النهی عن المنكر ومكافحة الفساد
ان مكافحة الفساد ومواجهة الظلم واجب شرعا فی بعض الموارد كی یحفظ اساس الدین، فاذا أراد اشخاص القضاء على المقدسات الدینیة فانه یجب مواجهتهم یقینا. ومع الالتفات الى الهدف من بعثة الانبیاء(علیهم السلام) لا یبقى مجال للشك فی وجوب مكافحة الفساد علینا، وان لم نملك دلیلا شرعیا على وجوب هذه المكافحة. حینما یتعرض اساس الاسلام للخطر فانّ المواجهة تكون واجبة مهما كان الثمن، وهكذا مواجهة أی خطر فی هذا السبیل، سواء أصدق علیه عنوان الامر بالمعروف والنهی عن المنكر أم لم یصدق. فی هذه الموارد لا یجب علینا انتظار العثور على دلیل تعبدی، ولا نبقى أسرى العناوین وتطبیقها، لان الطریق واضح والهدف محدد ویكون واجبنا هو المواجهة.
یقول المرحوم كاشف العطاء فی مثل هذا المجال: (على الفقیه ادّخار الادلة الظنیة لموارد الشك). إذنْ حینما یتعرض كیان الاسلام الى الخطر لا ینبغی اعتبار مكافحة الفساد فی المجتمع الاسلامی مسألة مشكوكة كی نحتاج الى التفكیر باثباتها عن طریق الادلة الظنیة.
ولكن نلاحظ فی بعض الروایات اطلاق عنوان الامر بالمعروف والنهی عن المنكر على هذه الافعال. قال سید الشهداء(علیه السلام) مبیّنا الهدف من ثورته بكربلاء:
«خرجت لآمر بالمعروف وأنهى عن المنكر».
فی هذه الروایات اعتبرت ثورة الامام الحسین(علیه السلام) من مصادیق الامر بالمعروف والنهی عن المنكر مع انها انتهت بالقتال ومقتل أعزّ الاعزاء فی الاسلام.
السؤال الآخر هو: هل ان اطلاق الامر بالمعروف والنهی عن المنكر على هذه الموارد اطلاق حقیقی أم مجازی؟ فی الجواب یمكننا القول: ان الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بالمعنى الحقیقى لایشمل هذه الموارد، ویصدق علیها عنوان الجهاد اكثر. وعلیه فان اطلاقهما یكون من باب التوسع فی التعبیر، أو قد یكون المراد منها فی كلام الامام(علیه السلام)حسب مفهومهما الحقیقی هو الامر بالمعروف والنهی عن المنكر فی الكلام وفضح مركز الفساد، وكانت قضیة الحرب والجهاد والقتل من التوابع اللاحقة لهما.
الامام(علیه السلام) إذنْ لم یطلقهما على هذه الواقعة الدامیة، بل جاء للامر بالمعروف والنهی عن المنكر ومكافحة الفساد، ولكن نظراً لطغیان العدوّ وبغیه أقدم على قتال الامام وقتله وقتل اصحابه بدلاً عن الخضوع للحق.