الطلاق فی القرآن
ذكرت مسالة الطلاق فی آیات قرآنیة عدیدة، وهی من الموضوعات التی اندمجت فیها الاحكام الحقوقیة والأخلاقیة فی اعلى مستویاتها، وهناك تأكید شدید على الالتزام بالآداب والتعالیم الأخلاقیة بشأنها الى جانب بیان الاحكام الحقوقیة. ونظراً لضیق المجال لهذا المقال نترك البحث التفصیلی فی آیات الطلاق ونقوم بذكرها فقط، قال تعالى:
(یا أَیُّهَا النَّبِیُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَ أَحْصُوا الْعِدَّةَ وَ اتَّقُوا اللّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُیُوتِهِنَّ وَ لا یَخْرُجْنَ إِلاّ أَنْ یَأْتِینَ بِفاحِشَة مُبَیِّنَة وَ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَ مَنْ یَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِی لَعَلَّ اللّهَ یُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً)([1]).
(فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوف أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوف وَ أَشْهِدُوا ذَوَیْ عَدْل مِنْكُمْ وَ أَقِیمُوا الشَّهادَةَ لِلّهِ ذلِكُمْ یُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ یُؤْمِنُ بِاللّهِ وَ الْیَوْمِ الآْخِرِ وَ مَنْ یَتَّقِ اللّهَ یَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً)([2]).
(أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَیْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَ لا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَیِّقُوا عَلَیْهِنَّ وَ إِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْل فَأَنْفِقُوا عَلَیْهِنَّ حَتّى یَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَ أْتَمِرُوا بَیْنَكُمْ بِمَعْرُوف وَ إِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى)([3]).
(لِیُنْفِقْ ذُو سَعَة مِنْ سَعَتِهِ وَ مَنْ قُدِرَ عَلَیْهِ رِزْقُهُ فَلْیُنْفِقْ مِمّا آتاهُ اللّهُ لا یُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاّ ما آتاها سَیَجْعَلُ اللّهُ بَعْدَ عُسْر یُسْراً)([4]).
(یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَیْهِنَّ مِنْ عِدَّة تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ وَ سَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِیلاً)([5]).
(وَ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوف أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوف وَ لا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا وَ مَنْ یَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَ لا تَتَّخِذُوا آیاتِ اللّهِ هُزُواً وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّهِ عَلَیْكُمْ وَ ما أَنْزَلَ عَلَیْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَ الْحِكْمَةِ یَعِظُكُمْ بِهِ وَ اتَّقُوا اللّهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَیْء عَلِیمٌ)([6]).
(وَ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ یَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَیْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذلِكَ یُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ یُؤْمِنُ بِاللّهِ وَ الْیَوْمِ الآْخِرِ ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَ أَطْهَرُ وَ اللّهُ یَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)([7]).
(لا جُناحَ عَلَیْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِیضَةً وَ مَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَ عَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِینَ * وَ إِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَ قَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِیضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلاّ أَنْ یَعْفُونَ أَوْ یَعْفُوَا الَّذِی بِیَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ وَ أَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَ لا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَیْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِیرٌ)([8]).
تدعو جمیع الآیات المذكورة بنحو متواصل الى رعایة الحدود الأخلاقیة الى جانب بیان احكام الطلاق وتعظ وتهدّد وتحذّر المسلمین بطرق مختلفة من السلوك المضاد للاحكام الإلهیة، أو العزم على إیذاء الأزواج والإضرار بهن باستغلال الحدود الإلهیة.
هذا النوع من النصائح والمواعظ والتهدیدات الأخلاقیة فی آیات الطلاق على كثرتها یثیر التساؤل عن الداعی لهذا الكم من التأكید الإلهی على الجوانب الأخلاقیة والعاطفیة؟
للاجابة عن هذا التساؤل ینبغی القول: مع توفّر المجال لاستغلال القوانین وكثرة الذین یستغلون التفریعات القانونیة فی المحاكم لصالحهم بما لدیهم من حذاقة وخبرة ومعرفة، ورغم علمهم بانّ الحق مع الطرف الآخر فانّهم یُلجئون القاضی الى الحكم لصالحهم على أساس القرائن والاُسس الظاهریة، وبالتالی ضیاع الحق الثابت والقاطع لزوجاتهم. وعلیه فانّ من لا یلتزم بالقیم والمبادئ الأخلاقیة لا یمكن أن یردعه شیء ـ حتى القانون ـ عن تضییعه للحق واعتدائه، ومن هنا فانّ القرآن ـ سیّما فیما یتعلق بالعلاقات الاُسریة والزوجیة التی تمثل محوراً للعواطف الایجابیة والسلبیة ـ یؤكد بشدة على رعایة الشؤون الأخلاقیة والالتزام بالمبادئ الانسانیة بتعابیر متنوعة وباستخدام أسالیب مختلفة فی الوعظ والتهدید وغیرهما.
[1]. الطلاق 1.
[2]. الطلاق 2.
[3]. الطلاق 6.
[4]. الطلاق 7.
[5]. الاحزاب 49.
[6]. البقرة 231.
[7]. البقرة 232.
[8]. البقرة 236ـ 237.