القیمة فی شهادة الشهود
العنصر الانسانی الثالث فی القضاء هم الشهود الذین لهم الدور المهم فی كیفیة صدور الحكم، اذ بدونهم لا یمكن فی الكثیر من الموارد إثبات الحق لصاحبه. وبالنسبة للشهود قد أكّد القرآن الكریم على سعیهم فی ان تكون شهادتهم بحق دون ان تضیّع حق أحد:
اولا: عند الاطلاع على الحقیقة وتوقف إثبات الحق على شهادتهم یجب علیهم أداء الشهادة على وجهها وعدم الامتناع من الحضور فی المحكمة وتأیید صاحب الحقّ.
ثانیا: السعی لأن تكون الشهادة حقة ومطابقة للواقع.
السؤال هنا هو: هل یجب أداء الشهادة فی كل مكان عن كل ما یعلم؟ نقول فی الاجابة: بالنسبة للحقوق الالهیة ـ كما اُشیر الى ذلك ـ لا یجب على الشاهد بیان كل ما اطلع علیه، فمثلاً اذا شاهد جماعة شخصا یشرب الخمر سرّاً وبعیداً عن الانظار فلیس من الواجب أداء الشهادة لكی یعاقب، بل لا یجوز افشاء سره الّا إذا أوجب فساداً فی المجتمع.
طبعا اذا كانت احوال المجتمع بنحو یشعرون فیها بان عدم أداء الشهادة وعدم تنفیذ الحدود الالهیة على مثل هؤلاء الاشخاص سیؤدی الى شیوع الفساد فی المجتمع وسرایته الى الآخرین أو استمراره وتصبح الاوضاع الاجتماعیة وخیمة، فی هذه الحالة یترجح اداؤها ویمكن القول: انه من مصادیق النهی عن المنكر وهو عمل واجب ولابدّ من الاهتمام به، أو كان العمل من قبیل الإدمان على المخدِّرات وهو البلاء الذی یحطم العوائل ویقضی على الانسان بسرعة، فاذا لم یتم افشاؤه فانه یفوت أوان اصلاحه ویسری من المدمِن الى اُسرته واصدقائه، فلا تتیسّر السیطرة على هذه المشكلة. فی مثل هذا المورد تكون التوقّى من شیوع هذا الفساد أمراً ضروریاً، ویجب على الذین اطلعوا على هذه الافعال القبیحة الإدلاء بشهادتهم للحیلولة دون انتشار هذا المرض وأن لا یهملوا القضیة حتّى یتعذّر حلها ویتعرض المجتمع الى الدمار نتیجة للمرض والفساد.