مقدمة
القسم الآخر من الأخلاق الاسلامیة یتمحور حول الشؤون المالیة. ولهذا القسم ارتباط بالقضایا الحقوقیة من جهة، وبالقضایا الاقتصادیة من جهة اُخرى، كما لا یكون بعیداً عن القضایا السیاسیة والدولیة أیضاً. ومع ذلك فنحن نركّز هنا على القیمة الأخلاقیة فقط.
انّ القیم الأخلاقیة التی تبحث فی هذا المجال تنقسم بصورة عامة الى مجموعتین:
المجموعة الاُولى هی القیم التی تندرج تحت عنوان العدل، ویمكن التحدث عنها فی ضوء العنوان العام للعدالة.
المجموعة الثانیة هی القیم التی تندرج تحت عنوان الاحسان، وتمثل اشعاعاً عن القیمة الأساسیة للاحسان. بناء على ذلك كما ذكر فی بیان المعاییر العامة فی القیم الاجتماعیة فانّ المبدأین العامین: (العدل والاحسان) لهما أهمیة اساسیة فی هذا المجال، وخاصة فی الشؤون المالیة، حیث یمكن ان یكون لهما تأثیر غیر اعتیادی. وندرس هنا باختصار كلاً من المجموعتین بصورة مستقلة.
أ ـ العلاقات العادلة وغیر العادلة
ان موضوع العدل یتعلّق بالعلاقات المتبادلة بین بنی الانسان فی المجتمع، ویعنی سیادة التوازن فیها كی لا یُظلم أو یُجحف بحق شخص فی هذه العلاقات والمعاملات، وأمّا ما یندرج تحت عنوان الاحسان فانه ذو جانب واحد ولا یكون موضوعا للظلم والعدل، بل هو من باب الایثار. فالذین یعینون الآخرین مالیاً بدون مقابل فان عملهم یندرج تحت عنوان الاحسان.
ان اساس ومحور البحث فی الأمور المالیة ممّا یندرج تحت عنوان العدل هو احترام الملكیّة، أی بما أن كل مال له مالك خاص فلابدّ من احترام ملكیّته دون أن یتعرض للاعتداء وتطاول الآخرین، والمبادلات المنجزة یجب ان تكون متناسبة مع ملكیّة الطرفین وحقوقهما.