مقدمة
یقع الإنسان ـ من جهات مختلفة ـ موضوعاً لعلوم مختلفة: علم النفّس، علم الاجتماع، التاریخ، الأخلاق، الطب و حتى الفیزیاء و الأحیاء فإنها علوم یتناول كل منها الإنسان من زاویة خاصة. و ما نرمی إلیه هنا هو البحث حول الإنسان من زاویة كونه موجوداً یقبل التّكامل و سنتحدث عن أسالیب الاستفادة المثلى من الطاقات الدّاخلیّة و الإمكانات الخارجیة للوصول إلى السّعادة الحقیقیة عبر التأمّل فی وجودنا و معرفة العوامل التی أودعت فی الفطرة لتسیر بنا إلى الهدف الأصلی، و كذلك عبر معرفة عناصر الجذب نحو الأهداف الإنسانیة السّامیة، و الروابط التی تربطنا بالآخرین، و الّتی تمكننا من خلال الاستفادة منها و السعی فی تقویتها و تحكیمها من تقویة أنفسنا و تهیئتها للتكامل و التسامی. و نسأله تعالى أن یعیننا على أن نخطو ـ فی هذا ـ خطوة على طریق تكاملنا و تكامل الآخرین.
و علیه، فموضع بحثنا عبارة عن «الإنسان من زاویة كونه موجوداً یقبل التّكامل»، و هدفه عبارة عن «معرفة الكمال الحقیقی و سبیل الوصول إلیه»، و أسلوبه عبارة عن «دراسة تأملاتنا الدّاخلیة للوصول إلى معرفة جدیدة لمتطلباتنا، و عناصر الجذب المتواجدة فی أعماقنا و التى تسیر بنا نحو الكمال، و العوامل التى تساعدنا فی ذلك، و الظروف التى یمكن استغلالها للوصول إلى ذلك». و سنسعى إلى الاكتفاء لإثبات ما نقول بالمعطیات الوجدانیّة و البراهین العقلیّة البسیطة غیر المعقّدة مستفیدین من أوضح المعلومات و أكثرها قناعة لكشف المجهولات و قد نشیر عند الضّرورة إلى الأدلّة العقلیّة و النقلیّة المعقدة.