ar_porsesh2-ch1_9.htm

سؤال: این یقف مراجع التقلید فی النظام الولائی وما هو موقعهم بالنسبة للولی الفقیه؟

جوابه: فی البدایة من الضروری تقدیم ایضاح بشأن «مرجع التقلید»، «الافتاء» و«الحكم». ان مرجع التقلید فی قاموسنا هو الفقیه الذى یتمیز بمواصفات معینة، والناس العادیون یرجعون الیه لمعرفة الاحكام الشرعیة، وهو بدوره یبدی وجهة نظره، شأنه فی ذلك كأی متخصص آخر.

منزلة مراجع التقلید ودورهم

ان منزلة وشأن مرجع التقلید واضحة بالنسبة لعامة الناس ومهمته الافتاء، فاذا ما افتى الفقیه الحائز على الشرائط فمثله فی ذلك كالطبیب الذی نراجعه طالبین منه الإدلاء بوجهة نظره حول مرض جسمی فیستجیب. والطبیب فی واقع الامر انما یقوم بعملیة ارشاد وحسب لیعمل المریض بارشاداته ان اراد الشفاء، ولا ولایة أو سلطة له على المریض، وأمره ذو صبغة ارشادیة فقط لا مولویة. ولمرجع التقلید نفس الدور مع مقلدیه.

كما ان الفقیه یدلی بحكم كلّی لدى اصداره الفتوى، فهو یصرّح ـ مثلاً ـ : ما هی شروط صحة الصلاة، وما هی مبطلات الصوم، وأیّ الحیوانات دمه نجس، وحتى على صعید القضایا الاجتماعیة فهو یصرّح ـ مثلاً ـ أیّ الحالات التی تكتسب فیها الحرب الشرعیة، أو ما هی الحالات التی تجوز فیها مشاركة النساء فی الحرب، فهو یطرح احكاماً كلیّة; ولكن لیس من مهمة الفقیه بیان ما اذا كان یجب على النساء فی الظرف الراهن المشاركة فی الحرب أم لا، وهذا فی الحقیقة تطبیق لاحكام كلیة على حالات خاصة، اذن مَنِ الذی یُفترض به تحدید الواجب خلال الظروف الخاصة؟ ستأتی الاجابة عن هذا التساؤل.

وهنا تسترعی انتباهنا مسألة اخرى، وهی: ربما یكون لدینا عدة مراجع تقلید فی آن واحد. وبطبیعة الحال فان الادلة الشرعیة وكذلك القریحة العقلائیة تقتضیان بحث كل امرء عن الاعلم بین اولئك المراجع، فمن كان قادراً على تشخیص الاعلم لم تعترضه مشكلة، أما عامة الناس ممن لا قدرة لهم على تشخیص الاعلم فهم یسألون اهل الخبرة ویعد كلام ذوی الاختصاص حجة علیهم.

ألا یثیر تعدد المراجع الصعاب؟

ان تعدد المراجع واختلاف الفتاوى لا یثیر الصعاب فی الامور الفردیة. افترضوا ان شخصین سافرا معاً واحدهما یتعین علیه اداء الصلاة قصراً استناداً لفتوى المرجع الذی یقلّده، وعلى الثانی اداؤها تماماً طبقاً لفتوى مرجع تقلیده، فلا تحدث مشكلة هنا. أمّا اذا تعددت الفتاوى فی الامور الاجتماعیة فسوف تؤدّی الى الفوضى والاضطراب فی المجتمع. افترضوا ان امرأة ورجلا أزمعا الزواج من بعضهما وأحدهما یقلد من یقول بان الأمر الفلانی شرطٌ فی صحة الزواج فیما یقلّد الآخر مرجعاً لا یرى فی ذلك شرطاً ضروریاً، فما العمل اذا ما وقع الزواج بنحو یكون صحیحاً استناداً لفتوى أحد هذین المرجعین وباطلا فی ضوء فتوى الثانی؟

من خلال هذا المثال البسیط یَتسنى ادراك المشاكل التی تبرز فی حال تعدد المراجع واختلاف فتاواهم على صعید الامور الاجتماعیة المهمة من قبیل الحرب والصلح. اذن ما الذی یتعین القیام به فی الامور الاجتماعیة؟ سرعان ما سنجیب على هذا التساؤل.

دور الولی الفقیه

الولی الفقیه فقیهٌ یجمع بالاضافة الى الاجتهاد بالاحكام الشرعیة، التقوى والعدالة وادارة شؤون المجتمع والالمام الكافی بشؤون البلاد والعالم واوضاعهما والشجاعة وبعض الامور الاخرى، لان الولایة وامامة المجتمع شأنها شأن أیّ منصب ومسؤولیة اخرى لها ضوابطها التی ما لم تجتمع لدى شخص فانه لا قدرة له على تبوُّء ذلك المنصب والمسؤولیة. والافتراض المثالی هو ان یكون الولی الفقیه اعلم فقهاء زمانه ویفوق بتقواه من سواه، ویكون أكثر احاطة بمصالح المجتمع، غیر ان هذا الانموذج عادة ما یتعذر تحققه لكن لیس معنى ذلك امكانیة عدم توفر الولی الفقیه على بعض من هذه الشروط، بل علیه احراز حد النصاب منها.

اذا ما تولى فقیهٌ منصب الولایة وامامة الامة اذا ذاك یجوز له تشخیص مصادیق الاحكام الكلیة ومواردها فی كافة الظروف والاحوال اذ یستعین بآراء المستشارین والاخصائیین لاحراز التشخیص الصحیح كأن یعلن عن قطع العلاقات مع بلد معین، أو یُعلن الحرب أو الصلح وما شابه ذلك. اذن اتضحت الاجابة عن السؤال الاول وهو «مَنْ الذی یتولى تحدید مصادیق الاحكام؟»

وفی الامور الاجتماعیة فان رأی الولی الفقیه وفتواه فقط هی التی تمثل الرأی الرسمی فی البلاد، وفی حالات الاختلاف فی الفتاوى یجب الالتزام برأیه فقط والعمل به، أی ان فتوى الولی الفقیه هی القرار الحاسم على صعید القضایا الاجتماعیة حیث من شأنها استئصال النزاع وازالة الفوضى، وبهذا الكلام یكون قد اجیب عن السؤال الثانی ایضاً أی امتثال رأی المراجع المتعددین فی الامور الفردیة ووجوب طاعة الولی الفقیه فی القضایا الاجتماعیة.

الفارق بین الحكم والفتوى

یكمن الفرق بین الحكم والفتوى فی ان الفقیه فی مقام الافتاء انما یبین حكماً كلیاً ویُرشد المقلّد إلى رأیه الكلّی فی المسألة من غیر أن یتصدَّى لتعیین المصداق والإلزام بعمل خاصّ، بخلاف الولیّ الفقیه فی مقام إعمال الولایة وإصدار «الحكم» فإنه یركّز على مصداق خاصّ ویدفع الناس للعمل، تأملوا عهد الامام الراحل، ففی بدایة الحرب اصدر(رحمه الله)أمراً بوجوب فك الحصار عن آبادان، ولم یكن ذلك فتوى منه بل حكماً لا یجوز لسائر الفقهاء نقضه، فقد ورد فی الكتب الفقهیة: اذا اصدر القاضی حكماً فلیس لأی فقیه نقض حكم ذلك القاضی الفقیه، فمن الأَولى یتعین ملاحظة هذه المسألة فیما یتعلق بالولی الفقیه; أی اذا ما رأى الولی الفقیه أن من اللازم اصدار حكم ـ بما تقتضیه مصالح الاسلام والمسلمین ـ یخص شأناً اجتماعیاً، فلیس للآخرین مخالفته حتى على افتراض انهم الاعلم منه.

وحریٌ الانتباه الى ان أمر المجتمع لا یستتب ما لم یكن هنالك «حكم» حكومی من الفقیه، فلو قدِّر للامور الاجتماعیة ان تدار فی ضوء فتاوى مختلفة اذ ذاك ستعم الفوضى والاضطراب. من هنا یتعین خضوع ادارة الشؤون الاجتماعیة لمقام واحد.

خلاصة ما تقدم هی:

اولا: فی حالة وجود الولی الفقیه على رأس الحكومة الاسلامیة، فان لمراجع التقلید موقعهم الخاص بهم وبامكان ایِّ فرد من الناس تقلیدهم.

ثانیاً: یجب ان تدار الامور الاجتماعیة تحت اشراف شخص واحد لئلا تسود الفوضى.

ثالثاً: اذا ما اصدر الولی الفقیه حكماً بشأنِ أمر ما فلا یجوز لأی فقیه نقض ذلك الحكم وإن كان اعلمَ من الولی الفقیه من الناحیة الفقهیة.

* * * * *


بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...