ar_barege-ch02.htm

صفحه 5  

 

شبهات حول عاشوراء وإحیائها(1)

 

ـ لماذا لابدّ من تخلید حادثة عاشوراء؟

ـ لماذا لا نكتفی بالبحث والنقاش فی احیاء عاشوراء؟

ـ لماذا لابدّ من اقامة العزاء فی ذكرى واقعة عاشوراء؟

ـ لماذا لابدّ من صبّ اللعن على اعداء الامام الحسین(علیه السلام)؟

 

 

 

بسم اللّه الرحمن الرحیم

الحمدللّه رب العالمین والصلاة والسلام على سید الانبیاء والمرسلین ابی القاسم محمد وعلى آله الطیبین الطاهرین المعصومین. اللهم كن لولیك الحجة بن الحسن صلواتك علیه وعلى آبائه فی هذه الساعة وفی كل ساعة ولیاً وحافظاً وقائداً وناصراً ودلیلا وعیناً حتى تسكنه ارضك طوعاً وتمتعه فیها طویلا. السلام علیك یا اباعبداللّه وعلى الارواح التی حلّت بفنائك.

نتقدم بالعزاء للامام صاحب العصر والزمان ـ عجّل اللّه فرجه الشریف ـ ولقائد الثورة ومراجع التقلید وجمیع عشّاق الحسین(علیه السلام) بمناسبة حلول ذكرى عاشوراء وایام الحزن على سیدالشهداء ابی عبداللّه الحسین(علیه السلام). ونسأل اللّه سبحانه ان لا یحرمنا من بركات الحسین(علیه السلام) فی الدنیا والآخرة.

تعتبر هذه الایام فرصة مواتیة لكی نعمّق معرفتنا بالنسبة لمدرسة عاشوراء مدرسة الحسین(علیه السلام) وذلك من خلال طرح اسئلة تتعلّق بنهضة ابی عبداللّه(علیه السلام) تدور فی أذهان كثیر من الناس ولاسیّما أذهان الیافعین والشباب، ولعلّ فی محاولة الجواب علیها ما یوسّع معرفتنا وبالخصوص الطبقة الشابّة بالنسبة لنهضة سیدالشهداء(علیه السلام)، ولعلّنا فی ظلّ المعرفة الاعمق نستطیع ان ننتفع اكثر لدنیانا وآخرتنا.

نأخذ بعین الاعتبار شاباً قد نال نضجه الفكریّ حدیثاً وهو یحاول ان یفهم

جمیع المسائل والظواهر الاجتماعیّة الّتی تحدث حوله، ویحاول الاحاطة بعللها حتى یتمتّع بتقییم واضح للمسائل والظواهر التی تحیط به.

انّ الشابّ یلاحظ تشكیل جلسات خلال ایام محرم، ویرى الناس یرتدون الملابس السوداء ویرفعون الاعلام السود. ویشاهد قیام هیئات للعزاء واللطم، وینظر الیهم وعیونهم تسكب الدموع الغزیرة. انها ظواهر لا تنتشر فی الایّام العادیّة، ولا تُلاحظ فی سائر المجتمعات.

اذن من الطبیعی عندئذ ان یُطرح امامه هذا السؤال وهو: لأی هدف تقام مثل هذه المراسم؟ لماذا ینبغی ان یرتدی الانسان الملابس السود؟ لماذا ینبغی ان یلطم الناس على رؤوسهم وصدورهم الى وقت متأخر من اللیل؟ لأیّ شیء تجری كل هذه الدموع؟

عادةً تُقدّم أجوبة مختصرة لهذه الأسئلة حیث یقولون انّ سید الشهداء الحسین(علیه السلام) قد استشهد فی سبیل اللّه والاسلام فلابدّ من البكاء علیه، او انّ لاقامة العزاء على الحسین(علیه السلام) ثواباً عظیما وهو سیشفع لنا یوم القیامة.

شبابنا یسمعون عادةً مثل هذه الأجوبة. ولو كنتُ انا شخصیّاً فی سنّ الشباب وواجهت مثل هذه الأسئلة فانّ هذه الأجوبة لم تكن كافیة بالنسبة الیّ حینئذ.

ویمكننا تقسیم الأسئلة الّتی تُطرح فی هذا المضمار الى اربعة أسئلة. وسوف نحاول بعون اللّه الاجابة على كلّ سؤال منها بشكل منفصل حتى نوفّر الارضیّة لرقیّ معرفة شبابنا الأعزّاء بالنسبة لمراسم عاشوراء، وحتى تُسلّط الاضواء بصورة اكبر على ثقافة عاشوراء.

 

لماذا لابدّ من تخلید حادثة عاشوراء؟

لماذا یحاولون احیاء خواطر تتعلق بحادثة قد مرّ علیها ما یناهر 1360 عاماً؟

ولماذا یقیمون مراسم لاحیاء هذه الذكرى؟ انّها حادثة تاریخیّة قد تقادم علیها الزمن، وسواء أكانت مرّة ام حلوة فانّ آثارها قد انتهت، فلماذا ـ بعد مرور ما یقرب من اربعة عشر قرنا ـ نلجأ الى احیاء ذكرى هذه الحادثة ونقیم مراسم فی هذا المجال؟

انّ الجواب على هذا السؤال لیس عسیراً جدّاً، لانّه من الممكن ان نبیّن لأیّ شابّ انّ الحوادث الماضیة فی كلّ مجتمع یمكن ان تكون لها آثار ضخمة فی مصیر ذلك المجتمع ومستقبله. واحیاء تلك الخواطر هو فی الواقع لون من اعادة النظر والصیاغة الجدیدة لتلك الحادثة حتّى یتیسّر للناس ان ینتفعوا بتلك الواقعة. فاذا كانت الحادثة نافعة عند حدوثها وكانت منشأ لآثار طیّبة وبركات كثیرة فانّ اعادة النظر الیها واعادة صیاغتها یمكن ان تنال شیئاً من تلك البركات.

وعلاوة على ذلك فقد اعتادت المجتمعات البشریة على ان تقوم باحیاء حوادث الماضی بشكل من الاشكال، وأن تكبرها وتضفی علیها الواناً من الاحترام والتقدیر. سواء أكانت متعلّقة بأشخاص كان لهم دور مؤثّر فی رقىّ مجتمعاتهم كالعلماء والمكتشفین ام كانت متعلّقة بأشخاص تمیّزوا بدور حسّاس فی تحریر اممهم من الناحیة السیاسیّة والاجتماعیّة وقد اصبحوا أبطالا وطنیّین.

انّ جمیع العقلاء فی العالم یحیون ذكریات مثل هذه الشخصیّات البارزة. ویتمّ هذا الامر حسب واحدة من اقدس الرغبات الفطریّة التّی اودعها اللّه سبحانه فی اعماق جمیع الناس، ویُعبّر عنها بـ «حسّ الشكر والاعتراف بحقّ الآخر». ومن هنا فهناك رغبة فطریة موجودة فی اعماق جمیع الناس وهی تدفعهم للاعتراف بحقّ من أسدى الیهم خدمة وشكرِهم علیها وان یتذكّروها ویحترموا ذكراها.

وبالاضافة الى هذا فانّ احیاء تلك الخواطر ـ اذا كان لها فی الماضی تأثیر فی سعادة ذلك المجتمع ـ یمكن ان یشكّل عاملا مؤثّراً آخر فی زمان بیان تلك

الخواطر، وعندئذ تكون تلك الحادثة كأنّها قد تجدّدت.

ولمّا كنّا نعتقد انّ حادثة عاشوراء قد كانت حادثة عظیمة فی تاریخ الاسلام، وقد كان لها دور مصیرىّ فی سعادة المسلمین وتبیین سبیل الهدایة للناس، لهذا تصبح هذه الحادثة ذات قیمة عظیمة عندنا. ویغدو احیاؤها وتذكّرها واعادة صیاغتها امراً لا یمكن التفریط به، لانّ بركات ذلك سوف تشمل مجتمعنا المعاصر.

هذا هو الجواب الاجمالیّ الذی یمكن تقدیمه لسؤال الشباب. حیث یتمّ التأكید على انّ احیاء بعض الخواطر واعادة صیاغة بعض الحوادث التی وقعت فی الماضی هو عمل عقلائیّ ویمكن ان یؤمّن بعض المصالح والمنافع للمجتمع.

كما انّ اصل تلك الحادثة كان له تأثیر نافع فی المجتمع السابق فانّ تجدید تلك الخواطر واعادة صیاغتها یمكن ایضا ان تكون له آثار تتناسب معه.

 

لماذا لا نكتفی بالبحث والنقاش فی احیاء عاشوراء؟

السؤال الثانی الذی یتّم الحصول علیه من تحلیل السؤال الاول هو انّ احیاء ذكرى عاشوراء لیس منحصراً فی البكاء واللطم على الصدور ورفع الاعلام السود واقامة مجالس العزاء الى منتصف اللیل واحیاناً تؤدّی الى تعطیل الاعمال فی النهار، ولاسیّما اذا اخذنا بعین الاعتبار انّ هذه الامور تستتبع اضراراً اقتصادیّة، بینما یمكننا احیاء هذه الخواطر بشكل یقلّل الأضرار الاقتصادیّة والاجتماعیّة.

انّ هذا السؤال نطرحه على اساس هذا الفرض وهو انّ الوضع الروحیّ لكثیر من الناس ینسجم اكثر مع الامور المادیة والاقتصادیّة، واهتمام الناس منصبّ على هذه الامور اكثر من غیرها. وحینئذ یقیّم هؤلاء الحوادثَ على اساس ما لها من منافعَ أو أضرار مادیّة واقتصادیّة.

ونحن نفرض شابا لم تكتمل بعدُ تربیته الدینیة فقد یخطر على باله هذا السؤال

وهو انّ القیام بهذه الامور یستتبع اضراراً اقتصادیّة، حیث یقلّ الانتاج ویضیع الوقت هباءً منثورا، وعندما یسهر الناس فی اقامة العزاء الى منتصف اللیل فانّهم یفقدون القدرة على العمل فی الیوم التالی.

اذن یعیش المجتمع لمدة شهرین فی حالة ارتخاء لكی یتمّ احیاء هذه الحادثة. بینما توجد هناك سبل اخرى لاحیاء واقعة عاشوراء، مثل اقامة جلسات البحث وتنظیم الطاولة المستدیرة او الندوات وما شابه ذلك، ومن خلال متابعة البحث والنقاش یتمّ احیاء هذه الحادثة للناس.

اذن لا داعی لتضییع شهرین فی العزاء والبكاء واللطم والحزن. وهل ینحصر احیاء الخواطر فی ان یلطم الناس على رؤوسهم وصدورهم وفی ایذاء النفس؟

كلاّ، انّ هناك طرقاً اخرى منها اقامة مجلس للبحث والنقاش، واذا لم یكفنا مجلس واحد اقمنا الندوات المتعدّدة.

اذن بعد ان سلّمنا بانّ احیاء ذكرى عاشوراء وما جرى على الامام الحسین بن علی(علیهما السلام) نافع لنا وله آثار ممتازة فی مجتمعنا، فانّه یُطرح سؤال ثان وهو لماذا لابدّ ان یتمّ هذا الاحیاء بهذه الصورة؟ ونحن نلاحظ فی كل أرجاء العالم أنهم عندما یریدون إحیاء ذكرى عظمائهم فانّهم یعقدون الندوات ومجالس البحث والنقاش، فلماذا نصرّ نحن على إحیاء ذكرى عاشوراء بهذه الصورة؟

انّ الجواب على هذا السؤال هو اكثر تعقیداً من الجواب على السؤال الأوّل.

ویتلخّص الجواب على هذا السؤال بانّ البحث حول شخصیة سیّد الشهداء(علیه السلام)وتنظیم الندوات والمحاضرات وكتابة المقالات وامثال هذه الاعمال الثقافیّة والعلمیّة هی امور نافعة وضروریّة وتجری فی مجتمعنا. وببركة ذكرى سیدالشهداء(علیه السلام)واقامة العزاء علیه یتمّ البحث والتحقیق حول هذه الامور ویستفید الناس معارف قیّمة فی هذا المجال.

انّ هذه النشاطات ضروریّة فی مجالها، ولكن هل هذه كافیة لكی ننتفع بشكل كامل من حادثة عاشوراء؟ ام هناك امور اخرى ضروریّة ایضا مثل اقامة العزاء فی مجاله الخاص؟

انّ الجواب على هذا السؤال یتوقّف على القیام بتحلیل نفسیّ للانسان لمعرفة العوامل المؤثّرة فی سلوكه الواعی.

وهل انّ المؤثّر فی سلوكنا الاجتماعی هو عامل المعرفة فحسب ام هناك عوامل اخرى تؤثّر فی بلورة هذا السلوك؟

عندما نتأمّل فی سلوكنا ندرك انّ هناك ـ على أقل تقدیر ـ طائفتین من العوامل تنهض بالدور الرئیسیّ فی هذا المضمار.

الاولى هی طائفة عوامل المعرفة التّی تؤدّی الى ان یفهم الانسان شیئاً ویتقبّله. ومن الطبیعیّ ان یُستدلّ على الموضوع المطلوب بما یتناسب معه من الأدلّة العقلیّة او التجربیّة أو غیرها.

ومن الواضح جدّاً انّ للمعرفة تأثیراً كبیراً فی سلوكنا، ولكنّها لیست هی العامل الوحید، بل هناك عوامل اخرى لعلّ تأثیرها فی سلوكنا اكبر من عامل المعرفة.

وتُسمّى هذه العوامل بالدوافع والاحاسیس والعواطف والمیول والرغبات والغرائز. انّها مجموعة من العوامل الباطنیّة النفسیّة المؤثّرة فی سلوكنا.

كلّما قمتَ بتحلیل سلوكك ـ سواء أكان السلوك المتعلّق بالحیاة الفردیّة ام الحیاة العائلیّة ام الحیاة الاجتماعیّة ام الحیاة السیاسیّة ـ فستلاحظ انّ الأمر الاساسیّ الذی دفعك للقیام بذلك السلوك هو هذه البواعث والعوامل المحرّكة. ویوجد فی هذا المجال تشبیه لطیف للمرحوم الشهید الاستاذ مرتضى مطهّری حیث یشبّه السلوك الانسانیّ بالسیّارة، فالسیّارة تحتاج الى عاملین لتتحرّك: احدهما العامل الّذی ینتج الطاقة المیكانیكیّة للسیّارة حتى تتیسّر لها الحركة بواسطتها. والعامل الآخر هو انّه

لابدّ للسیّارة ایضاً من مصباح یُضاء به الطریق حتّى لا تقع السیارة فی المطبّات والحفر والمزالق الخطیرة.

فلو فرضنا انّ السیّارة تتحرّك فی جوّ معتم فحتّى لو كانت ما كنتها تعمل بشكل جیّد وتنتج طاقة میكانیكیّة كافیة فانّنا اذا لم نر الطریق فلعلّنا نواجه مخاطر عظیمة ونتعرّض لحادثة اصطدام تنتهی بوفاة قائد السیارة وجمیع ركّابها.

فالسیارة لابدّ لها من مصباح یضیء الطریق بالاضافة الى كونها مزوّدة بالمادّة المنتجة للطاقة المیكانیكیّة.

وكذا الأمر فی وجود الانسان فهو بحاجة الى لونین من العوامل، احدهما لابد من توفّره فی اعماقه حتّى یبعثه ویحرّكه. یجب ان تكون له رغبة فی الفعل حتّى یقوم به، ویشتاق الى ذلك الفعل لیقدم على انجازه.

والثانی لابدّ ان یعرف لماذا یجب القیام بهذا الفعل؟ ما الفائدة من هذا الفعل بالنسبة الیه؟ وكیف ینبغی انجازه؟

انّ هذه الاسئلة وامثالها هی من جملة عوامل المعرفة.

یجب التأمل فی مثل هذه العوامل والتعرّف علیها امّا عن طریق التجربة وامّا عن طریق الاستدلال.

انّ من الضروری الرجوع الى المصادر المناسبة للفعل الذی نرید القیام به لكی نظفر بالمعارف اللازمة، لكنّ المعرفة وحدها غیر كافیة لتدفعنا نحو الحركة، وانما نحن بحاجة الى عامل نفسىّ آخر لیبعثنا نحو ذلك الفعل ویقودنا الى انجازه. ومثل هذه العوامل یطلقون علیها اسم الدوافع النفسیّة. ولها اسماء اخرى كالاحاسیس والعواطف وغیر ذلك. ان هذه العوامل بمجموعها توجد فی الانسان الرغبة فی الحركة، وتبعث فی نفسه العشق لانجاز الفعل. وما لم تكن هذه العوامل فانّ ذلك الفعل لا یتحقّق. فحتّى لو عرف الانسان بصورة یقینیّة ان المادّة الغذائیّة الكذائیّة

مفیدة لجسمه فانه لن یندفع لتناولها ما لم تتحرّك الرغبة فی نفسه الیها بحیث یشتهیها. ولو فرضنا انّ الرغبة قد انعدمت عند شخص، أو انّه ابتُلی ـ والعیاذ بالله ـ بمرض لا یكون معه راغباً فی شیء، فمهما قیل له انّ هذه المادّة الغذائیّة نافعة لجسمه فانّه لا یتحرّك لتناولها.

اذن بالاضافة الى المعرفة لابدّ من وجود الرغبة والدافع فی اعماق الانسان.

والشؤون الاجتماعیّة والسیاسیّة لها نفس هذا الحكم. فحتى لو عرف الشخص انّ الحركة الاجتماعیّة الكذائیّة حسنة ونافعة فانّه لا یتحرّك نحوها ما لم یكن هناك دافع للقیام بتلك الحركة. وقد یصرّح بانّ القیام بها حسن لكنّه لابدّ لی من دافع وعامل یحرّكنی لأقوم بذلك الفعل.

ثمّ بعد ان عرفنا وسلّمنا بانّ السلوك والحركات الانسانیّة الواعیة تحتاج الى طائفتین من العوامل احداهما عوامل المعرفة والثانیة عوامل العواطف والاحاسیس، وبعد ان عرفنا مدى ما لحركة سیّد الشهداء(علیه السلام) من دور مهمّ فی سعادة الناس، فانّنا سوف نلتفت الى انّ المعرفة وحدها لا تحقّق فینا الحركة. ومعرفة تلك الخواطر وتذكّرها لا تقودنا الى فعل مشابه لفعل الامام(علیه السلام) ولا تحملنا على اقتفاء اثره إلاّ اذا تحقّق فی انفسنا الدافع، ثمّ على اساسه نغدو محبّین لان نقوم بما یشبه ذلك الفعل. انّ المعرفة وحدها لا توجد فینا هذه الرغبة، بل لابد من تحریك العواطف وبعث المشاعر حتى نستعدّ للقیام بمثل تلك الحركة.

اذن تحقّق مثل هذا الامر یحتاج الى طائفتین من العوامل. وجلسات البحث والتحقیق والخطابة توفّر لنا الطائفة الأولى من تلك العوامل، ای انها تزوّدنا بالمعارف اللازمة. لكنّه لابدّ لنا من الطائفة الثانیة حیث یتمّ من خلالها تنمیة العواطف وتقویة المشاعر. ومن الواضح ان للمعرفة ذاتها دوراً فی تذكّر ودراسة الواقعة، لكنّ الدور الاساسیّ تنهض به الامور التی لها تأثیر مباشر على العواطف والمشاعر.

عندما تُعاد صیاغة مشهد معیّن ویتملّى الانسان فی ذلك المشهد عن كثب فانّ هذا یختلف كثیراً عمّا لو سمع الانسان بوقوع هذه الحادثة، أو انّه اطّلع صدفةً على حدوثها.

وانتم تستطیعون ان تجرّبوا هذا الأمر فی حیاتكم، حیث تلاحظون اختلافاً كبیراً بین شیء عرفتم انه قد تحقّق او سوف یتحقق لكنّكم لم تشاهدوا وقوعه، وشیء شاهدتم بأعینكم تحقّقه.

مثلاً نحن نعلم جمیعا بوجود اناس كثیرین محرومین فی هذه المدینة، ولكنّ رؤیة انسان محروم یعیش حالة مثیرة للشفقة یمكنها ان تترك فینا اثراً لا یمكن ان یتركه صرف المعرفة. عندما یشاهد الانسان حالة مریض أو طفل یتیم مثیرة للرقّة فانّ هذه المشاهدة تترك اثراً فی روحه لا تتركها المعرفة المجرّدة.

انّ هذا الموضوع یمكننا تجربته فی حیاتنا ویمكننا ایضا ان نلاحظه فی المصادر الدینیّة.

وفی هذا المجال نشیر الى قصّة واردة فی القرآن الكریم بعنوان كونها مثالا على ما ذكرناه. فنحن نعلم ان النبیّ موسى(علیه السلام)قد دعی من قبل اللّه تعالى الى جبل الطور لیعبد الباری عزّوجلّ هناك. وقیل للناس انّ موسى(علیه السلام) سوف یبقى هناك شهراً من الزمان، لكن ارادة اللّه سبحانه قد تعلّقت بان یبقى هناك اربعین یوماً، یقول تعالى: «وَ واعَدْنا مُوسى ثَلاثِینَ لَیْلَةً وَ أَتْمَمْناها بِعَشْر»(1)

وهذه اللیالی العشر الاخیرة لم یكن الناس عالمین بها، وقد كان هذا اختباراً لبنی اسرائیل لیبیّن لهم الى أیّ مدى هم متمسكون بایمانهم. ولمّا انتهت اللیالی الثلاثون جاء بنو اسرائیل الى هارون(علیه السلام) ـ وهو خلیفة موسى(علیه السلام)ـ وسألوه عن سبب


1. سورة الاعراف، الآیة 142.

عدم عودة اخیه، فأجاب بانّنا منتظرون وسوف یعود سریعاً. وفی الیوم التالی لم یعد موسى(علیه السلام) فكرّروا السؤال عنه، وبدأوا یشككون بان تأخّره یعنی انّه قد تركهم وذهب الى حال سبیله، واستغلّ السامریّ هذه الفرصة المواتیة فصنع لهم عجلا ودعا الناس الى عبادة العجل قائلا:

«هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسى»(1)

انّ اله موسى الّذی دعاه للمناجاة فی جبل الطور والذی بعث موسى بالرسالة الى الناس هو نفس هذا الذی صنعته لكم، فوقع كثیر من بنی اسرائیل ساجدین لهذا العجل وراحوا یعبدونه.

وأوحى اللّه تعالى الى موسى(علیه السلام) بالحادثة الّتی وقعت بین بنی اسرائیل، فقد اصبح الناس یعبدون العجل خلال غیبتك عنهم فی هذه اللیالی العشر، وقد سمع موسى(علیه السلام)بهذا النبأ ولكنه لم یُبد ردَّ فعل علیه.

وانتهت اللیالی الاربعون وعاد الى بنی اسرائیل وهو یحمل الالواح السماویة التی انزلت علیه لكی یدعو الناس الى طاعة الاحكام الالهیّة والعمل بالشریعة النازلة الیهم. عندما حضر موسى(علیه السلام) بینهم شاهد الناس یعبدون العجل، وبمجرّد ان رأى هذا المشهد أمامه تغیّر وضعه واستولى علیه الغضب، یقول تعالى:

«وَ أَلْقَى الأَْلْواحَ وَ أَخَذَ بِرَأْسِ أَخِیهِ یَجُرُّهُ إِلَیْهِ»(2)

وهو یسأله معترضاً علیه: لماذا سمحت للناس ان یسلكوا سبیل الضلال: «أَ فَعَصَیْتَ أَمْرِی»(3)

ولا نحتاج هنا الى اكمال بقیة القصّة، لانّ شاهدنا هو هذا القسم منها، حیث


1. سورة طه، الآیة 88.

2. سورة طه، الآیة 88.

3. سورة الاعراف، الآیة 150.

یوجد الفارق الكبیر بین ان یعرف الانسان بوقوع حادثة وان یشاهد وقوعها. انّ اللّه سبحانه كان قد اخبر موسى(علیه السلام) بما جرى بین قومه من عبادة العجل، ولم یكن لدى موسى(علیه السلام)ادنى شكّ فی حدوث ذلك، لانّ اللّه الصادق تعالى هو المخبر بها، لكنّه عندما سمع بذلك الخبر لم تبد علیه آثار الغضب. بینما لمّا عاد الى بنی اسرائیل وشاهد الناس یعبدون العجل اضطرب ولم یستطع ان یتحمّل الموقف فاندفع الى اخیه معترضاً علیه بالصورة المذكورة سابقاً.

ومقصودنا هو بیان الفرق بین المعرفة والمشاهدة.

لقد خلق اللّه سبحانه الانسان على هیئة بحیث یتأثر بالشیء الذی یراه تأثراً لا یمكن ان یحصل من خلال المسموعات او المعلومات. واذا اعدنا صیاغة المشاهد ـ سواء أكان ذلك فی الاطار التقلیدیّ ام باستخدام الاسالیب الحدیثة ـ واخرجناها بصورة تمثیل أو فلم یجسّم للناس أحداث عاشوراء فان لهذه المشاهد آثاراً لا یقترب منها اثر الاقوال والمعلومات التی تعكس نفس الموضوع.

وقد جرّبتم نماذج لهذا الموضوع مراراً فی حیاتكم فسمعتم حوادث عاشوراء مكرّرة واستقرّت فی اذهانكم وتعلمون كیف استشهد الامام الحسین(علیه السلام) فی یوم عاشوراء، ولكن هل هذه المعلومات تُجری الدموع من عیونكم؟

امّا اذا حضرتم فی مجلس العزاء وبدأ القارئ یقرأ الرثاء ولاسیّما اذا كان الشعر رائعاً والصوت حزیناً واستغرق بصورة جذابة فی بیان قصة كربلاء فسوف لن تتمالكوا انفسكم وانما تُجهشون بالبكاء من دون اختیار. انّ هذا الاسلوب یؤثّر فی تحریك المشاعر بصورة اكبر بكثیر من تأثیر الاطلاع والمعرفة، فما یُرى اكثر تأثیراً مما یُسمع.

ومقصودنا من هذه التوضیحات هو انّنا علاوة على كوننا لابدّ ان نعرف لماذا نهض الامام الحسین(علیه السلام)؟ ولماذا استشهد مظلوماً؟ لابدّ ایضا ان تُعاد صیاغة هذا

الموضوع بشكل افضل بحیث نسمع تلك الاحداث ونشاهدها لتُستثار عواطفنا ومشاعرنا بشكل قویّ. وكلّما كانت هذه المشاهد اكثر تأثیراً فی إثارة مشاعرنا وعواطفنا فانّ حادثة عاشوراء تصبح اعمق تأثیراً فی حیاتنا.

وبناءً على هذا فانّ مجرد البحث والدراسة العلمیّة لواقعة عاشوراء لا یمكن ان یقوم بدور مجالس العزاء، ولابدّ من توفیر مشاهد فی المجتمع تحرّك مشاعر الناس. مثلاً ان یخرج الانسان من بیته فی الصباح فیشاهد السواد یعمّ شوارع المدینة وتنتشر الاعلام السود فیها، ان نفس هذا التغییر فی الوضع العام یحرّك القلوب ویهزّ المشاعر، وصحیح انّ الناس یعلمون انّ غداً هو الیوم الاول من شهر محرّم ولكنّ لمشاهدة الاعلام السود اثراً فی قلوبهم لا یستطیع ان یوجده فی انفسهم مجرّد العلم بانّ غداً هو بدایة شهر محرم، انّ تشكیل هیئات اللطم بذلك الحماس الخاصّ یمكن ان تكون له آثار لا یحقّقها ایّ عمل آخر.

فالسؤال الثانی هو: لماذا لا نكتفی فی احیاء ذكرى سیدالشهداء(علیه السلام) بالبحث والدراسة والخطابة وتنظیم الندوات وكتابة المقالات وما شابه ذلك؟ لماذا لابدّ من اقامة مجالس العزاء؟

والجواب هو: لابدّ من ایجاد هذه المشاهد لتقویة العامل العاطفیّ فینا بالاضافة الى استحكام عامل المعرفة. فاذا استثیرت العواطف فانّها تستطیع ان تؤثّر. ونستطیع ان نجد نماذج هذا التأثیر فی حیاتنا الفردیّة وفی حیاتنا الاجتماعیّة، ولاسیّما فی هذه العقود الاربعة الاخیرة التی بدأ فیها الامام الخمینیّ(رضی الله عنه) حركته ضدّ اجهزة الكفر والطاغوت، فقد لاحظتم فی ایّام محرّم وصفر انّ اسم سیدالشهداء(علیه السلام) واقامة العزاء علیه یدفع الناس الى الحركة. انّ مثل هذا الحماس والحیویّة لا یوجد اِلاّ فی هذه الایام المباركة ولا یتحقّق اِلا فی مراسم العزاء التقلیدیّة وما شابه ذلك. اذن لابدّ من تكثیف الجهود والقیام بما یثیر عواطف الناس وعندئذ تكون الخواطر مؤثّرة. وبهذا

نفهم لماذا كان الامام(قدس سره)یكرّر القول: «كلّ ما عندنا فهو من بركات محرّم وصفر»(1).

ولماذا كان یصرّ كثیراً على اقامة العزاء بنفس الصورة التقلیدیّة المتداولة؟(2) لانّ مثل هذه الامور قد اثبتت جدارتها بشكل رائع خلال ثلاثة عشر قرنا فی إثارة مشاعر الناس وعواطفهم الدینیّة. وقد دلّت التجارب على انّ اغلب الانتصارات الّتی قد تحققت أثناء مرحلة الثورة الاسلامیّة أو فی جبهات القتال خلال مرحلة الحرب المفروضة انّما كانت اثر حماس الناس وحیویّتهم فی ایّام عاشوراء وقد تمّت ببركة اسم سیّد الشهداء(علیه السلام). ولیس هذا التأثیر قلیلا فی المیزان. فبأی ثمن یمكن ایجاد مثل هذا العامل فی المجتمع بحیث یدفع الناس الى الحركة بهذه الصورة من الحماس والرغبة؟ ویحقّق هذا العشق المقدّس لیجعل الناس یتسابقون فی طلب الشهادة؟ لو قلنا ان هذا العامل غیر متوفّر فی أیّ مدرسة اخرى وفی أیّ مجتمع آخر، لما جانبنا الحقیقة.

اذن فی مجال إحیاء واقعة عاشوراء نحن بحاجة الى شیء آخر غیر البحث والدراسة، حیث یكون ذلك الشیء مؤثّراً فی بعث المشاعر واثارة العواطف.

فالجواب العامُّ لذلك السؤال هو انّ الانسان لم یزوّد ـ فقط ـ بالمعرفة، وانما هناك قوة اخرى ـ بالاضافة الى المعرفة ـ هی الحماس والهیجان، وعاملها المشاعر والعواطف. فلابد من تقویة هذه العوامل لتؤدّی دورها بالشكل المطلوب. وبرامج العزاء من جملة هذه العوامل.

 

لماذا لابدّ من اقامة العزاء فی ذكرى واقعة عاشوراء؟

الى هنا عرفنا انّه لابدّ من ایجاد عوامل فی المجتمع لكی تحرّك فی الناس عواطفهم


1. صحیفه نور، ج 15، ص 201.

2. نفس المصدر السابق.

ومشاعرهم الدینیّة ولتدفعهم لیقوموا بعمل مشابه لما فعله سیّدالشهداء(علیه السلام)ولیواصلوا سبیله ولیعشقوا طریقه.

وفی هذا المضمار یُطرح موضوع آخر وهو انّ سبیل بعث المشاعر واثارة العواطف لیست منحصرة فی اقامة العزاء والبكاء، فقد تُثار عواطف الانسان باقامة مراسم الفرح والسرور. ونحن نعلم فی مناسبات الولادة لأهل البیت(علیهم السلام)ولاسیّما ولادة سیدالشهداء(علیه السلام) عندما تقام حفلات الفرح والسرور ویجری على الالسن مدحهم فانّ الناس تستولی علیهم حالة من الحماس والحیویّة. ویُطرح هنا السؤال الثالث وهو: لماذا لا تُستغلّ مراسم الفرح لاثارة المشاعر؟

ولماذا هذا الاصرار على البكاء؟ لماذا ضرب النفس وایذاؤها؟

تعالوا لنحتفل بدل هذا ونوزّع الحلویات ونقرأ المدح والثناء والاناشید لنحرّك بها مشاعر الناس.

والجواب هو: انّ للمشاعر والعواطف الواناً متنوّعة. ویتمّ تحریك كل لون من المشاعر والعواطف بواسطة الحادثة المناسبة له. والحادثة التی نهضت بأكبر دور فی التاریخ الاسلامیّ هی حادثة استشهاد ابی عبداللّه الحسین(علیه السلام)، فهی التی غیّرت مسیرة التاریخ الاسلامیّ، وهی التی زوّدت الانسان الى یوم القیامة بدروس التحرّك والنهضة والمقاومة والاستقامة. ولتجدید تلك الخواطر لا یكفی اقامة مجالس الفرح والسرور، بل لابدّ من القیام بعمل مناسب لتلك الحادثة. ای لابدّ من القیام بعمل یثیر حزن الناس ویجری دموعهم ویغرس العشق والحماس فی قلوبهم. والشیء الذی یمكن ان یقوم بهذا الدور فی هذه الحادثة هو اقامة مراسم العزاء والبكاء وخلق الاجواء التی تبكی الناس، بینما السرور والضحك لا یستطیع ان ینهض بهذا الدور. انّ الضحك لا یخلق من الانسان باحثاً عن الشهادة، ولا یحمله الى جبهات القتال، ولا یعبّد الطریق لكی یتحمّل الناس آلام ومصائب الحروب التی تُفرض على

المؤمنین. انّ مثل هذه الامور یحتاج الى عشق آخر نابع من البكاء والحماس والحرقة. وسبیل هذا هو اقامة مجالس العزاء.

 

لماذا لابدّ من صبّ اللعن على اعداء الامام الحسین(علیه السلام)؟

وبعد ذلك السؤال قد یُطرح سؤال آخر یثیره المنافقون «المتحضرون» غالباً فی هذه الایام، حیث یقولون: سلّمنا بان تاریخ الامام الحسین(علیه السلام) مؤثر ومحرّك، وعرفنا انه لابدّ من احیائه بعمق فی الخواطر واقامة العزاء فی ذكراه، ولكنّكم تقومون بشیء آخر فی مراسم العزاء، فلا تكتفون بالذكر الحسن والثناء العطر للامام الحسین(علیه السلام)والبكاء على ما جرى من أحداث مؤلمة فی استشهاده، وانما تصبّون اللعنات على اعداء الامام الحسین(علیه السلام)، فلماذا هذا الفعل، ولماذا هذا اللعن لأعداء الحسین(علیه السلام)؟ انّ هذا الفعل یعتبر لونا من العنف والتشاؤم، انّها مشاعر سلبیّة ولا تنسجم مع عقلیّة «الانسان المتحضّر». عندما تُستثار مشاعركم حاولوا ان تشبعوها بالبكاء والعزاء، ولكن لا تتلفّظوا بألفاظ اللعن والسباب، ولا تقولوا: «اتقرب الى اللّه ... بالبراءة من اعدائكم»(1)، لماذا ترسلون اللعن مائة مرة الى اعداء الامام الحسین(علیه السلام) فی زیارة عاشوراء؟

تعالوا واستبدلوا بهذا اللعن مائة مرة من السلام على الحسین(علیه السلام). لماذا تُوزّع هذه اللعنات وتُسمّم الاجواء وتُخلق فی الناس رؤیة تشاؤمیّة بالنسبة للآخرین أو تُبعث فی أنفسهم مشاعر سلبیّة؟ انّ هذا زمان لابدّ فیه من التعایش مع جمیع الناس بسلام وابتسام ووجه طلیق مبتشر. انّ هذا زمان لابدّ فیه من الحدیث عن الحیاة، وعن الفرح والسرور، وعن السلام والوئام. واما عقلیّة اللعن والتبرؤ والإعراض عن


1. زیارة عاشوراء.

الآخرین ومقاطعتهم، فهی من الوان عقلیّة العنف التی تنتسب الى ما قبل اربعة عشر قرنا وهو الزمان الذی قُتل فیه الامام الحسین(علیه السلام)، وهی عقلیّة تتناسب مع ذلك الزمان. امّا الیوم فانّ الناس والمجتمع لا یحبّذون مثل هذه الأسالیب. تعالوا واستبدلوا بهذه الاسالیب البالیة اسلوب الوئام والسلام وابتسموا حتى فی وجوه اعدائكم وعاملوهم بالمحبّة، ألیس الاسلام هو دین المحبّة؟ ودین الرأفة والرحمة؟ هل یتناسب مع هذا الدین ان تلهج السنتكم باللعن والكلام الجارح البذیء؟

لو كان هذا السؤال مطروحاً فی الواقع عن جهل فانّ جوابه سهل یسیر، لكنّنا نحتمل بقوّة انّ كثیراً ممّن یتحدّث بهذه الطریقة انّما یحمل افكاراً اخرى وتدور فی مخیلته اغراض خاصّة. من المحتمل جدّاً انّهم یقتفون اثر سیاسات اخرى، أو انّهم ینفّذون خططا قد رسمها آخرون. وعلى كلّ حال فنحن نبنی على اساس انّ هذا السؤال كان بدافع عقلىّ وعلمیّ وهو بحاجة الى جواب علمیّ. وبغضّ النظر عن التقییم فی مجال طرح مثل هذه الأسئلة نفرض انّ شابا توجّه الینا بالسؤال: لماذا لابدّ من لعن قاتلی الحسین(علیه السلام)؟ بدل ان نلعن اعداءه مائة مرة فی زیارة عاشوراء فلنرسل السلام والتحیة مائة مرة للامام الحسین(علیه السلام). ألیس فی السلام على سیدالشهداء ثواب عظیم؟ فلنسلّم على الحسین(علیه السلام)مائة مرة بدلَ لعن اعدائه مائة مرة، ألیس هذا افضل؟ ما الداعی الى كلّ هذا اللعن والبذاءة واظهار البراءة والسباب والشتائم؟

والجواب العلمیّ لمثل هذا السؤال هو: كما انّ فطرة الانسان لم تتشكّل من المعرفة فقط، فكذا الأمر فی مجال العواطف والمشاعر، فهی لم تتشكّل من العواطف والمشاعر الایجابیّة فقط. فالانسان موجود یتمتّع بالمشاعر الایجابیّة والمشاعر السلبیّة ایضاً. وكما انّ الفرح موجود فی انفسنا فانّ الحزن موجود فیها ایضا. هكذا خلق اللّه الانسان، فلا یستطیع ایّ انسان ان یعیش بلا حزن وبلا فرح. وكما زوّدنا

اللّه تعالى بالاستعداد للضحك فانه زوّدنا بالاستعداد للبكاء أیضاً. فی المجال المناسب لابدّ ان یضحك الانسان، وفی المجال المناسب لابدّ ان یبكی. وتجمید جانب من وجودنا یعنی عدم الانتفاع من بعض نعم اللّه التی وفّرها لنا. انّ الحكمة فی انّ اللّه تعالى خلق فینا الاستعداد للبكاء هی انّه لابدّ من البكاء فی بعض الموارد. ویجب علینا ان نبحث ونشخّص هذه الموارد، والاّ اصبح الاستعداد للبكاء لغواً فی وجودنا. لماذا جعل اللّه تعالى هذا الاحساس فی الانسان بحیث یستولی علیه الحزن والغم وتجری الدموع من عینیه؟ یُعلم من هذا انّ للبكاء فی حیاة الانسان دورَه ومجالَه المناسب. انّ للبكاء من اللّه بدافع الخوف من عذابه أو بدافع الشوق الى لقائه أو بدافع الشوق الى لقاء محبوب آخرَ دوراً فی تكامل الانسان. فالانسان یرقّ قلبه عندما یشعر بلهیب النار فی اعماقه بالنسبة لمحبوبه المصاب. فهذه طبیعة الانسان تقتضی ان یرقّ قلبه فی بعض الموارد وعندئذ تنهمر الدموع من عینیه.

لقد غرس اللّه تعالى فی انفسنا المحبّة حتى نظهر الحبّ بالنسبة للذین یقدّمون لنا خدمات وبالنسبة لمن یتمتّعون بالكمال، سواء أكان كمالا جسمیّا أم عقلیّا أم نفسیّا أم عاطفیّا، فاذا شعر الانسان بوجود كمال أو صاحب كمال فانه یحبّه ویتعلق به، وعلاوة على هذا فقد جعل اللّه البغض والعداوة فی نفس الانسان فی نقطة مقابلة للمحبّة.

فكما انّ الانسان مفطور على ان یحب من قدّم الیه خدمة، فهو مفطور ایضاً على ان یكره ویُبغض من ألْحَقَ به ضرراً. ومن الواضح ان الاضرار المادیّة الدنیویّة لا أهمیّة لها عند المؤمن، لانّ الدنیا برمّتها لا قیمة لها عنده، لكنّ العدوّ الّذی یحاول ان یسرق من الانسان دینه، والعدوّ الذی لا یدّخر جهداً فی ان یسلب من الانسان سعادته الأبدیّة هل یمكن السكوت عنه؟ یقول اللّه تعالى فی القرآن الكریم:

«إِنَّ الشَّیْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا»(1)

فهل یمكن الابتسام للشیطان؟ وهل یمكن الوئام والسلام معه؟

اذا تورّط الانسان فی ذلك فسیصبح شیطاناً مثله.

اذا كان من الضروریّ المحبّة لأولیاء اللّه فانّه من الضروری أیضاً العداوة لاَعداء اللّه. هكذا هی فطرة الانسان، وهذا هو عامل تكامل الانسان وسعادته. اذا لم تتحقق «العداوة» مع اعداء اللّه، فانّ سلوك الانسان معهم یرقّ تدریجیّاً وتنشأ الصداقة فیما بینهم، ونتیجةً لمعاشرتهم یتأثّر بسلوكهم ویفتح قلبه وعقله لأقوالهم، ویغدو شیئاً فشیئاً شیطاناً مثلهم. هل تعترضون على صحّة ما نقول؟ انظروا الى القرآن ماذا یقول؟: «وَ إِذا رَأَیْتَ الَّذِینَ یَخُوضُونَ فِی آیاتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتّى یَخُوضُوا فِی حَدِیث غَیْرِهِ»(2)

اذا رأیت اناساً یتحدّثون عن الدّین بصورة السخریة والاستهزاء وبطریقة مهینة فلا تقترب الیهم ولا تُصغِ الى ما یقولون حتّى ینتقلوا الى موضوع آخر. وفی آیة كریمة اخرى یقول تعالى:

«وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَیْكُمْ فِی الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آیاتِ اللّهِ یُكْفَرُ بِها وَ یُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتّى یَخُوضُوا فِی حَدِیث غَیْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جامِعُ الْمُنافِقِینَ وَ الْكافِرِینَ فِی جَهَنَّمَ جَمِیعاً»(3).

من یحبّ الذین یستهزؤون بالدین ویبتسم فی وجوههم فانّ كلامهم یؤثّر علیه تدریجیّاً ویخلق الشكّ فی نفسه، وعندئذ یصبح اظهاره للایمان نفاقاً، فالنفاق هو ان لا یكون الایمان فی قلبه ولكنه فی الظاهر یدّعی انه مؤمن. اذن هذا الوئام مع


1. سوره فاطر، الآیة 6.

2. سورة الانعام، الآیة 68.

3. سورة النساء، الآیة 140.

الكفار یؤدّی به الى ان یلتحق بهم فی النهایة، واذا اصبح منافقا فی الدنیا بسبب مجالسته ومعاشرته للكافرین فانّه فی الآخرة سوف یكون رفیقهم فی جهنّم: «إِنَّ اللّهَ جامِعُ الْمُنافِقِینَ وَ الْكافِرِینَ فِی جَهَنَّمَ جَمِیعاً»

وبعبارة اخرى انّ العداوة مع الاعداء هی نظام دفاعیّ فی مقابل الاضرار والمخاطر. فجسم الانسان كما انّه مزوّد بعامل جذاب یجتذب الموادّ النافعة، فانّه مزوّد ایضا بنظام دفاعیّ یطرد السموم والجراثیم، یقاومها ویقضی علیها. وهذه هی مهمّة الكریات البیض فی الدم. امّا اذا اصیب النظام الدفاعیّ للبدن بالضعف فانّ الجراثیم تنمو وتستفحل، ویؤدّی ذلك الى اصابة الانسان بالأمراض، ولعلّه بالتالی یواجه الموت.

واذا قلنا انّ دخول الجراثیم الى بدن الانسان لا مانع منه! ورحّبنا بها على اساس انّها ضیف كریم یجب احترامه! فهل یبقى البدن سالماً فی هذه الحالة؟ كلاّ، لا یتصرّف الانسان العاقل بهذه الصورة، وانّما یقول لابدّ من القضاء على الجراثیم. هذه سنّة الهیّة، فقد اخذ التدبیر والحكمة الالهیّة بعین الاعتبار نظامین لكل موجود حیّ، احدهما نظام للجذب والآخر نظام للطرد، فكما انّ جذب الموادّ النافعة ضروریّ لنموّ كل موجود حیّ فانّ طرد السموم والموادّ الضارّة من البدن امر ضروریّ أیضاً. ولو لم یطرد الانسان السموم من بدنه فانّه لا یستطیع ان یستمرّ فی حیاته.

فهناك اجهزة فی بدن الانسان والحیوان مثل الكلیة والمثانة وغیرهما تقوم بهذه المهمّة بشكل طبیعیّ وتطرد الموادّ الضارة الى خارج البدن. وفی بعض الاحیان تهاجم البدن جراثیم من الخارج، فهنا تنشط الكریات البیض فی الدم تتصدّى لها وتقاومها وتقضی علیها ثم تطردها خارج البدن. وكذا الأمر فی روح الانسان فلابدّ من وجود مثل هذا الاستعداد فیه، لابدّ من وجود عامل جذب نفسیّ فیه حتى نأنس بالأشخاص الذین هم نافعون بالنسبة الینا، فنحبّهم ونقترب الیهم، ونكتسب

منهم العلم والكمال والادب والمعرفة والاخلاق.

لماذا لابدّ ان یحبّ الانسانُ الاشخاصَ والامورَ الحسنة؟ لكی ینتفع منها عندما یقترب الیها. لابدّ من اظهار المحبّة للناس الطیّبین الذین هم منشأ للكمال، ولهم تأثیر ضخم فی تقدّم المجتمع وازدهاره، وفی المقابل لابدّ من اظهار العداوة عملیّاً لمن یلحقون الضرر بمصیر المجتمع، یقول اللّه تعالى فی القرآن الكریم:

«قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِی إِبْراهِیمَ وَ الَّذِینَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَ مِمّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَ بَدا بَیْنَنا وَ بَیْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَ الْبَغْضاءُ أَبَداً حَتّى تُؤْمِنُوا بِاللّهِ وَحْدَهُ»(1)

یأمرنا اللّه تعالى بالتأسی بابراهیم واصحابه، ونحن نعلم ان لابراهیم(علیه السلام) مكانةً رفیعة فی الثقافة الاسلامیّة، فالنبیّ الاكرم(صلى الله علیه وآله) ذاته یصرح بانّنی تابع لابراهیم، والاسلام هو الاسم الذی اطلقه ابراهیم(علیه السلام) على هذا الدین. یقول تعالى:

«هُوَ سَمّاكُمُ الْمُسْلِمِینَ مِنْ قَبْلُ»(2)

ماذا كان یفعل ابراهیم(علیه السلام) واصحابه؟ كانوا یعادون عبدة الاصنام ویطردونهم ویعلنون لهم: «إِنّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ» ولا یكتفون بالبراءة منهم بل یقولون لهم: بدا بیننا وبینكم العداوة والبغضاء الى یوم القیامة، إلا اذا توقّفتم عن الخیانة.

ونحن اذ نعلن العداوة والبغضاء للشیطان الأكبر واعداء الاسلام ولا نسمح بحذف هذا الشعار المهم «الموت لاَمریكا»، انما هو تأس بابراهیم(علیه السلام)، فقد امرنا القرآن الكریم بالتأسی بابراهیم(علیه السلام) لنقولها بصراحة: الموت لأعداء الاسلام، ونتجاهر بعداوتنا لاعداء الدین. فالانسان العاقل لا یوزّع الابتسامات فی كل المجالات، بل لابدّ له ان یعبس فی وجوه البعض ویقولها صریحة له: أنا عدوك


1. سورة الممتحنة، الآیة 4.

2. سورة الحج، الآیة 78.

ولیس بینی وبینك سلام الا اذا كففتَ عن خیانتك. هذا هو امر القرآن. ویقولون ان فروع الدین عشرة، وبعد «الامر بالمعروف» و«النهی عن المنكر» یعدّون من فروع الدین «التولّی» و«التبرّی». ای من جملة الواجبات الّتی لابدّ ان یهتمّ بها جمیع المسلمین ویعملوا بمضمونها هو ان نحبّ اولیاء اللّه وان نعادی اعداء اللّه ایضا. ولا یكفی محبة اولیاء اللّه، فاذا لم تكن العداوة لأعداء اللّه فانّ المحبة للأولیاء سوف تزول وتضمحل، فلو انعدم النظام الدفاعیّ للبدن فانّ نظام الجذب سوف یتعطّل ایضا.

والشیء المهمّ هو ان نعرف بدقّة مجالات الجذب والطرد. فأحیانا تختلط الامور مع الأسف الشدید، ففی المورد الذی لابدّ ان نقوم فیه بالجذب فانّنا نستخدم عملیّاً الطرد. فالشخص الّذی اخطأ فی القول ـ عن جهل ـ وزلّت قدمه ثمّ ندم، او اذا بیّنا له الموقف الصحیح فانّه یحكّم الانصاف ویعترف بخطئه، انّ مثل هذا الشخص لا ینبغی معاداته، فلمجرّد انّه ارتكب ذنبا لا ینبغی طرده من المجتمع، بل لابد من التصدّی لاصلاحه، انّه مریض لابدّ من معالجته. وفی مثل هذا المورد لا یتمّ اللجوء الى العداوة، نعم اذا كان الشخص متعمداً ویشیع المعصیة فی المجتمع بشكل علنىّ فانّ هذه خیانة لابدّ من التصدی لها واعلان العداوة لصاحبها، امّا اذا ارتكب الشخص الذنب خطأً فلابدّ من التعامل معه برفق ومودة، ولا یجوز هتك حرمته واسقاط شخصیّته، بل لابدّ من السعی لاصلاحه، انّه یعانی من مشكلة ویجب حلّ مشكلته.

امّا بالنسبة للأعداء الحاقدین الغدّارین فالله تعالى یقول: «وَ لَنْ تَرْضى عَنْكَ الْیَهُودُ وَ لاَ النَّصارى حَتّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ»(1)

فما لم تكفّوا عن ثورتكم الاسلامیة فانّ امریكا لن ترضى عنكم، لابدّ ان نتأمّل فی كل یوم ماذا یعنی الصلح والسلام مع امریكا؟ وماذا یعنی الابتسام لهؤلاء؟


1. سورة البقرة، الآیة 120.

یجب علینا ان نتعامل معهم بكل غضب وعنف وان نعبس فی وجوههم. لابدّ ان نمطر الموت على رؤوسهم، لانّهم لا یقتنعون بأقلّ من الموت لنا، ولا یكتفون بالموت لأجسامنا، ولا یشفی غلیلَهم الموتُ لأرواحنا، وانّما هم یفرحون بموت دیننا.

وخلاصة كلامنا هو انّ احیاء ذكرى سیّد الشهداء هی اعادة لصیاغة الحیاة الحسینیّة، وذلك لننتفع بهذه الحیاة الكریمة على أحسن نحو، ولا ینبغی الاكتفاء بالدراسات العلمیّة، لانّ الانسان بحاجة الى استثارة عواطفه ومشاعره، ولا ینبغی الاقتصار ایضاً على العواطف الایجابیّة كالفرح والسرور والضحك والابتسام، وذلك لانّ احیاء خواطر سیدالشهداء(علیه السلام)ومظلومیّته لا یتیسّر إلاّ عن طریق مشاعر الحماس والحزن والبكاء والحداد. ومع ارسالنا لآلاف التحیّة والسلام للامام الحسین(علیه السلام) ولتراب قبره الطاهر فانّنا نرسل آلاف اللعن لأعداء الحسین(علیه السلام) اعداء اللّه والاسلام. والسلام وحده لا یحلّ المشكلة، لاننا لا نستطیع ان ننتفع من بركات الحسین(علیه السلام) اِلاّ اذا قمنا باللعن أوّلا لأعدائه، ثمّ نرسل الیه التحیة والسلام. والقرآن یذكر أوّلا فی صفات اصحاب النبی(صلى الله علیه وآله): «أَشِدّاءُ عَلَى الْكُفّارِ»(1) ثمّ یقول «رُحَماءُ بَیْنَهُمْ»(2)، فلابدّ من وجود اللعن الى جانب السلام، ولابدّ من اظهار التبرّی والعداوة لاعداء الاسلام الى جانب التولّی لاولیاء اللّه. اذا كنّا بهذه الصورة فنحن حسینیّون، واِلاّ فانّه لا ینبغی ان نلصق أنفسنا بالحسین(علیه السلام) من دون استحقاق.


1. سورة الفتح، الآیة 29.

2. نفس المصدر السابق.

بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...