مكافحة عوامل الاعتداء على الحیثیة
یأتی السؤال هنا: ما هی جذور وعوامل ظهور الحسد وحب الذات وحب الاقتدار وهی من العوامل المهمة للاعتداء على الشخصیة ـ وكیف یمكن مكافحتها؟ قد یتصور أحیاناً ان هذه الصفات من الاُمور الفطریة والغریزیة فی الانسان ولذا تشمل جمیع الافراد. كما یمكن الاتیان بشاهد على هذه الدعوى من بعض الروایات بان أی انسان لا یكون مصونا من الحسد. ولا یؤاخذ الله سبحانه المؤمن ما لم یظهر حسده بارتكاب فعل قبیح وعمل محرَّم.
روی عن النبی(صلى الله علیه وآله وسلم): «رفع عن امتی تسعة: الخطا والنسیان وما اكرهوا علیه وما لا یعلمون وما اضطروا الیه والحسد و...»([1]).
وربما یستشهدون بهذه الحقیقة تأییداً لمقولتهم وهی ان هذه الحالة موجودة فی الاطفال منذ صغرهم وتظهر على سلوكهم وحتى الطفل الرضیع یشعر بالحسد. إذنْ لا یمكن القول ان هذه الصفة قد ظهرت فیهم إثر التربیة الاجتماعیة الخاطئة ولها عامل خارجی.
ولكن یبدو انّ الرؤیة المذكورة لا تحظى بالدقة اللازمة، ولیس بوسعنا اعتبار الحسد جزءاً من الابعاد الفطریة فی الانسان ومن رغباته الأصیلة، ولا یمكننا القول أبداً بان الانسان لكونه انسانا یحب ان یرى الآخرین فاقدین لنعمهم ویرغب فی زوالها، لان المعنى الحقیقی للحسد هو ان الانسان حینما یرى النعمة لدى الآخرین یودّ حرمانهم من تلك النعمة. أجل، لا یمكن الادعاء أبداً بان فطرة الانسان تقتضی ذلك.
بناء على ذلك فالحق هو ان نقول: انّ الحسد لیس جزءا من المیول والرغبات الأصیلة فی الانسان. بل هو صفة فرعیة وثانویة تظهر استجابةً لبعض الرغبات، ویلزم هنا ان نقدم توضیحا اكبر عن هذه الدعوى:
[1]. بحار الانوار ج 2 الباب 33 ص 280 الروایة 47.