ar_akhlag3-ch2_2.htm

ب ـ مبدأ الاحسان

ب ـ مبدأ الاحسان

العدل ـ كما قلنا ـ مبدأ مهمٌّ ولكن لیس بوسعه أن یكون المعیارَ الوحید لتقییم العلاقات الاجتماعیة، إذ من الطبیعی فی كل مجتمع وجود اشخاص ذوی ظروف استثنائیة یعجزون عن توفیر متطلبات الحیاة بعملهم فقط ویواجهون حرمانا كبیراً، فمثلاً یولد أفراد وفیهم نقص عضوی فلا یقدرون كغیرهم على السعی وتوفیر المصالح الاجتماعیة، وقد یبلغ النقص العضوی بشخص درجة لا یمكن فیها قیاس فائدته للمجتمع مع متطلباته الاجتماعیة لان احتیاجه للمجتمع یفوق بكثیر افادتَه له.

على أساس مبدأ العدل یلزم نیل هذا الفرد ما یعادل عمله المقدّم للمجتمع، ولو كان مبدأ العدل هو المبدأ الوحید لتحدید العلاقات الاجتماعیة لكانت النتیجة حرمان هذا الفرد من تلبیة متطلباته المادیة والمعنویة. هنا یطرح هذا السؤال:

هل فی الاسلام فكرة اخرى غیر فكرة العدالة یتمّ فی ظلّها أیضاً تلبیة متطلبات هذه الشریحة؟

فی الاجابة ینبغی القول: ان الاسلام یطرح مبدأ الاحسان الى جانب مبدأ العدل لسد النقص والعوز لدى هؤلاء الأفراد الموجودین فی كل مجتمع، الأفراد الذین یعانون من نقص عضوی حین ولادتهم أو إثر بعض الحوادث.

على أی حال فانّ أمثال هؤلاء الأفراد العاجزین عن العمل ولیس بوسعهم أداء دور فی المجتمع موجودون فی كل مجتمع بشكل أو بآخر، وعلیه یلزم قیام الآخرین بحمل عبء معیشتهم بنحو ما، وعلى المجتمع تكفّل معیشتهم أو توفیر متطلباتهم الأولیة والضروریة على الأقل.

بملاحظة هذین الأمرین تتّضح مكانة مبدأی العدل والاحسان فی الأخلاق الاسلامیة. ویشیر الله سبحانه الیهما حیث یقول:

(إِنَّ اللّهَ یَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الإِْحْسانِ)([1]).

ولكن كما یقصر مبدأ العدل وحده عن تلبیة المتطلبات الاجتماعیة فكذلك مبدأ الاحسان، اذ لو قامت اُسس الحیاة الاجتماعیة على الاحسان فسوف تضعف دواعی النشاط والمساهمة فی الحیاة الاجتماعیة.

فلو انتفع كل شخص من المجتمع بمقدار یزید على حقه وفوق درجة افادته للآخرین وعمله للمجتمع لم یبق لدیه دافع قوی للمساهمة والنشاط فی الحیاة الاجتماعیة، ولا یشعر بالحاجة الى العمل والسعی، بل سیقیم الكثیر حیاتهم على أساس من الرفاهیة والراحة وینتفعون من جهود الآخرین ویختل النظام الاجتماعی، كما اذا كان الاستناد على العدل فقط، اذ سیبقى العاجزون عن العمل محرومین دائما ویفقدون كل شیء.

فی بعض المذاهب المادیة یُستند الى مبدأ العدل فقط، فلا یعتبر العاجزون عن النشاط والعمل أعضاء فی المجتمع ویقرر القضاء علیهم أحیانا، فمثلاً: فی المجتمعات الشیوعیة كان یقضى ـ كما ینقل ـ على العاجزین عن العمل ویقال: انهم لا ینفعون المجتمع، ولعجزهم عن حمل عبء اجتماعی فلا ینبغی أن یتمتّعوا بالعطاء الاجتماعی.

والاسلام یرفض وجهة النظر هذه ویعتقد انّ المجتمع مسؤول عن إعالة العاجزین عن العمل. ومن هنا یطرح القرآن مبدأ الاحسان الى جانب مبدأ العدل، ویطرح هذا المبدأ بهدف إعالة هؤلاء الأفراد العاجزین عن تدبیر حیاتهم.



[1]. النحل: 90.

بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...