أهداف تأسیس الاُسرة
من البدیهی أن یكون الهدف الأساسی من بناء الاُسرة هو استمرار النسل البشری، وتأسیس مجتمع سلیم، وتوفیر السلامة النفسیة لأبنائه. وفی المرحلة التالیة یكون أحد اهداف الحیاة الاُسریة تلبیة متطلبات أعضاء الاُسرة فی إطار الحیاة المشتركة، فسیكون كل عمل قیّما بنسبة تأثیره فی تحقیق هذا الهدف.
والأعمال التی ینجزها أعضاء الاُسرة تحقیقا لهذا الهدف تنقسم الى نوعین أساسیین:
أ ـ الأعمال التی یمكن إنجازها من قِبل أعضاء الاُسرة وهم متكافئون فی امكانیة تحقیق هذا الهدف من خلال إنجازها.
ب ـ الأعمال التی لا یتیسّر إنجازها من قِبل جمیع أعضاء الاُسرة، بل كل عمل منها یؤدى من قِبل عضو خاص حسب ما فی الأعضاء من خصائص جسمیة ونفسیة، ویكون انجازه فوق طاقة سائر الأعضاء، وعلى هذا الأساس یتم بنحو طبیعی توزیع الأعمال على أعضاء الاُسرة.
فمثلاً، انّ الدور الذی تضطلع به المرأة فی إطار الاُسرة لن یتأتّى من قِبل الرجل، إذ انّ المرأة لها قابلیة الحمل باعتبار بنیتها الطبیعیة والجسمیة وقدرتها على تغذیة الطفل بعد ولادته بارضاعه اللبن وتربیته باعتبار خصوصیات الاُمومة النفسیة، فی حین لا تنجز هذه الأعمال من قِبل الرجل لخصوصیاته الجسمیة والنفسیة الاُخرى.
وفی المقابل بامكان الرجل لخصوصیاته الجسمیة والنفسیة تحمُّل مسؤولیات تصب فی طریق تحقیق أهداف الاُسرة وتعجز المرأة عن القیام بها.
إذنْ منشأ التفاوت القیمی بین الرجل والمرأة فی تحقیق اهداف الاُسرة یستند الى التفاوت فی خصوصیاتهما الجسمیة والنفسیة، وفی تقییم عامّ یمكن القول انّ المرأة عادة هی الأرهف احساساً مقابل تدبیر الرجل وتعقُّله، وبما أن أجواء الاُسرة بحاجة الى التدبیر والتربیة معا فانّ هذا التقسیم یتم بنحو طبیعی، وذلك بأن یتولّى الرجل ادارة الاُسرة وتوفیر متطلباتها الاقتصادیة، وتتولّى المرأة الشؤون التربویة للابناء لما تتمتع به من حب واحاسیس عمیقة تجاه الأولاد وتتحمّلهم بنحو أكبر.
وعلیه تستند الدراسة المعمقة للاخلاق فی الاُسرة ومعرفة الاحكام والقیم التی نادى بها الاسلام فی هذا المجال ـ الى حد كبیر ـ الى معرفة المزایا الجسمیة والنفسیة لكل عضو من أعضاء الاُسرة ودوره الخاص الذی یمكنه الاضطلاع به.
هنا وبعد ملاحظة ما ذكر نستعرض باختصار المبادئ والاُسس الحاكمة على الاُسرة: