ar_akhlag3-ch8_12.htm

السخریة بالأنبیاء

السخریة بالأنبیاء

لدینا آیات تتحدث عن الاستهزاء والسخریة بالانبیاء(علیهم السلام) من قِبل مناوئیهم، ویمكن تقسیمها الى عدة أقسام:

الاُولى: الآیات التی تخبر عن هذه الحقیقة الاجتماعیة والتاریخیة المرّة بصورة عامة وتقول بانه لم یُبعث نبی فی مجتمع على طول التاریخ الا وقد استهزأ به بعض الافراد فی المجتمع كقوله تعالى:

(یا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما یَأْتِیهِمْ مِنْ رَسُول إِلاّ كانُوا بِهِ یَسْتَهْزِؤُنَ)([1]).

(وَ ما یَأْتِیهِمْ مِنْ رَسُول إِلاّ كانُوا بِهِ یَسْتَهْزِؤُنَ)([2]).

(وَ ما یَأْتِیهِمْ مِنْ نَبِیّ إِلاّ كانُوا بِهِ یَسْتَهْزِؤُنَ)([3]).

الآیات المذكورة من خلال بیان هذه الحقیقة التاریخیة القطعیة وهی الاستهزاء بالانبیاء من قِبل جهلة الناس تذم هذا الفعل القبیح بتعابیر مختلفة.

الثانیة: الآیات التی تبین العاقبة السیئة والعذاب المعدّ للذین كانوا یستهزئون بالانبیاء(علیهم السلام)كقوله تعالى:

(وَ لَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُل مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِینَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ یَسْتَهْزِؤُنَ)([4]).

(وَ إِذا عَلِمَ مِنْ آیاتِنا شَیْئاً اتَّخَذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِینٌ)([5]).

وبعض آیات الكتاب تشیر الى انّ المستهزئین یتحسرون ویندمون على افعالهم حیث تقول:

(أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ یا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِی جَنْبِ اللّهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السّاخِرِینَ)([6]).

وبعض الآیات تشیر الى الجزاء الحسن الذی أعدّ للمستهزَء بهم ومواساتهم، كقوله تعالى:

(فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِیًّا حَتّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِی وَ كُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ * إِنِّی جَزَیْتُهُمُ الْیَوْمَ بِما صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ)([7]).

وتشیر بعض الآیات الى الجذور النفسیة لهذا الاستهزاء بان هذا التعامل غیرالعقلائی وغیرالمنطقی مع الانبیاء(علیهم السلام)واولیاء الله وآیاته ینشأ من السیرة السیئة والتلوث الأخلاقی والعملی وبالتالی سوف یؤدی ذلك الى التكذیب بآیات الله سبحانه والاستهزاء بها كقوله تعالى:

(ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِینَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآیات اللّهِ وَ كانُوا بِها یَسْتَهْزِؤُنَ)([8]).

وتشیر بعض آیات القرآن الكریم الى موارد معینة من الاستهزاء بالانبیاء(علیهم السلام)، منها استهزاء قوم نوح(علیه السلام)، حیث تتحدث عن انّ النبی نوحاً(علیه السلام) الذی مضى اكثر من ألف عام على عمره الشریف حینما یئس من دعوة قومه بدأ بصنع السفینة لكی ینجو المؤمنون واتباعه بركوبها من العذاب الالهی والغرق، الاّ انّ قومه حینما شاهدوه وهو یقوم بصنع السفینة فی مكان لا ماء فیه أخذوا بالاستهزاء به. لقد أخبر الله سبحانه عن هذا الحدث بقوله:

(وَ یَصْنَعُ الْفُلْكَ وَ كُلَّما مَرَّ عَلَیْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنّا فَإِنّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ * فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ یَأْتِیهِ عَذابٌ یُخْزِیهِ وَ یَحِلُّ عَلَیْهِ عَذابٌ مُقِیمٌ)([9]).

المورد الآخر هو ضحك آل فرعون واستهزاؤهم حیث سخروا من موسى(علیه السلام)، قال تعالى بهذا الشأن:

(فَلَمّا جاءَهُمْ بِآیاتِنا إِذا هُمْ مِنْها یَضْحَكُونَ)([10]).

ومورد مشابه آخر هو أن القرآن یشیر فی آیات عدیده الى استهزاء كفار ومشركی قریش وعبدة الأصنام فی مكة برسول الاسلام الكریم (صلى الله علیه وآله وسلم)، فقد قال تعالى فی آیة:

(وَ إِذا رَأَوْكَ إِنْ یَتَّخِذُونَكَ إِلاّ هُزُواً أَ هذَا الَّذِی بَعَثَ اللّهُ رَسُولاً)([11]).

یقول الله تعالى فی بعض الآیات([12]) بانهم كانوا یسخرون باقوال النبی وآیات الله، ویخبر فی بعض آخر عن انهم كانوا یستهزئون بالمؤمنین وأتباع رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم)، قال تعالى:

(إِنَّ الَّذِینَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِینَ آمَنُوا یَضْحَكُونَ * وَ إِذا مَرُّوا بِهِمْ یَتَغامَزُونَ * وَ إِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِینَ)([13]).



[1]. یس 30.

[2]. الحجر 11.

[3]. الزخرف 7.

[4]. الانبیاء 41.

[5]. الجاثیة 9.

[6]. الزمر 56.

[7]. المؤمنون 110 و 111.

[8]. الروم 10.

[9]. هود 38 و 39.

[10]. الزخرف 47.

[11]. الفرقان 41.

[12]. الصافات 12 و 14 والجاثیة 9.

[13]. المطففین 29 ـ 31.

بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...