ar_porsesh3-ch9_3.HTM

9 ـ الرقابة الاستصوابیة

ج ـ شبهات حول الرقابة الاستصوابیة

الشبهة الاولى والرد علیها

ربما یقال: ان القاعدة الأولیة هی براءة الناس وهم صلحاء ما لم یثبت العكس. اذن لا داعی للتحری عن اوضاع الآخرین لاثبات اهلیتهم وهو خلاف للقاعدة الاولیة.

وفی معرض الاجابة لنرَ أولاً أین یكمن موقع أصل البراءة لیتضح من خلال ذلك ما اذا كان هذا المورد من موارد تطبیقات أصل البراءة أم لا.

یقول اصل البراءة: اذا ما اراد أحدٌ نسبة فاحشة لآخر لیعاقبه فعلیه اثباتها، والاّ لا یتحقق ای اتهام استناداً لهذا الأصل ما لم یقم الدلیل، وبالطبع اذا اقیم الدلیل سقط اصل البراءة اذ ان «الاصل دلیل حیث لا دلیل» كما یقال.

بید انه فی المجال الذی یشترط فیه توفر مجموعة من المزایا والقابلیات كشرط للانتخابات لا یمكن افتراض وجودها والكف عن التحری لاحرازها، وبتعبیر آخر: ان أصل البراءة یثبت عدم وجود التهمة ولیس الكفاءة والقابلیة، فهل یصح مثلاً ـ اعتبار كافة ابناء المجتمع مجتهدین على اساس اصل البراءة؟ وهل یمكن الحكم على اساس اصل البراءة لاثبات المهارات والقابلیات المهنیة؟ وهل تمنح الشرطة تراخیص السیاقة لطالبیها على اساس أصل البراءة؟

اذا ما وُضعت شروط عقلیة وقانونیة لتولی المسؤولیة فی ابسط الامور وحتى اكثرها تعقیداً، فسیكون احراز تلك الشروط حتمیاً ایضاً.

الشبهة الثانیة والرد علیها

قد یصوَّر احیاناً ان اشتراط «الالتزام بالاسلام وولایة الفقیه» للترشیح للانتخابات نوع من تفتیش العقائد، وتفتیش العقائد لیس مسموحاً به أبداً.

ینبغی القول فی الاجابة: ان تفتیش العقائد هو ان نؤاخذ شخصاً دون ما یستوجب ذلك وانما بسبب التزامه بعقیدة ما فقط، ولكن اذا كان التصدی لمنصب أو مسؤولیة منوطاً بشرط معین فان التحقیق والتحری بشأنه لیس تفتیشاً للعقائد مطلقاً.

من هنا یجب التحقیق بشأن المرشحین للعضویة فی مجلس الشورى الاسلامی ما اذا كانوا یتوفرون على شروط العضویة أم لا، انهم یؤمنون بالدستور لیتحركوا فی اطاره خلال فترة عضویتهم أم لا؟ هل یلتزمون عملیاً بالاسلام كی یعكفوا على سنّ القوانین فی اطار موازینه أم لا؟

بناءً على هذا، على مَنْ یصبح نائباً ان یكون ملتزماً بالدستور وأصله المؤكد ای ولایة الفقیه، وملتزماً عملیاً بالاسلام ماعدا الاقلیات الدینیة ـ وهذا لیس تفتیشاً للعقائد بالمرة، فاذا ما عُدَّ وضع شروط للانتخاب وتأیید الأهلیة تفتیشاً للعقائد فلابد من تخطئة الدستور نفسه فی الكثیر من الموارد، اذ ورد فی الدستور: ینتخب رئیس الجمهوریة من بین الرجال المتدینین السیاسیین...، واذا ما اردنا التحقیق عمّا اذا كانت لهذا الرجل القدرة على تقبّل هذا المنصب المهم من الناحیة الدینیة والسیاسیة أم لا، یُفترض ان نُتّهم بتفتیش العقائد بینما الامر لیس كذلك.

ینبغی بالطبع ـ الانتباه ان من رشَّح نفسه لمسؤولیة أو منصب یتعین التحقیق والتحری بشأنه فی ذلك المرفق ذی الصلة وحول الشروط الواجب توفرها للتصدی لذلك المنصب، ولكن لا ینبغی التدخل فی الجانب السرّی من حیاته مما لا علاقة له بالامر.

الشبهة الثالثة والرد علیها

یقال احیاناً: من الافضل ان نترك الخیار للشعب نفسه مباشرة والمبادرة للتحقیق بانفسهم ویختارون المرشح الذی یرغبون به بمزید من الحریة متجاوزین بذلك الجهة الرسمیة لاحراز اهلیة الافراد.

الرد

الرد على هذه الشبهة التی تداف احیاناً بمذاق یستهوی الناس ویرضیهم، هو كما یلی:

أولاً: ان قیام الناس بانفسهم بالتحقیق والتحری بین العدد الهائل من المرشحین واحراز توفر الشروط لدیهم یقتضی استهلاك المزید من الوقت والجهود وهذا متعذرٌ أو مستعص على اقل تقدیر بابتلاء الناس بالمشاكل والاعمال، فمن اجل احراز عدم وجود سابقة جزائیة لدى المرشح مثلاً ـ هنالك حاجة لكثیر من المراجعات ووجود جهاز فعال للغایة یلبّی الحاجة، ونظراً لكثافة عدد المراجعین ستمتد عملیة احراز هذا الشرط لوحده شهوراً، واذا ما تقرر احراز هذا الشرط وبعض الشروط الاخرى والاعلان عنها من قبل المؤسسة التی تولّت تسجیل اسماء المرشحین لیصوِّت الشعب لصالح الحائزین لهذه الشروط دون ان یتحملوا العناء، فی مثل هذه الحالة ستكون ذاتها الرقابة الاستصوابیة لمؤسسة رسمیة التی كان مثیروا الشبهات ینوون التنصل عنها.

ثانیاً: لقد اثبتت التجربة جیداً ان الذین یمتلكون الاموال والامكانیات ویتمتعون بالكثیر من الاسالیب الدعائیة وافضلها كانوا الاكثر نجاحاً فی مثل هذه الحالات واستطاعوا من خلال دعایاتهم البراقة اخراج الأمر عن مسیره وشق طریقهم أو من یؤیدون من المرشحین الى المجالس ومراكز اتخاذ القرار أو المناصب التنفیذیة ـ بالرغم من عدم توفرهم على المؤهلات التی تؤهلهم للتصدی للامور.

ثالثاً: یجب ان تُقرن حریة الشعب فی الانتخابات مع المحافظة على حقوقهم، أی ان ابناء الشعب یتمتعون بحریة اكثر متى ما وجدوا راحة اكثر لضمان حقوقهم، وستتدانى الحریة التی یتمتعون بها متى ما تصاعدت وتیرة الشك والغموض والقلق لدیهم، ومن الواضح جداً ان الخیار فیما بین مجموعة تضم عشرة انفار یطمئن الانسان على صلاحهم جمیعاً وبالتالی على ضمان حقوقه بانتخابه لایٍّ منهم اكثر سهولة وافضل بكثیر من التخیّر بین مجموعة تضم الفَ شخص لیس هنالك معرفة أو ضمان بشأنهم.

بناءً على هذا، ان وجود هذا المصفى الرقابة الاستصوابیة ـ یمثل فی الحقیقة عوناً وظهیراً للشعب من اجل انتخاب الافضل بكل حریة وبعیداً عن الشكوك والقلق.

* * * * *

بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...