ar_porsesh1-ch4_4.htm


سؤال: لماذا ینتخب أعضاء مجلس الخبراء من الفقهاء فقط، ولا مجال أمام سائر المتخصصین والمفكرین لدخول هذا المجلس؟

جوابه: للإیضاح نقول: ثمة تساؤل أو شبهة أخذت تثار مؤخراً بصورة جادّة ومفادها: أن الدستور الاسلامی حدَّد للولی الفقیه شروطاً یمكن تلخیصها فی ثلاث نقاط هی: الفقاهة، العدالة، الإدارة والتدبیر، أی تشخیص مصالح المجتمع والقدرة على إدارتها. وحریٌ التنبّه الى أن الفقهاء المنتخبین كخبراء لانتخاب القائد وتبعاً لمكانتهم العلمیة هم القادرون على تشخیص بعض المواصفات; فبوسعهم تشخیص الأفقه، ومَنْ یتحلى بأعلى درجات الصلاحیة على الصعید الفقهی وحسب.

وعلیه فمن الضروری انضمام آخرین الى عدد الخبراء; لیمكنهم إحراز سائر الشروط من قبیل العدالة، والإدارة والتدبیر والحنكة السیاسیة; وذلك بما یتمیزون به من تخصص ومكانة علمیة، ومن هنا فإن الضرورة تستدعی اختیار الخبراء من المتخصصین فی شتى الحقول، وكلُّ فئة منهم تتولى تشخیص جانب من مواصفات وشروط القائد. وللرد على هذه الشبهة ینبغی القول:

بالرغم من تحدید ثلاثة شروط بالنسبة للقائد إلاّ أنها: فی الاعتبار لیست فی عرض واحد بل أن أحدها یتمیز بأهمیته. ثانیاً: یتعین على القائد إحراز حدّ النصاب فی كلّ من هذه الشروط الثلاثة. وما علینا الآن سوى أن نرى الأفضل فی الفقاهة والتقوى وفی إدارة شؤون المجتمع من بین الحائزین على هذه الشروط، وفی أىٍّ منهم تتجسد هذه العناصر الثلاثة بشكل بارز؟

لو أننا ارتأینا وجوب تواجد المتخصصین فی شتى الحقول فی مجلس الخبراء، وبادر هؤلاء ـ على افتراض فقدانهم صلاحیة تشخیص كفاءة الولی الفقیه سیاسیاً ـ واختاروا فقیهاً یفتقر الى الأهلیة من الناحیة السیاسیة قائلین: إن السید «أ» هو الأفقه، ونراه الأكثر جدارة ممن سواه، فیما یقول تكتل السیاسیین: إننا ننتخب السید «ب» لرجحان كفّته سیاسیاً على غیره; ویقول المقدّسون: خیارنا هو السید «ج» لتفوقه بالتقوى، فأیة نتیجة ستتمخض عن ذلك یا ترى؟

أما أن یبرز لدینا ثلاثة من القادة، أحدهم فقیه والآخر تقی والثالث مدیرٌ، ولا شك فی ان هؤلاء الثلاثة لا یحققون الغرض، وعلیه فهذا افتراض باطلٌ، أو أن نرجّح أحد الثلاثة كأن نرجح فقیهاً ضعیفاً سیاسیاً وفاقداً للتقوى ـ والعیاذ بالله ـ أو بالعكس، وفی هذه الحالة یتم إهمال مصالح الإسلام والأمة الإسلامیة. وهكذا نستنتج عدم إمكانیة تقسیم مجلس الخبراء الى ثلاث فئات من المتخصصین والخبراء، وكل فئة تنتخب شخصاً بما یتناسب واختصاصَها، بل لابد من أن یتحلى خبراء القیادة بمرتبة من هذه الشروط الثلاثة، أی الحد المطلوب من الفقاهة والإحاطة بالمصالح الاجتماعیة، وكذلك التقوى; وذلك لما یتعین علیهم من انتخاب أحدهم للقیادة; فمن النادر أن یبادر الخبراء لانتخاب شخص من خارج مجموعتهم.

إذن فتلك الشروط الثلاثة المتوفرة بأعلى مستویاتها وكامل درجاتها فی القائد; یجب أن تتوفر لدى أعضاء مجلس الخبراء بمرتبة أدنى، فلابد لهم أن یكونوا فقهاءَ عدولا، ومحیطین بالسیاسة وإدارة المجتمع، وتأسیساً على هذا فالسیاسیون بلا فقاهة كالفقهاء الذین لا معرفة لهم بالسیاسة، أو تعوزهم التقوى من الأساس، ولا قدرة لهم على الإیفاء بأی دور فی تشخیص القائد.

الخبراء یتمتعون بنسبة من شروط القیادة

إذن الذین تقع علیهم مهمة تعیین القائد لابد أن یتوفروا على نصیب من مواصفات القیادة، ولابد من افتراض المستوى المطلوب الذی یتیسر التقید به عملیاً، لا أن یكون افتراضاً مثالیاً یتعذر تحققه، بل ربما لا یتفوق القائد على الآخرین بفقاهته فی بعض الحالات; لكنه یتفوق على من سواه بمجموع مزایاه من الفقاهة والعدالة والإدارة، ففی عهد الإمام الخمینی(قدس سره) كان ثمة اُناسٌ یقلّدون غیره من المراجع، ولا یرونه الأعلم; لكنهم فی نفس الوقت كانوا یرونه قائداً مفترض الطاعة، أی أنهم أحرزوا شرط الفقاهة لدى الأول على أقل تقدیر، فیما أحرزوا شروط القیادة بمجموعها من فقاهة وعدالة وإدارة واحاطة بمصالح المجتمع بمرتبة أعلى لدى الإمام، فإذا كان القائد هو الأفقه والأتقى والأفضل فی الإدارة; فهو المرجّح على غیره، لكننا إذا افتقدنا مثل هذا الشخص، ولم یكن هنالك من یتوفر على الحد الأعلى فی واحد من هذه الشروط; لكنه یتمیز على من سواه فی مجموع المواصفات الثلاث، فلابد أن یتصدى هو للقیادة، ویجب أن یُحرز فی الذین ینتخبونه الحد المطلوب من الفقاهة، العدالة والادارة والاحاطة بالقضایا السیاسیة والاجتماعیة، ووفق هذه الشروط یكون الحد الأدنى هو احرازهم رتبة الاجتهاد.

الإسلامیة، أسمى مقومات النظام

والملاحظة الاخرى التی تقدمت الإشارة الیها فی مستهل الإجابة على هذه الشبهة، ونتناولها الآن بالتفصیل هی: أن الشروط الثلاثة المذكورة ـ وكما نعتقد ـ لیست سواء فی الأهمیة، إذ أننا نؤمن بأن الإسلام هو العنصر الأساس الذی یقوِّم النظام، فالإدارة متوفرة فی كافة البلدان، لا أن الرجل الأول فی أیّ من البلدان الاخرى التی لا تخضع لنظام إسلامی یفتقر لمیزة الإدارة.

إذن لسنا نمتاز على غیرنا فی هذا المجال، بل ما یمتاز ویصطبغ به بلدنا ونظامنا خاصةً هو إسلامیته، أی أن إسلامیة النظام هی التی تستحوذ على تأكیدنا أكثر من غیرها، والأكثر ضرورة مما سواه بالنسبة للقائد هو الفقاهة، ومن هنا یأتی قولنا: الولی الفقیه ولا نقول: الولىّ العادل، وإن كان على القائد أن یكون عادلا أیضاً، ولا نقول: الولی السیاسی بالرغم من وجوب تضلّعه بالسیاسة. إذن فتأكیدنا على مفردة الفقیه إنما منشؤه كون الإسلام هو العنصر الجوهری فی النظام، والفقیه هو العالم بالإسلام.

وثمة شبهة تثار مفادها: إن الإسلام یضم علوماً متعددة وإنكم تقصدون بالفقیه «العالم بالإسلام» فی حین إن المعنى الاصطلاحی للفقاهة یفید العلم بالأحكام الفرعیة وبما أن الإسلام یتضمن علوم العقائد والكلام والفلسفة والتفسیر والحدیث والرجال; إذن لابد من تواجد مجموعة من الفلاسفة والمفسرین والمتكلمین فی صفوف الخبراء أیضاً وكذا سائر المتخصصین فی سائر فروع العلوم الإسلامیة، وللإجابة على ذلك نقول:

إن ما له التأثیر فی تطبیق الأحكام الإسلامیة هی الفقاهة; ففی الإسلام جوانب متعددة، منها ما یتعلق بالقضایا الباطنیة والقلبیة، وهی عبارة عن العقائد، ومنها ما یختص بالقضایا العائلیة، وآخر له شأن بالمسائل العبادیة والفردیة، كالنجاسات والطهارات، أو كیفیة أداء الصلاة; فلا ضرورة فی أن یكون الولی الفقیه هو الأعلم فی جمیع هذه الحقول; بل الشرط هو اعلمیة القائد على غیره فی مجال الأحكام الاجتماعیة والسیاسیة فی الإسلام، ورسم السبیل لقیادة الأمة وإدارة المجتمع، وسائر المرافق فی الإسلام لها أهمیتها. والفقاهة بمعناها العام تشملها أیضاً، بید أن ما یناسب الحكم والموضوع وله دخل فیه هو الأحكام الفقهیة فی الإسلام لاسیما ما یتعلق بالقضایا السیاسیة والاجتماعیة.

* * * * *

بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...