على من یجب الانفاق؟
هناك افراد ینبغی تقدیم الزكاة الیهم ویستحقونها، وقد عرّف القرآن هذه الفئات كما یلی:
(وَ آتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِی الْقُرْبى وَ الْیَتامى وَ الْمَساكِینَ وَ ابْنَ السَّبِیلِ وَ السّائِلِینَ وَ فِی الرِّقابِ)([1]).
(قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَیْر فَلِلْوالِدَیْنِ وَ الأَْقْرَبِینَ وَ الْیَتامى وَ الْمَساكِینِ وَ ابْنِ السَّبِیلِ)([2]).
(وَ بِالْوالِدَیْنِ إِحْساناً وَ بِذِی الْقُرْبى وَ الْیَتامى وَ الْمَساكِینِ وَ الْجارِ ذِی الْقُرْبى وَ الْجارِ الْجُنُبِ وَ الصّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَ ابْنِ السَّبِیلِ وَ ما مَلَكَتْ أَیْمانُكُمْ)([3]).
فی مجموع هذه الآیات ذكرت فئات وافراد كثیرون ینتفعون بالصدقات والزكاة بصورة عامة واجمالیة، وعدا ذلك هناك ملاحظة اُخرى أیضاً قد تستفاد من الآیات القرانیة وهی (مبدأ رعایة المراتب) أی انّ المذكورین فی الآیات السابقة وان استحقوا استلام الزكاة ولكن هناك مراتب لابدّ من رعایتها عند شحة الزكاة.
من أراد الانفاق وكان والداه معوزین فالواجب فی المرتبة الاُولى ان یهتم بهما ویحسن الیهما، ثم یصل الدور الى الارحام والاقارب المعوزین. ومع وجود هؤلاء فان الدور لایصل الى الغرباء. وهكذا یكون للجیران والأصدقاء الاولویة بعدهم، وحینما لا یوجد من المذكورین محتاج الى الانفاق علیه وقد وصل الدور الى الآخرین فان الاولویة تكون للأشد احتیاجاً والمبتلى بقلة ذات الید والمشكلات، كالیتامى الذین لا ولیّ لهم والمحتاجین لضروریات الحیاة كالغذاء و... أو ابناء السبیل الحیارى فی الغربة ولا طریق للخلاص أمامهم.
على المؤمن ان یلتفت الى هذه الأمور الظریفة لدى الانفاق، ومن هنا یكون الوالدان فی آیات عدیدة فی الصدارة فی هذا المجال. وقد دعی الى الاحسان الیهما أولاً ثم الاقرباء ثم الذین هم اكثر استحقاقا واحتیاجا.
هذه الملاحظة جدیرة بالالتفات الى درجة ان الله حینما یدعو للاهتمام بالجار نجده قد راعى الترتیب أیضاً فیذكر أولاً الجار من الارحام ثم الجار الغریب (والجار ذی القربى والجار الجنب).
و یمكن القول: ان هذا نوع من النظام وتقسیم المسؤولیة لو راعاه الجمیع فسوف لا یبقى معوز وینتفع الجمیع من بركات هذا الاحسان والانفاق، ولو لم یراع هذا النظام والمراتب فقد یكون بعض المستحقین مورداً لانفاق عدة افراد واحسانهم ویصلهم ما یفوق احتیاجهم، والى جانبهم یبقى البعض الآخر محروماً دون ان یعبأ به أحد.
انّ التفصیل فی بحث مستحقی الانفاق ورعایة المراتب والشروط و... موجود فی الكتب الفقهیة، ونحن نكتفی هنا بهذا المقدار ونرجع من أراد التفصیل الیها.
[1]. البقرة 177.
[2]. البقرة 215.
[3]. النساء 36.