پایگاه اطلاع رسانی آثار حضرت علامه مصباح یزدی
منتشره شده در پایگاه اطلاع رسانی آثار حضرت علامه مصباح یزدی (https://mesbahyazdi.ir)

صفحه اصلی > ar_porsesh5-ch3_5.htm

ar_porsesh5-ch3_5.htm

القواعد الحقوقیة والاخلاقیة فی الاسرة

سؤال: ما هی فی نظر القرآن والاسلام الأصول الحاكمة على الأسرة؟ وما هی القواعد الحقوقیة والاخلاقیة للأسرة فی القرآن؟

جوابه:1 ان الأصول والقواعد التی تسود الأسرة فی القرآن عبارة عن:

1 ـ أصل سد الحاجة الجنسیة: العنصر الأول الذی یقرّب المرأة والرجل من بعضهما ویفضی الى حیاة مشتركة وترابط بینهما هی الغریزة الجنسیة، فالرجل یسد الحاجة الجنسیة للمرأة وبالمقابل تقوم المرأة بتلبیة الحاجة الجنسیة للرجل أیضاً. وهذه الحاجة المتبادلة تؤدی الى حدّ بعید الى اطالة ودوام العلاقة بینهما. وان سدّ هذه الحاجة أساس للكثیر من أحكام الأسرة.

2 ـ أصل سدّ الحاجات العاطفیة: العنصر الثانی هو تبلور العلاقة العاطفیة بین المرأة والرجل التی تجعل كلاً منهما حریصاً على صاحبه، رفیقاً وحامیاً له.

لقد خلق الله جلّ وعلا البشر بنحو إذا سدَّ بعضهم حاجات ومصالح بعض ستتكون وتنمو بینهم تدریجیاً علاقة عاطفیة، وهذه العاطفة تتبلور بقوة وبشكل طبیعی بین الزوجین، وبوسعها ان تؤدی دوراً مهماً فی
ضمان مصلحة الأسرة كلها. فبالامكان القول ان اقوى عامل فی دوام الاسرة وتكاملها هی العاطفة ومحبة افراد الاسرة فیما بینهم. بناءً على هذا اذا كانت هنالك ضرورة للحیاة العائلیّة بحكم العقل ـ فان افضل عامل لتماسكها ودوامها هو ارساء العواطف المتبادلة بین افراد الاسرة.

ان العاطفة بشكلها المطلق لیست محوراً للقیم الاخلاقیة فی ضوء فلسفة الاخلاق الاسلامیة، بل هی احدى محفزات العمل الاختیاری الذی یحدّد قیمته العقل والدین، فهنالك مصالح وقیم أسمى من المحبة العائلیة، من قبیل طاعة الله والرسول وفریضة الجهاد، اذ انها تُرجح اذا ما وقع التزاحم2.

ربما تطرأ مشاكل واختلافات فی الحیاة العائلیة والاجتماعیة، إن لم تُحلّ فانها ستقضی على جو المحبة والاستقرار فی العائلة. وقد وضع الاسلام اصولاً اخرى للحیلولة دون وقوع هذه المشكلات لعلاج هذه الاختلافات. ولعل السبب فی الاختلافات داخل العائلة یعود الى اختلاف الآراء فی تشخیص المصلحة، أو الرغبات والمصالح الشخصیة، أو التصرف غیر اللائق لأحدهما مع الآخر.

3ـ اصل التشاور: الاصل الثالث الحاكم على الاسرة هو اصل التشاور، فان افضل سبیل لعلاج الاختلافات التی أُشیر لها هو ان یفكر المرأة والرجل معاً ویختارا الطریق الذی یرتضیه العقل3. فمن الطبیعی أن یكون لكل انسان رغباته وآراؤه الخاصة به وان یكون لكل من الزوجة والزوج رغبات متناقضة، ولكن بامكان الازواج فی كثیر من الاحیان تنسیق آراءهما بالتشاور مع بعضهما بحیث یقلّصان من التعارض بینهما.

وحریٌ القول ان من الضروری ومن القیم الاخلاقیة التشاور مع الزوجة فی الاعمال والقرارات ذات الصلة بالأُسرة، مثل كیفیة رضاعة الطفل ومدتها، ومحل السكن، والمأكل والملبس ... الخ، أما فی الأعمال التی لا علاقة لها بالاسرة فلا ضرورة للتشاور مع الزوجة بما هی زوجة، بل یتعین التشاور فی هذه القضایا مع الذین یمتلكون معرفة أكثر كما ینبغی استحصال رأی من كانوا مسؤولین ومساهمین فی هذه الاعمال ومن یكون لموافقتهم دورٌ بنّاء ومؤثر فی تقدم العمل.

لیس معنى العبارات من قبیل «شاوروهنّ وخالفوهنّ» الواردة فی بعض الروایات بان لا تُشاورَ المرأة فی أیّ من الموارد، وانما یجب أن تكون استشارة المرأة فی الموارد التی تتناسب مع مشاعرها وعواطفها وقوة ادراكها ومعلوماتها. فعلى سبیل المثال ان الكثیر من الأعمال الاجتماعیة من قبیل اتخاذ القرار بشأن الحرب أو الصلح أو الدفاع لا تنسجم مع مشاعر النساء، ولا جدوى من استخدام النساء مُشیرات فی مثل هذه الأمور، فالمرأة وفی ضوء شدة عواطفها ومشاعرها ورقة روحها لا قدرة لها عادة على المقاومة بوجه مذابح الحرب وخرابها وان تدلی برأیها على أساس مصالح المجتمع. وبهذه الصورة یمكن الجمع بین الآیات الدالة على المشاورة والروایات المانعة عنها.

4 ـ أصل قیمومة الرجل على الأسرة: ربما تطرأ مشاكل واختلافات
فی الحیاة الأُسریة لا تجد طریقها الى الحل حتى بعد اللجوء الى التشاور. فیؤدی استمرار هذه المشاكل الى زوال استقرار العائلة وحالة المودة بین الطرفین. من هنا ولغرض الحیلولة دون انهیار الحیاة العائلیة یلزم التفكیر بحیلة أخرى لعلاج مثل هذه المشكلات التی تطرأ داخل الأُسر أحیاناً.

ان الاسرة من الناحیة الحقوقیة تحتاج الى القیّم كأی تجمّع آخر، وبما أن الاسلام یعتبر العائلة أساس المجتمع فهو یهتم كثیراً بارساء بناء صحیح للعائلة لیكفل عبره تماسك وسلامة المجتمع. من هنا یقول القرآن:«الرِّجالُ قَوّامُونَ عَلَى النِّساءِ»4.

فعلى المرأة والأولاد القبول بقیمومة الرجل فی العائلة، وما عدا الجانب القانونی والحقوقی فان على الزوجة والاولاد التزام الحدود واحترام رب الاسرة من الناحیة الاخلاقیة أیضاً، وان حلّ الكثیر من مشاكل الحیاة والاسرة رهنٌ بتنفیذ هذا الاصل. ولا یعنی هذا الاصل اطلاق حاكمیة الرجل داخل العائلة أبداً، بل على الرجل ان لا یسیء استغلال حقه فی القیمومة ولا یخطو خطوة واحدة إلاّ فی حدود الشرع وفی اطار حق القیمومة الوارد فی القانون الاسلامی. كما یتعین على المرأة أیضاً ان لا تربك الجو العاطفی للأسرة بتمردها وان تعمل على عدم انهیار الاسرة من خلال مبادلة الرجل الاحترام.

5 ـ أصل التصالح والوئام: ربما یصل الأمر بأن یتصرف أحد الزوجین تصرفاً ـ ولو فی نظر زوجه على أقل تقدیر ـ بعیداً عن المنطق أو العقل والانصاف ـ سواء كان بعیداً عن المنطق حقاً أو لیس كذلك ـ بل یبدو فی تصور زوجه أنه انسان معاند یرید اثبات كلامه. فی كلتا الحالتین من الطبیعی ان تصبح العلاقة بینهما عرضة للفسخ ویضعف كیان الاسرة.

فی مثل هذه الحالة یأمر الاسلام بالسعی قدر المستطاع لئلا تنهار العلاقة الزوجیة وتنهدم وحدة الاسرة. فعلى أحد الطرفین ان یبدی مرونة تفوق المعتاد بما هو ضروری أمام الطرف الآخر بل ویتنازل عن حقه المسلّم للمحافظة على الأسرة. یقول تعالى:

«وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَیْهِما أَنْ یُصْلِحا بَیْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَیْرٌ...»5.

فما لم یكن هنالك حلمٌ وتغاض أثناء النزاعات والاختلافات فانه لا وجود للصلح والصفاء والاستقرار.

6 ـ أصل التحاكم: الأصل السادس الحاكم على الاسرة فی اطار النظام الحقوقی والاخلاقی للاسلام هو أصل التحاكم. إذ أن الله سبحانه وتعالى یوصی فی كتابه الكریم: إذا لم یستطع الزوجان حل المشكلة العائلیة بالتصالح وظل خطر انهیار الاسرة قائماً فعلیهما الاستعانة بأُناس ذوی خبرة وموضع ثقة للقیام بالتحكیم لعلّهم یتمكّنون من انهاء هذه المشكلة. یقول القرآن الكریم فی الآیة 35 من سورة النساء:

«وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَیْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ یُرِیدا إِصْلاحاً یُوَفِّقِ اللّهُ بَیْنَهُما إِنَّ اللّهَ كانَ عَلِیماً خَبِیراً».

ویتعین على الرجل والمرأة ـ بطبیعة الحال ـ التسلیم لحكمهما كی یظل الكیان الاُسری قائماً راسخاً، وان یحل الصلح والوئام محل الجدل والنزاع ما أمكن.

* * * * *




1. راجع: الأخلاق فی القرآن، محمدتقی مصباح الیزدی، ج3، ص71 وهو باللغة الفارسیة.

2. التوبة: 24.

3. البقرة: 233، الطلاق: 6.

4. النساء: 34.

5. النساء: 128.


نشانی منبع: https://mesbahyazdi.ir/node/1537