ar_porsesh1-ch3_12.htm

سؤال: لِم لا تكون ولایة الفقیه دوریة على غرار رئاسة الجمهوریة كی نحول دون الأضرار الناجمة عن تمركز القدرة بید شخص واحد؟

جوابه: هنالك عدة ملاحظات من الضروری تناولها بالبحث وكما یلی:

نقطة الثبات فی النظام السیاسی

1ـ من الضروری وجود نقطة ثبات فی النظام السیاسی.

یُجمع فلاسفة السیاسة على أنه إذا أمكن لأیّ بلد التخلص من سلبیات نقطة الثبات، فسوف یكون ذلك راجحاً ومتعیّنا له. واستناداً الى ذلك فإن الكثیر من البلدان یسودها نمطٌ من الحكم الملكی، أو الرئاسی المؤبد، أو الامبراطوری، بالإضافة الى السلطات الثلاث. والملفت للنظر أن بعض هذه الدول من قبیل انجلترا یعد مهداً للدیمقراطیة الحدیثة والتطور الصناعی، ویستدل أنصار هذه النظریة على ذلك بحاجة بریطانیا العظمى ـ التی كانت تحكم الكثیر من بلدان العالم، وما تزال تحتفظ بمنافع مشتركة مع الكثیر منها ـ الى نقطة الثبات، التی تمثل فی الواقع مظهراً للاقتدار والأمن الوطنی.

الحدّ من سلبیات نقطة الثبات

2ـ هل یمكن الحدّ من سلبیات نقطة الثبات؟

إن أهم فوائد الدوریة هو التخلص من الفساد الذی ینجم عن استفحال الارتباك فی السلطة; إن هی تمركزت بید شخص واحد مدة طویلة من الزمان.

وتتأتى الإجابة على هذا اللبس عبر قلیل من التحری فی أصل النظریة، وللإیضاح نقول: إن من الشروط الواجب توفرها فی القائد هی: العدالة والتقوى، وقد أناط الدستور بمجلس الخبراء مهمة إحراز هذه المواصفات لدى القائد فی مرحلتی الكشف والتشخیص، «ابتداءً: القیادة» و«بقاءً: استمرار القیادة» ومَنْ فقد العدالة والتقوى لن یُنتخب كولی فقیه أبداً، ولو كان القائد عادلا تقیاً ابتداءً، لكنه فقد عدالته أو تقواه خلال مسیرته، فإنه ینعزل عن هذا المنصب بشكل تلقائی وتقع على عاتق مجلس الخبراء مهمة الإعلان عن عزله; لأنه بذلك یكون قد فقد الولایة الالهیة، یقول الإمام الراحل(قدس سره): لو نطق الولی الفقیه بكلمة واحدة كذباً او انحرف بخطوة واحدة لم تعد له أیة ولایة»1.

3ـ الملاحظة الثالثة التی ینبغی التطرق الیها هی دور الكاشفیة الذی یؤدیه الخبراء فی الإفصاح عمَّن لدیه الصلاحیة لإدارة دفة المجتمع الإسلامی.

فتارة تتجلى الدوریة عبر الانتخاب المباشر، الذی یقوم به الشعب، واخرى عبر مجلس الخبراء; وبما أن التساؤل حول الانتخاب المباشر من قبل الشعب یعد بحد ذاته سؤالا مستقلا، وله بالغ الأهمیة، فقد جرى، ولكن بعد تنویهنا لمسألة نقطة الثبات وفوائدها من وجهة نظر فلاسفة السیاسة، وما لاحظنا من مقدمات ضروریة فی وظائف الخبراء وإشرافهم على القائد، حریٌ القول بعدم ضرورة إجراء انتخابات دوریة لاختیار القائد; لأن مهمة الخبراء هی الكشف عن مصداق القیادة.

الخبراء وتشخیص القائد

إن القضیة لا تقتصر بأن یرشح نفرٌ أنفسهم فیضطر أعضاء مجلس الخبراء لانتقاء الأصلح من بینهم; وإنما المرشحون لتبوئ منصب القیادة فی المرحلة الاولى هم علماء الإسلام كافة، ممن تتوفر لدیهم الصلاحیة; ومهمة الخبراء الانتقاء ـهی مهمة تمتد لتشمل المجتمع الإسلامی بأسره، ولا تقتصر على فئة قلیلة معیّنة ـ وهذا مصدر الأهمیة فی كشفهم ـ ای تشخیصهم ـ وحیثما توصّل الخبراء، واستناداً الى أی دلیل منطقی بأن القائد فقد الشروط الضروریة للقیادة، أو برز فی زمانه مَنْ هو أقوى وأصلح منه; فإن القائد ینعزل تلقائیا عن منصبه، وعلى الخبراء التصریح بعزله، والاستبدال به فقیهاً آخر، وفی مثل هذه الحالة لا یستلزم إجراء انتخابات بین فترة واخرى; فكلنا یعلم حجم المستلزمات التی یتطلبها إجراء الانتخابات وما یعقبها من إفرازات على الصعید الاجتماعی; أضف الى ذلك عدم انسجامها مع اقتدار القیادة وكونها نقطة ثبات فی المجتمع.

وتتجلى أهمیة هذه المسألة حینما یتربع على مسند الولایة فقیه كفوء وجدیر; كآیة الله الخامنئی، ویتصدى لإدارة الامور ویعمل بنحو یقرّ معه الصدیق والعدو بكفاءته وجدارته، والتصریح بذلك علناً فی بعض الأحیان; فی مثل هذه الظروف حیث تغدو محوریة هكذا فقیه نقطة قوة للنظام; یتعین على الجمیع عرفان قدره والاجتهاد فی اتباعه.

وفی الختام فلا بأس من الانتباه الى أن نظریة دوریة القیادة أو الرئاسة; إنما طُرحت بسبب ما یعانیه الكثیر من المرشحین من آفات أخلاقیة وحقوقیة، ففی كل یوم نشهد استدعاء رؤساء جمهوریة أو رؤساء وزارات وغیرهم من ذوی المناصب العلیا فی دول العالم الى المحاكم، وبطبیعة الحال كلما تقلصت فترة تصدی أمثال هؤلاء للحكم تضاءل احتمال استغلالهم له، ولكن فی النظام الذی یتمتع القائد فیه بأعلى مراتب التقوى والعدالة، ویحلّ بعد المعصوم فی المرتبة فلا مجال لمثل هذا الوهم.

الآن وبعد مضی عقدین من الزمن على ممارسة أمثال هؤلاء للحكم فی ایران; لم تُلمس أدنى نقطة ضعف فی حیاة الإمام الراحل، أو سماحة قائد الثورة الإسلامیة، ولو وُجد من قبیل ذلك لبادَر أعداء الإسلام والثورة الى تضخیم حجمه، وشهّروا به فی وسائل الإعلام آلاف المرات.

* * * * *



1. صحیفة النور: ج 11، ص 122 المقابلة التی أجراها البروفسور حامد الغار مع الإمام الخمینی(قدس سره).

بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...