ar_akhlag3-ch11_13.htm

الكلام الفارغ أو اللهوی

الكلام الفارغ أو اللهوی

من الامور التی یكون الكلام بسببها ذا قیمة سلبیة هو اللهو أو اللغو فی الكلام. فاللغو یعنی العمل الباطل وعدیم الفائدة الذی لا مصلحة فیه لدنیا الانسان ولا لآخرته. واللهو یعنی العمل الذی یشغل الانسان عن غایة معقولة وقیّمة.

انّ الهدف الأساسی فی حیاة المؤمن الذی یرید طی مسیرة تكامله الحقیقی هو التقرب الى الله والاستقرار فی جوار رحمته. وعلیه فانّ اللهو ـ حسب الاصطلاح الشرعی ـ یطلق على العمل الذی یشغل الانسان وفق مقتضى طبعه ویصدّه عن ذكر الله والتقرب الیه والالتفات الى الهدف الأساسی من الحیاة.

انّ اللغو واللهو أعمُّ من الكلام الباطل فیشملان العمل أیضا، ولكن من مصادیقهما الكلام اللغوی او اللهوی الذی یجعل الانسان فی غفلة عن الله طبعا. قال تعالى فی سورة لقمان:

(وَ مِنَ النّاسِ مَنْ یَشْتَرِی لَهْوَ الْحَدِیثِ لِیُضِلَّ عَنْ سَبِیلِ اللّهِ بِغَیْرِ عِلْم)([1]).

المقصود من لهو الحدیث فی هذه الآیة هو الألفاظ والأصوات اللهویة. ولذا اعتبر الغناء فی الروایات من مصادیق لهو الحدیث. إذنْ كل قول لهوی یصد الانسان عن سبیل الله ویضله هو مصداق للهو الحدیث. وقد أشیر فی آیة اُخرى بصورة اوضح الى صفة الصد فی اللهو، قال تعالى:

(وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَیْها وَ تَرَكُوكَ قائِماً قُلْ ما عِنْدَ اللّهِ خَیْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَ مِنَ التِّجارَةِ وَ اللّهُ خَیْرُ الرّازِقِینَ)([2]).

ومن المصادیق الواضحة للّهو هو الغناء وقد تناوله الفقهاء فی بحث المكاسب المحرمة، وللّهو مصادیق اُخرى كما قال تعالى:

(أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ * حَتّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ)([3]).

وقد أطلق القرآن فی موارد مختلفة اللهو على الدنیا والاولاد والأموال والتجارة وغیرها، والمقصود هو ان نراعی الحدود بدقة فی كل مورد منها، فاذا أفرطنا فی التعامل معها وتجاوز اهتمامنا بها الحد المطلوب، فانها تصدُّنا عن الهدف الأساسی من حیاتنا وتتخذ حالة اللهو. وعلیه رغم الأهمیة الخاصة للاهتمام بهذه الموارد فی وصولنا الى الهدف، فانها اذا فقدت صفتها كوسیلة وحلّت محل الهدف الأساسی وصدّتنا عن هدفنا الأساسی الواقعی فإنها ستكون مصداقا للّهو، ویذمنا الله على هذا الاهتمام الكبیر بها لانها سوف تدمّر مستقبلنا.

الاّ انّ اللغو لیس محرَّما فی نفسه وبصورة عامة، بل یحسن ویترجح تركه، قال تعالى فی سورة المؤمنون:

(وَ الَّذِینَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ)([4]).

یستفاد من هذه الآیة أن الإعراض عن اللغو ممدوح مطلقا، سواء أكان اللغو فی الكلام أو السلوك والعمل. وقد تأكد تركه فی الروایات تحت عنوان (مالا یعنی) أی العمل الباطل والمهمل.



[1]. لقمان 6.

[2]. الجمعة 11.

[3]. التكاثر 1 و 2.

[4]. المؤمنون 3.

بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...