ar_porsesh1-ch2_1.htm

الفصل الثانی/ الإسلام والدیمقراطیة

سؤال: هل بالإمكان تطبیق الدیمقراطیة الغربیة فی المجتمع الإسلامی؟

جوابه: بدءاً لنرَ ماذا تعنی الدیمقراطیة وكیف ظهرت الى الوجود فی الغرب؟

الدیمقراطیة تعنی حاكمیة الشعب أو سیادة الشعب، وقد تبلورت الدیمقراطیة الحدیثة فی الغرب حینما وجد المتدینون هناك أن ما فی حوزتهم من دین ـ وهو المسیحیة ـ عاجزٌ عن القیام بدوره على صعید الحیاة الإنسانیة بجمیع أبعادها لاسیما الاجتماعیة، أو مباشرة أمر التقنین، من هنا فقد قاموا بمعالجة المشكلة بنحو، تنحصر فیه مهمة الدین والتعالیم الإلهیة بحدود الحیاة الشخصیة للإنسان.

لقد رفضوا احكام الدین فی القضایا الاجتماعیة والسیاسیة، وبتعبیر أدق: إن الدین وفقاً لرؤیتهم یختص بالدعوة للصلاة والدعاء والتنسك، أما تشخیص نوع الحكم والسیاسة والقضاء أو تحدید الاسس التی یقوم علیها النظام القیمیُّ فی المجتمع; فهذا مما لا شأن للدین به، ومن شأن الله تعالى عدم التدخل فی هذه الشؤون البشریة المهمة!!

وبهذا فقد أعلن العالم الغربی موقفه من المسیحیة «المحرّفة» بوضوح وـ حسم ـ أمره مع الله فی القضایا السیاسیة والاجتماعیة والاقتصادیة، ولمّا جرّدوا الحكم عن الله سبحانه; برزت أمامهم هذه القضیة وهی: الى مَنْ یسلِّمون هذا الأمر؟ وقد توصَّل مفكرو الغرب الى سبیلین للحل:

أولهما: تسلیم الحكم بید شخص ما، وهو بدوره یتعامل مع الشعب كیفما شاء; وقد أطلقوا على هذا النهج: الدكتاتوریة.

والثانی: إیكال أمر الحكم لأبناء الشعب، فهم راشدون، وبوسعهم تشخیص المصلحة من المفسدة وممارسة عملیة التقنین فی ضوء آرائهم، أو اقرار ما یروق لهم أو تغییره.

واستناداً الى هذه النظریة فإن معیار الحسن والقبح هی إرادة الشعب، والحسن والقبح وما یضاهیهما ما هی الاّ مفاهیم اعتباریة تابعة لأذواق الناس، وإننا فی واقع الأمر نعیش فی عالم، لا وجود للحسن والقبح فیه; فإذا ما أعلن الناس یوماً حُسن شیء; فإنه یكون كذلك، ولكن لیس للأبد، بل متى ما یشاؤون، فإن رأوا انه قبیح بعد یوم فإنه یتحول الى قبیح، ولكن لیس للأبد أیضاً. وعلیه لیس لدینا حسن وقبح حقیقیان وعینیان، وما هذه الاّ مفاهیم اعتباریة من صنع وابداع الناس أنفسهم، وقد أطلق الغربیون على هذا النهج المستند الى رأی الشعب اسم «الدیمقراطیة».

وحینما وجدوا أن معالجة قضیة الحكم تنحصر فی هاتین السبیلین توصلوا الى هذه الحصیلة، وهی ترجیح الحكم الدیمقراطی الحر على الدكتاتوری الفاشی، فتوحدت قلوبهم وتظافرت هتافاتهم وتعالت صیحاتهم بالحیاة للحریة والدیمقراطیة; وهكذا شاعت الدیمقراطیة فی بلاد الغرب، وأخذت تتنامى یوماً بعد یوم حتى غدت حالیاً تحفة الغرب التی تُصدَّر الى سائر البلدان، وقد اتُّخذت شعاراً لبعض المثقفین العصریین فی بلادنا أیضاً غافلین عن أن دیمقراطیة الغرب ولیدة فصل الدین عن السیاسة، ومن غیر الممكن بأی حال أن تنسجم مع الإسلام، لأن الغربیین ـ وكما تقدم ـ افترضوا عدم تدخل الدین فی قضایا الحكم والسیاسة، وهكذا اضطروا لتسلیم الحكم بید الشعب لئلا یبتلوا بالدكتاتوریة.

الدلیل على تناقض دیمقراطیة الغرب مع الإسلام

ولكن هل أن المسلمین مضطرون للجوء الى مثل ذلك؟ وهل حُرِّف الإسلام كالمسیحیة بحیث یعجز عن ابداء وجهة نظره بشأن القضایا الاجتماعیة والحكومیة والدولیة، أو ممارسة عملیة الحكم؟ لو كان الإسلام كالمسیحیة فإننا نضع الدیمقراطیة فی عیوننا، ونوافق الغربیین ونماشیهم قلباً وقالباً; لكن ذلك مستحیل، فالإسلام لیس كالمسیحیة، فلا شك فی أن الإسلام یولی اهتمامه لنواحی الحیاة البشریة كافة وأن النصوص القرآنیة وسیرة النبی الأكرم(صلى الله علیه وآله)والائمة الاطهار(علیهم السلام)زاخرة بالتعالیم التی تخص المجتمع والحكم; أَوَ یسمح لنا مثل هذا الدین أن نكون عبیداً لله فی الشؤون الشخصیة، فیما نكون عبیداً للناس فی القضایا الاجتماعیة؟! هل یسمح لنا الإسلام أن نتوجه الى الله فی قضایا الصلاة والصوم والزكاة وما شابه ذلك، فیما نتخذ من رأی الناس معیاراً لشرعیة القوانین فی مجال الحكم والسیاسة؟!

من الأفضل لمثقفی مجتمعنا أن یعرفوا الإسلام معرفة صحیحة، ومن ثم یتأملون ما إذا كان بالإمكان الجمع بین الاسلام ودیمقراطیة الغرب، وحینها لیطلقوا شعاراتهم ویهتفوا باننا مسلمون، وفی الوقت نفسه نطالب بدیمقراطیة الغرب!!!

* * * * *

بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...