أيام الإمام الراحل؟ أهُم مثل ذلك الفتى المراهق الذي تحزَّم بالرمّانات الانفجارية وألقى بنفسه أسفل الدبابة؟! أم أنهم سيَشغلون المناصب محمَّلين بآلاف الأمنيات المادية، فإن لم يحقّقوها فقَدوا رغبتهم في العمل؟!

إن علينا في الأربعينية الثانية مسؤولية لم تكن في رقبتنا أيام الأربعينية الأولى. إذ قد وهَب الله جلَّت قدرته الإمامَ الراحل (رضوان الله عليه) منزلةً جعلَت كلامه حجةً على الجميع، فلا يجرؤ على معارضته حتى مَن لا يعتقد بكلامه في سِريرته. أفَكانَ مسؤول حكومي رسمي يجرؤ على التفوّه بما يخالف قول الإمام؟! فالإمام الراحل (رضوان الله عليه) كان إذا قال شيئًا كان كلامه يُعَد فصل الخطاب، أما الآن فليس الأمر هكذا! اليوم تُطرح شبهات ومآخِذ على سماحة الإمام القائد، والنظام الإسلامي نفسه، وأسُسه الفكرية والعقائدية، بل يَطرحها أناس وجهات لا يتوقَّع منهم ذلك أبدًا! لا بل أخَذ البعض يشكّك بأسُس ولاية الفقيه بشكل رسمي! ولو أُحيطَت مثل هذه المبادئ بدوائر من الشك فما الذي سيبقى للثورة؟! فإن محور هذه الثورة هو الولي الفقيه، وبغياب هذا المحور لن يذَر اختلافُ الأذواق وتبايُنُ الأشخاص والقوميات وما إلى ذلك مجالًا للوحدة والتلاحم والانسجام. وليس هذا بجديد؛ فسماحة الإمام الراحل يقول: "إن القسم الأعظم من فقهنا مرتبط بالشؤون السياسية والاجتماعية"، لكن إلى الآن ما زال البعض، بعد سنوات من الجهود والتبيين، يعتقد أن مسؤولية علماء الدين تقتصر على الصلاة والصيام والوضوء وما إلى ذلك من أحكام الدين، وهو ذات الهدف الذي سَعى ويسعى إليه أعداء الإسلام والدين، الذين اجتهدوا، منذ عصر النهضة، في إيجاد العلمانية وحَشد الأنصار لها، وإبعاد الدين عن حياة الناس الاجتماعية. فمن أين للشباب الذين سيتولّون مقاليد الأمور في المستقبل أن يفهموا أن القسم الأعظم من ديننا وفقهنا يرتبط بالقضايا السياسية والاجتماعية؟!

مَهَمّتنا الأساسية في الأربعينية الثانية للثورة

إن الحِمل الذي ناءَ به إمامُنا الراحل (رضوان الله عليه) وخَلَفه الصالح (حفظه الله) من بعده في الأربعينية الأولى للثورة، إذ لم يَدَعا الأسُس الفكرية والعقائدية للثورة تغادر الأذهان أو تحاط بالشكوك – هذا الحِمل نحن من يجب أن يحمله اليوم، فلا بد أن نجتهد في الأربعينية الثانية لكي لا يبقى مجال للشك في هذه الأمور، على كافة المستويات.

إن لدينا في هذا الخصوص - ولله الحمد - أسُسًا متينة وأدلّةً قوية، فإن الموضوع الذي كان الإمام الراحل نفسُه يُدَرّسه لسنين طوال هو موضوع ولاية الفقيه. ولقد بذل علماء أعلام، مثل آية الله الشيخ المؤمن (رضوان الله عليه)، جهودًا جبارة من أجل أن يشرحوا لنا أسُس ولاية الفقيه. فلو أن ملَف مثل هذه النشاطات أُغلق برحيل أمثال هؤلاء فعلى أساس أيّ فكر سيُنَشّأ شبابُنا غدًا يا ترى؟! أتراهم سيرون الإمام الخميني، ويسمعوا لخطاباته؟ أم سيكون أستاذهم الشيخ المؤمن؟!

إن علينا أن نشعر بالمسؤولية، وأن نَعمَد إلى المباحث، التي كنا نقبلها بشكل إجمالي من لسان الإمام الراحل بسبب ثقتنا به، فنُثبِتها بالدليل والبرهان. رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حين رفع يد أمير المؤمنين يوم الغدير وقال: «ألا مَن كنتُ مولاه فهذا عَلِيّ مولاه»،[4] لم يعترض عليه أحد، لكن بعد 72 يومًا فقط، وجثمان النبي (صلّى الله عليه وآله) الطاهر لم يُقبَر بعد، أخذ الصحابة المقرّبون للنبي يطرحون هذا التساؤل، وهو أنه: مَن الذي يجب أن يعيِّن خليفة رسول الله؟ أمِن الأنصار يجب أن يكون أم من المهاجرين؟!

جثمان النبي (صلّى الله عليه وآله) لم يكن قد دُفن بَعد ومع أنه (صلّى الله عليه وآله) كان قد أعلن بصراحة أن خليفته من بعده هو علي (عليه السلام)، فقد قال القوم: "كلام النبي هذا كان على خلفية حبه لعلي!" انخَدع البعض بهذا الكلام بسبب جهلهم، لكن الشياطين، وبسبب حُبهم للهوى والدنيا، هذا كان هدفهم.

وسيبقى هذان العاملان قائمين في المجتمع على الدوام، لذا يتحتم علينا – من ناحية – محاربةُ الجهل؛ وهو أن نلقي المزيد من الضوء على الحقائق ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا حتى لا يبقى مجال للتشكيك فيها، ومن ناحية أخرى لا ينبغي أن ندَع مُتَّبعي الهوى أن يعيثوا في المجتمع الفساد. فإن نحن قصَّرنا في أي واحدة من هاتين الـمَهَمّتين نكون قد خُنّا دماء شهدائنا وخُنا إمامهم [الإمام الخميني (رضوان الله عليه)]. تكليفنا لا يقتصر على الصلاة والصيام، ولا بد لنُخَبِنا أن يتحمّلوا مسؤولياتهم الاجتماعية ويتأهبوا لإعداد الكوادر من أجل مستقبل البلاد. إن عليهم أن يُمَنهجوا أوقاتهم، ليعرفوا ما هي العلوم التي ينبغي لهم تلَقّيها، والسلوكيات التي عليهم تبَنّيها، والدورات التدريبية العملية التي يتحتم عليهم دخولها، والمهارات التنفيذية التي لا بد لهم من اكتسابها لكي يستطيعوا حَمل هذا العبء وإيصاله إلى مقصده. فإن غفلنا عن هذا التكليف واكتفينا بمسائل الصلاة والصيام والدماء الثلاثة وما إلى ذلك فلن نستطيع حفظ الثورة، ولن تكون أجيالنا القادمة ثورية.

محاربة الجهل هو واجب النُخَب في الخطوة الثانية للثورة

إن من الفوارق المهمة التي تميّز الخطوة الثانية للثورة عن خطوتها الأولى هي أننا خَطَونا الخطوة الأولى باتّباعنا للإمام الراحل (رحمه الله) وعبر حُسن الظن والثقة به وبخلَفه. فأغلب متدينينا لم يكونوا مُطّلعين على الآيات والأحاديث، وكانوا يقولون ثقةً بسيرة الإمام الخميني (قدس سره): "الإمام قال كذا وانتهى"، لكن لا يُدرى إن كان الوضع سيبقى على هذه الحال في المستقبل. إننا الآن، وعلى مستويات مختلفة، بحاجة إلى مباحث مُبيَّنة ومُثبَتة، نُبيّنها ونوضحها لأجيالنا من عمر أطفال الابتدائية حتى شباب الجامعات وما فوق الجامعات، وأن ندعمها بقَدر كافٍ من الأدلة القوية مما لا يتيح المجال للشياطين أن ينفذوا إليها.

زمانَ كان سماحة الإمام الخميني (رضوان الله عليه) أستاذًا شابًّا في الحوزة العلمية ألّفَ شخصٌ يَدّعي التنوير والثقافة كتابًا بعنوان "أسرار الألف عام"، فعَمَد الإمام الراحل في ذلك الزمان إلى تأليف كتاب "كشف الأسرار" ردًّا على شبهات هذا الكتاب. في ذلك الزمان كان كتاب الإمام " كشف الأسرار" متميّزًا ضمن هذه الحدود، وأصبح معروفًا مع أنه لم يكن أحد يعرف الإمام الخميني بَعد. وكذا حين بَثّ بعض المثقفين المتنوّرين شبهات حول بعض معتقدات الشيعة عقَد الإمام الخميني (رحمه الله) اجتماعًا مع الشيخ أبي الفضل المفسّر والسيد بهاء الديني وبحثوا معًا كتاب "عبقات الأنوار" ليستطيعوا التنقيب في هذه المسائل والتعمّق فيها جيّدًا حتى يتمكنوا من نشرها. أما اليوم فكم ألَّفنا نحن من الكتب، وكم ألقينا من الدروس لمواجهة هذا الكم الهائل من الشبهات التي تقصف يوميًّا أفكار شبابنا؟ وما الخطة التي وضعناها لمواجهة هذه الشبهات؟ في ذلك الزمان لم يكن أحد في بلدنا الشيعي يمكن أن يشك في الإمامة بهذه البساطة، لكن سماحة الإمام الراحل (رضوان الله عليه) شعر بالخطر فعكَفَ مدةً مع علماء كبار آخرين لبحث كتاب "عبقات الأنوار"! أما اليوم فإننا نواجه من الشبهات ما يزيد على تلك الأيام بمئات المرات، فالشبهات تُطرح على كافة المستويات؛ من الاعتقاد بالله تعالى، وبصاحب الزمان (عجّل الله تعالى فرَجه الشريف)، وصولًا إلى الاعتقاد بولاية الفقيه! فكم نحن نعمل في هذا الميدان؟ وكم نشعر بالمسؤولية؟ بالطبع إن الواجب الأهم في هذا المجال هو في أعناقنا نحن، لكن على الآخرين أيضًا أن يساعدوا ويُطالِبوا.

محاربة المنافقين هي الـمَهَمة الثانية للنُخَب في الخطوة الثانية للثورة

المهمة الثانية هي محاربة عُبّاد الهوى، من الذين ينتهزون الفرص لملء جيوبهم، ويسعون وراء المناصب ليبلغوا المقامات، بل قد يعملون أحيانًا باسم الثورية واتّباع خط الإمام؛ فهم ثوريون ما دام معاشُهم مُؤَمَّنًا، لكن ما إن تتعرض مصالحهم للخطر حتى يأخذوا بالانسحاب رويدًا رويدًا. فهؤلاء هم الأعداء المتسترون والمنافقون في هذا الزمان.

بالطبع ليس من الضروري أن نصرخ بـأسماء هؤلاء وهوياتهم. الله تعالى أيضًا يقول لنبيه الكريم (صلّى الله عليه وآله): لو شئنا لعَرّفناك بالمنافقين، لكننا لم نفعل: (وَلَو نَشاءُ لَأَرَيناكَهُم فَلَعَرَفتَهُم بِسيماهُم).[5] فلو قيل: "كان في حَي النبي (صلّى الله عليه وآله) ومنزله أيضًا منافقون، وكانوا يعملون [ضد النبي]"، فلا ينبغي أن نستغرب كثيرًا! إنها سُنّة الله تعالى الغاية منها امتحان الناس واختبارهم. لكن لا بد من معرفة رؤوس الفتنة، والـمُتَخفّين وراء السُّتُر، وأولئك الذين تربطهم بأمريكا وبريطانيا علاقات سرية حميمة، ومن ثم مواجهتهم على أرض الواقع وإيقافهم عند حدهم. بالطبع لا بد من فعل ذلك بالطرق المعقولة، فالصياح بصوت عال وشَق صَف المجتمع وخَلق حالة من التشنج داخله ليس بالأمر الصحيح، والصراخ بأن فلانًا ضد الثورة وما شابه لا يعالج مشكلة، بل يجب محاربة العدو بطريقة عقلائية وسرّية، لأنّ عوامّ الناس لا يدركون كل شيء بشكل سليم، وإن المنافقين يختلقون شواهد وأدلة لبَث الفُرقة. كما أن الشيطان أيضًا يسعى وراء هذا الاختلاف، فيسوء الوضع أكثر. إن على المؤمنين أن يدركوا ما هو واجبهم تجاه المنافقين ولا يُتيحوا لهم الفرصة لتماديهم أكثر، بالطبع من دون أن يثيروا ضجة، ويصرخوا، ويفضحوا المستور. وفي الوقت المناسب، ومن دون ضوضاء، يتعين عليهم أن يقولوا قولهم ويتصرّفوا بما يناسب، ويُدْلوا بأصواتهم لكي لا يسمحوا لأمثال ذلك أن يقع.

سماحة الإمام الراحل (قدس سره) لم يكن يرفض لقاء أمثال بني صدر إذا دخلوا عليه، بل حين فاز الأخير في انتخابات رئاسة الجمهورية، أمضى الإمام حُكم رئاسته. فمصالح الأمة لا تستوجب هتك السِتر! ولقد صرّح الإمام الخميني (رحمه الله) في أواخر عمره الشريف بالقول: "منذ البداية لم أكن أرى أن يُنصب فلان بمنصب قائم مقام القائد،" لكن كما تعلمون فإن سماحته لم يَبُح بذلك لسنين، لكونه يؤدي إلى الفُرقة والاختلاف، ويعطي الذريعة في أيدي البعض، فتضعف الثورة كلها.

لا بد لنا أن نتعلم هذه الأمور وأن نختار لعلاج القضايا الاجتماعية والسياسية الحل الناجع الأقل خطرًا وكلفةً؛ فننجز ما نريد إنجازه عبر الكلام المنطقي والهادئ والمؤدب، وننَبّه الآخرين للموضوع، لإزالة الجهل من ناحية، ولمحاربة سبيل الشيطان وحب النفس وحب الهوى من ناحية أخرى.

لا بد لنا، في الأربعينية الثانية، من أن نسلك هذين الدربين بجدية وإلا فهناك - بحسب الأسباب الظاهرية - خطر أن تتراجع ثورتنا وتضعف برغم كل إنجازاتها العظيمة. لا تعجَبوا من هذا الكلام! ففي زمان الإمام الصادق والإمام الكاظم (عليهما السلام) كذلك لم تكن الظروف تسمح للأئمة، حتى أمام أقاربهم والمسلمين المقربين منهم، بالتحدث صراحةً عن الحكام المتصدين للسلطة. فقد اقتيد الإمام الصادق (عليه السلام) ليلاً من المدينة المنورة إلى بغداد للمثول أمام المنصور الدوانيقي (لعنه الله)، وعندما قال له المنصور: "لقد فعلتَ كذا وكذا"، أجابه الإمام (عليه السلام): «مَن رفَع هذا إليك عني فقد كذب‏»![6] فلم يقل له صراحةً: "جئت لأحاربك، فأنت غاصب، ويجب أن تفعل كذا وكذا!"  وقد كان بنو العباس هم أنفسهم الذين استولوا على السلطة بدعوى دَعم أهل البيت (عليهم السلام)، بعد أن هزموا بني أمية! بل يقال إن سبب انتصار بني العباس على بني أمية كان دعمهم لأهل البيت! ومع ذلك، فإن العباسيين هؤلاء أنفسهم استقدموا الإمام الصادق (عليه السلام) ليلاً من المدينة إلى بغداد، ولم يرفع الإمام (عليه السلام) راية المواجهة المباشرة معهم.

إن علينا أن نزن الظروف، ونسلك في كل زمان الطريق الفُضلى لإحقاق الحق؛ فأحيانًا تكون المواجهة العلنية هي الحل، وأحيانًا أخرى لا بد من تجريد السيوف، وأحيانُا ثالثة يجب اللجوء إلى التقية. وليست التقية مجرد إخفاء العقيدة أمام الكفار أو تبنّي سلوك معيّن، بل هناك تقية في القضايا السياسية والاجتماعية أيضًا؛ فمتى ما دار الأمر بين واجبين أحدهما أخطر من الآخر، نختار الواجب الأقل خطرًا. ومتى ما نكون أمام خيارَين أحدُهما أولى من الآخر، نختار الأولى. هذا هو أساس التقية.

إن علينا في كل زمان أن نزن الأمور، فإن واجهنا أمرين كليهما خطِر، ننظر أيهما يضر بأساس الثورة، أو يكلف ثمنا أكبر، أو يتسبب بالانقسام والمخاطر للثورة ومستقبلها، فننحيه جانبا. فعلى الرغم من كل الإيجابيات والمحاسن المتوافرة في سن الشباب، فإنه يقترن بقلة الخبرة وسرعة الحكم. فقد ترى بعض السُذَّج يعترضون على سماحة الإمام القائد (حفظه الله) أيضًا، من أنه: "لماذا يتحدث مع فلان بهذه الطريقة؟! ولماذا لا يرفض فلانًا علانيةً؟!" الجواب واضح: إن على سماحته أن ينظر ما تقتضيه مصالح الإسلام العليا، بل إن عليه واجبا بهذا الخصوص.

خلاصة الكلام إن واجباتنا في الأربعينية الثانية أكبر وأثقل؛ إذ يتوجب علينا أن نروي الشجرة التي غرسها سماحة الإمام الخميني (رحمه الله) بيديه، وإن نحن لم نفعل ذلك فستذبل هذه الشجرة، ولربما تجف لا سمح الله. فإن أردنا لهذه الشجرة أن لا تجف، وأن تثمر، فلا بد لنا من التضحية، والإيثار، وبَذل المال والنفس والسمعة والكرامة في سبيل ما تقتضيه مصالح الإسلام والثورة. 

نمد أيدينا بكل تضرّع إلى الإمام صاحب العصر والزمان (أرواحنا فداه)، ونقسم عليه بحق أوليائه وبحق السيدة المعصومة (سلام الله عليها) لديه أن يتلطّف علينا بنظرةٍ منه، ويدعو لنا بأن يهدينا الله تعالى إلى واجباتنا ويمنّ علينا بتوفيق أدائها. ونسأل الله تعالى أن يحفظنا من شر الشيطان، ومن اتباع الهوى، ومن حب الجاه والمقام والمال والدنيا والنفس، وأن يقينا شر شياطين الإنس والجن الذين يُضِلّون الناس بأفعالهم وأقوالهم وأقلامهم.

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين


[1]. القصص: الآية46.

[2]. المفيد، الإرشاد: ج1، ص189-190.

[3]. التغابن: الآية2.

[4]. القمي، تفسير القمي: ج1، ص174.

[5]. محمد: الآية30.

[6]. الكليني، الكافي: ج8، ص37.

 


Source URL: https://mesbahyazdi.ir/node/8837