القسم الأول
6
- طریقة اكتساب القیم الأخلاقیة
- الغفلة...الآفة الاُولى
- أساس إنسانیة الإنسان
- المرحلة الاُولى من الوعی
- المرحلة الثانیة من الوعی
- علاقة العلم مع الإیمان
- شروط الإیمان
- طریقة اكتساب العلم
- آثار الإیمان والكفر
- آثار الشرك فی الآخرة
- الإیمان منشأ التقوى
- الأفكار العملیة ونتائج الأعمال
- الدافع الأقوى للعمل الصالح
طریقة اكتساب القیم الأخلاقیة
فی ضوء ما ذكر نستنتج أنّ أساس القیمة فی الرؤیة الإسلامیة هو الإیمان والتقوى، وتربطهما علاقة العلة والمعلول. والإیمان كالنبع یفیض من القلب ویجری نحو الأعضاء والجوارح، ویتجلّى على صورة أعمال صالحة وحسنة. إنّ جذور التقوى فی القلب تنشأ من الإیمان، وتتغذى منه وتبدو آثارها وثمارها فی سلوك الإنسان، فیمكن القول: إنّ الإیمان هو المنشأ للقیمة الأخلاقیة فی الرؤیة الإسلامیة، ولتحصیل التقوى والتخلق بالأخلاق الفاضلة لابدّ من المبادرة الى تحصیل الإیمان أولاً.
ومن اللازم اجراء بحث ودراسة مستقلة حول كلّ قیمة من القیم الخاصّة، والصفات والأعمال التی یرتضیها الإسلام كی تتوضّح كیفیة نشوء القیمة الخاصّة، والسبیل لاكتسابها والعمل بها، ولكن قبل كلّ شیء لابدّ من دراسة أساس القیم، أعنی الإیمان بصورة عامّة كی تتضح طریقة تحصیله، ومع ملاحظة تدرُّج مراتب الإیمان ـ شدّة وضعفا ـ تُعرف كیفیة تقویته وتكمیله. ونتیجةً لتأثّر الإیمان بالعوامل الهدامة ینبغی معرفة آفاته وكیفیة مكافحتها صیانة لسلامته وتكامله وتأثیراته الایجابیة.
أساس القیمة هی أنّ الإنسان إذا عرف ـ وفق الموازین الصحیحة ـ انّ أمراً صالح أو أصلح فعلیه أن ینتخبه بدل الفعل المذموم أو المرجوح. بناءً على هذا فانّ المبدأ الأول فی الأخلاق هو انتخاب الإنسان وإرادته، ویصدق الإنتخاب حینما یلاحظ جهتین أو أكثر لموضوع ما، فینتخب أحدها بوعی بعد الاختبار والمقارنة فیما بینها، وعلى هذا فانّ الشرط الأساس للإنتخاب الصحیح هو أن یلاحظ الإنسان جهات الموضوع.
الغفلة...الآفة الاُولى
نتیجةً لاتّباع الغرائز الحیوانیة لا یلاحظ بعض الناس جهات الموضوع حتّى یعرف الأصلح ویختاره. فالمیول الغریزیة تدفعهم لممارسة أعمال دون الإلتفات أبداً الى وجود هدف أفضل أو طریق أصلح ممّا یجدر سلوك ذلك الطریق للوصول الى ذلك الهدف، أو انّ هناك حقاً یجب الإقرار به وباطلا یجب رفضه وطریقاً صحیحاً ینبغی انتخابه وطریقا خاطئا یجب اجتنابه. لا یلتفت الغافلون الى هذه الحقائق، بل تثیر الغرائز فیهم ـ بمساعدة الظروف والأجواء الخارجیّة ـ دوافع یتحركون باتجاهها، وحیاتهم هی فی الواقع حیاة حیوانیة، ویعبّر القرآن الكریم عن هؤلاء بـ (الغافلین) ویعدُّهم من قبیل الانعام قال تعالى:
وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِیراً مِنَ الْجِنِّ وَالإِْنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا یَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْیُنٌ لا یُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا یَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالاَْنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ.1
إن الغفلة توصد طرق المعرفة التی فتحها الله للإنسان وتُعدم افادتها، لقد سخّر سبحانه للإنسان البصر والسمع والقلب لكی یستعین بها فی طریق المعرفة، ولكن الغافل لا یستخدمها لتمییز الصحیح من غیر الصحیح، بل یعمل مطرِقا بمقتضى الغریزة العمیاء وبدون ملاحظة الحق والباطل، ولذا عبّر سبحانه عنهم بـ : أُولئِكَ كَالاَْنْعامِ.
أساس إنسانیة الإنسان
فی الحقیقة تبدأ إنسانیة الإنسان من نقطة خروجه من حالة الغفلة وارتقائه الى مرحلة الوعی، والتفاته الى أنّ له مصیراً وأنّ أمامه طرقاً مختلفة، فعلیه أن یحدّد الصحیح منها ویتّبعه. بناءً على هذا لا یدخل الإنسان فی دائرة الانسانیة ما لم یخرج الغفلة، بل یسلك طریق الانحطاط وهو أضلُّ من الحیوان. والقرآن یذكر الغفلة كمنشأ لانحرافات اُخرى، فقد جاء فی بعض الآیات:
یَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَیاةِ الدُّنْیا وَهُمْ عَنِ الآْخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ.2
انّهم یفهمون الحیاة المشتركة بین الحیوان والإنسان، ویدركون الملذّات المادیّة المحسوسة فحسب، قال تعالى فی موضع آخر:
بَلِ ادّارَكَ عِلْمُهُمْ فِی الآْخِرَةِ بَلْ هُمْ فِی شَكّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ.3
لا علم لهم بالآخرة التی تتجلّى فیها القیم، أی إنّ القیم تؤتی ثمارها وتظهر آثارها الأبدیة هناك، ولیس لهم علم فحسب، بل هم فی شك منها، بل هم عُمی; فانّ الشاك لا یفقد الإلتفات مطلقاً، فقد یلاحظ الإنسان طرفَی القضیة ولكن لا تثبت لدیه نسبة القضیة ولا یصدّق بها ویعیش حالة الشك والتردد، وقد لا یهتمّ بالقضیة أبداً كی یشك أو یعلم بها، أو یخطر بباله سؤال بشأنها. اُولئك هم شرّ الدواب الذین قال تعالى فی حقهم: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِینَ لا یَعْقِلُونَ4 كما قال: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِینَ كَفَرُوا فَهُمْ لا یُؤْمِنُونَ.5
المرحلة الاُولى من الوعی
بناءً على ما ذكر تتمثّل الخطوة الاُولى نحو الإنسانیة فی الخروج من حالة الغفلة والظلام المحض، والإنتباه الى وجود حقائق اُخرى الى جانب الإستجابة الى المیول الغریزیة، ویكون الإنسان مسؤولاً تجاهها، فلابدّ من الإقرار بها والتسلیم لها والعمل بمستلزماتها، إذْ إنّ هذه الأمور لیست خارجة عن نطاق قدرته واختیاره.
وفی سیاق الخطوة الاُولى هذه تنشأ إحدى مهمات الأنبیاء تحت عنوان (الذِكْر) ویعنی اخراج الناس من حالة الغفلة، ولذا یصف القرآن النبی(صلى الله علیه وآله وسلم) بانّه (مذكِّر)، واخراج الناس من الغفلة فی الحقیقة أحد أبعاد كونه (مذكِّرا). فالأنبیاء(علیهم السلام) یصرّون على ارجاع الناس الى أنفسهم، ویوقظونهم ویبیّنون لهم الحقائق كی یتوجهوا إلیها. یذكّرونهم بوجود الله وضرورة امتثال أوامره، وبوجود الحساب. أمّا الغارقون فی ملذاتهم فلا یلتفتون الى هذه الحقائق. رغم أنّها ثابتة بالعقل والفطرة، ولكن هؤلاء نتیجةً لاستحواذ العوامل الغریزیة علیهم قد انبهروا الى حدّ الغفلة عن تلك العوامل. ویمكن القول إنّ المنافقین من هذه الزمرة، إذ إنّهم یرَون أنفسهم فی اجواء الجدال والحرب والخصام بین فئتین متخاصمتین هما المؤمنون والكفار، حیث تطرح كلّ فئة منهجها المقترح، وتدّعی صحة آرائها وعقائدها ومشروعها الخاص، وتكون ذات مستوى من القوة والقدرة، أمّا المنافقون فلا یهتمون بهذه الاحادیث وصحتها أو سقمها ولا بمسلك الفئتین واهدافهما، بل یهمُّهم اتخاذ موقف یلبّی رغباتهم وآمالهم، ولذا یمیلون الى هذه الفئة تارة، والى تلك الفئة تارة اُخرى، ویفقدون منهجا مستقلا، ولا یقرّرون انتهاج مسلك لأنفسهم، لانّهم لا دافع لدیهم لمعرفة الطریق الصحیح وتمییز الحق من الباطل، بل:
مُذَبْذَبِینَ بَیْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ.6
بل یعتبرون أنفسهم من جملة أیة فئة یواجهونها، لكی یتمتعوا بما لدیها من مقدورات وامتیازات، دون أدنى اهتمام بأن یكون الحق مع أیة فئة، وأیّ طریق یكون باطلا، یمیلون مع كلّ ریح تبعاً لاهوائهم، یغیّرون وجهتهم عند تغیّر اتجاه الریح دون استقامة تُذكر.
بناءً على هذا تكمن الخطوة الاُولى للإنسانیة فی الخروج من الغفلة ـ كما مرّ ـ وطالما لم یدخل الإنسان هذه المرحلة، ولم یعزم على معرفة الحق وغیره والصحیح وغیره فانّه منافق بالفعل، حیث انّه إذا دخل المجتمع ووجده متحداً ذا اتجاه واحد رفع شعار (كُن مع الجماعة)، وإذا وجده ذا اتجاهین وتیّارین انقلب الى منافق ذی وجهین. فی تأریخ المجتمعات كان الكثیر من الناس من هذا النمط، وبما أنّ النفاق ذو مستویات وشدّة وضعف فقد توجد مراتب منه ـ ولو ضعیفة ـ فی بعض المؤمنین، فعندما تطرح القضایا المختلف فیها لا یعبؤون كثیراً بتمییز الحق من الباطل، ویُقدمون على ما یؤمّن المصلحة فی حیاتهم المادیّة، ولذا تكثر التقلّبات فی حیاتهم، یساندون كلّ یوم أحدَ اطراف الحركة ویدعمون إحدى الفئات كلّ حین. قد یكون المؤمن بصدد معرفة الحق ثمّ یخطأ، الاّ أنّ الكثیر من الناس لا یملكون دافعاً قویّاً تجاه الحق، وقد یسعَون لمعرفة الحق فی مرحلة ما، ولكنهم لا یواصلون تحقیقهم فی مراحل أكثر دقةً.
إذنْ على الإنسان أولاً: احیاء روح البحث عن الحق فی نفسه والخروج من الغفلة. وثانیاً: السعی لتعزیز هذه الروح فی مسیرة التكامل، وعلیه أن یعرف موضع الحق والموقف العملی وماذا یتبنَّى وعلى أساس أیّ معیار عقلی أو نقلی ینتخب مسیره؟
لو كان المعیار لأعمال الإنسان ومساعیه هو المصالح المادیّة والملذّات العابرة فقط فانّه لا یمتاز عن الحیوان فی الحقیقة. وإذا كانت فیه درجات منها فانّه یقترب من الحیوان بقدرها ویبتلى بالنفاق. والقرآن حینما یذكر بعض المنافقین یقرّ لهم بمستوى ضعیف من الإیمان، فهم مؤمنون ماداموا فی سعة وراحة، وتنقلب وجوههم عند الجهاد والانفاق فلا یقومون بواجبهم حینما یعارض أهواءهم. انّهم یؤمنون بالله ورسوله ولكن ایمانهم من الضعف والوهن بحیث إذا حضرت ساعة العمل بهذه التكالیف بهت لونه وتضاءل تأثیره. وعلیه فانّ النفاق ذو مستویات بدءاً من المستوى الشدید حتّى المستوى الدقیق جدّاً والذی قد یُبتلى به كثیر من المؤمنین، فلا بد من الإستعاذة بالله منها، وهذه حقیقة تستفاد من قوله تعالى:
وَما یُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ.7
وكان بین بنی الإنسان أشخاص طاهرون یستجیبون لنداء الفطرة، ولكن بصورة عامة كان الأنبیاء(علیهم السلام) یضطلعون بهذا الدور والمسؤولیة فی المجتمع، یخرجونهم بالتذكیر من الغفلة، ویهتفون بنداء التوحید والسیر نحو الحق.
المرحلة الثانیة من الوعی
بعد التفات الإنسان الى احتمال وجود هذه الحقائق فی العالم، فمن الطبیعی أن ینتابَه الشك والتردد بادئ ذی بدء ویسائل نفسه: هل هناك حقیقة وراء ما یقوله الأنبیاء(علیهم السلام) أم لا؟
للإجابة عن هذا التساؤل ینبغی للإنسان أن یبحث حتّى یعلم، ولكن الكثیر یكتفون بالظنّ فی هذه المرحلة، ولا یكلّفون أنفسهم حلّ هذه المسألة بنحو قطعی، بل یتوقفون فی موقع یمیل ظنهم فیه الى أحد الطرفین، مع أنّ التوقف فی هذه المرحلة غیر صحیح عقلاً، ولا یمكن أن یمنح الإنسان الاطمئنان والإستقرار باتجاه كشف الحقیقة، بل كثیراً ما یُبعده عن الحقیقة ویكون سبباً لضلاله. من هنا انبرى القرآن لمقارعة اتّباع الظن، ورغّب الإنسان وشجعه لطلب العلم والیقین.
هناك آیات عدیدة تتصدّى لمكافحة مسلك اتّباع الظن، وتستند الى ضرورة ابتناء عمل الإنسان على العلم والیقین، منها قوله تعالى:
وَما یَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاّ ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا یُغْنِی مِنَ الْحَقِّ شَیْئاً.8
وقال فی آیة اُخرى:
وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِی الأَْرْضِ یُضِلُّوكَ عَنْ سَبِیلِ اللهِ إِنْ یَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاّ یَخْرُصُونَ.9
على هذا ینبغی للإنسان عند الشك والتردد أن یحوّلهما الى یقین بسعیه وجهده، قال تعالى فی آیة اُخرى:
وَلا تَقْفُ ما لَیْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ.10
من الطبیعی أنّ الدخول فی هذه المرحلة، وتحصیل العلم والیقین یستدعی السعی حیث لا یتیسّر للإنسان تحصیل العلم بالحقائق بسهولة، فاذا كان على شك فی التوحید والنبوة والمعاد ـ وهی اصول الإیمان ـ فإنّ علیه أن یسعى ویجهد حتّى یظفر بالاطمئنان والیقین.
وقد استعرض القرآن الكریم للناس سبلاً لتحصیل الیقین وأقام أدلّة على التوحید والمعاد والنبوة، وقد قمنا ـ الى حدّ ما ـ بدراستها فی البحوث الماضیة. فعلى من یرغب فی الإیمان أن یُقبل على هذه الأدلة أولاً، فمن البدیهی أن لا یحصل الإیمان الحقیقی بدون تحصیل العلم.
علاقة العلم مع الإیمان
لا ملازمة عقلیة بین العلم والإیمان، بل یمثّل العلم مقدمة وعلة غیر تامّة للإیمان، وبدونها لا یتحقّق المعلول وهو الإیمان. من هنا یقول تعالى:
إِنَّما یَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ.11
حیث إنّ الخشیة من الله تكون من آثار الإیمان به، ولن یتحقّق الإیمان بدون معرفته. إذنْ للعلم دور فی إیجاد الخشیة ولكن لیس كعلة تامّة لانّه قد یواجه موانع، بل هو مقتض للخشیة.
هنا یُطرح سؤال: بعد مراجعة هذه الأدلة وتحقّق الیقین بمتعلقات الإیمان هل یحصل الإیمان قطعاً وبلا إختیار أو یتوقّف على أمر آخر؟
فی الإجابة عن السؤال قلنا فیما سبق بأن العلم مقدمة وعلة غیر تامّة للإیمان، ونقول هنا: لا یحصل الإیمان قهراً بعد العلم بمتعلقاته، بل یبقى فی هذه الحالة أیضاً فی دائرة اختیار الإنسان، ففی هذه المرحلة له خیار الإیمان وعدمه، فما سلّم به العقل من حقائق أمكن للقلب أن یسلّم به أیضاً ویلتزم به عملیاً، وأن لا یسلّم به.
كان الكثیر من عظماء الفلسفة یعتقدون بأن الإنسان إذا علم بشیء فانّه یؤمن ویلتزم به حتماً، وأنّ كلّ خلل فی العمل یعود الى الخلل فی العلم. ویقولون: إذا علم الإنسان مثلاً بوجود نار فی مكان والنار تحرقه فمن المحال أن یمدَّ یده نحوها وذلك لوجود العلم. وإذا تیقّن أنّ السلك الكهربائی بدون عازل وأن مسَّه یؤدی الى الموت فانّه لا یمدُّ یده إلیه أبداً لانّه متیقن، فاذا عمل على عكس علمه فبالإمكان اكتشاف الضعف فی علمه، إذ لو كان معلوماً ویقینا لعمل به قطعاً.
بهذا الشأن لابدّ من القول: إنّ الحقیقة ـ كما مرّ ـ هی أن الإنسان له الخیار فی الإلتزام العملی بالإیمان ولا یترتب قهراً على العلم، والعلم لیس شرطا كافیاً وعلة تامّة للإیمان.
ولعل هناك من یسأل: كیف یمكن أن یعلم الإنسان بأمر ثمّ لا یعمل بمقتضاه؟
نقول فی الإجابة: إنّ السرَّ فی عدم الإلتزام بأمر معلوم لدى الإنسان ولم یتعلّق قلبه به هو تعلّق قلبه بشیء آخر. إنّ العلم والإیمان مستقلان أساساً ویوجدان فی ظروف مستقلة، فالعلم یرتبط بالذهن حیث یقارن بین موضوعات القضایا ومحمولاتها ویكتشف العلاقة بینها ولا علاقة له بالقلب، ودور القلب یبدأ بعد دور الذهن وتحصیل العلم بأن یقرِّر الإلتزام بالمعلوم الذهنی هذا.
والإنسان یمكنه أن یملك هذا القرار حینما یمسك زمام قلبه، لأنّ بعض الناس قد تعلقت قلوبهم بشیء آخر قبل العلم. وقد أیّد الله عزّ وجلّ هذا الأمر فی قوله تعالى:
إِنَّ فِی ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ.12
لأنّ البعض لم تسلم لهم قلوبهم بل صرفوها قبل الإیمان الى أمور اُخرى قد أهمّتهم قبل معرفة الحق، أمور من قبیل الملذات الحیوانیة ومشتهَیات الغرائز التی تعلّق بها قلب الإنسان واشتاق إلیها الى حدّ لم یبقَ مجال للأمور الاُخرى وكأنه لا قلب له، من هنا لا ینعقد الإیمان عنده. وعلیه فانّ الإنسان ینتفع بالعلم حینما یمتلك قلباً، ووفق التعبیر القرآنی كانَ لَهُ قَلْبٌ أی لم تتسلّط علیه المیول الحیوانیة بحیث لا تُبقی مجالاً للدوافع الأخرى. إنّنا لو أردنا الإیمان والإلتزام بما نعلم انّه حق فلابدّ أن نبتعد عن كلّ ما من شأنه أن یحول دون ایماننا القلبی، وبذلك نستعدّ لقبول ما أدركنا حقانیّته من حقائق والإلتزام بها، وسنتحدّث تفصیلا فی هذا المجال فی الفصل الآتی.
یذكر الله سبحانه من كانوا عالِمین ولكنهم لم یؤمنوا كالشیطان، فرعون وملاَئِهِ، حیث قال عنهم:
وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَیْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا.13
إذنْ إذا سلكنا الطریق الصحیح لطلب العلم وأدركنا الحق وتیقنّا به جاء دور الإیمان به.
شروط الإیمان
الآن حیث نتوجه لإعداد الشروط الممهِّدة لتحصیل الإیمان علینا أولاً أن نكتسب العلم الصحیح، الاّ أنّ العلم لوحده لا یكفی لتحقّق الإیمان، بل لابدّ مع ذلك تهیّؤ أجوائنا الروحیة لقول الحق، لأن أعمال الإنسان الاختیاریة تنشأ من مصدرین: أحدهما المعرفة والرؤیة، ثانیهما المیل والرغبة. إنّ هذین المصدرین من مقولتین مختلفتین.
وبناءً على ذلك علینا السعی لنیل الإیمان فی مجالین:
الأول: تعمیق معرفتنا، الثانی: تحفیز میولنا الفطریّة للإیمان وممارسة الأعمال الصالحة، وهناك ـ طبعاً ـ نوع من الترتُّب بین المعرفة والمیول، إذْ إنّ تحفیز المیول مسبوق بنوع من المعرفة. من هنا قال الحكماء:«العلم علة الشوق» ولیس المراد من مقالهم أن العلم علة تامّة لحصول الشوق، لأن الشوق من مقولة اُخرى، وله منشأ مستقل فی النفس، بل المراد هو أنّ الشوق لا یحصل بدون العلم، حیث إنّ الإنسان ما لم یعرف الشیء لا یشتاق الیه، فالعلم فی الحقیقة متمّم لعلة الشوق، لأنّ الإنسان قد أودِع فی فطرته دافع باتجاه متعلَّق الشوق، وهكذا المیول التی هی بالقوة بالنسبة الى الملذات المادیّة أو الأمور المعنویّة حتّى بالنسبة للقاء الله تعالى، غایته أن تفعیله وتحفیزه مشروط بالعلم.
للعلم إذنْ دوران:
الأول: إنّه یكشف لنا الحقیقة ویعرِّفنا الحق والباطل.
الثانی: تجد میولنا الفطریّة مصادیق متعلقاتها بفضل العلم والمعرفة، فیساعد العلم على تفعیل المیول وتأثیراتها العملیة.
طریقة اكتساب العلم
الآن وبعد اتضاح أنّ العلم شرط الإیمان، یُطرح هذا السؤال: ما هو السبیل لاكتساب العلم بمتعلقات الإیمان (التوحید والنبوة والمعاد)؟
فی الإجابة نقول: على الإنسان السعی لتحصیل علم یقینی وبرهانی، ویتوقف ذلك على خروج الإنسان من حالة الغفلة وعزمه على معرفة الحق والبحث عنه. فی هذه الحالة یستطیع إجالة الفكر فی مجال معرفة الحق حتّى یظفر ببراهین ساطعة موجبة للیقین. بناءً على هذا یكون الفكر بمثابة المفتاح للعلم والبصیرة. إنّ علینا لمعرفة الحق والحقیقة بشأن الله تعالى وصفاته، والنبوة والمعاد ان نفكّر حتّى نصل الى نتیجة قطعیة باستخدام براهین یقینیة، وهذا هو السبیل الطبیعی لتحصیل العلم.
السؤال الآخر الذی ینبغی الإجابة عنه هو: هل اهتمّ القرآن الكریم بهذا الموضوع؟
فی الإجابة نقول: نعم، فقد نزلت آیات كثیرة، نشیر الى نماذج منها:
فی مجموعة منها یرغّب الله تعالى الناس للتدبّر فی التوحید، والنبوة والمعاد كی یعرفوا الحق حتّى یؤمنوا به عن هذا الطریق.
وقد قمنا عند دراسة آیات معرفة الله والكون بتبیین الملاحظات التی اُشیر إلیها فی القرآن الكریم نفسه، ومنها أنّ على الإنسان الإلتفات الى الآیات الإلهیّة الباهرة فی الآفاق والأنفس، والتفكّر بشأنها كی یعرف الله ووحدانیته وصفاته العلیا.
للمثال قال تعالى فی آیة:
إِنَّ فِی خَلْقِ السَّماواتِ وَالأَْرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّیْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِی تَجْرِی فِی الْبَحْرِ بِما یَنْفَعُ النّاسَ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماء فَأَحْیا بِهِ الأَْرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِیها مِنْ كُلِّ دَابَّة وَتَصْرِیفِ الرِّیاحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَیْنَ السَّماءِ وَالأَْرْضِ لآَیات لِقَوْم یَعْقِلُونَ.14
وقال فی آیة اُخرى:
إِنَّ فِی خَلْقِ السَّماواتِ وَالأَْرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّیْلِ وَالنَّهارِ لآَیات لاُِولِی الأَْلْبابِ * الَّذِینَ یَذْكُرُونَ اللهَ قِیاماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَیَتَفَكَّرُونَ فِی خَلْقِ السَّماواتِ وَالأَْرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النّارِ.15
وقال فی ذیل آیة فی هذا المجال:
كَذلِكَ نُفَصِّلُ الآْیاتِ لِقَوْم یَتَفَكَّرُونَ.16
وقال فی ذیل آیة اُخرى من آیات معرفة الله وتوحیده:
یُفَصِّلُ الآْیاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ.17
وفی ذیل الآیة التالیة التی هی الاُخرى تتحدّث عن معرفة الله والتوحید، قال تعالى:
إِنَّ فِی ذلِكَ لآَیات لِقَوْم یَتَفَكَّرُونَ.18
هناك تركیز فی أغلب الآیات المذكورة على معرفة الله والتوحید فقط، وفی بعضها اهتمام بالمعاد أیضاً،19 وبصورة عامّة یرغّب جمیعها الإنسان لاكتساب المعرفة الحقة، ویؤكّد على هذه الملاحظة، وهی أن یتدبّر الإنسان كی یكتسب معرفة یقینیة ومطمئنة فی مجال التوحید وصفات الله واسمائه الحسنى وهكذا المعاد.
وبعض الآیات القرآنیة تؤكّد على التدبر بشأن النبوة أیضاً، نشیر هنا الى بعض الأمثلة، من قبیل قوله تعالى:
ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّة إِنْ هُوَ إِلاّ نَذِیرٌ لَكُمْ بَیْنَ یَدَیْ عَذاب شَدِید.20
انّ بعض التعبیر فی الآیة وإن كان ذا معنى عام، الاّ أنّ الهدف الأساس فیها هو ترغیب الناس للتدبّر بشأن النبوة.
وقد جاء فی مقدمة الآیة:
قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَة أَنْ تَقُومُوا للهِِ مَثْنى وَفُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا.
ولیست هذه القضیة مستقلة، إذْ لو كانت هناك قضیتان مستقلتان لم تكن الموعظة واحدة مع إنّ الوارد فی الآیة: أَعِظُكُمْ بِواحِدَة. ولو كان (أَنْ تَقُومُوا للهِِ) قضیة واحدة و(تَتَفَكَّرُوا) قضیة مستقلة عنها لم تكن القضیتان موعظة واحدة، فنستنتج انّ إحداهما مقدمة للعبارة الأخرى، أی الأساس هو التفكّر الوارد فی عبارة: ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّة وعبارة: أَنْ تَقُومُوا للهِِ مَثْنى وَفُرادى تبیّن مقدمة التفكّر وهی أن تفكّروا اثنین اثنین أو فرداً فرداً. وقال فی الآیة التالیة: قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْر فَهُوَ لَكُمْ21 وهی أیضاً بشأن النبی(صلى الله علیه وآله وسلم) لكی یتفكّروا فی حیاته ملیّاً، ویعلموا انّه الذی عاش مع الناس أربعین عاماً متكامل العقل والدرایة والفكر الوقّاد، منزّهاً عن نسبة الجنون النابیة التی اطلقها بعض المشركین بحقه، كما إنّ الطمع بالمال أو المكاسب الدنیویّة لم یكن دافعه لهذه الدعوة، لانّه لم یقصد لنفسه شیئا غیر ما ینفع الناس، ولم یطالب الناس بأجر إزاء ما بذله من جهود. إذنْ إنّ عدم ایمان البعض به(صلى الله علیه وآله وسلم) هو إمّا لظنهم أنّه مجنون، فی حین إنّه ذو فكر سلیم تماما وبریء من أیّ جنون وسفاهة، وإمّا لإعتقادهم انّه یبحث عن مال وجاه وهو غیر صحیح أیضاً، وإمّا لانّهم فی شك من أن ما یقوله هو كلام الله، ولكن بالبحث والتأمّل لا یبقى مجال للشك والتردید، ولكی یحثّهم على المزید من التفكّر والتأمّل قال بشأنهم:
وَإِنْ كُنْتُمْ فِی رَیْب مِمّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَة مِنْ مِثْلِهِ.22
فان عجزتم عن الإتیان بمثله فتفكّروا هل یجب الإیمان به أم لا؟ ألیس هو نبیاً حقاً؟
یقول العلامة الطباطبائی(رحمه الله) فی ذیل آیة البحث: إنّ العبارة الاُولى فی الآیة: أَنْ تَقُومُوا للهِِ مَثْنى وَفُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا تذكّر بحقیقة هی أنّ التفكّر یجب أن یتمّ فی أجواء هادئة بعیداً عن الضجیج السیاسی والاجتماعی المحرِّف لكی یُتوصل الى النتیجة المطلوبة، ویسلك النهج الفكری الصحیح، لأنّ التقلبات الاجتماعیة السیاسیة قادرة على جرّ الإنسان الى كلّ جانب وإضلاله دون أن یستند الى سعیه العقلانی ویعرف الحق. فی ضوء هذه الحقیقة تأمر الآیة المذكورة مخاطبیها: أبعِدوا أنفسكم عن الأجواء الاجتماعیة وبادروا بالتفكیر مثنى أو فرادى، ونظراً الى أنّ الشخصین یمكن أن یفكّرا بنحو أفضل من خلال تبادل الأفكار بینهما، ویصلا الى نتیجة أفضل دون تأثّر بالأجواء الاجتماعیة قدّم المثنى على فرادى. وهناك آیة اُخرى تماثل هذه الآیة فی التذكیر بهذه النتیجة هی:
أَ وَلَمْ یَتَفَكَّرُوا فِی أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالأَْرْضَ وَما بَیْنَهُما إِلاّ بِالْحَقِّ.23
مراد الآیة هو: فكِّروا فی أنفسكم فی مكان خال، ولا تنقادوا لإیحاءات الآخرین، فانّ ذلك لیس فكراً، لأنّ حقیقة الفكر هو مایرتبط بعقولكم وأرواحكم. إنّ الهدف من الفكر هو إدراك العلاقة بین مقدّمات البرهان وبین النتیجة التی نأخذها، وإیضاح النهج الصحیح لتمییز الحق، وأمّا الإصغاء الى ما یوحی به الآخرون فلیس تفكّراً بل إنّه التقلید.
وعلى صعید الترغیب فی التفكیر والتأمّل فی النبوة قال تعالى فی آیة اُخرى:
أَ وَلَمْ یَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّة إِنْ هُوَ إِلاّ نَذِیرٌ مُبِینٌ.24
مفاد هذه الآیات وأمثالها هو أنّ التفكیر بشأن النبوة ومعرفة نبی الله هو ما یهتمّ به القرآن الكریم ویرغّب فیه، والاّ فلا یمكن معرفة الحق استناداً الى الأجواء الاجتماعیة الصاخبة والتصدیق بما یصدر من أفواه الآخرین.
وهكذا توجد آیات قرآنیة اُخرى ترغّب الإنسان فی التفكیر بشأن المعاد. قال تعالى فی إحداها:
أَ وَلَمْ یَتَفَكَّرُوا فِی أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالأَْرْضَ وَما بَیْنَهُما إِلاّ بِالْحَقِّ وَأَجَل مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِیراً مِنَ النّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ.25
أجل، إن النظام الكونی حق ولا عبث ولهو ولعب فی أفعال الله عز وجل، فلابدّ أن تكون له نهایة تناسب خلقه.
قال فی آیة اُخرى: وَیَتَفَكَّرُونَ فِی خَلْقِ السَّماواتِ وَالأَْرْضِ. ویستنتج فی النهایة: رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النّارِ.26
أی انّهم یدركون بعد التفكیر بأنّ هناك معاداً وعالَماً بعد الموت، ویخشونه فیقولون: قِنا عذاب النار.
بناءً على هذا فانّ القرآن الكریم یؤكّد بصورة مستقلة على الاصول والعقائد الاُخرى التی یجب إثباتها بالعقل، ویصرّ على التفكیر والتأمّل بشأنها، ونصل الى هذه النتیجة وهی أن العلم كما أوضحنا آنفاً مقدمة للإیمان، ومفتاح العلم هو التفكیر الصحیح.
آثار الإیمان والكفر
تنقسم هذه الآثار بصورة عامّة الى قسمین: الأول هی الآثار التی تترتب على الإیمان أو الكفر فی الدنیا، والثانی الآثار التی تظهر فی الآخرة.
من علم بحقیقة ثمّ لم یؤمن بها فانّ من الطبیعی أن لا تجتذبه القیم المعنویّة والاُخرویة، بل یرتكز اهتمامه على القیم المادیّة والدنیویّة. إنّه لا یجعل الآفاق البعیدة هدفا ومنشأ لحركته، بل یتأثّر دوماً بالنعم الدنیویّة المتیسّرة والملذّات العاجلة التی تكون فی متناوله، أو بالأتعاب والآلام التی تكون من هذا النمط.
على هذا الأساس الروحی یُلفت القرآن الكریم أنظار الناس الى الآثار الدنیویّة للإیمان والكفر، ویذكّرهم بحلاوة ثمرة الإیمان ومرارة آثار الكفر. إنّ الكثیر من السور القرآنیة یذكرنا بتأریخ الأقوام السالفة الملیء بالعبر، وقد كثر فی هذا الكتاب السماوی استعمال عبارة:
كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهِمْ.27
ومضمون بعض السور یتمحور بصورة عامّة حول ما تعرّضت له الأقوام السالفة من ألوان العذاب بسبب كفرها والأعمال الناشئة منه، وما حظی به أهل الإیمان من بركات ودرجات فی الدنیا بفضل إیمانهم والأعمال الصالحة الناتجة منه. ونظراً لكثرتها فانّ البحث بشأنها یستدعی جهداً كبیراً، ولذا نكتفی بإشارة سریعة إلیها. ومن الضروری أن نذكّر بهذه الحقیقة وهی أنّ هناك إلفات نظر فی صدر القصة القرآنیة عادةً أو ذیلها بأن هذه القصة قد حُكیت لكی تعتبروا بها، فقد جاء فی سورة الأعراف بعد حكایة قصص الأنبیاء(علیهم السلام) وأقوامهم والعذاب النازل بهم:
فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ یَتَفَكَّرُونَ.28
لیعلموا أن عاقبة كفرهم واتّباعهم فرعون كانت هی الغرق فی البحر. وقدّمت سورة یوسف فی نهایتها وبعد النقل الكامل لقصته(علیه السلام) موجزاً عن سائر الأنبیاء فی مجموعة آیات ثمّ قالت:
لَقَدْ كانَ فِی قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لاُِولِی الأَْلْبابِ.29
ویُستدلّ ـ عادةً بمثل هذه الآیات التی تحثّ الناس على السیر فی الأرض على أنّ الله تعالى یولی أهمیة بالتأریخ، بأن علیكم أن تتعرفوا على سنن التأریخ من خلال دراسة تأریخ الماضین واستعینوا بها فی الحیاة. وعندما نتأمّل فی هذه الآیات نجد أنّها وبدون استثناء تدعو الى دراسة حیاة الأمم الماضیة للإطّلاع على عاقبة كفرها وتكذیبها واستكبارها، وبالإمكان أن نشیر الى بعض النماذج من قبیل:
قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِیرُوا فِی الأَْرْضِ فَانْظُروا كَیْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِینَ.30
وفَسِیرُوا فِی الأَْرْضِ فَانْظُروا كَیْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِینَ.31
وأَ وَلَمْ یَسِیرُوا فِی الأَْرْضِ فَیَنْظُرُوا كَیْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً.32
وقُلْ سِیرُوا فِی الأَْرْضِ فَانْظُرُوا كَیْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِینَ مِنْ قَبْلُ كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِینَ.33
وأَ وَلَمْ یَسِیرُوا فِی الأَْرْضِ فَیَنْظُرُوا كَیْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِینَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثاراً فِی الأَْرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ.34
وقُلْ سِیرُوا فِی الأَْرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَیْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِینَ.35
من خلال التأمّل فی الآیات المذكورة وأمثالها نستنتج أنّ عبارة (سِیرُوا فِی الأَْرْضِ) فی الاصطلاح القرآنی تعنی دراسة الآثار الدنیویّة لكُفر الأقوام والأجیال السالفة وشركِها، وذلك بهدف الإیقاظ وتقویة دافع اجتناب الكفر والشرك واختیار الإیمان.
كثیراً ما یؤكّد القرآن الكریم على ترغیب الإنسان لدراسة تأریخ حیاة الماضین، والإعتبار بعاقبة أمرهم، حتّى أنّ عدداً من سوره یتحدّث كلّها أو جُلّها عن هذا الأمر وتحذّر الإنسان، منها سورة (الشعراء) وفیها یحكی الله تعالى قصص الأنبیاء(علیهم السلام) والأقوام الماضیة وینقل تعاملهم السیّئ معهم(علیهم السلام) ویكرّر هذه الآیة بعد ذكر كلّ قصة:
إِنَّ فِی ذلِكَ لآَیَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِینَ.
السورة الاُخرى هی سورة (المرسَلات) مع فارق أنّ بُعدها التأریخی أضعف من السورة السابقة، وقد كرّرت فی مقاطع قصصها عبارة:
وَیْلٌ یَوْمَئِذ لِلْمُكَذِّبِینَ.
ومنها أیضاً سورة (القمر) حیث تكرّر فی مقاطعها:
فَكَیْفَ كانَ عَذابِی وَنُذُرِ * وَلَقَدْ یَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِر.
وفی العدید من السور القرآنیة التی تنقل قصصاً تؤكد على أنّ الكفار والمشركین قد تعرضوا للعذاب الإلهی فی الدنیا عقاباً على كفرهم وشركهم.
بناءً على هذا فإنّ التأمّل فی آثار الكفر والشرك یُحیی ویوقظ فی الإنسان دافع منازلتهما والتوجه الى الإیمان بالحق كی یقوى على الصمود أمام الأهواء النفسیّة والوساوس الشیطانیة.
آثار الشرك فی الآخرة
وقد تصدّت مجموعة اُخرى من الآیات القرآنیة لبیان الآثار الاُخرویة المترتبة على الشرك والكفر.
إنها آیات كثیرة أیضاً وتبیّن كیفیة التعامل فی الآخرة مع الذین مارسوا أعمالا صالحة، وهكذا مع الذین كفروا وكذّبوا بآیاتنا وأنكروا القیامة. فالمؤمنون فی جَنّاتٌ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الأَْنْهارُ،36 والكفار فی جَهَنَّمَ یَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ،37 ولعددها الكبیر لا یمكن التطرق إلیها هنا.
القرآن الكریم یرغبنا فی التفكّر بشأن هذه الآثار ولا یكتفی بهذه الدعوة، بل یقوم باستعراض وتكرار قصص الماضین وأفكارهم وسیرتهم وخصوصیاتهم الأخلاقیة وعاقبة أعمالهم وآثارها. والسبب الرئیس لتكرار هذه القصص هو أن تترسّخ فی أذهاننا وتلتفت إلیها قلوبنا حتّى لا نغفل عنها. والنتیجة هی أنّ هذا التفكّر یمكن أن یساعدنا على الإیمان ثمّ الدخول فی صراع مع الكفر.
الإیمان منشأ التقوى
علمنا أنّ الإیمان یقتضی العمل الصالح ویحثّنا على القیام به. ونذكّر هنا بهذه الملاحظة وهی أنّ الإیمان یمكن أن یكون منشأً للتقوى، فیما لو كان حیّاً وفعّالاً والاّ لاستوى وجوده وعدمه، وعجز عن بعث دافع قوی فینا لممارسة الأعمال الصالحة وترك الأعمال القبیحة وستغشاها الغفلة.
فمن الضروری بقاء الوعی والإنتباه حیَّین كی یكونا مؤثّرین. إنّ الإهتمام بالشؤون المادیّة إذا تعدَّى حدَّه الطبیعی فسوف یُنسی الإهتمام بالمعنویات والمصالح الحقیقیة والأبدیة، وفی هذه الحالة لا یُثمر الإیمان ولا تترتب علیه الآثار والنتائج المتوخّاة. مثل هذا الإنسان لا یراعی المصلحة أو المفسدة فی عمله، بل سوف تُمسخ هویّته ویخرج عن طور الإنسانیة وسیكون ـ حسب التعبیر القرآنی ـ كالأنعام، كما قال تعالى:
أُولئِكَ كَالاَْنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ.38
إنّ حقیقة المسخ الإنسانی هی نسیان الكمالات الإنسانیة، وإن كان من الممكن أن یفكّر جیّداً بمصالحه المادیّة ومكاسبه الدنیویّة ویراعی الدقة اللازمة فی سبیل ذلك، ولكنه یغفل عن مصیره النهائی وعاقبة أمره، قال تعالى فی حقه:
نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ.39
إنّ نسیان الله عزّ وجلّ والغفلة عن مبادئ الإیمان یستوجب نسیان الإنسان نفسه وانقلابه الى حیوان.
إنّ السیر فی الآفاق والأنفس ودراسة تأریخ حیاة الأقوام التی خلت من قبل ینتشل الإنسان من هذه الغفلة، ویمهّد لامتلاك الإنسان قلباً وبصراً وسمعاً، كما قال القرآن الكریم:
أَ فَلَمْ یَسِیرُوا فِی الأَْرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ یَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ یَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى الأَْبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِی فِی الصُّدُورِ.40
أجل، إذا كان الإنسان تابعاً لشهواته وبتعبیر عرفی ولاذع (رأسه فی معلفه) ویشابهه تعبیر القرآن:
یَتَمَتَّعُونَ وَیَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الأَْنْعامُ.41
أی أن یفكّر دوماً ماذا یأكل ویلبس ویشرب وأیة لذة ینالها، فانّه لا یتمتع ببصر وسمع إنسانی ولم یبقَ له قلب إنسانی، قال القرآن فی توبیخه:
ذَرْهُمْ یَأْكُلُوا وَیَتَمَتَّعُوا وَیُلْهِهِمُ الأَْمَلُ فَسَوْفَ یَعْلَمُونَ.42
ولكی یتوفق مثل هذا الإنسان لجعل قلبه إنسانیاً یتحتمّ خروجه من حالة الإستغراق فی الملذّات والرغبات المتطرفة، والرجوع الى نفسه والخلوة معها، والتدبر فی حیاته ومستقبله كی یهتدی الى الطریق الصحیح للحیاة.
بناءً على هذا فانّ السیر فی الأرض الذی یتكرّر ویتأكّد علیه فی القرآن لیس مجرّد سیر جسمی وتحرُّك بالسیارة والطائرة، بل إنّ ما أراده القرآن من الإنسان هو الحركة المقرونة بالتدبر والاتّعاظ بوقائع الأرض كی یسترجع قلبه الضائع وینال سمعاً إنسانیاً مسلّماً للحقائق، ویصقل قلبه الصدیء المظلم والفاقد للعین البصیرة. قال تعالى بهذا الشأن:
فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ یَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ یَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى الأَْبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِی فِی الصُّدُورِ.43
من هنا یحذّرنا القرآن دوماً حتّى نؤوب الى أنفسنا، وبدلاً من الإستغراق فی الحوادث والأشخاص والأشیاء الاُخرى علینا أن نفكّر ولو قلیلاً بأنفسنا (عَلَیْكُمْ أَنْفُسَكُمْ)44 ولابدّ من أن یكون لنا فكر صائب ومعتبر تجاه الأمور الأخرى، بحیث یكون الفكران (الأنفسی والآفاقی) كجناحین قویّین یحلّقان بنا الى القمم الشاهقة فی الفكر المتألق والعرفانی، ویهبطان بنا على ذروة الاغصان فی شجرة التوحید العظیمة الباسقة فی عنان السماء، ویحرّرانا من الحیوانیة ویضعانا على طریق الإنسانیة.
الأفكار العملیة ونتائج الأعمال
الآن وبعد أن تأمّلنا فی متعلقات الإیمان وآثار الكفر وآمنّا فی النهایة، یطرح هذا السؤال: بأیّ شیء ینبغی أن نفكّر عند العمل؟
للإجابة نقول: إنّ إحدى مراحل الفكر العملی هی التأمّل لتمییز العمل (الصالح) من (السیّئ) كی ندرك بالعقل فی المجالات التی یدركها أو بالشرع فی المجالات التی لا یدركها العقل، أیّ عمل یجب علینا القیام به وأیّ عمل نتركه؟ هذا ومن الضروری التأمّل فی عاقبة القیام بالأعمال الصالحة والسیئة وتركها ـ كما كان ذلك ضروریاً فی آثار الإیمان والكفر ـ وندرس بدقة الآثارَ الدنیویّة والاُخرویة للأعمال الصالحة والسیئة.
یقدِّم القرآن الكریم للإنسان ـ كمثال ـ معلومات عن بعض الآثار الدنیویّة للأعمال، ولا تنحصر ـ طبعا ـ آثار أعمال الإنسان فیها، بل إنّ ظهورها لطف الهی یستدعی حذره وتیقّظه وتنبّهه لكی یُنقذ نفسه من عواقب هی أفدح ضرراً، ویقرِّبها من عواقب أطیب وأرحب كما قال تعالى بهذا الشأن:
ظَهَرَ الْفَسادُ فِی الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَیْدِی النّاسِ لِیُذِیقَهُمْ بَعْضَ الَّذِی عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ یَرْجِعُونَ.45
وقال تعالى فی آیة اُخرى:
وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِیبَة فَبِما كَسَبَتْ أَیْدِیكُمْ وَیَعْفُوا عَنْ كَثِیر.46
وقال تعالى فی آیة اُخرى:
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَیْهِمْ بَرَكات مِنَ السَّماءِ وَالأَْرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا یَكْسِبُونَ.47
حیث ذكر فیها الآثار الایجابیة للأعمال الصالحة أیضاً، وهكذا الآثار المذمومة للأعمال السیئة، وقال فی آیة اُخرى:
وَعَدَ اللهُ الَّذِینَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَیَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِی الأَْرْضِ.48
وقال فی آیة اُخرى:
قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِینُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَْرْضَ للهِِ یُورِثُها مَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ.49
ما جاء فی الآیات المذكورة هو الآثار المُرّة والطیبة لسلوكنا وأعمالنا القبیحة والجمیلة والتی تتجلّى فی هذا العالم، كما تنكشف للإنسان بعض الآثار لأعماله وسلوكه فی عالم الآخرة، حیث تصدّت آیات وروایات جمة لتبیانها، إنّها تقول لنا: إنّ الأعمال الصالحة توصلنا الى السعادة الاُخرویة وتدخلنا الجنة، وفی المقابل تكون الأعمال السیئة سبباً لشقاء الإنسان ودخوله جهنم.
هنا ینبغی أن نتدبر فی المقارنة بین النعم والنقم الدنیویّة والاُخرویة، ونقیس الملذّات والآلام المادیّة والمعنویّة، وندرك شدّتها وضعفها وكمالها ونقصها، فیكون لها أبلغ الأثر على حیاتنا العملیة وتنزُّه سلوكنا ـ الى حدّ كبیر ـ من القبائح والتلوث.
الدافع الأقوى للعمل الصالح
ثمة مجالات اُخرى للتدبر، فعلى الذین یبغون الرقیَّ إجالة الفكر فیها. وعلى ذوی المعرفة الأكمل والروح الألطف أن یفكّروا بحضور الله ویوجّهوا أفكارهم نحو هذه الحقیقة، وهی أنّه تعالى رقیب وعالم بجمیع أعمالنا، كما قال تعالى:
وَاللهُ خَبِیرٌ بِما تَعْمَلُونَ.50
كما أنّ علینا التدبر فی نعم الله العظیمة والتی لا یمكن حصرها لكی یزرع حبّ الله فی قلوبنا وینمّیه.
إنّ محبّة الله وأولیائه هی الدافع الأقوى الذی یمنح الإنسان الصمود والثبات حتّى یتغلب ویتسلّط على جمیع المعاصی والقضایا الجذابة المحرِّفة. إنّ السبیل الوحید لنیل هذه المحبّة هو التدبر فی النعم والألطاف والرعایة التی شملت الإنسان. لقد ورد فی حدیث قدسیّ أنّ الله سبحانه قال للنبیّ موسى(علیه السلام): حبِّبنی الى خلقی. فسأل موسى: كیف؟ قال تعالى ذكّرهم بنِعَمی وأَلفِت أنظارهم نحوها.51
من الأمور الفطریّة فی الإنسان هی أنّه یحبّ من یحسن الیه، إنّه عبد الإحسان، والإحسان یوقظ فطرة الإنسان ویُحیی محبّة الله التی جُبل علیها. لا ینسى الإنسان أبداً من ینقذه عند البلاء والمشكلات ویعتبر نفسه مَدیناً له دوماً، ولكن رغم وجود هذا الحجم من المخلوقات الصغیرة والكبیرة التی تملأ حیاة الإنسان وبیئته، والنعم التی لا یمكن مقارنتها ـ كمّاً وكیفاً ـ بما یقدِّمه الإنسان من معونات وهدایا قد سخرها الله تعالى للإنسان لماذا ینسى الإنسان الله عزّ وجلّ ولا یتوجه بنحو یلیق بالله الرحیم ولیّ نعمته الأول؟
فی الإجابة ینبغی القول: إنّ هذا النسیان وعدم التوجه یترتّبان كنتیجة للغفلة عن نعم الله الكبرى، فلو تدبرنا بشأن هذه النعم الكثیرة، وأدركنا عمقها وعظمتها ودورها الأساس فانّ محبّة الله المالك الاصلی لها سوف تجد حیاتها فی قلوبنا، وینبعث فینا دافع الشكر لله وإطاعته، وفی هذه الحالة سوف یتمُّ حل الكثیر من مشكلات حیاة الإنسان الفردیة والاجتماعیة.
* * *
1 الأعراف: 179.
2 الروم: 7.
3 النمل: 66.
4 الانفال: 22.
5 الانفال: 55.
6 النساء: 143.
7 یوسف: 106.
8 یونس: 36.
9 الانعام: 116.
10 الإسراء: 36.
11 فاطر: 28.
12 ق: 37.
13 النمل: 14.
14 البقرة: 164.
15 آل عمران: 190 و191.
16 یونس: 24.
17 الرعد: 2.
18 الرعد: 3.
19 مثل الآیة 2 من سورة الرعد.
20 سبأ: 46.
21 سبأ: 47.
22 البقرة: 23.
23 الروم: 8.
24 الأعراف: 184.
25 الروم: 8.
26 آل عمران: 191.
27 مریم: 74 و98 ـ طه: 128 ـ یس: 31 ـ ق: 36.
28 الأعراف: 176.
29 یوسف: 111.
30 آل عمران: 137.
31 النحل: 36.
32 فاطر: 44.
33 الروم: 42.
34 غافر: 21.
35 الانعام: 11.
36 البقره: 25.
37 ص: 56.
38 الأعراف: 179.
39 الحشر: 19.
40 الحج: 46.
41 محمد: 12.
42 الحجر: 3.
43 الحج: 46.
44 المائدة: 105.
45 الروم: 41.
46 الشورى: 30.
47 الأعراف: 96.
48 النور: 55.
49 الأعراف: 128.
50 آل عمران: 153.
51 راجع: بحار الأنوار: ج 2، ص 4، الروایة 6.