حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ، فقد أشار رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث فی قمّ المقدّسة لدى لقائه نائب رئیس الجمهوریّة ورئیسة وأعضاء مركز شؤون المرأة والاُسرة ـ أشار إلى ما شهدته الثورة الإسلامیّة فی العقود الثلاثة الأخیرة من نمو وتطوّر، وقال: إنّ من الحركات التی شهدت تسارعاً على عهد الحكومتین التاسعة والعاشرة فی البلاد هی الحركة المتنامیة المرتكزة على القیم الإسلامیّة فی الجانب النسویّ.
وتابع العلامة مصباح الیزدیّ قائلا: لا شكّ أنّ بلدنا، حاله فی ذلك حال بقیّة البلدان، یشكو من قصور كبیر فی مجال المرأة، ویتعیّن لمواجهة ذلك دراسة بعض القضایا؛ من قبیل الأضرار الاجتماعیّة التی تصیب المرأة، والقصور فی إحقاق حقوقها، والنزعات التی تنطوی على الإفراط أو التفریط فیما یخصّ نشاطات المرأة على الصعیدین الاجتماعیّ والسیاسیّ ووضع منهجیّة معیّنة لحلّ المشاكل فی هذا المجال.
ورأى عضو مجلس خبراء القیادة أنّ العدید من المسائل ذات الصلة بشؤون المرأة تحتاج إلى المزید من البحث والدراسة، وقال: إنّ على رأس القضایا التی تتطلّب البتّ بها هی تشخیص معیار الحسن والقبح فی هذا المجال.
وعدّ استاذ الأخلاق أنّ النزعات والمیول السائدة فی معظم المجتمعات البشریّة هی نزعات أخلاقیّة تستند إلى ما یسمّى بالفلسفة الوضعیّة، وأضاف: طبقاً لهذه النزعة فإنّ القیم تتْبَع أذواق الناس، وإنّ كلّ ما یمیل إلیه ذوق الناس یتمّ إقراره بعنوان كونه قیمة من القیم.
وذكر سماحته نموذجاً من الآثار المشؤومة لهذه النزعة قائلاً: إنّ زواج وزیر خارجیّة مِثلیّ الجنس لبلد متطوّر كألمانیا من رجل آخر وإرسال مستشارة ألمانیا تهنئة رسمیّة له بالمناسبة یوضّح عمق وفداحة الانحراف الخلقیّ السائد فی العالم. ولابدّ من الالتفات إلى أنّ تغیّر المیول فی مثل هذه الأنظمة الفكریّة یتبعه تغیّر فی القیم، ومن الناحیة العملیّة فإنّه یتمّ التطاول على من القیم بمشیئة الجماهیر فلا تعود هناك قیمة ثابتة إطلاقاً.
وتابع سماحة العلامة الیزدیّ قائلاً: شئنا أم أبینا فإنّ هذا النمط من التوجّهات انتشر وسیستمرّ بالانتشار فی مجتمعنا إلاّ أنْ یُقام فی مواجهة هذه الموجات المنحرفة، التی تبدو طبیعیّة بالظاهر، سدّاً محكماً على أساس من الوحی والعقل.
وقال آیة الله مصباح الیزدیّ: كی یتسنّى لنا السیر بالمجتمع نحو الكمال فانّه لابدّ من وجود معاییر للحسن والقبح أو القیمة ونقیضها، وإلاّ فستسیطر هذه الثقافة على مجتمعنا أیضا وستقود إلى عواقب یصعب علینا حتّى تخیّلها، لاسیّما وأنّ هناك جهودا حثیثة تُبذل للتقریب بین ثقافات العالم المختلفة، ومحاولات من قبل القوى الاستكباریّة لطمس ثقافات الأقلیّات.
ورأى عضو مجلس خبراء القیادة أنّ الخطوة الاولى على هذا الطریق هی الاعتقاد الراسخ باحتواء الدین على القیم الثابتة وقال: لا زال هناك مَن یظنّ بأنّ ما قدّمه الإسلام والقرآن الكریم بعنوان الحَسَن والقبیح إنّما یمثّل انعكاساً للقیم التی كانت سائدة فی ذلك الزمن وقد انقضى تاریخ صلاحیّتها. والغریب فی الأمر أنّ هؤلاء یستدلّون أحیاناً لإثبات مدّعاهم بقول الإمام الخمینیّ الراحل (رحمة الله علیه) القاضی بلزوم أخذ ظروف الزمان والمكان بنظر الاعتبار، فی حین أنّهم، بكلامهم هذا وعبر استخدامهم للمغالطات، قد نالوا من الاُسس الفكریّة للإمام الراحل ووقفوا على طرف النقیض من موقفه (قدّس سرّه).
وفی معرض إشارة العلامة مصباح الیزدیّ إلى ضرورة اتّخاذ إجراءات أساسیّة فی سبیل إصلاح وضع المرأة أضاف سماحته: فی المرحلة الاولى لابدّ من تحدید ما یمثّل القیم ومضادّاتها والمقیاس فی هذا المجال، حیث إنّه وفقاً لمعتقداتنا فإنّ القیم هی ما جاء به الإسلام، ومن ثمّ ـ فی المرحلة الثانیة ـ یتمّ رسم منهجیّة من شأنها تعزیز الدافع لدى الأفراد على السیر فی طریق المُثُل والقیم، ثمّ یتمّ ـ من ناحیة اخرى ـ العمل على تشخیص المضارّ الاجتماعیّة التی تتعرّض لها الشریحة النسویّة من أجل معالجتها.
ولدى تأكید العلامة مصباح الیزدیّ على ضرورة تحدید الأولویّات ورسم خطط العمل على غرارها، أضاف سماحته: یتعیّن بادئ ذی بدء العمل على تأمین الأهداف الأساسیّة، لیتمّ بعد ذلك النظر فی باقی المتطلّبات والأهداف؛ بالضبط كما لو أنّ شخصاً مشرفاً على الموت، فإنّه لن یكون بحاجة إلى إصلاح اموره الظاهریّة، بل التفكیر فی السبل الكفیلة بإنقاذه من الموت، فإن بقی على قید الحیاة یصار عندها إلى التفكیر فی كیفیّة معالجة ما انتاب ظاهر بدنه من أضرار. لعلّ بعض الأعمال الأساسیّة یمكنها النهوض بهذا الدور بحیث إنّ إغفالها سوف یقود إلى هلاك الأجیال القادمة، ولهذا لابدّ أن تكون لها الأولویّة على صعید العمل.
یُذكر أنّ هذا اللقاء قد عقد یوم 9 تشرین الأول 2010م فی صالون تشریفات مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث.