مفهوم الولایة
استناداً لما ذكر فانّ الولایة تدل على العلاقة بین طرفین أو عدة أطراف بحیث یكون كل طرف فی هذه العلاقة ولیّاً للآخرین على حد سواء ویتولى بعضهم بعضاً، فالله سبحانه ـ مثلاً ـ ولی المؤمنین من جهة وهم أولیاء لله من جهة اُخرى. یقول القرآن فی موضع:
(اللّهُ وَلِیُّ الَّذِینَ آمَنُوا)([1]).
ویقول فی موضع آخر:
(أَلا إِنَّ أَوْلِیاءَ اللّهِ لا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ)([2]).
وقد یطلق (الولی) على أحد الاطراف لموقعه المتمیز وتأثیره الاوضح وتكون الاطراف الاُخرى (مُولّى علیهم). ان رابطة الولایة بین بنی الانسان تتحقق فی صور مختلفة: بین شخصین تارة، وبین شخص وفئة أو مجتمع تارة، وبین فئتین أو مجتمعین تارة اُخرى.
أحد موارد الولایة ذات الطرفین هو الصداقة بین الأفراد، بأن یتضامن شخصان فی مستوى واحد بنحو یؤثر أحدهما فی حیاة الطرف الآخر، وتكون الرابطة أحیاناً ذات طرف واحد أو یكون أحد الاطراف هو الاقوى كالأب الذی هو ولی الابن. هذه رابطة وثیقة بین الأب والابن الاّ انّ الأب وحده هو المؤثر فی حیاة الابن، سیّما الطفل الذی یعیش تحت ظلّ قیمومة أبیه. فی هذه الموارد تستند الولایة الى الفرد المؤثر ویقال: الأب ولی الابن، ولا یقال الابن ولی الأب.
ان رابطة الولایه التی تعود بالمكاسب على طرف واحد أو على الطرفین تصحبها عادة رابطة عاطفیة وقلبیة.
من هنا یكون مفهوم الولایة مقرونا بالمودة والمحبة. انّ المودة طبعاً تلازم الولایة ولیست نفس الولایة، لكن لتلازمهما العملی فی الخارج قد یستعمل أحدهما بدلاً عن الآخر.
وعندما یكون للمجتمع الاسلامی مثل هذه العلاقات مع مجتمع آخر وتتقارب علاقاتهما الثقافیة والاقتصادیة والعسكریة وغیرها الى حد التأثیر المتبادل فانّ القرآن یعبّر عن هذه الرابطة بـ (الولایة) و(التولی) ویصطلح علیها الیوم بـ (العلاقات الودیة).
[1]. البقرة 257.
[2]. یونس 62.