المجتمع والتاریخ من وجهة نظر القرآن الكریم

المجتمع والتاریخ من وجهة نظر القرآن الكریم (المعارف 8)

بما أن بحث المجتمع والتاریخ مقدّم منطقیاً على سائر البحوث الاجتماعیة، فقد تناوله الأُستاذ بالدراسة فی امتداد سلسلة دروسه فی التفسیر الموضوعی، عند طرحه للمباحث الاجتماعیة من منظور قرآنی. وقد تَمّ تحقیق وتنظیم حصیلة هذا البحث بهمة السیّد مصطفى ملكیان. واضطلعت دار النشر التابعة لمؤسسة الإِمام الخُمینی(قدس سره) للتعلیم والبحوث بمهمة طبع هذا الكتاب للمرّة الرابعة فی عام 1379هـ.ش (1٤21هـ/2000م) بعدد ٥000 نسخة.

یضم هذا الكتاب اثنی عشر باباً؛ أُفردت الأبواب الثلاثة الأُولى منها لمباحث فلسفة العلوم الاجتماعیة، مثل بحث مفهوم المجتمع، وأصالة الفرد أو المجتمع، وقانونیة المجتمع (سیر المجتمع وفقاً للقانون). أما المباحث التالیة فهی على التوالی: تأثیر المجتمع فی الفرد، تأثیر الفرد فی المجتمع، دور ألوان التفاوت فی الحیاة الاجتماعیة، المؤسسات الاجتماعیة، التغییرات الاجتماعیة، التوازن والأزمة والثورة، القیادة، المجتمع المثالی، السنن الإلهیة فی تدبیر المجتمعات.

جرى فی مبحث مفهوم المجتمع دراسة مفهوم "العلوم الاجتماعیة" واختلافه عن "علم الاجتماع"، ثم عُرّف المجتمع بأنّه جماعة من الناس، وهو ما یُطلق علیه فی الأدبیات العربیة ألفاظ مثل "المجتمع" و"المدینة"؛ غیر أن هذه الألفاظ لم ترد فی القرآن. ولذلك ینبغی الرجوع إلى كلمات مثل : "القوم"، و"الأُمّة"، و"الناس" للعثور على معادل قرآنی لكلمة المجتمع.

وفی مبحث أصالة الفرد أو المجتمع، نُفیت الأصالة الفلسفیة عن المجتمع، وان قُبلت أصالته من حیث علم النفس، إذ أن الأصالة من الناحیة الفلسفیة للفرد.

وفی مبحث قانونیة المجتمع أُثیر هذا السؤال: وهو أن المجتمع إذا لم تكن له أصالة فلسفیة فمعنى ذلك انه لیس له أی وجود، ونفی الوجود عن المجتمع یتساوى مع نفی الوحدة والشخصیة عنه. وفی هذه الحالة یتبادر إلى الأذهان هذا السؤال: وهو كیف یسیر الشیء الذی لا وجود له وفقاً للقانون؟

وفی معرض الإجابة عن هذا السؤال، جرى تمحیص المعانی المتعددة لكل من كلمتی القانون والصدفة، واستخلصت هذه النتیجة وهی لیس ثمة تلازم بین قانونیة المجتمع وأصالته الفلسفیة.

وبُحث فی هذا الباب أیضاً موضوع قانونیة التاریخ واستُخلصت منه هذه النتیجة وهی ان حركة التاریخ لا تتنافى مع الاختیار ولا هی تكاملیة بالضرورة. وهذه الحركة لا یمكن استشرافها والتَنبُّؤ بها لا عن طریق العلم ولا عن أی طریق إستدلالی آخر. والقول بقانونیة المجتمع أو التاریخ لا یعنی سوى أن الظواهر الاجتماعیة والحوادث التاریخیة لا تقع صدفة ومن غیر سبب، بل تُعزى إلى علل یمكن من خلالها تفسیرها وتبیینها، وإرادة الإنسان نفسه واختیاره یُعَدّ على الدوام واحداً من أجزاء العلّة التامّة للحوادث البشریة.

وفی مبحث تأثیر المجتمع فی الفرد، یُقرّ وجود هذا التأثیر ولكنه لا یُعَدُّ العامل الوحید فی صیاغة شخصیة الإنسان.

وفی مبحث تأثیر الفرد فی المجتمع، رسمت صورة وسطى تقع فی الحد الفاصل بین النظریّتین المشهورتین اللتین تلتزم إحداهما جانب الإِفراط والأُخرى جانب التفریط فی هذا المجال.

وفی مبحث التفاوت وتأثیره فی الحیاة الاجتماعیة، جرى توضیح أنواع من التفاوت مثل: التفاوت الجبری والطبیعی، والتفاوت فی الوضع والوظیفة والمكانة الاجتماعیة، والتفاوت الثقافی والاختیاری. ثم شُرح رأى الإِسلام فی مدى تأثیر كل واحد من أنواع هذا التفاوت فی الحیاة الاجتماعیة للإنسان. وفی مجال التفاوت الجبری والطبیعی لابد من الإقرار بوجود هذه الأنواع من التفاوت، بل لابد من وجودها، غیر أن أنواع التفاوت فی الوضع والوظیفة والمكانة الاجتماعیة یمكن تقلیصها ـ خلافاً لرأی ماركس الذی یعتبر هذا التفاوت جبریاً ویقول بأنَّ المجتمع الخالی من الطبقیة مجتمع مثالی ـ ثم عرض وجهة نظر الإِسلام بشأن أنواع التفاوت الثقافی والاختیاری مشیراً إلى انها مما یمكن ازالته.

ویعرض الباب السابع من الكتاب المؤسسات الاجتماعیة، ویشیر إلى البحوث الوصفیة والتاریخیة حول أنواع المؤسسات الاجتماعیة ومسیرة تطوّرها، ثم یتناول بحثین أساسیین هما تعریف وعدد المؤسسات الاجتماعیة ویتعرّض لذكر مؤسسة التعلیم والتربیة بعنوان انها اهمّ مؤسسة. ونظراً إلى اختلاف آراء علماء الاجتماع فی تعریف المؤسسة الاجتماعیة، فقد اختار تعریفاً للمؤسسة الاجتماعیة معتبراً عددها ینحصر فی خمس مؤسسات رئیسیّة هی: الأسرة، والاقتصاد، والتعلیم والتربیة، والحقوق، والحكومة. وأثبت فی البحث الثانی أیضاً أهمّیة وأولویة مؤسسة التعلیم والتربیة بالمقارنة مع سائر المؤسسات من وجهة نظر القرآن الكریم.

یبحث الباب الثامن من الكتاب التغییرات الاجتماعیة. وبعد ان یذكر أنواع التغییرات یحصی فی هذا المبحث ثلاثة عشر عاملاً لها؛ منها تسعة عوامل ضروریة وتصادفیة، وأربعة إرادیة واختیاریة.

ثم طرح فی هذا السیاق بحثاً عن سرعة وتعجیل التغیّرات الاجتماعیة، ودرس بعدها ظاهرة العنف والمسالمة فی التغیّرات الاجتماعیة. واثبت فی الختام ان اتجاه التغییرات لیس إیجابیاً على الدوام.

وجاء الباب التاسع حول التوازن، والأزمة، والثورة الاجتماعیة. وقدّم فی هذا المقام تعریفاً للتوازن والأزمة فی المجتمع مشیراً إلى هذه الملاحظة وهی لو ان عموم أو أكثریة أبناء الشعب لم یلتفتوا إلى الانحرافات والنواقص، لا تحصل أیة أزمة. ومن الطبیعی ان النظام الحاكم یتدبّر الأُمور عادة حرصاً منه على الحفاظ على الوضع القائم وإلهاء الناس عن الأزمات، حیث یتعیّن عند ذاك على العلماء ومروّجی الثقافة الاجتماعیة توعیة الناس لها، لكی ینتهی وعی الناس إلى حصول الثورة. وأهمّ خصوصیة وهدف للثورة، خصوصیّتها الثقافیة.

من المحتمل ان تصیب المجتمع آفات بعد الثورة. وقد وضع الإِسلام تدابیر حازمة لمكافحة هذه الآفات وتمهید الأجواء لدیمومة الثورة. وهذه هی المباحث التی یتناولها هذا الباب.

یبحث الباب العاشر حول القیادة. إذ تتجسد إحدى تأثیرات الفرد فی المجتمع عن طریق القیادة. وینحصر الكلام فی هذا البحث حول قیادة الحركات الاجتماعیة والسیاسیة. ویبیّن فی هذا المجال مؤهلات القائد الكفوء على الصعید العلمی والأَخلاقی والعملی.

یعرض الباب الحادی عشر "اطروحة المجتمع المثالی فی الإِسلام". وبعد إِثبات إمكانیة تحقیق مثل هذا المجتمع، قدّم هذه الاطروحة على أساس ثلاث خصائص هی: الواقعیة، وجود النهج والبرنامج الصحیح، ورسم الهدف، من أجل تحقیق المجتمع الإِسلامی المثالی.

یبحث الباب الثانی عشر السنن الإلهیة فی تدبیر المجتمعات. والغایة من هذا البحث هی دراسة عدد من قواعد علم الاجتماع فی القرآن الكریم. فالسُنن بما تعنیه من النهج والسبیل والطریقة والسلوك المستمر، تقسم من المنظور القرآنی إلى نوعین: الأُولى هی السنن المطلقة، والثانیة هی السنن المشروطة والمقیّدة بسلوك الناس. فالسنن المطلقة عبارة عن هدایة الناس على ید الأَنبیاء‰، وسنة الابتلاء. وأما السنن المشروطة بسلوك الناس فهی على قسمین أیضاً: القسم الاول هی السنن المختصّة بأهل الحقّ مثل وفرة النعم المعنویة والاخرویة، تحبیب وتزیین الإیمان، كثرة النعم المادیة والانتصار على الأعداء. والقسم الآخر هو السنن الخاصة بأهل الباطل، كازیاد الضلال وتزیین الأعمال، والإمهال، والهزیمة على ید الأعداء.

ونظراً إلى أهمّیة محتویات الكتاب وضرورة عرضها على المراكز الثقافیة فی البلدان الأُخرى، فقد تُرجم إلى اللغة العربیة بهمة السید محمد عبد المنعم الخاقانی تحت عنوان " المجتمع والتاریخ من وجهة نظر القرآن الكریم" وطبعته دار الروضة فی بیروت عام 1٤1٦هـ/ 199٦م.

بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...