ar_akhlag3-ch12_1.htm

المقدمة

المقدمة

القسم الآخر من المسائل الأخلاقیة یدور حول محور رد فعل الانسان تجاه السلوك غیر الاخلاقىّ الصادر من الآخرین. فالسلوك غیرالأخلاقی والافعال المضّادة للقیم تنقسم الى انواع مختلفة نظراً لسعة مفهوم الأخلاق ونطاق السلوك الأخلاقی.

فمن ناحیة یمكننا تقسیم السلوك غیر الأخلاقی الى ثلاثة أقسام بحیث تتناسب مع أقسام السلوك الاخلاقی، وهی: الاخلاق الالهیة والأخلاق الفردیّة والأخلاق الاجتماعیّة.

ففی القسم الاول یكون المراد من السلوك غیر الاخلاقی هو العمل المعارض لواجب الانسان تجاه الله سبحانه كأن لا یصلی أو لا یصوم أو لا یحج حجَّه الواجب أو یقصّر فی أداء واجباته الالهیة الاُخرى.

وفی القسم الثانی یكون المراد من السلوك غیر الأخلاقی هو السلوك الذی یرتبط بالانسان نفسه ویعود بالضرر علیه، وان كان بالتالی ذا صلة بالله سبحانه ویكون فی هذه الحالة بلحاظ القسم الاول غیر أخلاقی أیضا، ولكن فی هذا القسم یكون الملاحظ هو البعد غیر الاخلاقی الشخصی والضرر الناشئ منه مثل الضرر الناشىء من قلة الأكل أو كثرته ومن الانزواء.

فی القسم الثالث یكون المراد من السلوك غیر الاخلاقی هو الفعل الضار بالآخرین والمسبب لضیاع حق من حقوقهم، كالإهانة والتعدی على اموال الآخرین وانفسهم وأعراضهم.

ینقسم القسم الثالث الى مجموعتین صغیرتین:

المجموعة الاُولى هی الافعال التی تعتبر تعدّیاً على حق فرد أو فئة من أعضاء المجتمع كغصب اموال الآخرین.

المجموعة الثانیة هی الافعال التی تعتبر اعتداء على حق المجتمع بصورة عامة بعنوان انه بلد واحد أو حكومة واحدة أو امّة واحدة، نظیر التآمر على نظام المجتمع بهدف القضاء على الاسلام والنظام الاسلامی.

مرة اُخرى یمكن ان نجعل أقسام الافعال غیر الأخلاقیّة المذكورة فی صفّین مستقلّین وتقسیمها الى قسمین:

القسم الاول هو الافعال غیر الأخلاقیة المذكورة التی تمارس فی الخفاء وسرّاً ولا یطلع الآخرون علیها. والمراد من هذا البحث هو معرفة تكلیف من یطلع صدفة على مثل هذا الفعل السّری غیر الأخلاقىّ؟

القسم الثانی هو الافعال غیر الأخلاقیة المذكورة التی تمارس علناً.

وعلیه فان الافعال غیر الأخلاقیة ذات انواع مختلفة وعلینا بیان قضایا نراها ضروریّة حول الاقسام المهمة التی تم ذكرها.

نحن والسلوك غیر الأخلاقی السرّی

اذا كان سلوك الانسان غیر الأخلاقی مرتبطا بالله سبحانه أو بنفس الفاعل ویمارسه بنحو سرّی فالسؤال هو: ما هو واجبنا تجاه هذا السلوك؟ فی الاجابة یجب القول: هنا نواجه قیمتین متقابلتین ومتزاحمتین بحیث لا یمكن الالتزام بهما معا، اذ یجب ان لا نكون ـ من جهة ـ بلا موقف تجاه سلوك الآخرین، ففی النظام الاسلامی یجب على أعضاء المجتمع الرقابة المتبادلة لسلوك الآخرین، وهناك واجبات وضعت على عاتق المسلمین فی النظام الاسلامی نظیر وجوب ارشاد الناس ودعوة بنی الانسان لممارسة افعال الخیر والتواصی بالحق والامر بالمعروف والنهی عن المنكر، الأمر الذی لا ینسجم مع الحیاد تجاه افعال الآخرین.

ومن جهة اُخرى یمارس الطرف الآخر فعلا غیرخلقی سرّاً وبعیداً عن عیون الآخرین ولا یودّ ان یطّلع الغیر علیه أبداً، وعلیه ینبغی رعایة كرامة الانسان وحفظ ماء وجهه ولا یرضى الله أبداً بانتهاك كرامة الانسان وان كان عاصیا.

بناء على ذلك لا یجوز كشف سرّه من جهة، وتجب معالجته وانقاذه من الهلاك من جهة اُخرى.

ولو أمكن الجمع بین القیمتین بفعل ما وبدون هدر كرامة هذا الانسان حتّى عند المرشد بان ینتبه ویترك فعله القبیح فلا تحدث مشكلة فی هذه الحالة، كأن یدعوه المرشد الى مطالعة كتاب أو یعظه وینصحه بصورة عامة ویذكّره بأضرار ذلك الفعل دون ان یلتفت الى انه مطّلع علیه لكی یحفظ كرامته ویلفت نظره الى عمله القبیح.

ولكن مع بالغ الاسف یجب القول ان هذا الامر غیر میسور فی الغالب ولا یمكن الجمع بین هاتین القیمتین عملیاً. اذ ان الانسان اذا أراد ارشاد شخص عاص فانه ـ شئنا أم أبینا ـ سوف ینتبه الى انه مطلع على معصیته. وعلیه لا شك فی اننا یجب ان نقوم بفعل لا یلفت نظر شخص ثالث الى الفعل السرّی للعاصی وینكشف سرّه لدى الآخرین.

السؤال الآخر: مع افتراض عدم امكان الجمع بین كتمان السرّ وارشاد العاصی هل المناسب فی ارشاده هو اخباره بانه مطلع على معصیته السرّیة أو یتحدث معه بنحو یدرك فیه انه مطلع على سره؟

فی الجواب یمكن القول: اذا انحصر طریق الإصلاح فی ابداء هذا العلم أو القول أو السلوك الدال على اطلاعه علیه فان مصلحة إنقاذه ترجح على حفظ سره، لانه ان لم یقل شیئا فانه سیواصل معصیته ویكون استمرارها سببا لهلاكه. وعلیه ینبغی فی هذه الفرضیة الاخذ بیده وإنقاذه من الهلاك، ولكن مع المحافظة على كرامته وعدم فضحه قدر الإمكان، والاّ فانّ المرشد سیكون مرتكبا لذنب آخر ویحتاج الى ارشاد الآخرین.

بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...