نستنج من هذا البحث بعض النتائج
أ ـ یمكن تقسیم الموجودات المادیّة حسب الكمالات الوجودیّة إلى درجات، و من بین الموجودات التی نألفها نجد الجمادات فی الدرجة السفلى ثم النباتات ثم الحیوانات فی الوسط و یقع الإنسان فی الدرجة العلیا.
و من البدیهی فی مثل هذا التدرّج، إن الملحوظ هو نوع الكمال و قیمته لاحجمه و مقداره و لذا فلامجال للاعتراض علینا بأنه لو كان الإنسان أكمل الحیوانات فلماذا لایمكنه أن یأكل بقدر أكْل البقرة و یركض كالغزال و یفترس كالأسد تماماً كما لایقال فی سمو النباتات على الجمادات بأنه لو كانت الشجرة أسمى من الحجر و التراب فلماذا لاتمتلك الشجرة وزن جبال الهملایا و لماذا لا توجد فی أعماقها معادن الذهب و النفط؟
ب ـ إن أیّ موجود مادّیّ فی درجة أعلى من الوجود، یمتلك القُوى الأدون من درجته لیستخدمها فی سبیل تكامله.
ج ـ إن الاستفادة من القوى الأدون یجب أن تكون بالقدر المفید للوصول إلى الكمالات الأعلى و إلاّ فإنّها تعود سبباً للركود و توقّف السیر التكاملی و قد تؤدّی إلى التراجع و الهبوط أحیاناً.
د ـ بملاحظة البحث السابق، نستنتج أن الكمال الحقیقی لأیّ موجود عبارة عن ما تقتضیه آخر فعلّیة له، و إن كان نفس هذا الكمال ذا مراتب و درجات مختلفة، فإن أعداد التفاح لشجر التفاح كمال و لكنه ذو مراتب. أما سائر الكمالات التی تختلف عن هذا الكمال اختلافا ماهویّا و هی بالطبع فی درجات أدون منه فهی لا تعد من كمالات هذا الموجود بل هی مقدمات و وسائل لكماله. و علیه فیمكننا أن نقسم الكمال إلى قسمین: أصیل و آلی، أو حقیقی و نسبی. كما یمكننا أن نقول بوجود مراتب للكمالات الأصلیة.
هـ ـ و لكی نعین مقیاساً للاستفادة من القوى الأدون تلزم ملاحظة الكمال الحقیقی الأصیل، و بعبارة أخرى فإنه لایمكن اعتبار الصفات الوجودیّة الأدون مقدمات الكمال أو كمالات نسبیة إلاّ إذا كانت مقدمات للوصول إلى الكمال العالی الحقیقی، و من هنا یتأكّد لزوم معرفة الكمال الحقیقی للإنسان.