سؤال: الصلاحیات التی أوردها الدستور الإسلامی للولی الفقیه تستدعی تعدد الاختصاصات، ومن الطبیعی تعذّر اجتماع هذه الاختصاصات لدى رجل واحد. إذن كیف یبسط الولی الفقیه سلطته على كافة شؤون البلاد؟
جوابه: لئن ذكر المقنّنون اموراً عدیدة فی الدستور على أنها صلاحیات الولی الفقیه; فلیس مرادهم أن یكون الولی الفقیه مختصاً أو ذا رأی شخصی فیها جمیعاً; فلا شك إذن فی عدم قدرة أی أحد على الإدّعاء بتضلعه فی كافة العلوم، إلاّ من كانوا على اتصال بعلم الغیب.
التشاور مع ذوی الاختصاص
فی كل مجتمع یتعدد أصحاب الاختصاصات، وكل طائفة منهم لها باعٌ فی حقل من الحقول، والولی الفقیه بدوره یتعین أن یحاط بالمستشارین من مختلف الاختصاصات لیدلوا بوجهات نظرهم فی شتى القضایا ویرفدوه بها; وفی ضوء ما یجری من مشاورات یتخذ قراراته، ویدلی بالكلمة الحاسمة فی خاتمة المطاف.
یقول الله تعالى: «وَ شاوِرْهُمْ فِی الأَْمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ»1، والخطاب فی هذه الآیة موجهٌ لرسول اللّه(صلى الله علیه وآله)الذی نعتقد بانه كان معصوماً ومسدّداً بالعلم الإلهی اللدنّی، لكنه كان مكلَّفاً بالتشاور مع الأُمة وأهل العلم; ولعل الحكمة من هذا الأمر كانت فی اشراك الناس فی الأعمال لیستشعروا من خلال هذا التواصل المزید من الطمأنینة ویتعاونوا الرسول(صلى الله علیه وآله) بصورة أفضل، وفی ذات الوقت فإن الآیة تصرّح بأن القرار النهائی الحاسم هو بید النبی(صلى الله علیه وآله).
وإذا كان النبی(صلى الله علیه وآله) مكلّفاً بالتشاور; فالاجدر بالحاكم غیر المعصوم ـ مَنْ لا سبیل له الى علم الغیب ـ الاستعانة بالمشورة، غیر أن القرار النهائی موكول الیه; وربما یلتئم وجود المستشارین للقائد فی هیكلیة رسمیة من قبیل مجمع تشخیص مصلحة النظام، وربما تتخذ هیكلیتهم صفة غیر رسمیة.
وللزعماء والرؤساء فی جمیع بلدان العالم ـ بالرغم من الاختلاف فی طبیعة الحكم ـ مستشار أو مستشارون فی الحقول العسكریة والثقافیة والاجتماعیة والسیاسیة... الخ یستعینون بوجهات نظرهم فی مختلف القضایا، والحاكم الإسلامی أیضاً شأنه شأن سائر الزعماء والحكّام فی هذا المجال.
* * * * *
1. آل عمران: 159.