معرفة الله، معرفة الكَوْن، معرفة الإنسان (معارف القرآن الجزء الأَوّل،والجزء الثانی والجزء الثالث)

طبع هذا الكتاب باللغة الفارسیة عدّة مرّات كان آخرها عام 1380هـ. ش. (1٤22هـ/2001م) بعدد 3000 نسخة وهذا الأثر هو أَوّل كتاب استُقی من دروس التفسیر الموضوعی للقرآن الكریم. أكد الأُستاذ فی مقدّمة كتابه هذا على لزوم إدخال درس التفسیر ضمن الدروس الأساسیة فی الحوزة العلمیة. وأعرب عن ثنائه وتقدیره للمرحوم العلاّمة الطباطبائی لما كان له من دور ریادی فی تدریس وتدوین التفسیر على مستوى الحوزة العلمیة، معتبراً انه من المتعذّر تدوین دورة كاملة فی التفسیر وجعلها بمثابة نص دراسی، ومبیناً بأنَّ اختیار منتخبات من التفسیر غیر كاف وغیر مفید، وان التصنیف الموضوعی للآیات هو العمل الوحید الممكن والمفید. ولابد أن یأتی هذا التصنیف طبعاً بنظم منطقی وبیان موجز یتناسب مع اسلوب الكتاب الدراسی.

عرض الأُستاذ فیما یتعلّق بالتصنیف الموضوعی لآیات القرآن الكریم مقترحاً بدیعاً ومبتكراً، ویمتاز هذا المقترح بالمقارنة مع الأسالیب السابقة التی كانت تصنّف الآیات وفقاً لمحاور "العقائد، والأَحكام، والأَخلاق" أو على أساس محور "الإنسان وأبعاده الوجودیة" بمواصفات فائقة. فوفقاً لهذا المقترح تُصنَّف الآیات التی توضع موضع البحث، على أساس محور "الله" الذی أفاض الوجود على جمیع الكائنات، استلهاماً من الآیة الشریفة (أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِیَةٌ بِقَدَرِهَا)[1]. یبدأ البحث من نقطة معیّنة، وبعد إكمالها فی كل مرحلة، یصل الدور بالترتیب إلى المراحل الأدنى ـ التی تقع فی طول بعضها الآخر ـ وبالنتیجة، یحصل ترابط منطقی بین كل مبحث والمبحث الذی سبقه. وعلى هذا الأساس تُرتّب الموضوعات التی تُبحث فی دروس التفسیر الموضوعی للأُستاذ مصباح على النحو التالی:

1ـ معرفة الله: یبدأ هذا الباب بالبحث فی مجال معرفة الله، ویُختم بالبحث فی كلّیات وتفاصیل أفعال الله.

2ـ معرفة الكَوْن: خَلقُ عالمِ الوجود أحد أفعال الله. ومن هنا تترابط مباحث هذا الباب مع القسم السابق، ویصل إلى أنَّ خلق جمیع ظواهر العالم مقدّمة على خلق الإنسان الذی یُعتبر أشرف مخلوقات الله.

3ـ معرفة الإنسان: یثبت فی هذا الباب ان الإنسان لیس كائناً ذا بعد واحد، وأن حیاته الدنیا مقدّمة لحیاته الآخرة. وهو یحتاج فی هذا المسیر إلى سبیل ینتهی به إلى الكمال والخلود.

٤ـ معرفة السبیل: یتحدّث هذا الباب عن معرفة السبیل الصحیح لبلوغ سعادة الإنسان. ویمتد هذا الموضوع إلى بحث النبوّة والإِمامة. ویتصل عن هذا الطریق مع الباب الذی یلیه.

٥ـ معرفة الدلیل: موضوع هذا البحث صفات وخصائص أدِلاّء الهدایة وطبیعة مهمّتهم فی هدایة الناس. وحلقة الوصل بین هذا البحث وما یلیه هو بحث الكتب السماویة السابقة وهو ما ینتهی إلى بحث معرفة القرآن.

٦ـ معرفة القرآن: یُعنى هذا الباب بالتعریف بالقرآن على لسان القرآن نفسه. ونظراً إلى أنَّ هذا البحث یتحدّث عن التزكیة والتعلیم باعتبارهما هدف القرآن، فهنا تتوفّر الأرضیة لطرح مبحث التزكیة وبناء الإنسان من وجهة نظر القرآن.

7ـ الأَخلاق أو بناء الإنسان فی القرآن: یتم فی هذا المضمار تبیین الآراء الأَخلاقیة فی القرآن مع إثبات أن العبادة والامتثال لأوامر الله هو الإكسیر الوحید لبناء الإنسان.

8ـ المنهج العبادی فی القرآن: ویشمل المنهج الفردی والاجتماعی.

9ـ الأَحكام الفردیة فی القرآن.

10ـ الأَحكام الاجتماعیة فی القرآن: یُبحث فی مقدّمة هذا الباب المجتمع والتاریخ من رؤیة قرآنیة.

وعلى هذا الأساس تبدأ معارف القرآن من نقطة بدایة الوجود، وتصل بالترتیب إلى مراحل الخلق والتدبیر مع الحفاظ على محوریة الله. وتختم بشرح خصائص المجتمع الإنسانی المثالی المنشود.

یضم هذا الكتاب الأبواب الثلاثة الأولى التی ذُكرت آنفاً. وعُرضت على بساط البحث فی باب معرفة الله موضوعات مهمة نستعرضها فی ما یأتی:

الدلیل العقلی على وجود الله، فی القرآن: یتطرق هذا البحث إلى أنَّ حصیلة البراهین العقلیة هی المعرفة الحصولیة الإكتسابیة الغیابیّة. ولكن القرآن لم یكتف بهذا النوع من المعرفة، بل جعل نصب عینیه المعرفة الحضوریة والشهودیة. وبهذه المناسبة طرح موضوع معرفة الله الفطریة فی القرآن.

التوحید: تجلّت مراتب التوحید ونصابه فی الكلمة الطیبة "لا إله إلا الله".

وللتوحید خمس مراتب: الوحدة فی وجوب الوجود، الوحدة فی الخالقیة، الوحدة فی الربوبیة التكوینیة، الوحدة فی الربوبیة التشریعیة، الوحدة فی الالوهیة. وأُشیر أیضاً إلى أن ابلیس لم یعترف بالوحدة فی الربوبیة التشریعیة فقط من بین هذه المراتب الخمس.

الملاحظة الأُخرى هنا هی ان الوساطة فی التدبیر إذا كانت بإذن الله فهی لا تتنافى مع نصاب التوحید.

كلیات الأفعال الإلهیة: یختص خلق وتدبیر كل الوجود على نحو مستقل بذات الباری تعالى. إلاّ ان هذا لا یتنافى مع قانون العلیة. وبهذه المناسبة یطرح موضوع "أصل العلیّة فی القرآن.

سعة القدرة والمشیئة الإلهیة

الغایة من الأفعال الإلهیة: موضوع هذا البحث هو معنى الغایة بالنسبة إلى الله تعالى وطبیعة هذه الغایة، وفی النهایة تحصل هذه النتیجة وهی ان الغایة من خلق الكَوْن والإنسان هو ظهور الإنسان الكامل.

الإذن والتقدیر والقضاء الإلهی

تبدو للعیان فی باب معرفة العالم ـ وتعبیر معرفة الكَوْن أصح بشأنه ـ المباحث التالیة:

السماء والأرض: عدد السماوات والأرض، وزمن وكیفیة خلقها.

العرش والكرسی

الظواهر الكَوْنیة: الأرض، واللیل والنهار، والطرق، والریاح، والرعد والبرق و....

الظواهر الأرضیة: كیفیة تكون السحاب والامطار، والانهار والعیون والبحار وما الى ذلك.

الملائكة وأفعالهم

الجن والشیطان وجنود الشیطان

وجاءت فی باب معرفة الإنسان المباحث التالیة:

أهمّیة معرفة الإنسان: أ‌ـ معرفة الإنسان مدخل إلى معرفة الله؛ ب ـ معرفة الإنسان على صلة بالمسائل الاعتقادیة والأُصولیة.

المادة الأَوّلیة للإنسان: ممَّ خُلق الإنسان؟

خلق آدم(علیه السلام)

مباحث فی باب حقیقة الروح وعلاقتها بالبدن

الخلافة الإلهیة: ملاك هذه الخلافة، العلم بالأسماء.

كرامة الإنسان فی القرآن وعلاقة هذا البحث بمبدأ أصالة الإنسان (هیومانزم).

الجبر والاختیار

علاقة الدنیا بالآخرة كوجهین لحیاة الإنسان

یعرض هذا الكتاب الجمیل والجذّاب الموضوعات التی یبحثها باسلوبٍ مفهوم، وكلّما أُعیدت قراءته تتبادر إلى الذهن أُمور جدیدة منه. وهو یعمّق لدى القارئ الاندفاع إلى معرفة الله والتوجّه إلیه.

نظراً إلى أهمّیة هذا الكتاب من حیث محتواه وغناه فی الجانب الدراسی، فقد تُرجم إلى اللغة العربیة بقلم السیّد محمد عبد المنعم الخاقانی، وطبعت ترجمته العربیة عدة مرات كلٌ من دار الهادی فی قم، والدار الإِسلامیة فی لبنان.

كذلك ترجم السید م.ج. خلیلی باب معرفة الله من هذا الكتاب إلى اللغة الانجلیزیة تحت عنوان The Learning of the Glorious Quran (تعالیم القرآن الكریم)، وطُبع عام 199٤م. بجهود منظمة الإعلام الإِسلامی.

[1] ـ الرعد (13): 17.