حبّ المال والبنین
للانسان حبّ شدید للمال والبنین، وقد أشیر إلیهما معا فی القرآن الكریم غالباً كقوله تعالى:
وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِیمٌ1.
وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ بِالَّتِی تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى2.
وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَال وَبَنِینَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِیر3.
الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِینَةُ الْحَیَاةِ الدُّنْیَا وَالْبَاقِیَاتُ الصَّالِحَاتُ خَیْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ4.
فی هذه الآیات وآیات اُخرى كثیرة5 ذُكر هذان الشیئان ونُسب إلیهما قیمة إیجابیّة وسلبیّة مشتركة. وقد عبّر عنهما بتعابیر مختلفة كالتعبیر: (الأموال والأولاد) و(المال والبنون) و(مالا وولدا) و(أنعام وبنین) ونظائرها ممّا یشعر باشتراكهما فی الحكم.
وانّنا اقتدینا هنا بالقرآن وذكرنا الموضوعین معا وقمنا بدراستهما من زوایا مختلفة.
معنى المال
المال هو كلّ ما یتمكن به الإنسان رفع حوائجه، ولذا یحبّه بشدة. وهذا تعریف بالأعمّ حیث یشمل المواد الإستهلاكیة كالماء والطعام والملبس والتی یستعملها الإنسان بصورة مباشرة، كما یشمل النقد والذهب والفضة التی لها دور غیر مباشر فی توفیر الرغبات الإنسانیة وذلك بمبادلتها مع المواد الإستهلاكیة، كما یشمل الأرض والعمل ووسائل الانتاج التی یمكن من خلال الزراعة أو العمل بها توفیر المتطلَّبات الإنسانیة المختلفة. وعلیه فإنّ المال هو كلّ ما یرغب فیه الإنسان، ویرفع حاجة من حاجاته الجسمیة والروحیة بنحو مباشر أو غیر مباشر6.
المال والمِلكیة
هناك فرق بین مفهومی المال والمِلكیة، فالمال یكون عادة عینا خارجیة ینتفع بها الإنسان بنحو مّا لتلبیة متطلَّباته المتنوّعة، فی حین تكون الملكیة أمرا اعتباریا وتعاقدیا.
فی تعریف الملكیة یمكن القول انّها: «سلطة الإنسان الاعتباریة على الشیء الذی یرید الانتفاع به بنحو مّا»، وقد قال بعض الفلاسفة: انّ الملكیة من مقولة (الاضافة) وقال بعض هی من مقولة (الجِدة) ویرى الرأی الثالث انّها (جِدة اعتباریة).
وعلى أیّ حال، فإنّ قوام الملكیة هو أن یكون للانسان نوع من السلطة القانونیة على الشیء كی یتمكن من التصرف به كما یحلو له بنحو مشروع. ولعل أفضل تعریف للملكیة هو هذه السلطة الاعتباریة والقانونیة، ولازمها إضافة المالكیة والمملوكیة.
الفطرة وحبّ المال
هل انّ رابطة (الملكیة) فطریة أم هی تنشأ فی الوسط الاجتماعی بمعونة من العقل وتعمّله؟
للإجابه عن السؤال المذكور ینبغی القول: من الصعب إثبات دعوى انّ (الملكیة) أمر فطریّ مستقلّ. لو افترضنا أنّ انساناً یعیش فی الأرض وحیداً لم یكن یطرح عنده قضیة الملكیة. فالإنسان لحبّه لذاته یودّ حیازة كلّ ما ینفعه، ونظراً لإمكان سلبه منه من قِبل الآخرین یتولد لدیه هذا الدافع وهو حصر حقّ التصرف فیه على نفسه وهذا هو معنى (الملكیة).
ولا یكون حبّ (المال) حبّا أولیاً وأصیلا أیضاً بل فرعیا وثانویا.
یودّ الإنسان ـ أصالةً وابتداء ـ تلبیة متطلَّباته ویستعمل هذه الأعیان والأموال كوسیلة لاشباع رغباته ومتطلَّباته، ولذا ینجذب إلیها. انّ الإنسان یحبّ أولاً الماء والطعام والملبس والزوج والأشیاء التی ترفع حاجاته الجسمیة أو الروحیة، وبعد التفاته إلى انّ شیئاً آخر یعینه فی تلبیة هذه الحاجات فانّه یحبّه. وعلیه فإنّ حبّه للمال حبّ آلىّ محض.
وعلى هذا لا یمكن القول انّ حبّ المال حبّ أصیل وفطری فی الإنسان، الاّ انّ نعتبر المال عنوانا انتزاعیا للاشیاء التی یحتاجها الإنسان بصورة مباشرة.
فالثروة لیست فی ذاتها شیئاً ینجذب إلیه الإنسان فطریا. بل انّ میله إلى المال ثانوی ویظهر فی الإنسان تبعاً لمیله الأصیل إلى ما یحتاجه فی حیاته. وإذا صار حبّ المال والثروة ذا أصالة عند بعض الناس وصار حیثیة آلیته منسیّة كان ذلك دلیلاً على انحراف الفطرة ونسیان الذات.
القیمة الأخلاقیة لحبّ المال
ما هی القیمة الأخلاقیة لحبّ المال، هل هو مذموم أم ممدوح أم حیادی ولا قیمة له إیجابیّة وسلبیّة؟
ترتبط الإجابة عن هذا السؤال إلى حدّ كبیر باستقلال هذا الحبّ وعدمه، فإذا اعتبرناه حبّاً ثانویاً ـ لكون المال وسیلة لتوفیر ما یحتاجه الإنسان ـ فإنّ قیمة المال تكون تابعة لقیمة ما یتبعه، فلو كان المتبوع ذا قیمة إیجابیّة كان المال ذا قیمة إیجابیّة تبعاً له، ولو كانت قیمته سلبیّة كان حبّ المال أیضاً ذا قیمة سلبیّة.
وعلى العكس إذا اعتبرنا حبّ المال مستقلا وغیر تابع، فیجب القول انّ هذا الحبّ فی ذاته ـ كسائر الرغبات الفطریة المبحوث عنها سابقاً ـ لیس حسناً ولا سیئا، بل انّ قیمته الإیجابیة أو السلبیّة تابعة لدافع كسب المال من جهة، وبطریقة كسبه ومورد صرفه من جهة أخرى، فإذا اكُتسب عن طریق غیر مشروع كانت له قیمة سلبیّة لأنّه یمنع بلوغ الإنسان إلى الكمالات الأخرى. وإذا جُعل المال وسیلة للقیام بعمل ذی قیمة إیجابیّة كان كسب المال كوسیلة له محبّذاً، وعلى العكس إذا أراد المال لصرفه فی موارد غیر صحیحة كان كسبه ذا قیمة سلبیّة أیضاً.
المال والبنون فی القرآن
یُذكر المال فی القرآن بتعابیر مختلفة:
أ ـ یوصف المال والبنون فی بعض الآیات بـ «الزینة» كما جاء فی مورد:
زُیِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِینَ وَالْقَنَاطِیرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَیْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالاَْنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَیَاةِ الدُّنْیَ7.
انّ كلّ ما ذُكر فی هذه الآیة كـ القناطیر المقنطرة من الذهب والفضة والخیل المسوّمة والأنعام والحرث من مصادیق المال، وهی زینة من وجهة نظر الإنسان وتجذبه نحوها كی ینتفع بها.
أجل، انّها زینة الحیاة الدنیا، وتتوقف قیمتها الإیجابیة أو السلبیّة على نیة الإنسان ودافعه فی كسبها، فإذا أراد الحیاة الدنیا للعبادة وأداء الواجب وبالتالی لأجل تكامله فإنّ مثل هذه الحیاة وشؤونها تكون ذات قیمة أخلاقیة إیجابیّة. وعلى العكس إذا جعل الحیاة الدنیا وشؤونها هدفاً وانشغل بها حتّى أنسته الأهداف الكبرى التی ینبغی الوصول إلیها كانت ذات قیمة أخلاقیة سلبیّة. انّ الحبّ الأصیل للحیاة الدنیا وزینتها لیست مذمومة فی الأخلاق الإسلامیة فحسبُ، بل هی السبب لكلّ خطیئة وانحراف.
وقال فی آیة أخرى:
الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِینَةُ الْحَیَاةِ الدُّنْیَ8.
فقد اعتبر المال والبنون زینة وجمالاً للحیاة الدنیا. وكما تمّ بیانه فانّه یجب مقارنة قیمتها مع القیم الأصیلة والأهداف الأرفع والأفضل.
ب ـ فی بعض الآیات اعتبر الأموال والبنون نِعماً إلهیة للبشر، وهذا وحده لیس دلیلا على قیمتها الأخلاقیة، ولكنّها من جهة نعمة تمهّد لابداء الإنسان شكره لله تعالى، ومن جهة اُخرى إذا كان استخدامها بدافع التمكن من العبادة وأداء الواجب فستكون ذات قیمة أخلاقیة إیجابیّة، كالآیة:
وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَال وَبَنِینَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِیر9.
والآیة: أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَام وَبَنِینَ10.
ج ـ فی بعض الآیات وعد بأنّكم إذا أدیتم العمل الفلانی فسوف تكثر أموالكم وأولادكم. من هذا الوعد الإلهی یمكن إدراك أنّ التمتع بالمال والبنین وحبَّهما لیس سیئا فی ذاته.
یقول فی إحدى هذه الآیات:
فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * یُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَیْكُمْ مِدْرَاراً * وَیُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَال وَبَنِینَ وَیَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّات وَیَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَار11.
فلو كان للمال والبنین قیمة سلبیّة لم یَعدِ الله تعالى الناس بمثل هذا الوعد أبداً. ونقرأ فی آیة أخرى:
لَقَدْ رَضِىَ اللهُ عَنْ الْمُؤْمِنِینَ إِذْ یُبَایِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِی قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِینَةَ عَلَیْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِیباً * وَمَغَانِمَ كَثِیرَةً یَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللهُ عَزِیزاً حَكِیماً * وَعَدَكُمْ اللهُ مَغَانِمَ كَثِیرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَیْدِىَ النَّاسِ عَنْكُمْ12.
ومع الالتفات إلى أنّ الله عزّوجلّ یقول فی الآیة الاُولى: استغفروا الله لكی یمدّكم بأموال وبنین، ویقول فی الآیة الثانیة: انّ الله سیجعل لهم غنائم كثیرة لأنّهم بایعوا النبی(صلى الله علیه وآله وسلم) على الأموال والأنفس، وهذا بنفسه شاهد على أنّ المال والبنین لیس لهما قیمة سلبیّة، والاّ فإنّ الله لم یَعدْ بهذا التعبیر ولم یرغّب الناس هكذا بأن استغفروا، أو اتّجهوا إلى الجهاد لكی تكسبوا أموالاً وأولاداً وغنائم.
من اتّجه إلى الجهاد لتحصیل الغنائم فقط وخاطر بنفسه كان قلیل الهمة وعُدّ عمله هذا عملاً غیر عقلانی. وعلیه فإنّ الله لا یتقبّل ذلك كدافع أصلی للحرب، بل قد استثمر هذا العامل لتعزیز الدافع الأصیل لدى المؤمنین للمشاركة فی الجهاد، أی یَعد بالغنائم لكی یؤدّی الذین یتحرّكون لله ـ باندفاعهم إلى جبهة القتال ومواجهة العدوّ ـ هذا الفعل بنحو أسرع وبدافع أقوى.
ومن البدیهی أن یحبّ المؤمنون ذوو الایمان الوثیق غنائم الحرب أیضاً إذ بها یضاعفون قوة الإسلام واقتداره لینتصروا على المشركین.
د ـ ورد فی عدد من الآیات أنّ بعض الانبیاء طلبوا البنین من الله سُبحانه، أو فرحوا بشدة عندما رزقهم ولدا، ویعلم من موقف الانبیاء(علیهم السلام) هذا ـ وهم الاُسوة والقدوة للآخرین ـ أنّ وجود الولد أمر محبّذ وقیّم إجمالاً.
من هؤلاء الانبیاء: النبی زكریا(علیه السلام) الذی وردت قصة حیاته فی ثلاث سور قرآنیة، فقد قال فی سورة آل عمران:
وَكَفَّلَهَا زَكَرِیَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَیْهَا زَكَرِیَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ یَا مَرْیَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ یَرْزُقُ مَنْ یَشَاءُ بِغَیْرِ حِسَاب * هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِیَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِی مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّیَّةً طَیِّبَةً إِنَّكَ سَمِیعُ الدُّعَاءِ * فَنَادَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ یُصَلِّی فِی الْمِحْرَابِ أَنَّ اللهَ یُبَشِّرُكَ بِیَحْیَى مُصَدِّقاً بِكَلِمَة مِنْ اللهِ وَسَیِّداً وَحَصُوراً وَنَبِیّاً مِنْ الصَّالِحِینَ13.
وجاء فی سورة مریم:
ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِیَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِیّاً * قَالَ رَبِّ إِنِّی وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّی وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَیْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِیّاً * وَإِنِّی خِفْتُ الْمَوَالِىَ مِنْ وَرَائِی وَكَانَتْ امْرَأَتِی عَاقِراً فَهَبْ لِی مِنْ لَدُنْكَ وَلِیّاً * یَرِثُنِی وَیَرِثُ مِنْ آلِ یَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِیّاً * یَا زَكَرِیَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَم اسْمُهُ یَحْیَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِیّ14.
وجاء فی سورة الانبیاء:
وَزَكَرِیَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لاَ تَذَرْنِی فَرْداً وَأَنْتَ خَیْرُ الْوَارِثِینَ15.
لقد دعا زكریا(علیه السلام) ربه أن یرزقه ولداً فرزقه یحیى(علیه السلام). ینقدح هنا سؤال عن الهدف من طلب الولد؟ هل كان ذلك إبرازاً للمیل الطبیعی فحسبُ، أم كان له سبب آخر؟
یستفاد من الآیات أنّه طلب الولد لیرث آل یعقوب ویرفع مشعل الهدایة وهّاجاً فی هذا البیت، ویكون سلوكه مرضیا عند الله، قال تعالى:
وَإِنِّی خِفْتُ الْمَوَالِىَ مِنْ وَرَائِی وَكَانَتْ امْرَأَتِی عَاقِراً فَهَبْ لِی مِنْ لَدُنْكَ وَلِیّاً * یَرِثُنِی وَیَرِثُ مِنْ آلِ یَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِیّ16.
والنبی ابراهیم(علیه السلام) وزوجه قد فرِحا فرحاً شدیداً ببشارة الملائكة بولد لهما، والبشارة الإلهیة تدل على حُسن التمتّع بالولد.
هـ ـ فی بعض الآیات اعتبر الدعاء للأولاد عملاً محبوباً لدى الانبیاء(علیهم السلام) أو الصالحین، فقد كان نبی الله ابراهیم(علیه السلام) یذكر ذریته دائماً ویدعو لهم، ویطلب لهم خیر الدنیا والآخرة من الله عزّوجلّ.
لقد دعا ابراهیم(علیه السلام) وابنه اسماعیل(علیه السلام) عند بناء الكعبة:
رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَیْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّیَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَیْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِیمُ * رَبَّنَا وَابْعَثْ فِیهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ یَتْلُو عَلَیْهِمْ آیَاتِكَ وَیُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَیُزَكِّیهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِیزُ الْحَكِیمُ17.
ودعا فی موضع آخر:
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِیمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِی وَبَنِىَّ أَنْ نَعْبُدَ الاَْصْنَامَ18.
ویدعو ابراهیم بقوله:
رَبِّ اجْعَلْنِی مُقِیمَ الصَّلاَةِ وَمِنْ ذُرِّیَّتِی رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ19.
وعندما منحه الله عزّوجلّ مقام الإمامة طلب ذلك لذریته:
وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِیمَ رَبُّهُ بِكَلِمَات فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّی جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ
ذُرِّیَّتِی قَالَ لاَ یَنَالُ عَهْدِی الظَّالِمِینَ20.
وقد دعا ابراهیم(علیه السلام) للمؤمنین أیضاً، ولكنّه كان یدعو دعاء خاصّاً لذریته ویولیهم رعایة خاصّة، ولم یذمّه الله سُبحانه. وعلى أىّ حال، فإنّ من الفطری أن یكون حبّ كلّ انسان لابنائه أشدَّ وأكثر.
والله سُبحانه یلقّن المؤمنین ویعلّمهم الدعاء لابنائهم حیث یقول:
وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِینَ یَمْشُونَ عَلَى الاَْرْضِ هَوْناً..... وَالَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّیَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْیُن وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِینَ إِمَام21.
و ـ اعتبر الولد الصالح فی بعض الآیات نعمة خاصّة وأجراً للعمل الصالح.
وقد حكى القرآن على لسان ابراهیم(علیه السلام):
وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَأَدْعُو رَبِّی عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّی شَقِیّاً * فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا یَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَیَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِیّ22.
یستشعر من هذه الآیات أنّ الأنبیاء كاسماعیل وإسحق ویعقوب كانوا نعمة إلهیة قد تفضل الله بهم على ابراهیم أجراً على هجرته من الوطن وأهله المشركین.
وقال فی آیة أخرى:
وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَیَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِی ذُرِّیَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَیْنَاهُ أَجْرَهُ فِی الدُّنْیَا وَإِنَّهُ فِی الاْخِرَةِ لَمِنْ الصَّالِحِینَ23.
ولعل الرزق بالولد الصالح كاسماعیل وإسحق ویعقوب هو مصداق للأجر الدنیوی المذكور فی ذیل الآیة، سیّما وانّه جعل مجموعتین من انبیائه من ذریة ابراهیم(علیه السلام): إحداهما أنبیاء بنی إسرائیل وكانوا من ذریة إسحق، وثانیتهما ذریة اسماعیل التی تنتهی بنبی الإسلام(صلى الله علیه وآله وسلم).
وقال فی آیة ثالثة:
وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَیَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنَا صَالِحِینَ24.
ز ـ هناك آیات تنبىء بأنّ الله تعالى سوف یُلحق أبناء المؤمنین الذین اتّبعوا آباءهم فی الایمان بهم فی الجنة، حیث یقول:
وَالَّذِینَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّیَّتُهُمْ بِإِیمَان أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّیَّتَهُمْ25.
على أىّ حال، فإنّ أبناء المؤمنین یدخلون الجنه طبعاً، ولكنّ ما تشیر إلیه هذه الآیة هو مرافقتهم مع آبائهم، وهذه نعمة تضاف إلى نعمة الجنة. من هنا یقول بعد ذلك بأنه لا ینقص من أجر عملهم شیئاً.
أو یقول: رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْن الَّتِی وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّیَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِیزُ الْحَكِیمُ26.
بدیهی أنّ المراد فی هذه الآیة هو كالآیة السابقة أی مرافقتهم إیّاهم وإنْ لم یستعمل فی هذه الآیة لفظ الإلحاق.
والحاصل أنّه یستفاد من مجموع هذه الآیات أنّ وجود المال والبنین فی ذاته لا قیمه سلبیّة له، ولیس من أهداف الإسلام أن یسكن الإنسان كهفاً فی هذه الدنیا من دون أبناء، ولا من أهدافه أن یعتزل العمل والسعی لكسب المال والمعاش.
حبّ الأبناء والفطرة
یمكن القول ـ استناداً إلى شواهد ـ انّ حبّ الأبناء أمر فطری، وللناس دوافع مختلفة فی تقویة هذا المیل الفطری، ففی المجتمع العشائری یكون الولد مصدراً للاقتدار الأكبر فی الإنسان. وفی بعض الموارد یحبّ بعض الناس الولد لكی یكون عوناً عند الشیخوخة والعجز، وأخیراً فإنّ الدافع الآخر هو اعتبارهم الولد امتداداً لوجودهم، أی حینما یلتفت الإنسان إلى انّ حیاته لیست أبدیة، وسوف یموت بلا ریب فانّه یعتبر الولد مرتبة ضعیفة من وجوده، ویرى بقاء ولده بعد موته بقاء له وهذه العقیدة تشعره بالسكینة. ووراء هذه الدوافع المختلفة المذكورة میل أصیل ومستقل وفطری لوجود الولد فی ذات الإنسان، وهذا فی رأینا فارق واضح بین دافعَی حبّ المال وحبّ البنین، فحبّ المال لیس أصیلا، بل هو مراد كوسیلة لرفع الحوائج الأخرى، فی حین یمكن القول انّ الولد مراد أصیل وتتعلّق به إرادة فطریة مستقلة.
من هنا نلاحظ الذین حُرموا من الولد لا قرار لهم، وهذا النقص یؤلمهم بشدة ویضطرون لتبنّی ولد لهم.
كان التبنّی سنّة سائدة فی الكثیر من المجتمعات، وقد أشار القرآن الكریم فی بعض الموارد إلى هذه السنّة، فقد كان أحد الذین تبنّوا ـ كما یتحدّث القرآن ـ هو عزیز مصر الذی حاول أن یتبنّى یوسف (ع) ، قال تعالى:
وَقَالَ الَّذِی اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِی مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ یَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِیُوسُفَ فِی الاَْرْضِ27.
كما انّ زوج فرعون التی لم تُرزق ولداً أقنعته بأن یغضّ النظر عن قتل موسى(علیه السلام) (أیام رضاعته) لكی یكون لهما ولداً، قال تعالى: وَقَالَتْ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَیْن لِی وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ یَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لاَ یَشْعُرُونَ28.
من هذه المضامین یمكن استشعار فطریة حبّ الولد، و لهذا یفكر فی اشباعه بالبدیل فی حالة عدم إشباعه بشكل طبیعی.
كسب الأموال والبنین من وجهة النظر الأخلاقیة
ما هو حكم اكتساب الأموال والبنین أخلاقیا؟ هل له قیمة إیجابیّة أم سلبیّة؟ یعرف الجواب من ملاحظة الأصول التی أشرنا إلیها سابقاً: إذا كان حبّ الأموال والبنین هو المحور فانّه یقتضی الغفلة عن الكمالات المعنویة، وبالتالی یُعتقد بأنّ الأموال والبنین منشأ للقیمة والإستعلاء ویُغفل عن الكمالات الواقعیة والمعنویة.
فی هذه الحالة المنحرفة التی یفقد حبّ المال وبذل الجهد لاكتسابه موقعهما الأصیل، ویتعارضان مع الكمالات المعنویة والاُخرویة للانسان ستكون لهما قیمة أخلاقیة سلبیّة.
یحذّر القرآن الكریم الإنسان فی الكثیر من الآیات من صیرورة البنین والأموال غایة له بحیث تمنعه من تحقیق الأهداف الأصیلة للحیاة. ویذمّ الذین یعتبرون الأموال والبنین ملاكا للقیمة، فیقول فی قصة طالوت:
وَقَالَ لَهُمْ نَبِیُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوا أَنَّى یَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَیْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ یُؤْتَ سَعَةً مِنْ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَیْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِی الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ یُؤْتِی مُلْكَهُ مَنْ یَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِیمٌ29.
كانوا یعتقدون خطأ انّه لیس أهلا للقیادة لأنّه غیر ثرىّ. فی الحقیقة كانت الأهداف والقیم قد تغیّرت لدى بنی إسرائیل لحبّهم المفرط للأموال والبنین حتّى أنّهم اعتبروا المبدأ الأساسی للقیمة والكمال الإنسانی هو المال والثروة، واعتقدوا أن من یملك أموالاً أكثر فهو ألیَق للحكم.
ومشركوا مكة لم یتحمّلوا النبی(صلى الله علیه وآله وسلم) أیضاً بهذه الذریعة وهی: لماذا لم یخترِ الله نبیّه من بین العظماء أی أثریاء العرب؟
وَقَالُوا لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُل مِنْ الْقَرْیَتَیْنِ عَظِیم30.
فقال الله تعالى فی الردّ علیهم:
أَهُمْ یَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَیْنَهُمْ مَعِیشَتَهُمْ فِی الْحَیَاةِ الدُّنْیَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْض دَرَجَات31.
انّ الله عزّوجلّ هو الذی قسّم ثروات الحیاة على الناس فأعطى كلّ انسان ما یصلحه، انّ المال فی الدنیا لیس سوى وسیلة للاختبار قد قسّمه الله على الناس على أساس من المصلحة.
ولكنّ مشركی مكة لتوغّلهم فی القیم المادیة واعتبارهم المال ملاكاً لعظمة الإنسان وقیمته ظنّوا أنّ النبی یجب انتخابه من بین الأثریاء.
قال فی آیة أخرى:
فَلَوْلاَ أُلْقِىَ عَلَیْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَب32.
هذه الانحرافات الفكریة والقیمیة موجودة فی المجتمعات المختلفة وتشغل بال بنی الإنسان حتّى المؤمنین والعابدین لله عزّوجلّ. كان بنوإسرائیل یعبدون الله ویؤمنون بنبی الله وطلبوا منه تعیین قائد لهم، ورغم ذلك لم یُقرّوا بقیادة طالوت غیر الثری، وذلك لحبّهم للمال واعتباره الملاك الوحید للقیادة.
وفی القرآن ندّد الله عزّوجلّ بشدة بهذه الرؤیة حیث قال:
وَیْلٌ لِكُلِّ هُمَزَة لُمَزَة * الَّذِی جَمَعَ مَالا وَعَدَّدَهُ * یَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ * كَلاَّ لَیُنْبَذَنَّ فِی الْحُطَمَةِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ33.
انّ الاعتقاد بأنّ المال یجلب السعادة والخلود للانسان اعتقاد خاطىء تجب مكافحته، قال تعالى عن أبی لهب:
مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ34.
وقال عن الكفار:
وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالا وَأَوْلاَداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِینَ35.
كان هؤلاء الكفار یعتقدون بأنّ العذاب إذا وقع فانّه یصیب الفقراء والبؤساء، إذ إنّ بیوت الفقراء غیر محكمة فهی التی تنهدم لا بیوتهم المحكمة!. انّ الفقراء هم الذین یتعرضون للشقاء والعذاب، ولیس الذین یحظَون بمعونات من أبنائهم الكثیرین!
وفی آیة اُخرى یضفی على الثروة قیمة سلبیّة لانّها أصبحت منشأ للتكبر ویذمّ مثل هؤلاء الأثریاء بقوله:
عُتُلّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِیم * أَنْ كَانَ ذَا مَال وَبَنِینَ36.
وفی آیة اُخرى یضفی علیها قیمة سلبیّة لكونها سبباً للغرور وحبّ الدنیا المفرط بقوله تعالى:
ذَرْنِی وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِیداً * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُوداً * وَبَنِینَ شُهُوداً * وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِیداً * ثُمَّ یَطْمَعُ أَنْ أَزِیدَ37.
مثل هذه الآثار والأعراض تكون منشأ للقیمة السلبیّة للأموال والبنین، ولولا هذه الأعراض لم یتعلّق بهما ذمّ أیضاً، لانّ ذات الأموال والبنین نعمة إلهیة ویمكن استخدامهما بصورة صحیحة، وإذا اكتُسبا عن طریق مشروع ولأهداف صحیحة كان لهما قیمة إیجابیّة أیضاً.
وسیلتان للاختبار
لقد عارض القرآن الذین اعتبروا الأموال والبنین هدفاً أصیلا فی الحیاة أو عاملاً لتكامل الإنسان وتقرّبه إلى الله عزّوجلّ، وینظر إلیهما كوسیلتین لاختبار الإنسان، یقول القرآن فی آیة:
وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ بِالَّتِی تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى38.
وعلیه فإنّ الأموال والبنین ـ إضافةً إلى انّهما لیسا هدفین أصلیَّین ـ لا یقرّب امتلاكهما الإنسان من هدفه النهائی وهو القرب الإلهی.
یقول القرآن بأنّ الأموال والبنین وسیلتان للاختبار، ویتوقف دورهما فی نیل الإنسان لكماله على الإستخدام الصحیح لهما.
لقد أعلن القرآن موقفه الخاصّ من الأموال والبنین فی آیات مختلفة، فیقول فی موضع:
وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِیمٌ39.
انّ القرآن الكریم یعتبر الأموال والبنین بل كلّ النِعم الدنیویة وسیلة للاختبار. ومن الطبیعی أن تكون وسیلة الإختبار جذابة. فلو لم یحبّ الإنسان الأموال والبنین ولم یأبهْ بهما لم یصبحا وسیلة لاختباره لیُعلم هل یكتسبهما عن طریق صحیح ویصرفهما فی طریق صحیح؟ وهل یتنازل عن الأموال إذا لزم ذلك أم لا؟
إذنْ یجب أن تكون الأموال والبنون جذابة لتكون وسیلة لاختبار الإنسان. وبملاحظة هذه النكتة المأخوذة من مضمون الآیة:الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِینَةُ الْحَیَاةِ الدُّنْیَ40 نفهم انّه لا تعارض بین الآیتین إطلاقاً. وقد أشار بصراحة إلى هذه العلاقة وطرفیها فی موضع واحد من آیة اُخرى بقوله:إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الاَْرْضِ زِینَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَیُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَل41.
ومن جهة اُخرى نلاحظ قوله فی بعض الآیات:إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِیمٌ42. حیث یشیر إلى انّ الإنسان إذا لم تخدعه الجواذب المادیة وأفلح فی الاختبار الإلهی فانّه سینال ما عند الله من أجر عظیم وحیاة سعیدة.
وعلى هذا فإنّ المال كما قلنا لیس حسناً فی ذاته، كما انّه لیس سیئاً فی ذاته، بل انّه حسن إذا كان سلّماً لارتقاء الإنسان ونیله للكمال، كما انّه إذا كان سداً ومانعاً من تكامل الإنسان فالواجب هو تركه فی هذه الحالة كما یقول تعالى:
یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ43.
أو یقول:
قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِیرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَیْكُمْ مِنْ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَاد فِی سَبِیلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى یَأْتِىَ اللهُ بِأَمْرِهِ44.
إذنْ تتعلّق القیمة السلبیّة للأموال والبنین بهذا الحبّ المفرط الذی یمنع من بلوغ الكمال المتوخّى، ویصدّ الإنسان عن الأعمال الصالحة ویدفعه لارتكاب القبائح، وقد روی عن المعصوم(علیه السلام):
«حبُّ الدُنیا رأسُ كُلِّ خَطیئَة».
والقیمة الإیجابیة تكون فی ظل الدافع الإلهی والإلتزام بالموازین الشرعیة الصحیحة فی اكتساب المال وإنفاقه واتخاذه وسیلة لنیل القرب الإلهی والمنزلة الرفیعة عند الله.
1 الانفال 28.
2 سبأ 37.
3 الإسراء 6.
4 الكهف 46.
5 3/10 و 3/116 و 9/69 و 18/39 و 18/46 و 19/77 و 33/55 و 26/134 و 34/35 و 34/37 و 57/20 و 68/14 و 71/12 و 73/12 و 13.
6 المال شیء یرفع حاجة من حاجات الإنسان بالفعل او بالقوة وقد عرف دوره فی ذلك ویكون مشروعا ومقبولا لدى الناس بنحو عامّ وله شحة نسبیة ـ مقتبس من (المبانی الاقتصادیة للاسلام) / مكتب التّنسیق بین الحوزة والجامعة ص 221.
7 آل عمران 14.
8 الكهف 46.
9 الإسراء 6.
10 الشعراء 133.
11 نوح 10 ـ 12.
12 الفتح 18 ـ 20.
13 آل عمران 37 ـ 39.
14 مریم 2 ـ 7.
15 الانبیاء 89.
16 مریم 5 و 6.
17 البقرة 128 و 129.
18 ابراهیم 35.
19 ابراهیم 40.
20 البقرة 124.
21 الفرقان 63 و 74.
22 مریم 48 و 49.
23 العنكبوت 27.
24 الانبیاء 72.
25 الطور 21.
26 غافر 8.
27 یوسف 21.
28 القصص 9.
29 البقرة 247.
30 الزخرف 31.
31 الزخرف 32.
32 الزخرف 53.
33 الهمزة 1 ـ 5.
34 المسد 2.
35 سبأ 35.
36 القلم 13 و 14.
37 المدثّر 11 ـ 15.
38 سبأ 37.
39 الانفال 28.
40 الكهف 46.
41 الكهف 7.
42 التغابن 15.
43 التغابن 14.
44 التوبة 24.