سؤال: لو كانت قد اقیمت، أو تقام فی المستقبل حكومة أو عدة حكومات حقة الى جانب حكومة الحق فی ایران; فما هی الصیغة التی ترتأونها یا تُرى؟
جوابه: حریٌ القول فی الاجابة: بالرغم من ان هذا الافتراض لا یتكلم عن حقائق خارجیة فی الظروف الراهنة وهو انما یطرح مجرد افتراض ذهنی، ولكن هنالك على أیة حال صور من الحكم بالوسع افتراضها فی مثل هذه الحالة. وان افضل صیغة حسب اعتقادنا لتحقق حاكمیة الاسلام فی الافتراض الآنف الذكر ـ حیث یتعذر قیام الصیغة الحقیقیة لحكومة الاسلام العالمیة ـ هی صیغة «الاتحاد الاسلامی».
مفهوم الاتحاد
لكی تزداد الصیغة المتقدمة وضوحاً نقدم فی البدایة ایضاحاً حول مفردات «الاتحاد» و«الحكومة الفیدرالیة». فمفردة «الفیدرالیة» انما منشؤها كلمة Foedus التی تعنی «العقد» أو «المعاهدة». والاتحاد انما یتبلور حینما تتفق دولتان مستقلتان أو عدة دول مستقلة على تأسیس دولة جدیدة واناطة الحكم بها، والحكومة الفیدرالیة ولیدة مثل هذا الاتحاد وهی تجمع نمطین من الحكومات هما: الحكومة المركزیة والحكومات المحلیة.
فی الحكومة الفیدرالیة تتولى الحكومة المركزیة اتخاذ القرار والمبادرة فیما یتعلق بالقضایا الرئیسة ذات الصلة بالمصالح العامة أو المشتركة من قبیل الامن، والاقتصاد، والسیاسة الخارجیة وسائر القضایا المهمة، فیما تتولى الدوائر المحلیة أو التشكیلات الاتحادیة القضایا ذات الاهمیة على الصعید المحلی.1
الاتحاد الاسلامی
فی ضوء هذه المقدمة; فان الاتحاد الاسلامی صیغة من الحكومة التی تتبلور من خلال مشاركة بلدان ذات حكومات شرعیة وحقّة تتمخض عنها صیغة اتحادیة ذات حكومة مركزیة مقتدرة وحكومات محلیة مستقلة; فتتولى الحكومة المركزیة عملیة اتخاذ القرار وتدبیر شؤون المسلمین وفقاً للقواعد الدینیة فی اطار المجتمع الاسلامی ككل، وعبر تنظیمها للقوانین العامة تقوم بتوجیه الاتحاد باجمعه صوب التطلعات المادیة والمعنویة.
ومن جانب آخر یقوم كلٌّ من البلدان المشتركة فی الاتحاد بسنّ القوانین الخاصة به وتدبیر شؤونه مراعیاً بذلك مصالح شعبه مع أخذ الظروف الزمانیة والمكانیة بعین الاعتبار، بالاضافة الى مساهمته فی تطور المجتمع الاسلامی الاكبر وتحقیق اهدافه عبر التزامه بالقوانین العامة للاتحاد وتطبیقها.
وهكذا تتحقق حاكمیة الاسلام سواء على المستوى الاشمل ـ أی المجتمع والاتحاد الاسلامی ككل ـ وعلى مستوى كلٍّ من البلدان المنضویة تحته، وتتحقق الاهداف الفردیة منها والاجتماعیة.
وربما یؤول استمرار هذا النهج ـ قیام حكومة فیدرالیة ـ الى قیام حكومة عالمیة موحدة على أساس النموذج الاسلامی الحقیقی التی من شأنها توفیر المزید من السعادة.
* * * * *
1. راجع كتاب «قواعد علم السیاسة»: 338ـ342 لعبد الرحمن عالم.