التأثیرات الاجتماعیة للحسد
یمكن القول بوضوح: أن الحسد كان أحد العوامل الواضحة للاختلاف والعداء بین الفرق الاسلامیة المختلفة على طول التاریخ، وقد ترك تأثیراته السلبیة ـ بوعی أو من دون وعی ـ على العلاقات بینها.
یقوم الانسان أحیاناً بتتبُّع عیوب الآخرین بذرائع مختلفة، فیضخم عیوبهم الصغیرة ویسند الیهم عیبا غیر موجود فیهم بل یصوّر امتیازاتهم وكمالاتهم عیوبا ونقاطهم الایجابیة ضعفا. وقد لا ینتبه الانسان أحیاناً لماذا هو حساس تجاه الآخرین الى هذا المستوى أو یظن ان له دافعاً صحیحاً فی هذه الممارسات بان یكون عمله بهدف أداء الواجب الشرعی مثلاً، أو یضعف الآخرین كی لا یتعرض الاسلام للخطر ولا یتضرر المسلمون، ویهدر كرامتهم كی لا یقع زمام المجتمع بأیدیهم ولا یُهدّد الاسلام والمسلمون. ولكنه اذا قام بشیء من التحلیل الداخلی لذاته انتبه الى هذه الحقیقة وهی أن الحسد للآخرین هو الذی دفعه الى هذا النوع من الاعمال المغلوطة والمذمومة، الاّ انّ النفس بكیدها وتزویرها العجیب والمعقد تخفی الحسد والافعال المشوبة بالحسد تحت هذه الاغطیة الخفیة وتبدیها بهذا اللون والبریق كی یمارس الانسان هذه الافعال بكل یسر ویكون قادراً على تبریر افعاله القبیحة تجاه الآخرین.
بناء على ذلك فانّ الحسد شعور نشط وله دور ملحوظ فی تحركات الانسان واعماله وقراراته، وهو السبب للكثیر من الخلافات والنزاعات والمشكلات الاجتماعیة، وتبلغ أهمیته حداً اعتبرته بعض الروایات أحد جذور الكفر.
من الواجب علینا ان نواجه هذه الكارثة الأخلاقیة الكبرى بشدة وحزم بصفتها خلقاً فردیاً مذموماً وصفة اخلاقیة رذیلة ولانها المنشأ للكثیر من الفساد الاجتماعی.
ان الامراض النفسیة ـ كالحسد ـ التی لها جذور فی روح الافراد قد تعمل على حرمان مجتمع من النعم الكبیرة وتزلزل اساس الحكومة الاسلامیة وتخلّ فی امن واستقرار المجتمع وتهدّد وتبید مصالح الاسلام والمسلمین. علینا اذن بذل المزید من السعی وبدقة كبیرة لتحریر انفسنا من هذه الصفة القبیحة وتحریر المجتمع من هذا البلاء المبرم.