پایگاه اطلاع رسانی آثار حضرت علامه مصباح یزدی
منتشره شده در پایگاه اطلاع رسانی آثار حضرت علامه مصباح یزدی (https://mesbahyazdi.ir)

صفحه اصلی > ar_porsesh5-ch3_9.htm

ar_porsesh5-ch3_9.htm

تأدیب المرأة

سؤال: لماذا یسمح الاسلام والقرآن للزوج بضرب زوجته؟ وهل یمكن تطبیق هذا الحكم فی المجتمعات المعاصرة وفی الوقت الراهن بالذات؟ ألیس ضرب المرأة امتهاناً لها ویتنافى مع شأنها الانسانی؟

جوابه:1 ان الخلافات العائلیة والخصومات بین المرأة والرجل من بین القضایا التی حظیت باهتمام القرآن الكریم، من هنا فقد خصصت لها عدة آیات. مما یؤسف له ان الخلافات العائلیة قامت على الدوام داخل العوائل بدرجات متباینة منذ صدر الاسلام حیث لم یكن المسلمون قد استوعبوا التعلیم والتربیة الاسلامیة بعد كما ینبغی ویجب، وحتى یومنا هذا حیث تأثر المسلمون فی جمیع ارجاء العالم نوعاً ما بالثقافة المادیة والمنحطة فی الغرب وتناسوا تعالیم الاسلام وتربیته ولم یعملوا بها، فحرمت أُناساً أو قلّلت حظوظهم من الصفاء والحب الاُسری. وبما ان القرآن الكریم یهتم كثیراً بترسیخ وترصین دعائم الاسرة، فهو یسعى بما تیسر من السبل لئلا یدبّ الاختلاف والفرقة الى هذه المؤسسة الاجتماعیة.

من اسباب إثارة الاختلاف داخل الاسرة هو النشوز، أی تمرد المرأة فیما یخص تمتع الزوج بها جنسیاً. ینبغی الانتباه الى ان من اهم حقوق
الرجل داخل الاسرة هو حقه فی الاستمتاع الجنسی بزوجته، كما أنّ للزوجة مثل هذا الحق أیضاً، من هنا فان من الواجب على الزوجة مراعاة هذا الحق المعیَّن والثابت للرجل والاذعان له.

ان المرأة التی تأبى التسلیم والتمكین فیما یخص هذا الأمر انما تكون قد تمردت على الحكم الالهی. ومثل هذا الاختلاف لیس على غرار الاختلاف فی السلیقة أو الذوق، بل ان أحد طرفی النزاع یحاول هنا التمرد على القانون، وهذا لیس بالأمر الذی یسهل التغاضی عنه. وبالرغم من ذلك، بما ان القرآن الكریم یسعى بكل ما أوتی من قوة لتقلیص الخلافات العائلیة وازالتها بأفضل السبل فهو لا یجیز اللجوء للقسوة فی هذا المجال أیضاً. یقول القرآن الكریم:

«وَاللاّتِی تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِی الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَیْهِنَّ سَبِیلاً»2.

تلاحظون هنا، ان الزوج المحروم من اهم حقوقه واكثرها بداهة لا یمكنه الاساءة واستخدام العنف مع زوجته التی تحرمه من حقه خلافاً للقانون. فلابد أولاً من وعظها بالكلام اللین والقول الحسن علَّها تُقلع عن هذا الفعل الخاطئ، فاذا لم تنجد الموعظة معها یقوم بهجرانها وفصل مضجعه. واذا لم یؤثر هذا التأدیب النفسی والعذاب الروحی فلیس امام الرجل سوى ثلاث سبل: الاولى ان یواصل حیاته المشتركة مع زوجته دون التمتع بأهمّ حقوقه واكثرها بداهة، ومن الواضح ان تجرع مثل هذا الحرمان عادة ما یكون متعذراً ولیس مناسباً. والثانی ان یطلق زوجته وهذا یعنی انهیار الكیان الأُسری بما یتبعه من خسائر فادحة. واخیراً فان القرآن الكریم ـ وبما ان الطلاق أبغض الحلال ـ یلجأ الى آخر سهم فی جعبته عسى ان لا تنهار الأسرة، وهو أن یقوم الزوج بتأدیب زوجته بدنیاً. ولهذا السبیل الثالث شروطه وحدوده ـ بطبیعة الحال ـ الواردة فی كتب الفقه. منها ان لا یُجرح البدن أو یَسوّدَ أو یصبح أزرق اللون، وكما یقول المثل المعروف «الضرب بعود النعناع» أی یكون خفیفاً ورقیقاً. فاذا ما أثَّر بها مثل هذا الضرب وسلكت المرأة طریق التمكین فبها ونعمت وبهذه الحالة لم یعد لدى الرجل أی حق یتذرّع به. ان ضرب المرأة ـ بهذه المواصفات ـ هو فی الحقیقة بمثابة آخر الدواء الذی یوصف للحیلولة دون تدمیر الكیان العائلی.

لقد اضحت هذه الآیة الكریمة احدى اهم ادوات اعداء الاسلام لتضلیل المسلمین لاسیما الشباب والنساء، فمنذ أمد بعید وهم یسعون على امتداد البلدان الاسلامیة وغیر الاسلامیة ومن خلال كتابة القصص القصیرة والطویلة، والقصص المسرحیة والتصویریة وعرضها أو توزیعها، الى عرض الاسلام على أساس انه دین یحث الرجال على ضرب النساء وجرحهن وكسر اطرافهن وتعذیبهن وبذلك یُنفّرون الناس عن هذا الدین!

فی عهد الحكومة البهلویة المعادیة للاسلام فی ایران فقد الكثیر من الشباب المسلم حماسه وحمیته الدینیة نتیجة الدعایات المضللة التی
كانت غالباً ما تنطق من سفارات الدول الشیوعیة مثل الاتحاد السوفیتی والصین، وعلى اثر ضعف معتقداتهم الدینیة اصبحوا لقمة سائغة للشیوعیة وسائر المذاهب المادیة.

ولكی لا نتجاوز الحق فعلینا ان نعترف بأنّ ما یضاعف من تأثیر مثل هذه الدعایات اضعافاً مضاعفة هو افعالنا المنافیة للاسلام نحن المسلمین. فللأسف مازال الرجل فی الكثیر من العوائل المسلمة وطبقاً لما هو رائج ـ وخلافاً للموازین الشرعیة ـ یطالب المرأة بالقیام بأعمال لم یعهد بها الدین الیها، وربما یمارس الضرب والسب بسبب مثل هذه الممارسات. فلو كنا نحن المسلمین نلتزم بالموازین الشرعیة لما نجح اعداء الاسلام الى هذا الحد فی تشویه صورة هذا الدین العزیز الالهی.

ان المنهج الذی یقترحه القرآن هو الاكثر واقعیة وعقلانیة وإثماراً وعدالة للحیلولة دون النشوز والطلاق، فلماذا یُعطل هذا المنهج؟ كما ان للرجل الحق فی اتباع هذا الاسلوب أیضاً لتربیة ولده، فقد ورد فی الروایات: اذا ما بدر من ولدك عمل قبیح فاهجره أولاً ولكن لا تُطل هذا الهجران وعجِّل بمصالحته، واذا ما انحصر سبیل اصلاحه بالضرب فاضربه ضرباً قلیلاً وخفیفاً بحیث لا یصاب بكسر أو جرح بل لا یزرّق الجلد أو یحمر، وبمقدار ان یفهم بان خطأً أو معصیة قد صدرت منه وینبغی ان لا تتكرر. یقول تعالى فی الآیة اللاحقة:

«وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَیْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ یُرِیدا إِصْلاحاً یُوَفِّقِ اللّهُ بَیْنَهُما إِنَّ اللّهَ كانَ عَلِیماً خَبِیراً»3.

استناداً لهذه الآیة، اذا ما رأى ذوو كل اسرة واقرباؤهم تفاقم الخلافات بین المرأة وزوجها بما یُخشى منه ان یؤول الى العداوة والانفصال، فهم مكلفون بان یقیموا محكمة عائلیة ویختاروا حكمین من أقارب كلا الطرفین للمصالحة بین الزوجة والزوج.

وربما یكون نشوز الرجل أو تمرده سبباً فی اثارة الخصام داخل الاسرة. هنا یقول القرآن:

«وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَیْهِما أَنْ یُصْلِحا بَیْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَیْرٌ»4.

یدل لحن هذه الآیة الكریمة على ان المراد من «الصلح» هو الصلح الذی یجری بتنازل المرأة عن بعض حقوقها الزوجیة، أی لكی تستقطب المرأة استئناس زوجها وموافقته وتحول دون وقوع الانفصال والطلاق فمن الافضل ان تغض الطرف عن بعض حقوقها.

* * * * *




1. راجع: كراس الحقوق والسیاسة فی القرآن، محمدتقی مصباح الیزدی، الدرس: 211 وهو باللغة الفارسیة.

2. النساء: 34.

3. النساء: 35.

4. النساء: 128.


نشانی منبع: https://mesbahyazdi.ir/node/1541