ar_akhlag3-ch8_14.htm

العبوس واللامبالاة

العبوس واللامبالاة

للعبوس والاهمال تبعات مدمرة على المجتمع والعلاقات الاجتماعیة أیضا، ویعملان على تنافر القلوب بین افراد المجتمع، ویضعفان الانس والمودة فیما بینهم وهكذا الشعور بالمسؤولیة والمواساة. بناء على ذلك فان على أعضاء المجتمع ان یتعاملوا بصدر رحب وتعاطف وان لایغفلوا عن الاهتمام بمصیر الآخرین. خاصة اصحاب المكانة الاجتماعیة والذین یقودون ویرشدون الناس نوعا ما أو المعلمون والمربون أو المدراء واصحاب الاعمال ومن یعمل آخرون بإمرتهم فان علیهم رعایة هذه القضیة، قال تعالى فی القرآن الكریم:

(عَبَسَ وَ تَوَلّى * أَنْ جاءَهُ الأَْعْمى * وَ ما یُدْرِیكَ لَعَلَّهُ یَزَّكّى * أَوْ یَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى)([1])

فی هذه الآیات یذم الله عز وجل من واجه الأعمى بالعبوس مما یدل على ان هذا الفعل مُدان وسیء اخلاقیا. ولا فرق فی هذا الفعل بین فاعل وآخر. فهناك اختلاف فی فاعل (عبس) والاعمى الذی عبس بوجهه. المشهور بین مفسری الشیعة ان شخصا كان فی مجلس النبی(صلى الله علیه وآله وسلم) فانزعج من دخول الفقیر الاعمى الى ذلك المجلس وتنفّر منه ولم یسمح له بالجلوس الى جنبه. وقد ذمّه الله تعالى على هذا النفور، ولكی یرد علیه بالاهمال كما هو أهمل ذلك الاعمى استعمل لفظ ـ عبس ـ وهو فعل الغائب بدون ذكر فاعله.

وقد اشار القرآن الى هذه الصفات القبیحة أیضاً لدى حكایته نصائح لقمان لولده حیث قال:

(وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنّاسِ وَ لا تَمْشِ فِی الأَْرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللّهَ لا یُحِبُّ كُلَّ مُخْتال فَخُور * وَ اقْصِدْ فِی مَشْیِكَ وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الأَْصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِیرِ)([2]).

لقد منع لقمان الحكیم ولده فی ارشاداته من العبوس بوجه الناس واهمالهم حیث یسبِّب أذاهم النفسی وتنافر القلوب ویؤكد الله سبحانه على قبحه بنقله فی القرآن الكریم. وذكر هذه الصفة القبیحة بین الصفات القبیحة الاُخرى كالتكبر ومدح النفس والغرور والتبختر یدل على التناسق والسنخیة فیما بینها، ویدل على انّ القیمة السلبیة الثابتة لها تثبت للعبوس والاهمال أیضاً.

ان للعبوس والاهمال أضراراً معنویة واخلاقیة كبیرة ویهدّدان العلاقات الاجتماعیة ویعملان على عدم الاهتمام وضعف الشعور بین الافراد. وفی المقابل تعمل البشاشة والتواضع والتعاطف والمودة واللین وامثالها على انجذاب القلوب لبعضها وتكسب مودة الآخرین واهتمامهم المتبادل وتزید من الشعور بالمسؤولیة لدى أعضاء المجتمع بنحو متبادل. قال تعالى مخاطبا نبیه الكریم(صلى الله علیه وآله وسلم):

(فَبِما رَحْمَة مِنَ اللّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِیظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ)([3]).

ان لین النبی وعطفه كان تجلیا للرحمة الالهیة كی یلتف الناس حوله ویحظوا بالهدایة الالهیة وارشادات رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) فیصل المجتمع الى سعادته.



[1]. عبس 4-1.

[2]. لقمان 18 و 19.

[3]. آل عمران 159.

بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...