ar_akhlag3-ch8_11.htm

رؤیة القرآن عن الاستهزاء

رؤیة القرآن عن الاستهزاء

فی القرآن الكریم تأكیدات ووصایا كثیرة حول هذا الأمر یمكن تقسیمها الى عدة مجموعات:

الاُولى: الآیات التی تنهى بصورة عامة كل رجل وامرأة من الاستهزاء بمؤمن آخر من قبیل قوله تعالى:

(یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا یَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْم عَسى أَنْ یَكُونُوا خَیْراً مِنْهُمْ وَ لا نِساءٌ مِنْ نِساء عَسى أَنْ یَكُنَّ خَیْراً مِنْهُنَّ )([1]).

الثانیة: الآیات التی تبین الحوادث الواقعة وتذكر بقبحها وخطرها. هذه الحوادث قد وقعت من قبل الكفار فی بعض الموارد، ومن المنافقین فی بعض آخر، وعلى ید ذوی الایمان الضعیف فی بعض آخر. كالآیة:

(زُیِّنَ لِلَّذِینَ كَفَرُوا الْحَیاةُ الدُّنْیا وَ یَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ الَّذِینَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَ اللّهُ یَرْزُقُ مَنْ یَشاءُ بِغَیْرِ حِساب)([2]).

الدنیا جمیلة وذات جلال فی نظر الكفار، وعلى العكس فانّ المؤمنین لا ینظرون الى الحیاة الدنیا اكثر من حدها بل یعدّونها وسیلة للوصول الى الآخرة، ویكون اهتمامهم بالدنیا بمستوى الانتفاع بها لسعادتهم الأبدیة. من هنا كان بین المؤمنین اشخاص قد بذلوا اموالهم فی سبیل الاسلام وباتوا معدمین أو افتقروا لاسباب اُخرى وكان الكفار وهم اعداء الاسلام والمجتمع الاسلامی یستهزئون بهم. فی الآیة المذكورة یصبّر الله سبحانه المؤمنین المقارعین للكفر ـ بعد ذكر هذه القضیة المشوبة بالكفر ـ ویدعوهم الى عدم التنازل، ولیعلموا ان مقامهم عند الله وفی یوم القیامة اسمى كثیراً.

یمكن استنباط هذه الملاحظة من ذیل الآیة (والله یرزق من یشاء بغیر حساب) وهی ان علة استهزاء الكفار هو فقر المؤمنین لذا یقول:

(وَ اللّهُ یَرْزُقُ مَنْ یَشاءُ بِغَیْرِ حِساب)

والمنافقون أیضاً رغم تظاهرهم بالاسلام وكونهم یعیشون فی المجتمع الاسلامی وبین المسلمین كانوا یستهزئون بالمؤمنین الحقیقیین بذرائع مختلفة، خاصةً فیما یرتبط بانفاقهم وصدقاتهم، وبعض الآیات تشیر الى هذه الحقیقة كالآیة:

(الَّذِینَ یَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِینَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ فِی الصَّدَقاتِ وَ الَّذِینَ لا یَجِدُونَ إِلاّ جُهْدَهُمْ فَیَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ)([3]).

المستفاد من الآیة انّ المنافقین كانوا یستهزئون بفئتین من المؤمنین والصالحین فی المجتمع الاسلامی:

الاُولى: بالذین یتصدقون استحباباً فوق المستوى الواجب لكی ینالوا رضا الله بطاعتهم الاستحبابیة وانقیادهم الكامل.

الثانیة: بالمؤمنین الذین كانت صدقاتهم قلیلة جداً وكانوا عاجزین عن الاعانة اكثر من ذلك كالمؤمنین الفقراء فی المجتمع الاسلامی الایرانی ابّان الحرب مع العراق، حیث كانوا یساندون مصروفات الحرب بأموالهم القلیلة. أجل فی عصرنا (عصر الثورة الاسلامیة) وهكذا فی العهد الاول للاسلام كان ثمة افراد یودّون بشدة تقدیم ما بوسعهم من مساعدات قلیلة بكل رغبة واخلاص. وكان المنافقون الجهلة یستهزئون بهؤلاء الافراد بضحكاتهم ولمزهم بان هؤلاء یریدون اسناد الحكومة الاسلامیة باشیاء تافهة، ولكن لیعلم المستهزئون بهؤلاء المؤمنین المخلصین بان الله سبحانه سوف یحاسبهم ویستهزئ بهم وقد أعدّ لهم عذابا ألیما على أعمالهم هذه.



[1]. الحجرات 11.

[2]. البقرة 212.

[3]. التوبة 79.

بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...